أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
![]()
التاريخ: 28-1-2020
![]()
التاريخ: 29-12-2019
![]()
التاريخ: 2023-08-25
![]() |
ظل الإمام يحاول جاهداً تجهيز جيش يسير به لإخماد التمرد والفساد في وكره بالشام، إلا أن أهل العراق قد بدا منهم الضعف والتقاعس عن نصرته، وعندما يئس من استنهاض هممهم، ولم يجد معهم حثه لهم على الجهاد في سبيل الله، قام وخطب فيهم خطبة طويلة تفيض بالمرارة والتأسف لما آل إليه حال المسلمين وما سيؤول. ونقتطف من خطبته هذه ما يلي: (أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء...
ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء ليلاً ونهاراً، سراً وإعلاناً، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات وملكت عليكم الأوطان... فيا عجباً!
عجباً!، - والله يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم... فقبحاً لكم وترحاً حين صرتم غرضاً يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون!... يا أشباه الرجال ولا رجال!... قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً...، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم! وهل أحد منهم أشد لها مراساً، وأقدم فيها مقاماً مني! لقد نهضت فيهم وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع) (1).
وصدق من قال إن الإمام علي علياً عليه السلام عاش في غير زمانه، فكل من يتأمل أقوال الإمام وما صارت إليه الأحداث، يتقين أن الإمام وصل إلى ما وصل إليه نبي الله نوح عليه السلام عندما: (قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً، فلم يزدهم دعائي إلا فراراً) [ نوح / 5 - 6 ]. وأن استمرار وجوده بينهم لا يزيده إلا آلاماً وقهراً، وكأن الإمام في هذه الأحوال قد انتهت مهمته على وجه الأرض، وحانت ساعة الرحيل عن هذه الدنيا.
وهكذا كان، ففي غضون تلك الأيام كان نفر من الخوارج يجتمعون في مكة ويخططون لقتل الإمام. ويروي المؤرخون هذه القصة كما يلي: حج ناس من الخوارج سنة 39 ه، وقد اختلف عامل علي وعامل معاوية فيمن يحج بالناس، فاصطلح الناس على ثالث هو شبيب بن عثمان، فلما انقضى الموسم أقام النفر من الخوارج مجاورين بمكة، فقالوا: كان هذا البيت معظماً في الجاهلية، جليل الشأن في الإسلام، وقد انتهك هؤلاء حرمته، فلو أن قوماً منا شروا أنفسهم لله فقتلوا هذين الرجلين (علي ومعاوية) اللذين قد أفسدا في الأرض، واستحلا حرمة هذا البيت، استراحت الأمة واختار الناس لهم إماماً، فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنة الله: أنا أكفيكم أمر علي، وقال الحجاج بن عبد الله الصريمي وهو البرك: أنا أقتل معاوية، فقال عمرو بن بكر: والله ما عمرو بن العاص بدونهما، فأنا به. فتعاقدوا على ذلك، ثم اعتمروا عمرة رجب، واتفقوا على يوم واحدة يكون فيها وقوع القتل منهم في علي ومعاوية وعمرو (2).
وحسب هذا الموعد، قعد ابن ملجم للإمام في مسجد الكوفة حين خروجه لصلاة الصبح، وطعنه في رأسه الشريف أثناء سجوده بسيف مسموم، فأصيب الإمام عليه السلام على أثر ذلك إصابة بالغة أذنت معها ساعة الرحيل إلى الرفيق الأعلى بعد الحادثة بيومين في ليلة الجمعة من الحادي والعشرين من رمضان عام 40 ه. وقد أقتص من القاتل اللعين والذي كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد وصفه بأشقى الآخرين.
وأما البرك فإنه انطلق إلى الشام، وعندما كان ميعادهم، قعد لمعاوية عند خروجه لصلاة الصبح، وقصد لضربه ولكن معاوية تمكن من الإدبار قليلاً فوقعت الضربة في أسفل إليته، وسببت له جرحاً شفي منه ولم تحدث له ضرراً سوى قطع نسله، فقال: عندي يزيد وعبد الله ما يقر عيني وحسبي بهما، وأمر بقتل البرك (3). وقيل إن معاوية لم يقتله وإنما قطع يده ورجله، وذهب ليقيم بالبصرة وأن ابن زياد والي معاوية هناك هو الذي قام بقتله لما بلغه خبره (4).
وأما الثالث فقصد عمرو بن العاص في مصر، ولما كانت ليلة الميعاد، لم يخرج عمرو لصلاة الصبح لألم في بطنه، فصلى بالناس بدلاً منه ابن حذافة العدوي، فقصده عمرو بن بكر التميمي وقتله ظناً به أنه ابن العاص.
ولما قبض عليه، أخذ إلى عمرو بن العاص وقتله.
____________
(1) محمد دشتي: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة، ص 21 خطبة رقم (27).
(2) ابن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، ج 1 ص 179 - 80.
(3) المصدر السابق، ص 182.
(4) المسعودي مروج الذهب ج 2 ص 464.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|