أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
970
التاريخ: 3-07-2015
1068
التاريخ: 25-10-2014
818
التاريخ: 3-07-2015
1278
|
إن صفات اللّه تعالى السلبية تنفي النقائص عنه تعالى، لأن إثبات الكمال لا يتم إلا بنفي النقص، كما لا يتم إثبات الحق إلا بنفي الباطل، و تسمى أيضا صفات الجلال كما أشير إليها بقوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 78] قيل الجلال صفاته السلبية و الإكرام صفاته الثبوتية، و قدم الجلالية لأن دفع المضرة أهم من جلب المنفعة و التحلية بالأوصاف الجميلة تتوقف على التخلية من الأخلاق الرذيلة، كما لا ينمو الزرع و الشجر في أرض لم تصف من الشوك و الحجر، و يجب سلب كل نقص عنه تعالى لكماله و لا حصر فيها كما في الصفات الثبوتية، لأن الحصر يشعر بأن لا مانع من أن يكون فيه نقص غير ما حصر، و نحن لما رأينا فينا نقائص استهجنها العقل، و علمنا أنها من نقصنا و عجزنا نزهنا الواجب تعالى عنها لكماله و قدرته، و لنقتصر على بيان جملة من أصولها للأنموذج و الإيضاح كما في الصفات الثبوتية.
الأول: أنه تعالى لا شريك له كما تقدم في مبحث التوحيد.
الثاني: انه ليس بمحتاج في الذات و لا في الصفات إلى الغير و المكان و الزمان و الكيفية و الأدوات و الآلات، فإن اللّه لغني عن العالمين لتفوق المحتاج إليه على المحتاج ضرورة، فيكون هو الأحق بأن يكون هو الصانع الحق، و لكونه واجب الوجود لذاته ... كان اللّه و لم يكن معه شيء، فكان غنيا عمن سواه أزلا و هكذا أبدا، و لأنه قد ثبت قدمه و القديم هو الذي يتقدم على الكل فيكون غنيا عن الكل.
الثالث: إنه تعالى ليس بمركب من الأجزاء الخارجية كالمداد، ولا من الاجزاء الذهنية كتركب الإنسان من الحيوان و الناطق و نحوه، و إلا للزم احتياجه إلى الأجزاء الخارجية أو الذهنية، و الاحتياج من خواص الممكن لا الواجب و لأنه تعالى هو الغني عما سواه و لأنه تعالى ليس كمثله شيء و ليس هو تعالى كالبسائط التي خلقها لأنها و إن لم تكن لها أجزاء حقيقية و لكن لها أجزاء ذهنية و وهمية، و اللّه سبحانه تعالى ليس كمثله شيء ولا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس.
الرابع: إنه تعالى ليس محلا للحوادث كالنوم و اليقظة و الحركة و السكون و القيام و القعود و الكهولة و الصبا و الشباب و الشيب و القوة و الضعف و الكلال و النشاط و الفرح و الحزن و الرضى و السخط و نحوها، لأن ما ثبت قدمه يمتنع أن يكون محلا للحوادث و هذه كلها من لوازم الجسم أو الجسماني و اللّه منزه عنهما كما عرفت، ولأن الاتصاف بهذه الحوادث و العوارض دليل على العجز و النقص و هو تعالى منزه عنهما، و هذه الأمور كلها مخلوقة له تعالى يمتنع اتصاف الخالق بها و قال تعالى: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] وقال تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } [البقرة: 255] وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] و ما ورد من وصفه تعالى بشيء من ذلك في الكتاب و السنة كقوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [المائدة: 119] و قوله تعالى : {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجادلة: 14] ، {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [الزخرف: 55] ، {الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57] {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المائدة: 33] ، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ونحو ذلك و ان المراد من جملة منها غاياتها دون مباديها، فغاية الرضى الإكرام و الإحسان، و غاية الغضب العقاب و العذاب و نحو ذلك و لذا قيل خذ الغايات و اترك المبادئ. و ورد في تأويل بعضها إن للّه أولياء من حاربهم فكأنما حاربه و من آذاهم فكأنه قد آذاه كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } [النساء: 80] ، {الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح: 10] وفي الحديث (فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى اللّه و من آذى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ) و نحو ذلك.
الخامس: إنه تعالى لا يحل و لا يتحد بغيره كما زعمته بعض الفرق المبتدعة المضلة لأن الحالّ يفتقر إلى المحل الذي يحل فيه، و الفقر و الاحتياج من خواص الممكن و لأن الحلول في مكان يستلزم الخلو من مكان آخر و هو سبحانه موجود في كل مكان لا بمداخلة، خارج عنه لا بمزايلة، ولأن الانتقال من حال إلى حال علامة الزوال و اللّه لم يزل و لن يزال، ولإستلزامه الجسمية و العرضية و المكانية و هو سبحانه منزه عن الجميع. و أما الاتحاد و هو صيرورة الشيئين شيئا واحدا بلا زيادة و لا نقصان فهو محال في نفسه غير معقول، و الواجب تعالى لو اتحد بغيره لكان ذاك الغير إما واجبا أو ممكنا، فإن كان واجبا لزم تعدّد الواجب، و إن كان ممكنا فالحاصل بعد الاتحاد إما أن يكون واجبا أو ممكنا و انقلاب كل من الممكن و الواجب إلى الآخر محال. و ما زعمه بعض هؤلاء الكفرة من أن العبد إذا بلغ درجة العرفان و فاز بمنزلة الإيقان اتحد بربه و بطل عنده ما كان يتوهم من الاثنينية و المغايرة بينه و بين ربه و سقط التكليف عنه مستشهدين بقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99] و قوله عليه السّلام أقل ما اوتيتموه اليقين، ومن أوتي حظه لم يبال ما أنقص من صومه و صلاته فاسد ، فإنه لو جاز سقوط العبادات عن العارف الموقن لسقطت عن سند العارفين و سيد الموقنين، و كان يعبد اللّه حتى تورمت قدماه و آخر وصاياه الصلاة الصلاة، و المراد باليقين في الآية الموت، و المراد من الحديث أن اليقين أفضل من الصوم و الصلاة المسنونين. و قال تعالى في كتابه: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 42 - 47] .
السادس: أنه تعالى ليس بجسم و هو ما يقبل الأبعاد الثلاثة الطول و العرض و العمق لافتقار الجسم إلى المكان الذي هو من خواص الممكن و لأنه تعالى الغني عما سواه، و لا كالسطح و هو ما له عرض و طول دون العمق، و لا كالنقطة التي هي طرف الخط و مقابل الجسم، ولا تقبل شيئا من الأبعاد الثلاثة لأن ذلك كله من صفات الممكن و من الأعراض و ليس هو تعالى بجوهر و هو القائم بذاته، و المراد به مقابل العرض الذي يقوم بغيره لأن الجوهر جسم و قد عرفت بطلانه و لا بعرض لافتقاره إلى المحل و هو تعالى ليس كمثله شيء.
السابع: إنه تعالى لا يرى بحاسة البصر لا في الدنيا و لا في الآخرة ، و اتفقت على ذلك الإمامية و دل الكتاب و السنة على ذلك خلافا للمشبهة و الكرامية ،فذهبوا إلى جواز رؤيته تعالى في الجهة و المكان لكونه تعالى عندهم جسما، و خلافا للأشاعرة فاتفقوا على وقوع رؤيته تعالى في الآخرة فضلا عن الجواز ، و اتفقوا على إمكانها و جوازها في الدنيا ،و اختلفوا في وقوعها و أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هل رأى ربه ليلة الإسراء أم لا ؟ و أكثرهم على الأول: أما الإمامية فقالت بامتناع رؤيته لعدة أمور:
أولها: لأن المرئي بحاسة البصر لا بد أن يكون جسما و في جهة مقابلة و ذا صورة و مثل و مكان، و اللّه تعالى منزه عن جميع ذلك كما عرفت. و لأن المرئي محاط بالنظر ضرورة و اللّه تعالى محيط كما قال: {أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت: 54] والمحيط لا يكون محاطا فلا يكون مرئيا، ولوجوب الفاصلة بين الرائي و المرئي كوجوب المقابلة بينهما كما قال الحكماء إن الرائي يخرج من عينيه مد يصل المرئي فتجب الفاصلة و المقابلة و عدم الحاجب، و كل ذلك من لوازم الجسمية و هو تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد.
ثانيها: قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153] .و قال تعالى: { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصٰارَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ ۴ .ففي الصحيح
أي الموت.
عن الصادق عليه السّلام إنما عنى إحاطة الوهم،اللّه أعظم من أن يرى بالعين.و عن الجعفري عن الباقر عليه السّلام في الآية قال يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند و البلدان التي لم تدخلها و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون. و عن عاصم بن حميد في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال ذاكرت أبا عبد اللّه عليه السّلام في ما يرون من الرؤية فقال الشمس جزء من سبعين جزءا من نور العرش، و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب، و الحجاب جزءا من سبعين جزء من نور السر، فإن كانوا صادقين فليملئوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب، و المراد بالحجاب و السر مقامان من مقامات تجليات نور عظمته تعالى، و المراد بالرؤية الممتنعة عليه تعالى إنما هي رؤية العين، واما رؤية القلب فليست بممتنعة عليه تعالى و على ذلك يحمل ما ورد في النقل من جواز الرؤية. ففي كتاب التوحيد بإسناده عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال قام إليه رجل
يقال له ذعلب فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك قال: ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره. فقال كيف رأيته صفه لنا، قال ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان. وعن الصادق عليه السّلام قال رأى رسول اللّه ربه عز و جل بقلبه. و في رواية أخرى أ ما سمعت اللّه يقول: م {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } [النجم: 11] لم يره بالبصر و لكن رآه بالفؤاد. و قد تقدمت رواية أبي بصير و استدل القائلون بجواز الرؤية في الدنيا عقلا بأنه تعالى علق رؤية موسى عليه السّلام لما قال ربي أرني أنظر إليك على استقرار الجبل، و هو نفسه أمر ممكن و المعلق على الممكن ممكن و لأنها لو كانت ممتنعة لم يسألها موسى عليه السّلام فتكون جائزة و إلا لزم جهل النبي. و من خص رؤيته تعالى بالآخرة قال إن القوى و الإدراكات ضعيفة في الدنيا، و في الآخرة تقوى إدراكاتهم فيطيقون رؤيته و الجواب عن الشبهة الأولى انا لا نسلم أن المعلق عليه هو استقرار الجبل مطلقا فإن الجبل كان مستقرا مشاهدا وقت هذا التعليق بل استقراره حال التجلي و إمكانه حينئذ ممنوع و دون إثباته خرط القتاد. و الجواب على الشبهة الثانية بالمعارضة و الحل أما المعارضة فلأنّ رؤيته تعالى لو كانت جائزة لما عد طلبها أمرا عظيما و لما سماه ظلما و لما أرسل عليهم صاعقة و لما قال تعالى: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ } [النساء: 153]. و لما سمعوا هذه المعارضة اضطربوا فقالوا إن رؤيته جائزة في الدنيا لا على طريق المقابلة و الجهة كما هو المعروف في رؤية الممكنات و ممتنعة على هذه الطريقة فذمه و إنكاره بناء على أنه طلب من هذه الطريقة الممتنعة. و لا يخفى ما في هذا الجواب من الركاكة، لأن طلب الرؤية من هذه الطريقة كيف يصلح أن يكون دليلا على جواز الرؤية من غير هذه الطريقة على أنه يلزم جهل النبي الكريم، و أما الحل فلأن الأمر في قوله تعالى أرني ليس محمولا على طلبها حقيقة بل على إظهار حاله على الجماعة الحاضرين معه الطالبين لرؤيته تعالى القائلين له لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة و أصروا عليه كما حكى اللّه عنهم، و التخصيص بالآخرة مع القول بالامتناع في الدنيا سفسطة لا برهان له و لا دليل عليه.
الثامن: إنه تعالى لا يفعل قبيحا لأن فاعل القبيح إما أن يكون جاهلا بقبحه أو عالما به و لكنه عاجز عن تركه أو محتاجا إلى فعله أو قادرا غير محتاج و لكن يفعل عبثا، و على الأول يلزم جهله تعالى و على الثاني عجزه و على الثالث احتياجه و على الرابع السفه و الكل محال، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
التاسع: إنه تعالى لا يشبه شيئا من مخلوقاته كما قال تعالى ليس كمثله شيء بل هو مغاير للمخلوق لأن كل صانع مغاير لمصنوعه و لو بالصانعية و هذا بديهي و بذلك تعرف جميع الصفات السلبية.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|