لما استقرت الأمور لقصي في مكة بني دارا له ملاصقة للبيت الحرام في الناحية الشمالية. ثم ما لبث ان اتخذ منها مقرا لندوة قريش، فعرفت بدار الندوة(1). يجتمع فيها شيوخ القوم(2) ورؤساء العشائر برئاسته للتشاور في الأمور الهامة(3)، واتخاذ القرارات التي تمس حياة القوم والبلد، ففيها كانت قريش تعقد اللواء اذا ما خرجت للحرب، وتخرج منها وتعود اليها القوافل التجارية في رحلتي الشتاء والصيف. كما كان يتم فيها التعريف بالبالغين من أبناء قريش، بان يعذر (يختن) فيها الغلام، وتدرع الفتاة (يشق صاحب الدار قميصها، ثم تدرع بقميص اخر، وتنقلب الى أهلها ليحجبوها)(4) والى جانب ذلك كانت مراسم الزواج لكل أبناء قريش الذكور والاناث تتم فيها.

_____________

(1) سميت دار الندوة لانهم كانوا اذا حزبهم امر ندوا اليها للتشاور، والندوة: الجماعة، دار الندوة: دار الجماعة. انظر: الالوسي: بلوغ الارب، جـ1، ص348.

(2) كان يشترط فيمن يحضر دار الندوة ان يكون قد بلغ الأربعين من عمره. فضلا عن المقدرة والكفاية ومهارة القيادة.

(3) O'Leary: Arabia before Muhammad, p. 184 .

(4) البري: تاريخ الرسل والملوك، جـ2، ص18.