المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8092 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون}
2024-11-02
تطهير الثوب والبدن والأرض
2024-11-02
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02

قصة كيف صار أوريون من ساكني السماء.
2023-11-21
تنشئة مواليد الأغنام
26-1-2016
The photographic plate: Spatial resolution
23-8-2020
أغراض الشعر
1-04-2015
بلدة(رعمسيس)
2024-09-08
Imperative clauses
2023-03-10


أقسام الخبر باعتبار الراوي  
  
950   12:02 مساءاً   التاريخ: 18-8-2016
المؤلف : محمّد مهدي النراقي 
الكتاب أو المصدر : أنيس المجتهدين
الجزء والصفحة : ج1ص 255.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016 1014
التاريخ: 5-9-2016 967
التاريخ: 5-9-2016 1125
التاريخ: 5-9-2016 988

الخبر إن كان رواته إماميّين ممدوحين بالتوثيق فصحيح. وبدونه كلاً أو بعضاً مع توثيق الباقي فحسن. وإن لم يكونوا إماميّين كلاّ أو بعضا مع توثيق الكلّ فموثّق. وما سوى الثلاثة ، فضعيف.

فيشمل (1) ما في طريقه غير إماميّ مجروح بالكذب أو فسق آخر ، أو ممدوح بغير التوثيق ، أو مسكوت عنه ؛ وإماميّ مجروح بالكذب أو فسق آخر ، أو مسكوت عنه ؛ والمسكوت عنه مذهبا مع كونه مذموما بالكذب أو فسق آخر ، أو ممدوحا بغير التوثيق ؛ و (2) المسكوت عنه مطلقا.

وربّما خصّ الأخير باسم المجهول. والأمر فيه هيّن ؛ لكونه قسما من الضعيف ، مخصوصا بهذا الاسم لمناسبة له ، بل لا نمنع إطلاق المجهول على بعض آخر من أقسام الضعيف ، وهو ما في طريقه المجهول من جهة واحدة.

وقد يسمّى الموثّق ، ومرويّ الإماميّ غير الممدوح ولا المذموم ـ كنوح بن درّاج ، وأحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، وأمثالهما ـ قويّا.

وقد يطلق الصحيح على جملة من الأسناد جامعة للشرائط وإن اعتراه بعد ذلك إرسال أو قطع ، فيضاف إلى راو معيّن جمع السند إليه الشرائط ، سواء كان هو بصفة رجال الصحيح ـ وهو الأكثر ـ كما يقال : صحيحة ابن أبي عمير عن رجل ، أم لا ، كما يقال : صحيحة أبان بن عثمان.

ومن هذا القبيل ما في كتب الرجال أنّ طريق الفقيه إلى خالد بن نجيح ، ومعاوية بن ميسرة ، وعائذ الأحمسي وغيرهم ممّن لم يوثّق ، صحيح.

وقد لا يضاف ، بل هكذا يقال : روى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن رجل. والمقصود أنّ لفظ « الصحيح » كما يطلق على جميع السند الجامع للشرائط ـ كما يقال : صحيحة زرارة عن الباقر (عليه ‌السلام) ، وروى زرارة في الصحيح عنه (3) ـ يطلق على بعض منه يكون جامعا لشرائط الصحّة وإن حدث بعده ما ينافيها ، كما ذكر (4).

وهذا الحكم آت في كلّ من الموثّق والحسن.

واعلم أنّ لكلّ واحد من الأنواع الأربعة درجات مختلفة :

فالصحيح الذي رواه الفقيه الورع الضابط ـ كابن أبي عمير وزرارة ومحمّد بن مسلم وأضرابهم ـ أصحّ ممّا رواه غيرهم.

والحسن الذي رواه الممدوح كثيرا ـ كإبراهيم بن هاشم ـ أحسن من غيره.

والموثّق الذي رواه من له توثيق متين (5) ـ كعليّ بن فضّال وأبان بن عثمان ـ أقوى من غيره.

والضعيف إذا كان جميع رواته فاسدي المذهب ، مجروحين بالكذب أيضا ، أضعف ممّا بعض رواته كذلك ، وهو أضعف ممّا كان بعض رواته فاسد العقيدة وإن لم يكن مجروحا بالكذب ، وهو أضعف ممّا كان بعض من في طريقه مجهولا مطلقا. وقس عليها أمثالها.

ويظهر الفائدة في مقام التعارض والترجيح.

تتمّة : في بيان أسباب الحسن وحجّيّته :

لا كلام في حجّيّة الخبر الصحيح وكونه مؤسّسا للحكم الشرعي بالشروط المتقدّمة (6) ، وقد ظهر حجّيّة الموثّق أيضا.

وأمّا الحسن ، فالتحقيق فيه أنّ سبب الحسن إن كان ممّا يظهر منه التثبّت وحصول الظنّ المعتبر بالعدالة أو الوثاقة ، فمقبول ، وإلاّ فلا. مثلا : إذا كان أسباب الحسن قولهم : « صدوق » أو « حجّة » أو « حديثه ممّا يحتجّ به » أو « صالح الحديث » أو « المسكون إلى روايته » يفيد التثبّت وظنّ الوثاقة. وكذا « مشكور » و « خيّر » أو (7) « ديّن » أو (8) « متقن » أو « ثبت » أو « ضابط » أو « حافظ » أو « صالح » أو (9) « زاهد » ظاهرا. وللمنع فيها مجال خصوصا في الأخيرين.

وأمّا « شيخ » أو « عالم » أو « فاضل » أو « جليل » ، فلا يفيد المطلوب ، وإن أمكن القول به (10) في الأخيرين.

قيل : وفي الأوّل أيضا إن اريد به المتقدّم في رئاسة الحديث (11).

وفيه تأمّل.

وقولهم : « عين » و « وجه » ، قيل : يفيد الوثاقة في عرفهم (12). وأقوى منهما قولهم : « وجه من وجوه أصحابنا ».

وأمّا « شيخ الإجازة » فالمشهور عدم إفادته الوثاقة. وقال بعضهم : إنّ مشايخ الإجازة ـ لظهور وثاقتهم ـ لا يحتاجون إلى النصّ على توثيقهم (13).

وهو محلّ نظر.

وقولهم : « لا بأس به » إن أريد به نفي البأس عن جميع الوجوه ـ كما هو الظاهر ـ أو عن رواياته ، فيفيد المطلوب ؛ ولذا نقل عن بعض المحدّثين أنّه قال : إذا قلت : « ليس به بأس » فهو ثقة (14). وإن اريد نفي البأس عن مذهبه ، فلا. وربما قيل : نفي البأس يوهم البأس (15).

وقولهم : « اسند عنه » ـ أي سمع منه الحديث على وجه الاستناد ـ مدح لا يفيد الوثاقة.

وكذا قولهم : « خاصّيّ » و « قريب الأمر ». وربما يفيد الثاني عدم دخوله في المذهب بعد. وكذا قولهم : « يكتب حديثه » و « ينظر فيه » أي لا يطرح حتّى ينظر فيه ليعرف حاله.

وقولهم : « سليم الجنبة » إن اريد به سليم الأحاديث ، فيفيد المطلوب. وإن اريد به سليم الطريقة ، فلا.

وقولهم : « مضطلع بالرواية » ـ أي قويّ عليها ـ ربما أفاد وثاقة ما. وأقوى منه قولهم : « بصير بالرواية ». وكذا قولهم : « فقيه من فقهائنا ». وقول النجاشي في ترجمة إسماعيل بن عبد الخالق (16) ربما دلّ على ذلك.

ولا يخفى أنّ هذا اللفظ لغة لا يفيد المطلوب ، إلاّ أن يقال بإفادته في عرفهم. وأدون منه قولهم : « فقيه ».

وقولهم : « أوجه من فلان » أو « أصدق منه » يفيد الوثاقة إذا كان المفضّل عليه وجيها ، أو صادقا. وأقوى منهما : « أوثق منه ».

وقولهم : « معتمد الكتاب » أو « الأصل » يفيد الوثاقة ظاهرا.

وأمّا قولهم : « له كتاب » أو « أصل » لا يفيد سوى المدح. والفرق بين الكتاب والأصل :

أنّ الثاني مجمع عبارات الحجج (عليهم ‌السلام) فقط من غير استنباط واستدلال من صاحبه ، والأوّل جامع للأمرين ، فالمدح بأنّ له كتابا أزيد منه بأنّ له أصلا ؛ لاستلزامه علوّ رتبته في الفهم.

وهنا امور أخر جعلها بعض الأصحاب أسباب الوثاقة (17) :

منها : كون الراوي وكيلا لواحد من الأئمّة (عليهم ‌السلام) ؛ لما قيل إنّهم لا يجعلون الفاسق وكيلا (18).

ومنها : كونه كثير الرواية ؛ للخبر المشهور (19).

ومنها : كونه ممّن ترك مشاهير (20) القدماء رواية ثقة محتجّين بروايته و (21) مرجّحين لها عليها ، أو أكثروا الرواية عنه وأفتوا بمضمونها.

ومنها : روايته عن المعتبر ، ورواية المعتبر عنه ، سيّما إذا كان ممّن يطعن في رواية الضعفاء والمجاهيل ، كأحمد بن محمّد بن عيسى ، أو كان ممّن ذكر الشيخ أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ، كابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، أو كان ممّن ذكر في ترجمته أنّه لا يروي إلاّ عن الثقات ، أو قلّ ما يروي عن الضعفاء ، كجعفر بن بشير ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، ومحمّد بن إسماعيل بن ميمون ، ونظرائهم.

ومنها : اعتماد القمّيين عليه ؛ فإنّهم يخرجون من قم من يروي عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل.

ومنها : رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عنه ، ولم يكن ممّا استثناه القمّيون ، وروايته عن يونس بن عبد الرحمن ، وكان غير العبيدي ؛ فإنّ تنصيصهم على اختلال فيما يرويه عنه يشعر باعتمادهم على رواية غيره عنه ، كإسماعيل بن مرّار ، وصالح بن السندي.

والضابط أنّ الحكم باختلال (22) في بعض من يروي عنه معيّن ، والسكوت عمّن سواه ، أو في بعض من يروي عن معيّن (23) ، والسكوت عمّن عداه يشعر بوثاقة من سكت عنه.

وفيه نظر ظاهر.

ومنها : أن يروي عنه ثقة مترحّما ، أو مترضّيا عليه.

ومنها : كونه في طريق خبر حكم بعض المشايخ بصحّته ، ولذا وثّق بعضهم ابن الغضائري (24) ؛ نظرا إلى أنّ العلاّمة (رحمه ‌الله) صحّح خبرا هو في طريقه (25).

ومنها : أن يجعله المشايخ معرّفا للثقة.

ومنها : أن يكون أكثر رواياته سديدة.

ومنها : اعتماد بعض المشايخ عليه ، كعليّ بن محمّد بن قتيبة ، فإنّ الكشّي اعتمد عليه (26).

ومنها : وقوعه في طريق خبر وقع الطعن على سنده من غير جهته.

ولا يخفى أنّ بعض هذه الوجوه ربما أفاد وثاقة ما ، وبعضها يفيد مدحا فقط ، وربما أفاد بعضها قوّة. ولا يخفى كيفيّة الحال على الماهر.

وإذا عرفت أنّ أسباب الحسن مختلفة في إفادة الوثاقة وعدمها ، فالحكم بحجّيّة الحسن مطلقا ـ كما ذهب إليه جماعة (27) ـ أو بعدم حجّيّته كذلك ـ كما ذهب إليه آخرون (28) ـ لا وجه له.

أمّا الأوّل ؛ فلأنّ السبب إذا كان مدحا لم يفد الوثاقة ، لا يثبت منه العدالة ولا التثبّت الظنّي ، فلا وجه لكونه مقبولا.

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ السبب إذا كان مدحا أفاد الوثاقة ، يوجب التثبّت وحصول الظنّ بالصدق ، فيجب قبوله وإن لم يثبت منه العدالة. والبصير يعلم أنّ المعتبر في قبول الخبر صدق مخبره ، ولا مدخليّة لسائر أفعال الجوارح والاعتقاد ، كما صرّح به الشيخ في العدّة (29). فإذا عرف صدقه ، كان خبره مقبولا وإن كان فاسد العقيدة ، ومذموما في بعض الأفعال. وإن لم يعرف صدقه ، لم يكن خبره مقبولا وإن كان صحيح الاعتقاد وممدوحا في بعض الأفعال. والسرّ في اشتراط العدالة هو استلزامها الصدق ، واستبعاد اجتماع الفسق بالجوارح مع الصدق.

ثمّ الحجّيّة والقبول إذا لم يكن شاذّا ولا معارضا بغيره ، ومع الشذوذ والمعارضة يجب الطرح وطلب المرجّح.

وعمل طائفة من الأخباريين بالأخبار الشاذّة (30) ؛ بناء على عدم حجّيّة الإجماع عندهم ، وستعلم الحال (31).

هذا ، وأمّا الضعيف بأقسامه ، فلا ريب في عدم كونه مقبولا وإن كان قويّا ؛ والسرّ ظاهر.

نعم ، الحقّ أنّه إذا انجبر بعمل الأصحاب سيّما القدماء منهم ، يكون مقبولا ؛ لحصول التثبّت والعثور على كونه معتمدا عليه ، وليس الحجّة حينئذ هو عمل القوم ؛ لأنّه ليس حجّة إذا لم يكن إجماعا ، بل الخبر المنجبر ؛ لما ذكر (32). ولا استبعاد بعد الدليل في عدم حجّيّة أمر ، وصيرورته حجّة بعد اقترانه بأمر آخر وإن لم يكن هو حجّة مستقلّة.

فائدة : في التسامح في أدلّة السنن :

المشهور بين العامّة والخاصّة التسامح في أدلّة السنن ، فيقبلون الخبر الضعيف في المستحبّ والمكروه ، ونحو المواعظ والقصص إذا لم يبلغ الضعف حدّ الوضع. وهو حقّ.

لنا : ما رواه الفريقان عن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم) أنّه قال : « من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بما فيها إيمانا بالله ورجاء ثوابه ، أعطاه الله تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك » (33).

وما روي في الكافي بسند حسن ، وفي المحاسن بسند صحيح عن الصادق (عليه ‌السلام) أنّه قال : « من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه ، كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه » (34). وفي معناهما أخبار أخر (35) ، فالعمل بالأدلّة الضعيفة في السنن ليس حقيقة بها ، بل بما ذكر مع اعتضاده بالشهرة القويّة.

والإيراد عليه بوجوه :

منها : أنّه إثبات أصل بظاهر.

وقد عرفت جوازه (36) ، سيّما إذا كان الظاهر معتضدا بعمل المعظم.

ومنها : أنّ المفهوم من الأخبار أنّه إذا روي ثواب لعمل ففعل رجاء له ، يثاب وإن كان ما روي خلاف الواقع ، لا إذا روي أصل العمل من دون رواية ثوابه ، فلا يلزم منها جواز العمل بالسنن التي لم يرو ثوابها ، كما هو شأن أكثرها.

وجوابه : أنّها لا تنفكّ عن أمر الشارع بها ، وهو يستلزم الثواب ، فمن امتثل الأمر رجاء للثواب يؤتى به.

ومنها : أنّ الثواب كما يترتّب على المستحبّ يترتّب على الواجب أيضا ، فلا وجه لتخصيصها بالأوّل.

وجوابه : أنّ الثواب إنّما يستلزم رجحان الفعل فقط ، ولا دلالة له بإحدى الثلاث على فساد في تركه ، فإن عمّم الثواب بحيث يشمل الواجب يلزم اعتبار هذا القيد في بعض الأفراد مع أنّ الأصل عدمه. فالمفهوم من الأخبار حينئذ جواز العمل في المستحبّ برواية العدل ، والفاسق ، والمجهول ؛ نظرا إلى تعميم البلوغ والسماع ، والأوّل روايته مسموعة في الوجوب والتحريم أيضا ، فبقي روايتهما مقصورة في المستحبّ. فإذا ورد أمر بطريق ضعيف كان فعله مستحبّا لنا ، بمعنى أنّ الحكم بالنسبة إلينا الاستحباب ؛ للأخبار المذكورة لا أنّ الأمر يقتضيه. وهذا هو السرّ في حمل الفقهاء الأوامر الواردة بطرق (37) ضعيفة على الاستحباب.

وربما يقال : إنّ الأوامر الواردة بطرق (38) ضعيفة والمعارضة بغيرها ، لمّا احتملت الوجوب ـ وإن لم يكن ثابتا ـ ينبغي فيها الاحتياط ، وهو مستحبّ عند الأكثر ، فلذا يحملها الفقهاء على الاستحباب. وهذا في الحقيقة دليل على حدة على جواز التسامح في أدلّة السنن.

ثمّ فهم العمل بالمكروه من الأخبار المذكورة ؛ بناء على أنّ سماع شيء من الثواب يشمل الفعل والترك.

هذا ، واحتجّ الخصم بآية التثبّت (39).

والجواب : أنّ بينها وبين الأخبار المذكورة عموما وخصوصا من وجه ، فيجب تخصيص أضعفهما بالأقوى ، ولا ريب في أنّ القوّة للأخبار ؛ ولاستفاضتها واعتضادها بالشهرة القويّة ، وبما ذكرنا (40) أخيرا (41) ، مع أنّ المفهوم من الآية عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبّت ، والعمل به فيما نحن فيه ليس عملا بلا تثبّت ، بل به للأخبار المعاضدة بعمل المعظم ، فلا تعارض.

ثمّ بعض الأصحاب (42) جوّز الرجوع إلى أخبار العامّة في السنن ؛ نظرا إلى ما ذكر.

وهو مشكل ؛ لما ورد من المنع عن الرجوع إليهم ، والعمل بأخبارهم (43).

وكيفيّة التفريع ظاهرة ؛ فإنّه يحكم باستحباب الوضوء لتلاوة القرآن ؛ لبعض الأخبار الضعيفة (44) ، وحمل المصحف (45) ؛ للشهرة والتعظيم ، وزيارة القبور ؛ للشهرة.

وقيل : ورد به رواية أيضا (46). وقس عليها أمثالها.

تذنيب : في بيان حجّيّة الخبر في عرف القدماء :

قيل : تنويع الخبر إلى الأنواع المذكورة (47) لم يكن في عرف القدماء ، بل كان دأبهم العمل بالصحيح فقط. وهو في اصطلاحهم ما اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه ، واعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه. إمّا بوجوده في كثير من الاصول المعروفة ، أو بتكرّره في أصل أو أصلين بطرق مختلفة.

وإمّا باندراجه في أحد الكتب التي عرضت على الأئمّة (عليهم ‌السلام) ، وأثنوا على مؤلّفها (48) ، ككتاب عبيد الله بن علي الحلبي المعروض على الصادق (عليه ‌السلام) (49) ، وكتابي (50) يونس بن عبد الرحمن (51) والفضل بن شاذان المعروضين على العسكريّ (عليه ‌السلام) (52).

أو بوروده عن أحد الجماعة التي (53) أجمعوا على تصديقهم ، أو تصحيح ما يصحّ عنهم ، أو العمل بروايتهم ، كزرارة ، وصفوان بن يحيى ، وعمّار الساباطي وأضرابهم.

أو بأخذه من الكتب التي اعتمد السلف عليها سواء كان مؤلّفها (54) من الإماميّة ـ ككتاب الصلاة لحريز ، وكتب ابني سعيد وعليّ بن مهزيار ـ أو غير الإماميّة ، ككتاب حفص بن غياث القاضي وأمثاله.

وعلى هذا جرى المحمّدون الثلاثة ، حتّى أنّ الشيخ في العدّة جعل من علامة صحّة الأخبار موافقتها لأدلّة العقل ، أو لنصّ الكتاب ـ إمّا خصوصه ، أو عمومه ، أو دليله ، أو معناه ، أو صريحه ، أو فحواه ـ أو للسنّة المقطوع بها ، أو لما أجمعت الفرقة عليه. إلى أن قال : فهذه القرائن تدلّ على صحّة متضمّن أخبار الآحاد لا على صحّتها في نفسها (55).

والتنويع المذكور إنّما حدث من المتأخّرين ؛ لما خفي عليهم أكثر الامور المذكورة ، ولم يمكنهم تحصيل القرائن الميسّرة للقدماء. وأوّل من قرّره العلاّمة ، أو ابن طاوس على اختلاف النقلين (56).

ثمّ ربما طعن بعض الناس على هذا الاصطلاح (57).

ولا ريب أنّه نشأ عن قلّة التدبّر ؛ فإنّ الفرق بين الأقسام الأربعة والحكم بحجّيّة بعضها دون بعض ممّا يدلّ عليه الكتاب (58) ، كما عرفت (59). وفي أخبارنا أيضا ما يدلّ عليه (60). ولا مجال للكلام على التسمية ، سيّما مع المناسبة.

والحقّ : أنّه كان متعارفا عند القدماء أيضا ؛ فإنّ الكشّي ، وابن الغضائري ، والنجاشي ، والشيخ منهم ، مع أنّهم يقولون في كتبهم : فلان « ثقة » أو « عدل » أو « صالح » أو « صحيح الحديث » أو « ضعيفة » وأمثالها. وهذا بعينه مراد المتأخّرين من الأنواع الأربعة.

والامور المذكورة المتعارفة عند القدماء إنّما هي من القرائن المفيدة للعلم أو الظنّ ، وهي أيضا ممّا يصحّ الاعتماد عليه لمن تمكّن من تحصيله (61). فالقدماء لمّا تمكّنوا من تحصيلها ، يعتمدون عليها في تمييز الحديث وعلى التنويع المذكور أيضا ؛ لعدم المنافاة. والمتأخّرون لمّا لم يتمكّنوا من تحصيلها ، قصروا تميّزه على الثاني.

_____________

 (1) الضمير المستتر راجع إلى الضعيف.

(2) في « ب » : « أو ».

(3) في « ب » : « عنه (عليه ‌السلام) ثمّ ».

(4) تقدّم آنفا : « وإن اعتراه بعد ذلك إرسال ».

(5) في « ب » : « مبين ».

(6) تقدّم آنفا.

(7 ـ 9) في « ب » : « و ».

(10) أي إفادة المطلوب. والأولى : « بها ».

(11) ذكر أحمد البصري في فائق المقال : 34 لفظ « شيخ » في ذيل عنوان « ألفاظ التعديل » ثمّ قال : « فيفيد المدح المطلق ».

(12) نسبه البهبهاني إلى مصنّف الرجال الكبير والوسيط في ترجمة الحسن بن زياد وجدّه المجلسي الأوّل في فوائده ( ضمن رجال الخاقاني ) : 64 ، آخر الفائدة 4. واستظهره من المحقّق الداماد في الحسين بن أبي العلاء واختاره أخيرا أيضا.

(13) منهم : الشهيد الثاني في شرح البداية : 122 ، والشيخ سليمان البحراني في معراج أهل الكمال : 88 ، والوحيد البهبهاني في فوائده ( ضمن رجال الخاقاني ) : 44 و 45 ، الفائدة 3.

(14) نقله الشهيد الثاني في هامش شرح البداية : 122 عن ابن معين.

(15) نسبه الشهيد الثاني إلى المشهور في شرح البداية : 122.

(16) رجال النجاشي : 27 ، الرقم 50.

(17) راجع فائق المقال : 34.

(18) قاله السيّد الأعرجي في عدّة الرجال 1 : 134.

(19) وهو قوله (عليه ‌السلام) : « اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر رواياتهم عنّا ». أو قوله (عليه ‌السلام) : « اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا ». أو قوله (عليه ‌السلام) : « اعرفوا منازل الناس منّا على قدر رواياتهم عنّا » ، اختيار معرفة الرجال : 3 ، ح 1 ـ 3.

(20) في « ب » : « مشاهر ».

(21) في « ب » : « أو ».

(22) في هامش « أ » : « هو اختلال من واحد من الاصول ».

(23) في هامش « أ » : « هو اختلال من واحد من الفروع ».

(24) نسبه الكلباسي إلى البهائي في الرسائل الرجاليّة 2 : 416.

(25) لم نعثر على كلامه.

(26) ولذا نقل عنه في اختيار معرفة الرجال كثيرا يبلغ عدد المواضع ثمانية وأربعين موضعا.

(27) منهم : النواوي في التقريب ، المطبوع ضمن شرحه : بشرح تدريب الراوي 1 : 160 ، ونسبه الشهيد الثاني إلى الشيخ في شرح البداية : 73.

(28) نسبه الصدر إلى العاملي صاحب المدارك في نهاية الدراية : 285.

(29) العدّة في أصول الفقه 1 : 134.

(30) حكاه الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 395.

(31) راجع بحث الإجماع ص 367.

(32) أي لحصول التثبّت.

(33) عدّة الداعي : 20 ، وكنز العمّال 15 : 791 ، ح 43132 و 43133.

(34) راجع : المحاسن 1 : 93 ، ح 52 و 53 ، والكافي 2 : 87 ، باب من بلغه ثواب على عمل ، ح 1.

(35) المحاسن 1 : 93 ، ح 2 ، والكافي 2 : 87 ، باب من بلغه ثواب على عمل ، ح 2 ، وثواب الأعمال : 162 ، وعدّة الداعي : 20.

(36) في ص 195 ـ 196 ، فصل 4.

 (37 و 38) في « ب » : « بطريق ».

 (39) هي آية النبأ في سورة الحجرات (49) : 6.

(40) في « ب » : « ذكر ».

(41) وهو موافقة التسامح في أدلّة السنن للاحتياط المستحبّ. راجع ص 261.

(42) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 153.

(43) وسائل الشيعة 27 : 106 ، أبواب صفات القاضي ، الباب 9 ، ح 1 وما بعده.

(44) مثل ما في قرب الإسناد : 395 ، ح 1386 ، والخصال 2 : 627 ، حديث الأربعمائة ، ح 10 ، وعدّة الداعي : 329 ، باب تلاوة القرآن ، ووسائل الشيعة 6 : 196 ، أبواب قراءة القرآن ، الباب 13 ، ح 1 ـ 3.

(45) لم أجد ما دلّ على استحباب الوضوء للحمل. نعم ورد استحبابه في التعليق. راجع : تهذيب الأحكام 1 : 127 ، ح 344 ، ووسائل الشيعة 1 : 384 ، أبواب الوضوء ، الباب 12 ، ح 3.

(46) يظهر من ذكرى الشيعة 1 : 193 ، ومدارك الأحكام 1 : 12 ، أنّ فيه رواية. ولم أظفر على الرواية.

(47) الصحيح ، والحسن ، والموثّق ، والضعيف. والقائل هو البهائي في مشرق الشمسين : 24 ـ 32.

(48) كذا في النسختين. والأولى : « مؤلّفيها ».

(49) رجال النجاشي : 231 ، الرقم 612.

(50) في « ب » : « كتاب ».

(51) رجال النجاشي : 447 ، الرقم 1208.

(52) اختيار معرفة الرجال : 537 ، ح 1023.

(53) كذا في النسختين. والأولى : « الذين » ، كما في فائق المقال للبصري : 29.

(54) كذا في النسختين. والأولى : « مؤلّفوها ».

(55) العدّة في أصول الفقه 1 : 144 و 145.

(56) راجع : خاتمة وسائل الشيعة 30 : 262 ، السادس عشر. والمراد بابن طاوس هو شيخ العلاّمة أحمد بن طاوس ، وفي توضيح المقال : 51 : « وشيخه محمّد بن أحمد بن طاوس » وهو خطأ.

(57) منهم الحرّ العاملي في خاتمة وسائل الشيعة 30 : 262.

(58) كآية النبأ في سورة الحجرات (49) : 6. ووجه دلالة الكتاب على التنويع هو تقسيم الراوي إلى الفاسق والعادل.

(59) تقدّم في ص 234.

(60) والمراد بهذه الأخبار ما دلّ على جرح بعض الرواة من حيث الاعتقاد والجوارح ، وتعديل بعضهم ، وهي مبثوثة في رجال الكشّي. راجع اختيار معرفة الرجال : 495 ، ح 950 ، و 537 ، ح 1023.

(61) تذكير الضمير باعتبار الموصول في « ممّا ».

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.