أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
2526
التاريخ: 1-12-2016
2402
التاريخ: 11-9-2016
3403
التاريخ: 11-9-2016
4478
|
السومريون ومشكلة أصل السومريين:
يدعو بعض الباحثين (جورج كونتنو) شعوب الشرق الأدنى القديم التي سكنت في بعض مناطق آسية الغربية منذ أقدم العصور وقبل ذكر الشعوب (السامية) باسم (الآسيانين) اي سكان غربي آسية الأولين ومنهم السومريون سكان جنوب بلاد الرافدين، والعيلاميون الذين استقروا في جنوب غربي إيران حول ضفاف نهر قارون.
فالمجتمع السومري هو أقدم مجتمع يعرف له اسم في أرض الرافدين ولغته السومرية هي أقدم لغة معروفة في تاريخ الانسانية. ويفترض ان تكون العناصر المكوّنة للمجتمع السومري قد وجدت في البلاد قبل الكتابة بزمن طويل ولكننا لا نعرف شيئاً عن هذه المرحلة المبكرة السابقة لاختراع الكتابة، اي في ما قبل التاريخ، سوى ما تركه سكان عصري العُبيد وجمدة نصر من آثار مادية.
وعندما تبدأ الوثائق المكتوبة بإلقاء شيء من النور على تاريخ بلاد الرافدين تكون عملّية التحضر والتمدن قد قطعت شوطاً بعيداً في السهول الجنوبية لبلاد الرافدين. وتشكل مسألة أصل السومريين مشكلة معقدة يقتضي حلها الإجابة عن سؤالين : من أين جاؤوا؟ ومتى جاؤوا؟ ولم يمكن حتى الآن تقديم إجابة قاطعة عن هذين السؤالين، ولذلك تبقى المسألة معلقة. فلا يعرف على الضبط أصل السومريين، إلى اي عرق ينتسبون ومن أي أصل يتحدرون. فلغتهم ليست بلغة (سامية)، وليست لها خصائص اللغات التي عرفت بهذا الاسم. وهي ليست بلغة آرية. وقد وجد هؤلاء الذين دعوا بذا الاسم، (السومريون)، منذ فجر التاريخ، بوصفهم مجتمعا مستقرا مقيما على الأرض التي انشئت عليها أسس حضارة بلاد الرافدين القديمة. وخلافا لما نجده بعدئذ عن الأموريين والآراميين، فلا تتحدث الوثائق السومرية المكتشفة عن السومريين بوصفهم من الرحّل في أية مرحلة من مراحل تاريخهم، فقد غاب كل أثر من أخبارهم قبل مرحلة الاستقرار والحياة المدنية.
وهناك فرضيات متعددة عن منشئهم الاصلي في بلاد القفقاس أو من مناطق جبلية اخرى من سلاسل الجبال الواقعة على حدود العراق الشرقية والشمالية. وقد وجد في الصفات الخلقية للسومريين ما يجعلهم مختلفين عن (الساميين) من سكان بلاد الرافدين وسائر بلاد العرب في القامة والسحنة. فالسومريون قصار القامة ذوو بنية قوية، أنوفهم مرتفعة وعريضة لا تشبه أنوف (الساميين) الدقيقة. اما رقبة السومري فقصيرة تحمل هامة كبيرة. وكان السومريون يتدثرون بالملابس الصوفية فاستدل من ذلك على أنهم أتوا من المناطق الجبلية الباردة. وعلى ان بعض الباحثين الآخرين اعتقد بقدوم السومريين من الجنوب، وربما عن طريق البحر، لان بعض الأساطير والنصوص الأدبية والدينية وبخاصة ما يتصل نمها بالرب إنكي، إله الماء والأعماق، يمكن ان تربط أصول السومريين ببعض مناطق الخليج العربي التي بقيت في العصور التاريخية وثيقة الصلة بجنوب بلاد الرافدين مثل دلمون (البحرين والسواحل الشرقية لجزيرة العرب)، وماغان (عُمان) وملّوخا (ربما كانت وادي السند). ولعل التنقيبات الأثرية التي تجري حالياً على سواحل الجزيرة العربية من الخليج قد تؤدي إلى كشوف تساعد في حل بعض جوانب المشكلة السومرية. ويذكر العالم ل . وولي الذي نقب في موقع أور انه وصل في حفرياته إلى طبقة كثيفة من الطين خالية من آثار الحضارة. وقد تكون هذه الطبقة من بقايا فيضانات هائلة لنهري الفرات ودجلة وغمرات هذه المدينة والمدن الاخرى. وهو ما ذكرته الاخبار المتواترة بعدئذ باسم الطوفان. ولربما جاء السومريون بعد حضارة اندثرت قبلهم وكان أهم مراكزها في تل العُبيد واريدو.
ويؤكد الباحثون ان اللغة السومرية، وهي لغة الصاق، تشبه في بنيتها التركية والفينية – الأويغوية وبعض اللهجات القوقازية. ولكنها في مفرداتها وقواعدها ونحوها تقف وحدها ولا يمكن الحاقها بأية لغة معروفة ميتة او حية. وهذا ما جعل للسومريين موقعاً خاصا في تاريخ المنطقة. الا ان هذا لا يمنع من أن نلاحظ وجود تأثيرات متبادلة بين السومرية من جهة والأكدية وغيرها من لغات الرافدين من جهة اخرى بحكم التعايش الطويل بين هذه اللغات وتعاصرها. واذا كان البحث التاريخي الرصين يقتضي التأني والحذر قبل استخلاص النتائج وإصدار الأحكام القاطعة فإن جملة من المعطيات التي يقدمها البحث العلمي الأثري واللغوي يمكن ان تقلل من الغموض الذي يحيط بالمشكلة السومرية.
يلاحظ بعض الباحثين المختصين بالدراسات السومرية (ب. لاندسبرجر، 1974) و(ف. ب. جونز، 1969) أنه من المحتمل ان يكون للغة السومرية التي عرفت بدءاً من أورك 4 أساس أسبق جاء من لغة السكان الرافديين المقيمين قبل العصر السومري. فكثير من الأسماء الجغرافية للأنهار والمدن وردت في أقدم النصوص والوثائق السومرية ولكنها ليست من اللغة السومرية مثل دجلة والفرات بالإضافة إلى مفردات كثيرة تتصل بالزراعة والبستنة وصنع الفخار والجلود والبناء وهي من لغة مجتمع زراعي بينما ارتبطت المفردات السومرية بالملاحة والنحت والكتابة والتعليم والقانون، وهي مفردات ترتبط بلغة مجتمع مدني. ومن المحتمل ان تكون اللغة السومرية قد استخدمت في النصوص المكتوبة مفردات من لغة أقدم كانت متداولة في أوروك قبل الكتابة ثم لم تعد معروفة بعد تشكل المجتمع السومري واختراع ناظم الكتابة المسمارية التصويرية والمقطعية السومرية.
وينبغي ان نشير إلى انه في العصور التاريخية استخدمت صفة سومري للدلالة على النسبة إلى (سومر) وهو اصطلاح جغرافي يدل على الإقليم الجنوبي من أرض العراق القديم. وقد حصلنا على أسم السومريين من ألقاب الملوك الأكديين والبابليين الذين اتخذوا مزدوجاً : (ملك سومر وأكّد) = (شر شومري أو أكدي). أما الاسم المقابل لكلمة سومر في اللغة السومرية فهو (كي – إن – جي/ ر)(1). فليس لكلمة سومر اي مدلول عرقي. وإنما لها مدلول جغرافي – سياسي ولغوي بالدرجة الأولى في مجتمع مزدوج اللغة سادت فيه اللغة السومرية ثقافياً قبل ان تسلم الدور إلى اللغة الأكدية. فالمزارعون والفلاحون في المجتمع السومري هم من عناصر السكان المحليين الذين يتحدرون من عصر العُبيد وهم أسبق من الذين عرفوا باسم السومريين.
ومن جهة اخرى تطرح نتائج التنقيبات الأثري الحديث في سورية في حوضي الفرات والخابور تساؤلات عن سكان المستوطنات والمجتمعات الأولى (حبوية الكبيرة) التي استخدمت اشكالا من الكتابة التصويرية المبكرة المماثلة لبدايات الكتابة التصويرية في جنوب بلاد الرافدين. ويلاحظ بعدئذ ان الحضارة السومرية في أدوار ازدهارها وقوتها انتشرت في المناطق ذاتها التي انتشرت فيها حضارة العُبيد : فمن أين بدأ انتشار السومريين وأين كان اتجاههم. هل بدأ من الشمال باتجاه مركز حضارة العٌبيد في الجنوب ام بالعكس بدأ من الجنوب ليصعد باتجاه المدن الجغرافي للحضارة الرافدية.
وبعد هذه المقدمات والملاحظات حول المشكلة السومرية يمكن الاستنتاج ان السومريين هم محصلة تطور محلي للسكان في جنوب بلاد الرافدين والخليج العربي، كما يمكن ان نلاحظ من تطور السويات الأثرية في أوروك 14 – 4 إذ لا تبدو آثار اي غزو حمل عناصر جديدة من السكان لتحل محل عناصر سابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ج. أوتس J. Oates, Babylon London 1979. R.11 فوزي رشيد، قواعد اللغة السومرية، 1972، ص27.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|