أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
1211
التاريخ: 18-8-2016
1620
التاريخ:
2284
التاريخ: 6-9-2016
1128
|
قد تطلق السنّة ويراد منها قول المعصوم وفعله وتقريره، فلا شك انّ السنّة بهذا المعنى من الأدلة القطعية، إذ هي عدل القرآن الكريم فهي الحجّة الثانية بعد الذكر الحكيم، ومن أعرض عن السنّة واستغنى بالقرآن الكريم فقد عدل عن المحجّة البيضاء.
وقد يطلق السنة ويراد منها الخبر الحاكي عن السنّة الواقعية وهو المراد في المقام سواء نقلت بصورة متواترة أو مستفيضة أو محفوفة بالقرائن أو مجرّدة عن الاستفاضة والقرائن، والكلام هنا في حجّية الخبر الواحد المجرّد عن كلّ شيء، فانّ المتواتر أو الخبر الواحد المحفوف بالقرينة يفيدان العلم، وهكذا الخبر المستفيض يورث الاطمئنان المتاخم للعلم.
امّا كون السنّة (الخبر الواحد المجرد عن القرائن» دليلاً ظنياً فإنّما هو لأجل سندها، وأمّا من حيث الدلالة فقد عرفت أنّ الدلالة في الجميع دلالة قطعية بالنسبة إلى المراد الاستعمالي، بل المراد الجدي في بعض المقامات.
ثمّ إنّ الإفتاء بمضمون الخبر الواحد يتوقف على ثبوت أمرين:
أ: إمكان التعبّد به إمكاناً ذاتيّاً.
ب: إمكان التعبّد به إمكاناً وقوعيّاً.
أمّا الإمكان بالمعنى الأوّل الذي يعبّـر عنه بالإمكان الماهوي فهو أمر لا سترة عليه، ضرورة انّ التعبّد بالخبر ليس واجباً ولا ممتنعاً فيُصبح أمراً ممكناً بالذات، فنسبة جواز التعبد إلى الخبر كنسبة الوجود والعدم بالنسبة إلى الإنسان، فالبحث عن الإمكان بهذا المعنى، أمر خارج عن محط البحث.
وأمّا الإمكان بالمعنى الثاني وهو الذي لا يمنع عن وقوعه مانع خارجي عن الذات ـ بعد إمكانه الذاتي ـ فهو داخل محطّ البحث.
وهذا نظير إدخال المطيع في النار، فإنّه وإن كان ممكناً بالذات، لأنّه سبحانه قادر على الحَسن والقبيح، لكن غير ممكن وقوعاً لمخالفته لعدله وحكمته، فهو ممكن بالذات غير ممكن وقوعاً.
فذهب بعضهم كابن قبة(1) إلى امتناع التعبّد بالظن وقوعاً واستدلّ له بوجهين:
الأوّل: لو جاز العمل بالخبر الواحد في الفروع، لجاز العمل به في الأُصول، فلو أخبر أحد من اللّه سبحانه لزم قبول قوله إذا كان عادلاً بلا حاجة إلى طلب البيّنة والمعجزة.
يلاحظ عليه: أنّ الأمر في الفروع أسهل، فقبول الخبر فيها لا يلازم قبول خبره في ادّعاء النبوة التي هي أمر خطير.
الثاني: انّه يستلزم تحليل الحرام أو تحريم الحلال، فإذا كان الحكم الواقعي هو الحلية وقام خبر الواحد على الحرمة أو بالعكس وقلنا بحجّيته، يلزم أحد المحذورين.
ويعبّر عن حلّ هذا الاشكال في مصطلح الأُصوليّين «بالجمع بين الحكم الظاهري والواقعي».
وقد فصّل المتأخرون الكلام فيه وموجز الجواب في هذا المقام عن هذا الإشكال انّه إذا كان مفاد الخبر موافقاً للواقع يكون منجّزاً للحكم الواقعي، وأمّا إذا كان مخالفاً للواقع فيكون الحكم الواقعي عند من قامت الأمارة على خلافه، إنشائياً لا فعلياً، وإنّما يتوجّه الإشكال إذا كان هناك حكمان فعليان متضادان في واقعة واحدة، وأمّا إذا كان أحد الحكمين (الحكم الواقعي )إنشائياً والآخر فعلياً فلا إشكال فيه، والتفصيل يطلب من دراسات علياء.
ما هو الأصل في العمل بالظنّ؟
وقبل التعرّف على أدلّة وقوع التعبّد بالظن في الشريعة الإسلامية يجب الوقوف على ما هي القاعدة الأوّلية في العمل بالظن، فهل هي حرمة العمل بالظن إلاّ ما خرج بالدليل؟ أو الأصل جواز العمل بالظن إلاّ ما خرج بالدليل؟
فعلى الأوّل يكون الأخذ بواحد من أقسام الظنون كالخبر الواحد وقول اللغوي والشهرة الفتوائية وغيرها متوقفاً على وجود دليل، وإلاّ فالأصل هو الحرمة، كما أنّه تنعكس القاعدة على القول الثاني، فالأصل هو حجّية كلّ ظن إلاّ ما قام الدليل على الحرمة كالقياس والاستحسان.
وبذلك يعلم أنّ المراد من الأصل في العنوان هو مقتضى الأدلة الاجتهادية، ويعبّر عنها بمقتضى القاعدة الأوّلية وليس المراد منه هو الأصل العملي.
وعلى كلّ تقدير اتّفقت كلمة المحقّقين على أنّ الأصل هو حرمة العمل بالظن إلاّ أن يقوم الدليل على الحجّية.
والدليل عليه هو انّ البدعة أمر محرم إجماعاً من غير خلاف ; وهي عبارة عن ادخال ما يعلم انّه ليس من الدين أو يشكّ انّه منه، في الدين; والاعتماد على الظن الذي لم يقم دليل على جواز العمل والإفتاء على وفقه ، التزام بكون مؤدّاه حكم اللّه في حقّه وحقّ غيره، وهذا هو نفس البدعة، لأنّه يُدخل في الدين ما يشكّ انّه من الدين.
وبعبارة أُخرى: انّ العمل بالظن عبارة عن صحّة إسناد مؤدّاه إلى الشارع في مقام العمل، ومن المعلوم أنّ إسناد المؤدّى إلى الشارع والعمل به إنّما يصحّ في حالة الإذعان بأنّه حكم الشارع وإلاّ يكون الإسناد تشريعاً قولياً وعملياً دلّت على حرمته الأدلّة الأربعة، وليس التشريع إلاّ إسناد ما لم يعلم أنّه من الدين إلى الدين.
قال سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } [يونس: 59]
فالآية تدلّ على أنّ الإسناد إلى اللّه يجب أن يكون مقروناً بالإذن منه سبحانه، وفي غير هذه الصورة يعدّ افتراءً سواء كان الإذن مشكوك الوجود كما في المقام أو مقطوع العدم، والآية تعمّ كلا القسمين، والمفروض انّ العامل بالظن شاك في إذنه سبحانه ومع ذلك ينسبه إليه.
وقال سبحانه {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 28]
تجد انّه سبحانه يذم التقوّل بما لا يُعلم حدودُه من اللّه سواء أكان مخالفاً للواقع أم لا، والعامل بالظن يتقوّل بلا علم.
فخرجنا بالنتيجة التالية:
إنّ الضابطة الكلية في العمل بالظن هي المنع، لكونه تشريعاً قولياً وعملياً محرّماً وتقوّلاً على اللّه بغير علم، فالأصل في جميع الظنون ـ أي في باب الحجج ـ هو عدم الحجّية، إلاّ إذا قام الدليل القطعي على حجّيته.
ثمّ إنّ الأُصوليّين ذكروا خروج بعض الظنون عن هذا الأصل بالدليل القطعي وبذلك خرج عن كونه تقولاً بلا علم، وهي:
1. خبر الواحد.
2. الإجماع المنقول بخبر الواحد.
3. الشهرة الفتوائية.
4. قول اللغوي.
____________
1. محمد بن عبد الرحمان بن قبة الرازي المتكلّم المعاصر لأبي القاسم البلخي الذي توفّي عام 317 وقد توفى ابن قبة قبله بقليل. لاحظ رجال النجاشي برقم 1024.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|