المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17607 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

فوائد بناء النفس عند الشاب
2024-07-31
التقنيات الخلوية Cytological Techiques
27-6-2021
الدور المعيني.
2023-12-11
مزرعة الكلية
2024-09-16
Grammar versus lexicon
2023-03-16
Anamorph
9-5-2017


التفاسير الشيعية في قفص الاتّهام  
  
1579   06:38 مساءاً   التاريخ: 27-11-2014
المؤلف : آية الله جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القرآن
الجزء والصفحة : ج10 ، ص 434- 442.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / تاريخ القرآن / التحريف ونفيه عن القرآن /

قد تعرّفت على خدمة الشيعة للذكر الحكيم منذ رحلة صاحب الرسالة إلى يومنا هذا ، ولعلّ ما مرّ عليك أقلّ من معشار ما حفظته يد التاريخ ومعاجم التفسير والرجال ، فحقيق على كلّ من يحب الحقّ والحقيقة تقدير تلكم الثلّة الجليلة من الأُمّة ، ومن حسن الحظ أنّه قام بذلك الواجب الضمائر الحرّة من أهل العلم والفضل شكر الله مساعيهم.

بيد أنّ بعض المتسرّعين في القضاء أرادوا اتّهام تفاسير الشيعة بأُمور :

1. تعصّبهم لأثبات معتقداتهم ومقالاتهم.

2. كون تفاسيرهم تفاسير طائفيّة.

3. قولهم بتحريف الذكر الحكيم.

وإليك شرح تلك الاتهامات ونقدها.

أمّا الأوّل : فقد أشار إليه الدكتور الذهبي في كتابه « التفسير والمفسّرون » ، 
واستدلّ بمواضع من تفاسير الشيعة كمسألة الرؤية ، والمسح على الرجلين ، وحلّيّة المتعة إلى غير ذلك ، حيث إنّ الشيخ الطبرسي يسعى في تلك الموارد لإثبات مذهب الشيعة.

يلاحظ عليه : أنّه لو كان ذلك أمراً خطأ فهو شامل لحال جميع التفاسير من 
غير فرق بين السنّة والشيعة ، فانّ الطبرسي ونظراءه لو أصرّوا على إثبات امتناع رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ عند الوصول إلى تفسير قوله سبحانه : {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 103] فالرازي وهو من أئمّة الأشاعرة عندما وصل إلى تفسير قوله سبحانه : {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ....} [الأعراف: 143] أخذ بتفسير الآية على مذاق الأشاعرة ، فلماذا كان سعي الطبرسي لإثبات معتقده خطأ ، ولكن كان سعي الرازي على ما يرويه من إثبات الرؤية (1) أمراً صحيحاً ؟! وليس الرازي بمنفرد في هذا العمل ، بل التفاسير عامّة مصبوغة بهذه الصبغة ، فانّ لكلّ مفسّر آراء ومعتقدات يراها عقائد صحيحة ، نزل بها الوحي أو دلّ عليه العقل ، ففي كلّ موضع يهتم بدعم عقائده واستعراض الآيات الدالّة عليه حسب معتقده ، وليس ذلك أمراً خطأ إذا كان البحث موضوعياً هادئاً ، وليس المترقّب من كلّ مؤلّف هادف إلاّ ذلك ، وإنّما البغيض التعصّب على الباطل مع العلم به.

يقول الأُستاذ الشيخ محمود شلتوت ، شيخ الأزهر في تقديمه لكتاب « مجمع البيان » :

فليس من الإنصاف أن نكلّف عالماً مؤلّفاً بحّاثة درّاكة ، أن يقف من مذهبه وفكرته التي آمن بها موقف الفتور ، كأنّه لا تهمّه ولا تسيطر على عقله وقلبه ، وكلّ ما نطلبه ممّن تجرد للبحث والتأليف ، وعرض آراء المذاهب وأصحاب الأفكار ، أن يكون منصفاً ، مهذب اللفظ ، أميناً على التراث الإسلامي ، حريصاً على أخوّة الإيمان والعلم ، فإذا جادل ففي ظل تلك القاعدة المذهبيّة التي تمثل روح الاجتهاد المنصف البصير : « مذهبي صواب يحتمل الخطأ ، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب ».

وهذا هو تفسير « المنار » الذي طبق العالم صيته وصوته يستعرض آيات الأحكام ويستدلّ بها على ما يوافق مذهبه ، كما يستعرض آيات العقائد والمعارف فيستشهد بها على مختاره ، ولو جمع ما أورده على الشيعة في مجال الأحكام والعقائد لجاء رسالة حتى أنّ سبّب ذلك قيام عالم بارع من علماء الشيعة (2) بنقد ما أورده على الشيعة في مناره ، ونقده نقداً علمياً موضوعياً انتشر في حياة صاحب المنار ، ولم يقدر السيد محمد رشيد رضا على الإجابة عنه ثانياً.

وأمّا الثاني : وهو اتهام تفاسير الشيعة بأنّها تفاسير طائفية يحاولون تطبيق الآيات القرآنية على أئمّتهم وقادتهم خصوصاً الإمام أمير المؤمنين عليه‌ السلام فنقول :

إنّ اتّهام تفاسير الشيعة بكونها تفاسير طائفية (3) يعرب عن أنّ القائل لم يفرّق بين التفسير والتطبيق ، فحمل الروايات الواردة في حقّ الإمام أمير المؤمنين كلّها على التفسير ، ولم يقف على أنّ الروايات الواردة في ذلك المجال على قسمين :

1. ما يتضمّن أسباب النزول ويبيّن أنّ الآية حسب النصوص الروائية نزلت في حقّ شخص خاصّ كما هو الحال في غير واحد من الآيات الواردة في حقّ الإمام ك‍ « آية الإكمال » (4) و« آية التبليغ » (5) و« آية الولاية » (6) ، إلى غير ذلك من الآيات التي اعترف المحدّثون والمفسّرون بنزولها في حقّ الإمام ، فنقل ما يدعم ذلك لا يكون دليلاً على الطائفية لو لم يكن دليلاً على البخوع بالحقيقة وخضوعاً أمام الحقّ.

2. ما يتضمّن الجري والتطبيق لا بمعنى أنّ الآية وردت في حقّ فرد خاصّ ، بل الآية على معناها العامّ ، ولكن الرواية تشير إلى مصداقها المثالي الذي هو أكمل المصاديق ، وليس هذا بعيداً عن طبيعة القرآن ، بل بما أنّ القرآن كتاب الأجيال والقرون ، يقتضي صحّة ذلك الجري والتطبيق ، فانّ القرآن كما عرّفه الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليه‌ السلام : « ... حي لا يموت والآية حيّة لا تموت ، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ؛ ماتت الآية ومات القرآن. فالآية جارية في الباقين كما جرت في الماضين ». (7)

ولأجل إيقاف القارئ على الفرق بين التفسير والتطبيق نأتي ببعض ما ورد في كتب أهل السنّة حول الإمام أمير المؤمنين عليه‌ السلام .

قال سبحانه : {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] .

قال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجّار ، قال : لمّا نزلت { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على صدره فقال : أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب عليّ ـ رضي الله عنه ـ فقال : « أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي ».

وقال : وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله يقول : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } ووضع يده على صدر نفسه ، ثمّ وضعها على صدر علي ويقول : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }. (8)

ولا يشكّ أحد أنّ علياً من المصاديق الجليّة الكاملة لقوله : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } ، وليس مصداقاً منحصراً فيه ، وكان تفسير النبي الآية بعلي من باب الجري والتطبيق ، وبإراءة فرد مثالي يفوق جميع الأفراد ، فكلّ ما ورد في التفاسير الشيعية من هذا الباب أي الجري والتطبيق ، حتى يقف المسلمون على أمثل المصاديق وأوسطها.

إنّ النبيّ الأكرم هو الأُسوة والقدوة ، فقد طبّقت الآية الماضية على فرد مثالي تعليماً للأُمّة ، وقد اقتدت به الأئمّة في هذا المضمار ، وإليك بعض الأمثلة ، قال سبحانه : {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة : 27] انّ الآية الكريمة تندّد بالذين ينقضون العهد ويقطعون الصلة ويفسدون في الأرض ، ولا يشكّ ذو مسكة أنّ الآية تتضمّن حكماً كلّياً عامّاً حيّاً إلى يوم القيامة ، ولها عبر القرون آلاف المصاديق والجزئيات غير أنّ أئمّة الشيعة يفسّرون قوله : {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [البقرة : 27] بقطع الصلة الواجبة في حقّ علي وعترته الطاهرة ، وليس ذلك تفسيراً بمعنى حصر الآية في هذا الفرد ، بل تطبيقاً للآية على الحقّ المهضوم عبر الأجيال ، وقد قال سبحانه : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]. (9)

قال سبحانه : { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... } فقد فسّر بصراط الأنبياء كما فسّرت بالإمام أمير المؤمنين (10) ولا شكّ أنّ كلّ ذلك تطبيق على المصداق الأجلى ، وعلى ضوء ذلك يقدر القارئ الكريم الملمّ بالتفاسير الشيعيّة ، على تمييز التفسير عن الجري والتطبيق ، وعند ذلك يقف على قيمة النسبة المذكورة.

وأمّا الثالث : فمن رجع إلى كتب المحقّقين من الشيعة الذين يعبأ بقولهم ورأيهم ، ويعدّ كلامهم مثالاً لعقيدة الشيعة يقف على أنّ رمي الشيعة وتفاسيرها بالتحريف بهتان عظيم ، وانّ من نسب التحريف إلى الشيعة إنّما استند إلى وجود روايات في تفاسيرهم الروائية مشعرة بالتحريف أو دالّة عليها ، ولكنّ الرواية غير العقيدة ، وليس نقل الرواية دليلاً على صحّتها ، ولو كان ذلك دليلاً على التحريف فهناك رواياتٌ دالّة على التحريف مبثوثة في كتب التفسير والحديث والتاريخ والسنّة ، ولكنّا نجلّ المحقّقين منهم عن القول بذلك ، فروايات التحريف تديّن بها الحشوية من العامّة وبعض الغلاة من الخاصّة ، والشيعة وأئمّتهم وعلماؤهم برآء منهم ومن مقالتهم.

ولأجل إيقاف القارئ على صحّة هذا المقال نأتي بأسماء مجموعة من محقّقي الشيعة عبر القرون صرّحوا بصيانة القرآن الحكيم من التحريف :

1. أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ، المعروف بالصدوق ( المتوفّى 381 ه‍ ) ، يقول : اعتقادنا في القرآن أنّه كلام الله ووحيه وتنزيله وقوله ، وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم عليم ، وأنّه القصص الحقّ ، وأنّه لحق فصل وما هو بالهزل ، وانّ الله تبارك وتعالى محدثه ومنزله وربّه وحافظه والمتكلّم به ». (11)

2. السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي ( المتوفّى 436 ه‍ ) قال : 
إنّ جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود ، وأُبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي عدّة ختمات وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث. (12)

3. أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة ( المتوفّى 460 ه‍ ) قال : وأمّا الكلام في زيادة القرآن ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى وهو الظاهر في الرواية. قيل : إنّه رويت روايات كثيرة من جهة الشيعة وأهل السنّة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ؟ لكنّ طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً والأولى الإعراض عنها. (13)

4. أبو علي الطبرسي ، صاحب تفسير « مجمع البيان » يقول : الكلام في زيادة القرآن ونقصانه. أمّا الزيادة فيه فمجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً أو نقصاناً ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه. (14)

5. السيد علي بن طاووس الحلي ( المتوفّى 664 ه‍ ) قال : إنّ رأي الإمامية هو عدم التحريف. (15)

6. الشيخ زين الدين العاملي النباطي البياظي ( المتوفّى 877ه‍) يقول في تفسير قوله : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) أي إنّا لحافظون له من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان. (16)

7. القاضي السيد نور الله التستري صاحب كتاب « إحقاق الحق » ( المتوفّى 1019 ه‍ ) يقول : ما نسب إلى الشيعة الإمامية من وقوع التغيير في القرآن ليس ممّا يقول به جمهور الإمامية إنّما قال به شرذمة قليلة منهم ، لا اعتداد بهم فيما بينهم. (17)

8. الشيخ بهاءالدين نابغة عصره ونادرة دهره محمد بن حسين المشتهر ببهاء الدين العاملي ( المتوفّى 1030 ه‍ ) قال : الصحيح انّ القرآن العظيم محفوظ من ذلك زيادة كان أو نقصاناً ، وما اشتهر بين العلماء من إسقاط اسم أمير المؤمنين عليه‌ السلام في بعض المواضع فهو غير معتبر عند العلماء والمتتبّع للتاريخ والأخبار والآثار يعلم بأنّ القرآن ثابت بغاية التواتر وبنقل الآلاف من الصحابة ، وانّ القرآن الكريم كان مجموعاً في عهد الرسول. (18)

9. المحدّث الأكبر الفيض الكاشاني صاحب كتاب الوافي الذي يعدّ من الجوامع الحديثية المتأخّرة ( المتوفّى 1091 ه‍ ) قال : وقال الله تعالى : {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت : 41، 42] وقال : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] عندئذٍ كيف يتطرّق إليه التحريف والتغيير ... ، مع أنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله ، مكذّب له فيجب ردّه والحكم بفساده وتأويله. (19)

10. الشيخ الحرّ العاملي ( المتوفّى 1104 ه‍ ) يقول في كتابه : والمتتبّع للتاريخ 
والأخبار والآثار يعلم يقيناً بأنّ القرآن ثابت بغاية التواتر وبنقل الآلاف من الصحابة ، وانّ القرآن كان مجموعاً مؤلفاً في عهد الرسول. (20)

هذه هي الشخصيات الكبيرة من الإمامية الذين عرفت تنصيصهم على عدم طروء التحريف على الذكر الحكيم ، وقد جئنا بأسماء القائلين بعدم التحريف إلى نهاية القرن الحادي عشر ، وأمّا الذين نصّوا على عدم التحريف في القرون الأخيرة فحدّث عنهم ولا حرج ، كيف وقد ألّفوا رسائل كبيرة وصغيرة حول الموضوع ، ونحن نسأل من يرمي الشيعة بالقول بالتحريف بأنَّه بأي دليل يقول : 
بأنّ تنصيص الشخصيات الأربع الأُول على عدم التحريف من باب التقية (21) ، أهكذا أدب العلم وأدب الإسلام ؟ أليس الله تعالى يقول : {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء : 94] والعجب أنّه يستشهد على هذا النظر بقول أعداء الشيعة ويترك قول علمائهم ، وبما أنّ الكاتب يستند في بعض أبحاثه إلى كلمات قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني قدس ‌سره نأتي بنصّ كلامه في هذا الموضع ، وهذا ما جاء في محاضراته التي أُلقيت قبل خمسين سنة :

إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه قراءة وكتابة ، يعترف ببطلان تلك المزعمة « التحريف » ، وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما وردت فيه من الأخبار ، بين ضعيف لا يستدلّ به ، إلى مجعول يلوح منه أمارات الجعل ، إلى غريب يقضي منه العجب ، إلى صحيح يدلّ على أنّ مضمونه تأويل الكتاب وتفسيره ، إلى غير ذلك من الأقسام التي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف كتاب حافل ، ولولا خوف الخروج عن طور البحث لأرخينا عنان البيان إلى تشريح تاريخ القرآن وما جرى عليه طيلة القرون ، وأوضحنا لك أنّ الكتاب هو عين ما بين الدفّتين ، والاختلاف الموجود بين القرّاء ليس إلاّ أمراً حديثاً لا ربط له بما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين. (22)

__________________

1. مفاتيح الغيب : 4 / 293 ، ط مصر في ثمانية أجزاء.

2. العلاّمة الحجّة السيد محسن الأمين العاملي ، المتوفى عام (1373) ، في كتابه « الحصون المنيعة فيما أورده صاحب المنار على الشيعة ».

3. الدكتور أحمد محمود صبحي : نظرية الإمامة لدى الشيعة الإمامية : 505.

4. المائدة : 3.

5. المائدة : 67.

6. المائدة : 55.

7. مرآة الأنوار ( أبو الحسن الفتوني ) : 2.

8. الدرّ المنثور : 4 / 45 ، وقد أورد نصوصاً أُخرى في ذلك المجال تركناها للاختصار.

9. نور الثقلين : 1 / 38.

10. المصدر نفسه : 17 الحديث 86 ؛ تفسير البرهان : 1 / 18.

11. الاعتقادات : 93.      

12. مجمع البيان : 1 / 10 نقلاً عن جواب المسائل الطرابلسيات للسيد.

13. التبيان : 1 / 3.

14. مجمع البيان : 1 / 10.

15. سعد السعود : 144.

16. اظهار الحقّ : 2 / 130.

17 و 18. آلاء الرحمن : 25.

19. تفسير الصافي : 1 / 15.

20. راجع آلاء الرحمن : 1 / 25.

21. الندوي : صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم ، طبع لكهنو.

22. تهذيب الأُصول ( تقريرات الإمام الخميني ) : 2 / 96 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .