أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
2858
التاريخ: 30-8-2016
5859
التاريخ: 13-7-2020
1983
التاريخ: 9-7-2020
2038
|
إذا تعقّب العام ضمير يرجع إلى بعضه، فهل يوجب ذلك تخصيصه أو لا؟
وقد اشتهر التمثيل لذلك بقوله تعالى في سورة البقرة (228) {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] فالضمير في بعولتهنّ راجع إلى خصوص الرجعيات من المطلّقات لا إلى المطلّقات مطلقاً، فهل عود الضمير إلى بعض أفراد المطلّقات ممّا يوجب تخصيصها به ويكون المراد منها هو خصوص الرجعيّات فيختصّ التربّص بهنّ فقط، أو لا يوجب ذلك بل المراد منها مطلق المطلّقات، وبعبارة اُخرى: هل نأخذ بأصالة العموم فلا يوجب إرجاع الضمير إلى البعض تخصيص المطلّقات، أو نأخذ بأصالة عدم الاستخدام فيكون إرجاعه إلى البعض موجباً للتخصيص؟ ففيه: أقوال وذكر المحقّق النائيني(رحمه الله) في المقام ثلاثة أقوال، وللمحقّق الخراساني(رحمه الله) هنا قول بالتفصيل لو أخذناه قولا آخر تكون الأقوال في المسألة أربعة.
أوّلها: تقديم أصالة العموم والالتزام بالاستخدام.
ثانيها: تقديم أصالة عدم الاستخدام والالتزام بالتخصيص.
ثالثها: عدم جريان كليهما، أمّا أصالة عدم الاستخدام فلاختصاص مورد جريانها بما إذا كان الشكّ في المراد، فلا تجري فيما إذا شكّ في كيفية الإرادة مع القطع بنفس المراد كما هو الحال في جميع الاُصول اللفظيّة، وأمّا عدم جريان أصالة العموم فلاكتناف الكلام بما يصلح للقرينة، فيسقط كلا الأصلين عن درجة الاعتبار.
ورابعها: ما يظهر عن المحقّق الخراساني (رحمه الله) حيث قال: وليكن محلّ الخلاف ما إذا وقع العام والضمير العائد إلى بعض أفراده في كلامين أو في كلام واحد مع استقلال العام بحكم يختصّ به كما في الآية الشريفة، وأمّا إذا كانا في كلام واحد وكانا محكومين بحكم واحد كما لو قيل: «والمطلّقات أزواجهنّ أحقّ بردهنّ» فلا ينبغي الريب في تخصيص العام به.
أقول: الظاهر أنّ هذا من قبيل توضيح الواضح وإخراج ما لا يتصوّر النزاع فيه عن محلّ النزاع، لأنّ محلّ الخلاف ما إذا كان في البين حكمان: أحدهما عام والآخر خاصّ، وأمّا إذا كان الحكم واحداً كما في المثال الذي ذكره (والمطلّقات أزواجهنّ أحقّ بردهنّ) فلا يعقل النزاع حينئذ كما لا يخفى، هذا أوّلا.
وثانياً: لا يتصوّر النزاع أيضاً فيما إذا وقع العام والضمير في كلامين بل لابدّ من كونهما في كلام واحد، لأنّه إذا جيء بالعام في كلام واُريد أن يؤتى بالخاص بعد ساعة مثلا في كلام مستقلّ فلا وجه بل لا معنى لإتيانه بالضمير، بل يؤتى على القاعدة بالاسم الظاهر كما لا يخفى، ولو استعمل الضمير حينئذ كان المرجع فيه ما ثبت في الذهن لا الكلام المنفصل عنه.
ثمّ إنّ مختار المحقّق الخراساني (رحمه الله) تقديم أصالة العموم على أصالة عدم الاستخدام، وبعبارة اُخرى: ترجيح أصالة الظهور في طرف العام على أصالة الظهور في طرف الضمير، والسرّ فيه ما اُشير إليه من أنّ المتيقّن من بناء العقلاء الذي هو مدرك أصالة الظهور هو اتّباعها في تعيين المراد لا في تعيين كيفية الإرادة والاستعمال بعد ظهور المراد، والمراد في طرف العام غير معلوم، إذ لم يعلم أنّه اُريد منه العموم أو اُريد منه الخصوص فتكون أصالة الظهور حجّة فيه، بخلاف المراد في جانب الضمير فإنّه معلوم على كلّ حال، لأنّ أحقّية الزوج بردهنّ هي للرجعيّات لا محالة، ولكن كيفية الاستعمال مشكوكة، إذ لم يعلم أنّ العام قد اُريد منه الخصوص ليكون استعمال الضمير على نحو الحقيقة أو اُريد منه العموم وأنّ الضمير قد رجع إلى بعض ما اُريد من المرجع بنحو الاستخدام؟ مختار للمحقّق الخراساني(رحمه الله) في المقام هو تقديم أصالة العموم، وقد فصّل بين ما إذا عقد للكلام ظهور في العموم كما إذا كان العام والضمير في كلامين مستقلّين، وبين ما إذا كان الكلام محفوفاً بما يصلح للقرينيّة فلا ينعقد للعام ظهور في العموم أصلا كما إذا كان العام والضمير في كلام واحد، فإنّ أصالة العموم تجري في القسم الأوّل ولا تجري في القسم الثاني بل يصير الكلام فيه مجملا يرجع في مورد الشكّ إلى الاُصول العمليّة، فظهر أنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله)يفصّل بين ما إذا كان العام والضمير في كلامين وما إذا كانا في كلام واحد.
أقول: بناءً على ما مرّ من أنّ محلّ النزاع هو ما إذا كان العام والضمير في كلام واحد يرجع
قول المحقّق في الحقيقة إلى القول الثالث في المسألة، وهو سقوط كلا الأصلين عن الاعتبار، هذا أوّلا.
وثانياً: أنّ الآية المباركة وأمثالها خارجة عن محلّ النزاع كما أفاد في تعليقات الأجود(1) لأنّ ما هو المعلوم من الخارج إنّما هو اختصاص الحكم المذكور في الآية المباركة بقسم خاصّ من المطلّقات، وأمّا استعمال الضمير الراجع إلى العام في خصوص ذلك القسم فهو غير معلوم، فلا موجب لرفع اليد عن أصالة العموم أو عن أصالة عدم الاستخدام أصلا.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني (رحمه الله) ذهب أيضاً كالمحقّق الخراساني (رحمه الله) إلى تقديم أصالة العموم، واستدلّ له بثلاثة وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ لزوم الاستخدام في ناحية الضمير إنّما يبتني على أن يكون العام المخصّص مجازاً، لأنّه على ذلك يكون للعام معنيان: أحدهما معنى حقيقي، وهو جميع ما يصلح أن ينطبق عليه مدخول أداة العموم، وثانيهما معنى مجازي وهو الباقي من أفراده بعد تخصيصه، فإذا اُريد بالعام معناه الحقيقي وبالضمير الراجع إليه معناه المجازي لزم الاستخدام، وأمّا إذا قلنا بأنّ تخصيص العام لا يستلزم كونه مجازاً كما هو الصحيح فلا يكون للعام إلاّ معنى واحد حقيقي، وليس له معنى آخر حقيقي أو مجازي ليراد بالضمير الراجع إليه معنى مغاير لما اُريد من نفسه ليلزم الاستخدام في الكلام.
الوجه الثاني: أنّ الاُصول العقلائيّة إنّما تجري عند الشكّ في المراد، وفي المقام لا شكّ في المراد من الضمير وأنّ المراد منه المطلّقات الرجعيّات، وبعد العلم بما اُريد من الضمير لا تجري أصالة عدم الإستخدام حتّى يلزم التخصيص في ناحية العام.
إن قلت: أنّ أصالة عدم الإستخدام وإن لم تجر بالإضافة إلى نفي الإستخدام في نفسه لعدم ترتّب الأثر عليها بعد معلوميّة المراد كما ذكر إلاّ أنّها تجري بالإضافة إلى إثبات لازم عدم الاستخدام، أعني به إرادة الخاصّ من العموم، ونظير المقام ما إذا لاقى البدن ثوباً مثلا مع الرطوبة ثمّ خرج الثوب عن محلّ الابتلاء وعلم بنجاسة ذلك الثوب قبل تحقّق الملاقاة مع الشكّ في عروض المطهّر له إلى حال الملاقاة فإنّه لا ريب في أنّه يحكم بالفعل بنجاسة البدن الملاقي لذلك الثوب وإن كان نفس الثوب خارجاً عن محلّ الابتلاء أو معدوماً في الخارج فاستصحاب نجاسة الثوب وإن كان لا يجري لأجل التعبّد بنجاسة نفس الثوب لأنّ ما هو خارج عن محلّ الابتلاء أو معدوم في الخارج غير قابل لأن يتعبّد بنجاسته في نفسه، إلاّ أنّه يجري باعتبار الأثر اللازم لمجراه أعني به نجاسة البدن في المثال، فكما أنّ الأصل العملي يجري لإثبات ما هو لازم مجراه وإن لم يكن المجري في نفسه قابلا للتعبّد، كذلك الأصل اللفظي يجري لإثبات لوازم مجراه وإن لم يكن المجري في نفسه مورداً للتعبّد، وعليه فلا مانع من جريان أصالة عدم الاستخدام لإثبات لازم مجريها، أعني به إرادة الخاصّ ممّا يرجع إلى الضمير في محلّ الكلام.
قلت: قياس الأصل اللفظي بالأصل العملي في ما ذكر قياس مع الفارق لأنّ الأصل العملي إنّما يجري لإثبات الآثار الشرعيّة ولو بألف واسطة، بخلاف المقام فإنّ إرادة الخاصّ من العام ليست من آثار عدم الاستخدام شرعاً بل هي من لوازمه عقلا، والأصل المثبت وإن كان حجّة في باب الاُصول اللفظيّة، إلاّ أنّه من الواضح أنّ إثبات لازم عقلي بأصل فرع إثبات ملزومه، فالأصل اللفظي إذا لم يمكن إثبات الملزوم به لم يمكن إثبات لازمه به أيضاً لأنّه فرعه وبتبعه.
الوجه الثالث: أنّ استفادة الرجعيّات في قوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)ليس من نفس الضمير، بل يستفاد ذلك من عقد الحمل وهو قوله تعالى: «أحقّ بردهنّ» حيث إنّه معلوم من الخارج أنّ ما هو الأحقّ بالردّ هو خصوص الرجعيّات، فالضمير لم يرجع إلى الرجعيّات بل رجع إلى نفس المطلّقات وكأنّ استفادة الرجعيّات من عقد الحمل، فيكون من باب تعدّد الدالّ والمدلول، فأين الاستخدام المتوهّم(2)؟ (انتهى).
أقول: وفي كلامه مواقع للنظر:
الأوّل: (في جوابه عن قياس الاُصول اللفظيّة بالأصول العمليّة في ذيل الوجه الثاني) أنّه لا دخل لكون الأصل في المقام مثبتاً أو غير مثبت ولا حاجة إليه في الجواب، بل العمدة أنّ الاُصول اللفظيّة (لكون مجريها هو الشكّ في المراد) لا تجري في أمثال المقام سواء كان لها لازم أو لم يكن، وسواء قلنا بحجّية مثبتات الأمارات أو لم نقل.
الثاني: (بالنسبة إلى قوله في الوجه الأوّل) أنّه ليس الكلام في كون العام المخصّص مجازاً أو ليس بمجاز، إنّما الكلام في أنّ مقتضى أصالة عدم الاستخدام كون العام مستعملا في الباقي بحسب الإرادة الاستعماليّة، وبالجملة أصالة الحقيقة في العام وأصالة الحقيقة في الضمير تتعارضان فأيّتهما تقدّم على الاُخرى؟
الثالث: (في قوله في الوجه الثالث) أنّه يتمّ ويحلّ الإشكال بالنسبة إلى الضمير الأوّل، وهو الضمير في بعولتهن، وأمّا بالنسبة إلى الضمير الثاني ـ وهو الضمير في «بردهنّ» فيبقى الإشكال على حاله حيث إن مرجعه أيضاً هو المطلّقات، وإذا كانت الأحقّية مختصّة بالرجعيّات يرجع الضمير بعدها لا محالة إلى خصوص الرجعيّات كما لا يخفى.
ثمّ إنّه لقد أجاد في التهذيب حيث قال: «كلّ من الضمير في قوله تعالى: وبعولتهنّ أحقّ بردهنّ وكذلك المرجع قد استعملا في معانيهما، بمعنى أنّه أطلق المطلّقات واُريد منها جميعها وأطلق لفظة «بردهنّ» واُريد منها تمام أفراد المرجع، ثمّ دلّ الدليل على أنّ الإرادة الاستعماليّة في ناحية الضمير لا توافق الإرادة الجدّية، فخصّص بالبائنات وبقيت الرجعيّات بحسب الجدّ، وحينئذ لا معنى لرفع اليد عن ظهور المرجع لكون المخصّص لا يزاحم سوى الضمير دون مرجعه، فرفع اليد عنه رفع عن الحجّة بلا حجّة»(3).
_________________
1. راجع أجود التقريرات: ج1، ص495.
2. راجع الأجود: ج1، ص492 ـ 495; وفوائد الاُصول: ج1، ص552 ـ 553.
3. تهذيب الاُصول: ج2،ص51، طبع مهر.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
الزائرون يحيون ليلة الجمعة الأخيرة من شهر ربيع الآخر عند مرقد أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)
|
|
|