المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



تقسيم المقدّمات إلى المقتضي والشرط وعدم المانع والمعد  
  
1750   09:54 صباحاً   التاريخ: 4-9-2016
المؤلف : الشيخ ضياء الدين العراقي
الكتاب أو المصدر : مقالات الاصول
الجزء والصفحة : ج1 ص 300.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /

[من تقسيمات]... المقدّمات [هو تقسيمها الى] إلى المقتضي والشرط وعدم المانع والمعدّ.

ومنشأ هذا التقسيم ... ليس إلا بلحاظ اختلاف المقدمات في أنحاء دخلها في وجود ذيها بعد اشتراك الجميع في أصل الدخل الموجب لانتفاء ذيها بانتفائها. وتوضيح الحال في هذا المقام بأن يقال: إن المقدمة تارة كان شأنها اعطاء وجود ذيها بحيث يخرج وجود ذيها من كمونه.

وتارة ليس شأنها ذلك بل كان شأنها تحديد دائرة الوجود بنحو يكون بهذا الحد قابلا للتحقق خارجا أو قابلا للتأثير في المقصود ومرجع هذا النحو من الدخل ليس إلى تأثير المقدمة في وجود شيء لعدم كون الحد من سنخ الوجود بل مرجعه إلى تضييق دائرة الوجود بحد يكون بذلك الحد قابلا للتحقق خارجا أو قابلا للتأثير في الغرض المقصود.

والحد مثل هذا الحد روحه يرجع إلى انتهاء الوجود واتصاله بالعدم فلا يكون وجودا ولا عدما بل نحو اتصال بينهما ويعبر عنه بشرّ التركيب وهو أيضا لا يخلو عن مسامحة إذ ليس الحد مركبا منهما بل عبارة عن انتهاء كل منهما بالآخر. ولئن شئت فعبر عنه بنحو اضافة واتصال بين الوجود والعدم لا وجود ولا عدم. نعم له واقعية كالوجود في الخارج ولذا لا يكون موجودا ولا معدوما بل بنفسه كالوجود في الخارج غاية الأمر يتبعه. ثم إن هذا الحد تارة ذاتي لوجود خاص واخرى عرضي بمعنى انه يلاحظ من وجود الشيء مقدارا منه على قيام استعداد التأثير في هذا المقدار وربما يقاس المقدار المزبور بمقارنته لشيء أو بسبقه به أو لحوقه بحيث يكون مثل هذه الاعتبارات من مقدّرات الوجود بنحو ينحصر استعداد التأثير فيه وفي مثله قهرا يستند الأثر إلى أصل وجوده ، وحدّه إلى مقداره. وعليه ربما تكون التحديدات القياسية - كان - لطرف اضافاتها دخل في حدّ الأثر أو في حدّ المؤثرية. وبديهي ان هذا الدخل ليس خللا تأثيريا - بل هو نحو من الدخل وطور من الارتباط الذي ليس شأن وجودها اعطاء الوجود بل ليس شأنها إلا التحديد الموجب للقابلية على نحو لا يعلل كما لا يخفى وبهذه العناية يقال بأن شأن أمثال هذه المقدمات ليس إلا اعطاء القابلية للمعلول وجودا أم تأثيرا. ومما يوضح هذه الجهة ملاحظة الشرائط الشرعية الصادرة عن العالم بالواقعيات في تحديد موضوعات حكمه بمقدار قابليتها للتأثير في أغراضه إذ ترى فيها تحديد موضوعه بكونه في حال كذا وبوصف كذا. ومعلوم أن مرجعه إلى تقييد الموضوع بأمور يكون طرف الاضافة لموضوعه الموجب لإناطة الموضوع به وهذه الاناطة ما جاءت إلا من جهة دخل المنوط به في الاضافة المزبورة المقدرة للوجود بكذا مقدار. وليس شأنه اعطاء وجود الموضوع. كيف! وما به انوجاده ليس إلا ارادة المكلف أو شيء آخر بل تمام شأنه اعطاء تقييد مخرج له عن سعة وجوده وكان محددا له. والى ذلك نظر ما اشتهر في الشرط بأن التقييد به داخل في الموضوع دون القيد قبال الجزء الداخل فيه القيد بنفسه ومرجعه إلى ما ذكرنا بأن الشرط مما به تقييد الشيء وهذا نحو من الدخل وطور من الاناطة الأجنبي عن دخل المؤثر في الوجود في متأثره بل غاية دخله اعطاء حد فيه به كان قابلا للتأثير ويكون بنحو من العناية دخيلا في قابلية الموضوع في تأثيره. ولئن شئت قلت كان دخيلا في قابلية الموضوع بما هو موضوع للإنوجاد أيضا. ثم ان المحدد المزبور إن كان وجوديا يسمى شرطا وان كان عدميا يسمى وجوده مانعا، وان كان باجتماعهما يسمى معدا كالإقدام. وبهذه الملاحظة ربما يفرق تعريف الشرط وأمثاله مع المقتضي حيث صح أن يقال في المقتضي فانه مما يوجب وجوده وجود معلوله ولو في المحل القابل ولا يصح هذا المعنى في الشرط وأمثاله بل لا يصدق فيها إلا كونها مما يلزم من عدمها عدم المعلول. ولئن شئت فعبر فيها بانها مما يلزم من وجودها قابلية المعلول للإنوجاد ولو لملاحظة دخلها في تحديده بحد يكون بذاك الحد قابلا له كما أشرنا. ومن هذا البيان ظهر مطلب آخر وهو أن المعلول إذا كان وجودا محدودا كان لحقيقته جهتان أحدهما حيث وجوده والآخر جهة حده وتقييده. ومن المعلوم أن جهة الحد والتقيد قائمتان بحيث الوجود ومعلوم ان حيث وجوده مستند إلى المقتضي، وحده إلى شرطه أو عدم مانعه. وحينئذ لجهة وجوده نحو أولية يوجب أوليته على جهة حده في انتسابه وجودا وعدما إليه. ولذا اشتهر اسناد عدم المعلول إلى عدم المقتضي حتى مع وجود المانع بلا اسناده إليه أصلا مع أنهما جزءان من العلة بنحو لا يتخلل بين المعلول وكل واحد منهما إلا فاء واحد فاصل بين الوجود والموجد والحد والمحدد ولكن هذا المقدار لا يتنافى مع اختلافهما في أصل الدخل ويكون أحد الدخلين في طول الآخر حسب طولية الحيثيتين [المحفوظة] في معلولهما الموجب لأولوية استناد المعلول إلى المقتضي وجودا وعدما. ومن التأمل فيما ذكرنا أيضا ظهر مطلب آخر وهو ان فيما كان دخله في المعلول من باب التأثير في وجود المعلول كالمقتضي فلا محيص من أن يكون مقارنا زمانا مع المعلول ولا يعقل تقدمه عنه ولا تأخره لانتهاء كل منهما إلى انفكاك المؤثر الفعلي عن المتأثر والعقل يأبى عنه ولذا اشتهر عدم انفكاك العلة بهذا المعنى عن المعلول زمانا وان اختلفا رتبة بمقدار تخلل فاء عقلا. وأما ما كان دخله من باب كونه مما به الحد والتقييد فلا يأبى العقل عن تقدم ما به قوام حد الشيء وتقييده عن الشيء زمانا بل عن تأخيرهما أيضا عن المشروط بحسب الزمان إذ الاضافة إلى الامور المتقدمة زمانا أو المتأخرة كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار. وعمدة ما يختلج في الأذهان في استنكاره الشرائط المتأخرة توهمه لزوم مقاربة العلة بجميع [أجزائها] مع المعلول وهذا المعنى في غاية المتانة بالنسبة إلى أجزاء العلة الموجدة التي شأنها اعطاء الوجود للمعلول وهو منحصر بالمقتضيات وأما بقية أجزاء العلة المصطلحة التي منها عدم المانع فهي خارجة عن دائرة اعطاء الوجود بل شأنها ليس إلا اعطاء القابلية للمعلول في الإنوجاد.

ولقد تقدم أن مرجع اعطاء القابلية فيه إلى كونها طرف اضافة لشيء يكون الشيء متحددا ومقدرا به وخارجا عن سعته بنحو يكون بهذا الحد قابلا للإنوجاد وفي مثل هذا المعنى لا يأبى العقل عن تقدمه زمانا أو تأخره. ومن العجب عمن بالغ في انكار الشرائط المتأخرة زمانا حيث يكون عمدة تشبثه في مدعاه بجعل الشرط متمما للمقتضي في التأثير فلنا حق السؤال بانه ما المراد من التتميم فان كان الغرض كونه من أجزاء معطيات الوجود فلازمه ارجاع الشرائط طرا إلى أجزاء المقتضي وهو كما ترى. ثم لازمه انكار مقدمية عدم المانع لو كان مناط المقدمية منحصرا بذلك لعدم تصور التأثير والتأثر بين الوجود والعدم. وان كان الغرض معنى آخر غير ما ذكر وغير ما أشرنا إليه من الدخل في القابلية بالبيان السابق [فعليه] البيان. وأظرف من ذلك تعبيرهم الآخر من كون الشرط موصلا لتأثير المقتضي إلى المقتضى وأن المؤثر خصوص المقتضي فهذا البيان اكثر اجمالا من البيان الاول إذ مرجع الموصلية ان كان إلى تأثير الشرط في اتصال الأثر عن المقتضي فهو صرف لفظ لا مفهوم له إذ لا فصل بين المقتضي ومقتضاه كي تحتاج إلى سبب الايصال فلا محيص من عوده إلى دخل الشرط في أصل التأثير فيعود إلى ما ذكرنا من دخله في قابلية المحل للإنوجاد من قبل مؤثره وحينئذ نقول إنه خرج كلية باب الشرط عن عالم المؤثرية وبعد ذلك لا يأبى العقل عن تقدمه أو تأخره زمانا عن المشروط كما أسلفناه. وبالجملة نقول إنه لا واسطة بين عنوان التأثير في الوجود المعبر عنه بالموجدية وبين عنوان تحديد الوجود بحد قابل للإنوجاد أو التأثير في المقصود المعبر عنه بإعطاء القابلية للإنوجاد وما يأبى العقل عن تقدمه أو تأخره هو الأول دون الأخير ولا يتصور في البين شق ثالث يجري عليه حكم الموجدية وما في كلماتهم من التعابير المزبورة لا يكون إلا من باب اعمال نحو من العناية في معطيات القابلية لا ان غرضهم بيان معنى ثالث خارجا عنهما فلا يغرنك حينئذ مثل هذه البيانات لإثبات كون الشرائط أيضا بحكم معطيات الوجود في عدم التقدم والتأخر كما لا يخفى. ثم ان [لأستاذنا] العلامة طاب ثراه في المقام كلاما آخر وهو انه بعدما التزم بلزوم تقارن أجزاء العلة بجميعها حتى الشرائط وعدم الموانع مع المعلول التزم في الأحكام بصحة الشرط [المتأخر] بإرجاع الشرط إلى وجودها العلمي لا الخارجي والغرض من وجودها العلمي أيضا وجوداتها التصورية في عالم الجعل فلا يتنافى مع ارجاع القضايا الشرعية إلى القضايا الحقيقية الراجعة إلى جعل الحكم منوطا بوجود موضوعه خارجا. غاية الأمر يدعى ان الجاعل في مقام جعله تارة يتصور الموضوع أو الحكم منوطا بوجود الشيء سابقا واخرى متأخرا كتصوره منوطا به مقارنا فجعل تصور الحكم المجعول أو موضوعه شرط جعله فجعله حينئذ منوط بتصور الموضوع أو حكمه لا مجعوله. نعم لو ارجع العلم إلى شرط المجعول من الحكم أو الموضوع فلا محيص من ارادته العلم التصديقي بهما وحينئذ [تخرج] القضية عن القضايا الحقيقية ويدخل في الخارجية حيث إن في القضايا الخارجية لا يصلح الحكم من الحاكم إلا في طرف جزمه بالتطبيق وذلك هو عمدة الفارق بين القضايا الخارجية والحقيقية كما لا يخفى. واظن [أن] من راجع كلماته يرى منها ما شرحناه ولا يبقى مجال رده بان ما افيد مبني على خلط القضايا الحقيقية بالخارجية وان كلامه مبني على جعل القضايا الشرعية من الخارجية مع أن كلية القضايا في العلوم ليست إلا من القضايا الحقيقية.

وأضعف من ذلك توهم اقتضاء القضية الحقيقية اناطة الحكم بوجود موضوعه خارجا وحينئذ يستحيل مجيء الحكم قبل وجود موضوعه بعد ارجاع شرائط الحكم إلى الموضوع طرا. وتوضيح الضعف انه بعد تسليم جميع ما ذكر نقول إن الموضوع تارة مقيد بأمر مقارن مع حكم ذاته واخرى متقدم عنه زمانا وثالثة متأخر عنه كذلك. فتارة يكون الموضوع المستطيع الظاهر في جري المشتق بلحاظ حال الحكم وتارة الموضوع من استطاع قبل ظرف الحكم وثالثة من يستطيع بعد ظرف الحكم. فلا شبهة أن في جميع هذه الصور ما هو موجود في ظرف الحكم هو ذاته المقيد بأحد القيود وهو الذي يستحيل وجود الحكم بدونه واما قيده الخارج عن الموضوع مع دخول تقييده فيه فلا يلزم ان يكون موجودا في ظرف الحكم إلا إذا فرض أخذه فيه بنحو المقارنة وحينئذ من أين [تقتضي] القضايا الحقيقية استحالة الشرط المتأخر وحينئذ لا يستأهل استاذنا الطعن بمثل هذا البيان. نعم الذي يصلح لأن يورد عليه هو ان الجعل تعبديا لابد وان يكون على وفق المصلحة ففي صورة لحاظ الأمر المتأخر مقدمة لجعله فمثل هذا اللحاظ وان كان بنفسه مقدمة الجعل ولكن بالإضافة إلى المصلحة الداعية على الجعل المزبور لا محيص أن يكون طريقا إلى دخل القيد بوجوده المتأخر في مصلحة بحيث لولا وجوده فيما بعد لا يكون العمل [ذا] مصلحة. وعليه فلا محيص له إلا من التزامه بصلاحية الأمر المتأخر بوجوده الخارجي في المصلحة الفعلية كيف وبدونه لا يصلح مجيء الجعل بتصوره أيضا ومع التزامه بذلك لا يبقى مجال تصديقه بلزوم مقارنة اجزاء العلة خارجا وارجاع الشرائط المتأخرة في باب الأحكام إلى شرطية وجودها العلمي كي لا ينخرم قاعدة مقارنة أجزاء العلة مع المعلول. ويكف كان نقول بعد اخراج الشرائط وجودية أم عدمية عن عالم المؤثر في الوجود وارجاعها جميعا إلى محددات الوجود ومقيداتها لا يبقى مجال لإنكار الشرائط المتأخرة في الوجودات الخارجية أيضا فضلا عن الأمورات الجعلية الكافي في جعلها تصور المجعول [بحدوده] الخارجية. بل قيل بانه ربما ينتهي الأمر في المجعولات الاعتبارية إلى توهم تقدم المعلول على [علته نظير] جعل الملكية - السابقة عن زمان جعله - منوطا بإجازة المالك بناء على كون أمثالها من الاعتباريات المحضة. ففي مثل هذه الصورة ربما يتراءى تقدم الملكية التي هي معلول جعله على نفس الجعل ولكن حيث لا يكون في البين تأثير وتأثر بل غاية الأمر كون الجعل المخصوص منشأ اعتبار للمجعول الخاص فلا يأبى العقل بعدم المنتزع عن منشأ انتزاعه كما أنه ربما يتأخر عنه كما في العقود التعليقية ومن هذه الجهة ربما يكون أمره أهون من الشرائط في الأمور الواقعية. نعم ما هو منها هو اناطة الجعل بإجازة المالك ولو من جهة دخلها في مصلحة الجعل وفي هذا المقام ربما كان الشرط مقارنا مع مشروطه لا متأخرا. وحينئذ فابتناء هذه المسألة على تصحيح الشرائط المتأخرة في الواقعيات لا يخلو عن خلط كما لا يخفى. وحينئذ فالكشف المشهوري في باب الاجازة غير مرتبط بمرحلة الشرائط المتأخرة في الامور الواقعية. نعم ما هو من بابها هو الكشف المنسوب إلى صاحب الفصول من كون الاجازة شرطا [متأخرا] لجعل الملكية من حين العقد بحيث يكون ظرف الجعل هو حين العقد السابق على الاجازة وهذا المعنى بمعزل عن كلمات المشهور في باب الكشف والنقل للإجازة فراجع إليه.

ولقد اختاره شيخنا العلامة أعلى الله مقامه في مكاسبه حيث ابطل كشف الفصول وارجع الكلمات إلى الكشف بالمعنى الأول المنسوب إلى المشهور. ولكن في ايراده عليه [بزعم] كون أمثال هذه الامور الجعلية بالنسبة إلى مناشئها من باب التأثير والتأثر كمال المناقشة ولا ضير فيه. نعم لا بأس بناء على كون أمثال الملكية من قبيل الملازمات الواقعية لا الاعتبارية المحضة كما أشرنا إليه في باب الوضع فتدبر.

تتميم فيه تحقيق وهو انه بعدما عرفت اختلاف انحاء الدخل في المقدمات لك أن تقول باختلاف مناط ترشح الطلب الغيري ولازمه اعتبار نحو اختلاف وميز في الوجوبات الغيرية بملاحظة اختلاف مناطها وحينئذ يلحظ كل واحد من هذه المناطات من حيث قيامها بواحد أو بمتعدد وبتبعه يعتبر في وجوبه أيضا كذلك. وحينئذ يرفع بهذا البيان اشكال مشهور آخر في جعلهم - في باب المقدمة - بعضها واجبا واحدا مركبا وبعضها غير مركب كما ترى في غسل الاحداث والاخباث بناء على اعتبار التعدد. وملخص الاشكال هو أن مناط المقدمية ان كان بترتب وجود المعلول عليه مستقلا فهذا المعنى غير صادق على الغسلين وان كان المناط بترتب العدم على العدم فهذا المعنى صادق على واحد من أجزاء الوضوء أيضا فما وجه التفكيك بين هذه الاجزاء مع غسل الاخباث؟. وحل ذلك ليس إلا بما ذكرنا من البيان. وربما أجابوا عن هذه الشبهات بأن اختلاف نحوي الوجوب بكيفية النظر إلى الجميع منضما أو منفردا ولقد عرفت أن النظر باختلافه لا يصلح لتغيير الواجب عما هو عليه من الوجوب فراجع إلى بحث اجزاء المركب فتدبر.

_____________________
(1) الفصول الغروية: 55، السطر 29 من الطبعة الحجرية.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.