أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-6-2020
![]()
التاريخ: 3-6-2020
![]()
التاريخ: 5-6-2020
![]()
التاريخ: 6-8-2022
![]() |
المعنى: معنى القاعدة هو نفي الحكم الضرري في الشريعة المقدسة، وذلك امتنانا على العباد، فعليه كلّ عبادة أو معاملة كان مستلزما للضرر ينتفي امتنانا للمكلف، كما إذا كان الوضوء أو البيع مثلا موجبا للضرر فعندئذ يرتفع وجوب الوضوء وينفسخ البيع، لعدم جعل الحكم الضرري في الإسلام.
الضرر العملي: إنّ المقصود من الضرر هو الضرر العملي الدنيوي، كما قال الشيخ الأنصاري رحمه اللّه: فالتحقيق أنّ المراد بالضرر خصوص الدنيوي وقد رفع الشارع الحكم في موارده امتنانا، فتكون القاعدة حاكمة على جميع العمومات المثبتة للتكليف، نعم لو قام دليل خاص على وجوب خصوص تكليف ضرري خصّص به عموم القاعدة «1».
فدليل نفي الضرر- كما أفاده- حاكم بالعنوان الثانوي (فرض الضرر) على الأدلة التي تثبت الأحكام بعناوينها الأولية.
الضرر الخاص: إن موضوع النفي هو الضرر الشخصي الخاص لا الضرر النوعي، لأنّه لا معنى لنفي الحكم الضرري الذي لم يتحقق، وذلك لعدم وجود الضرر في بعض الأفراد (في فرض الضرر النوعي)، فكيف يرتفع الحكم الضرري عن الشخص الذي تحقق الضرر على شخص آخر.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1- الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب وتكاد أن تبلغ مستوى التواتر.
منها النبويّ المشهور بين الفريقين وذكر في غير واحد من الكتب والرسالات قال صلّى اللّه عليه وآله: «لا ضرر ولا ضرار».
ومنها معتبرة عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه في حديث أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: «لا ضرر ولا ضرار» «2».
أمّا السند فلا ينبغي الإشكال في صحته. كما قال المحقّق صاحب الكفاية رحمه اللّه:
وقد ادّعى تواترها مع اختلافها لفظا وموردا فليكن المراد به تواترها إجمالا بمعنى القطع بصدور بعضها، والإنصاف أنّه ليس في دعوى التّواتر كذلك جزاف «3».
وقال الشيخ الأنصاري رحمه اللّه: وكثرتها (الروايات) يغني عن ملاحظة سندها، مضافا إلى حكاية تواتر نفي الضرر والضرار «4».
وقال سيّدنا الأستاذ: أمّا السند فلا ينبغي التأمل في صحته لكونها من الروايات المستفيضة المشتهرة بين الفريقين، حتى ادّعى فخر المحققين في باب الرهن من الإيضاح تواترها «5». والسند في بعض الطرق صحيح أو موثق، فلو لم يكن متواترا مقطوع الصدور فلا أقل من الاطمئنان بصدورها عن المعصوم «6».
وأمّا الدلالة فنقول: أنّ الحديث يحتوي ثلاث كلمات 1- الضرر. 2- الضرار 3- كلمة لا. أمّا الضرر فهو اسم المصدر معناه النقص والخسران، ضد المنفعة والزيادة، وأمّا الضرار فهو المصدر في مقابل النفع (المصدر) إمّا من باب فعل (ضرر) مثل فرر وفرار، وإمّا من باب مفاعلة من ضارّ كما ورد في قضيّة سمرة بن جندب قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: أنّه رجل مضارّ (من باب مفاعلة) «7».
وكيف كان فذكر اسم المصدر مع المصدر ظاهر في التأكيد.
وأمّا كلمة (لا) فهو لنفي الجنس ومعناه نفي الحقيقة، كما قال المحقّق صاحب الكفاية رحمه اللّه: وأمّا دلالتها فالظاهر أنّ الضرر هو ما يقابل النفع من النقص (من جهة تقابل المعنى لا من جهة تقابل اللفظ) كما أنّ الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا. كما أنّ الظاهر أن يكون لا، لنفي الحقيقة. كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادّعاء كناية عن نفي الآثار،- إلى أن قال:- وقد انقدح بذلك بعد (عدم صحة) إرادة نفي الحكم الضرري (كما يقول به الشيخ الأنصاري) أو الضرر الغير المتدارك أو إرادة النهي من النفي جدا. (لأنها خلاف الظاهر ولا تكون قرينة ترشدنا إلى مثل هذه المعاني).
فقال: ثم الحكم الذي أريد نفيه (نفي الحكم) بنفي الضرر (بلسان نفي الموضوع) هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر، لا الثابت له بعنوانه، لوضوح أنّه العلّة للنفي، ولا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه وينفيه، بل يثبته ويقتضيه «8». فظاهر الحديث هو نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كقوله: (لا ربا بين الوالد والولد) وهو أسلوب قد ورد في موارد عديدة، فالمنفي هو الفعل الضرري الذي يراد منه نفي الحكم عن هذا لفعل كالوضوء الضرري، كما أنّ المرفوع في الخطأ والنسيان (في حديث الرفع) هو الحكم المتعلق بالفعل الصادر حال الخطأ والنسيان، ولا يكون المراد من نفي الموضوع هو عنوان الضرر، حتى يرد عليه بأنّ الضرر الذي فرض كونه موضوعا للحكم كيف يمكن أن يكون علّة نفي الحكم، كما قال سيّدنا الأستاذ: بعد الإشكال على النهج المتقدّم (نفي الحكم بلسان نفي الموضوع): نعم لو كان المنفي في المقام هو الفعل الضرري أمكن القول بأن المراد نفي حكم هذا الفعل بلسان نفي الموضوع كالوضوء الضرري مثلا «9». والأمر كما أفاده. فتمّت الدلالة والسند.
بقيت أمور ينبغي التنبيه عليها:
1- كثرة التخصيص قد يقال: إنّ التخصيص في مدلول القاعدة يكون أكثر ممّا بقي تحته. ويكون (تخصيص الأكثر) مستهجنا أولا، وموجبا للوهن في إطلاق الحديث ثانيا.
والتحقيق: أنّ معظم الموارد يكون خارجا عن مدلول القاعدة تخصّصا، ولا يكون خارجا بالتخصيص إلّا موارد قليلة. كما قال سيّدنا الأستاذ: وأمّا الأحكام المجعولة في الديات والحدود والقصاص والحجّ والجهاد فهي خارجة عن قاعدة لا ضرر بالتخصّص لا بالتخصيص، لأنّها من أوّل الأمر جعلت ضرريّة لمصالح فيها «10».
وأمّا التخصيص في بعض الموارد كشراء ماء الوضوء ولو بأضعاف قيمته فقليل جدا، فتبيّن أنّه لا يكون هناك تخصيص الأكثر.
2- الحكومة: إنّ دليل القاعدة حاكم على سائر الأدلّة، كما قال سيّدنا الأستاذ: والتحقيق في وجه التقديم أنّ دليل (لا ضرر) حاكم على الأدلّة المثبتة للتّكاليف والدّليل الحاكم يقدّم على الدّليل المحكوم بلا ملاحظة النسبة بينهما، وبلا ملاحظة الترجيحات الدلاليّة والسنديّة «11». والأمر كما أفاده دام ظله.
3- المراد من الضرر هو الضرر الواقعيّ: التحقيق أنّ الحكم ثابت للموضوع الواقعيّ بلا فرق بين العالم والجاهل وقد يتوهّم أنّ هذا يستلزم النقض في الموردين.
الأوّل: تقييد خيار الغبن والعيب في حال الجهل.
الثاني: صحة الوضوء الضرري مع الجهل، والصحيح أنّه لا مجال لهذا التوهّم وذلك، لأنّ خيار الغبن والعيب لا يكون على أساس القاعدة (لا ضرر) بل يكون على أساس تخلّف الشرط الارتكازي (تساوي المالين في الغبن وسلامة العوضين في العيب)، ففي فرض العلم كان الإقدام مسقطا للشرط.
وأمّا الوضوء لو فرض باطلا على أساس نفي الضرر يصبح الأمر على خلاف الامتنان (الإعادة والتيمم). والحديث إنّما ورد امتنانا على الناس فلا ينطبق مدلول الحديث على بطلان الوضوء، وأمّا صحّة الوضوء في تلك الحالة فقد ثبتت من أدلّتها الخاصة.
4- الاختصاص بالحكم الإلزامي: إنّ الحديث يختص بنفي الحكم الإلزامي (في التكليف) وبنفي اللزوم (في الوضع) وذلك، لأنّ في الترخيص (الاستحباب والكراهة) وفي الجواز (خيار الفسخ) مساهلة وحرّية من الأوّل فلا مضايقة فيهما حتى ترتفع امتنانا كما قال سيّدنا الأستاذ: وبالجملة نفي الضرر في الحديث الشريف. ليس إلّا كنفي الحرج المستفاد من أدلّة نفي الحرج فكما أنّ المنفي بها هو الحكم الإلزامي الموجب لوقوع المكلّف في الحرج دون الترخيصى إذ الترخيص في شيء حرجي لا يكون سببا لوقوع العبد في الحرج فكذا في المقام «12». والأمر كما أفاده.
فرعان :
الأوّل: تعارض الضررين، قال سيّدنا الأستاذ: إذا دار الأمر بين فردين محرّمين كان المقام حينئذ من باب التزاحم فلا بدّ له من اختيار ما هو أقل ضررا والاجتناب عما ضرره أكثر وحرمته أشد وأقوى بل الاجتناب عمّا كان محتمل الأهمية، نعم مع العلم بالتّساوي أو احتمال الأهمية في كلّ من الطرفين يكون مخيّرا في الاجتناب عن أيّهما شاء، والوجه في ذلك كلّه ظاهر «13».
الثاني: دوران الأمر بين التضرر والإضرار كحفر البئر مثلا (إذا فرض الحفر إضرارا على الجار وعدم الحفر تضرّرا على المالك)، التحقيق: أنّ هذا الفرع خارج عن مورد القاعدة، لأنّ الأخذ بكلّ واحد من الطرفين خلاف الامتنان كما قال سيّدنا الأستاذ: أنّ الحديث يكون واردا مورد الامتنان ومن المعلوم أنّ حرمة التصرّف والمنع عنه مخالف للامتنان على المالك، والترخيص فيه خلاف الامتنان على الجار، فلا يكون شيء منهما مشمولا لحديث لا ضرر «14». وبعد عدم شمول الحديث لمثل هذا التعارض لا بدّ أن يتمسك بالعموم أو الإطلاق، لو كان هناك عموم أو إطلاق، وإلّا فالمرجع هو الأصل العملي (البراءة عن الحرمة) هذا كلّه بالنسبة إلى الحكم التّكليفي. وأمّا الحكم الوضعي (الضمان) فهو ثابت على كلا التّقديرين (جواز التصرف وعدمه)، لعدم الملازمة بين الجواز وعدم الضمان، فيحكم بالضمان، لعموم قاعدة الإتلاف.
_________________
(1) المكاسب: رسالة نفي الضرر ص 374.
(2) الوسائل: ج 12 ص 364 باب 17 من أبواب الخيار، ح 4.
(3) كفاية الأصول: ج 2 ص 266.
(4) المكاسب: رسالة نفي الضرر ص 372.
(5) إيضاح الفوائد: ج 2 ص 48.
(6) مصباح الأصول: ج 2 ص 518.
(7) الوسائل: ج 17 ص 341 ح 4.
(8) كفاية الأصول: ج 2 ص 268- 269.
(9) مصباح الأصول: ج 2 ص 527.
(10) مصباح الأصول: ج 2 ص 539.
(11) نفس المصدر السابق: ص 540.
(12) مصباح الأصول: ج 2 ص 533.
(13) مصباح الأصول: ج 2 ص 563- 566.
(14) مصباح الأصول: ج 2 ص 563- 566.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|