أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-15
1070
التاريخ: 21-7-2016
1545
التاريخ: 2024-03-12
809
التاريخ: 2024-03-13
909
|
وجوب التوبة عام في الاشخاص و الاحوال فلا ينفك أحد عنه البتة قال اللّه تعالى : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} [النور: 31] , فعمّم الخطاب ، و نور البصيرة أيضا يرشد إليه إذ معنى التوبة الرّجوع عن الطريق المبعد عن اللّه تعالى المقرب الى الشيطان و لا يتصوّر ذلك إلا من عاقل و لا تكمل غريزة العقل إلا بعد كمال الشهوة و الغضب و ساير الصفات المذمومة التي هي وسائل الشيطان إلى اغواء الانسان.
إذ كمال العقل إنّما يكون عند مقاربة الأربعين و أصله إنما يتم عند مراهقة البلوغ و مباديه تظهر بعد سبع سنين ، و الشهوات جنود الشيطان و العقول جنود الملائكة و إذا اجتمعا قام القتال بينهما بالضّرورة إذ لا يثبت أحدهما للاخر فانهما ضدّان فالتطارد بينهما كالتطارد بين الليل و النهار و بين النور و الظلمة و مهما غلب احدهما أزعج الاخر بالضرورة.
و إذ كانت الشهوات تكمل في الصبى و الشباب قبل كمال العقل فقد سبق جند الشيطان و استولى على المكان و وقع للقلب به انس و الف لا محالة بمقتضيات الشهوات بالعادة و غلب ذلك عليه و تعسّر عليه النزوع عنه.
ثم يلوح العقل الذي هو حزب اللّه و منقذ أوليائه من أيدي أعدائه شيئا فشيئا على التدريج ، فان لم يقو و لم يكمل سلمت مملكة القلب للشيطان و انجز اللعين موعوده حيث قال : { لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا } [الإسراء : 62] و إن قوي العقل و كمل كان أول شغله قمع جنود الشيطان بكسر الشهوات و مفارقة العادات ورد الطبع على سبيل القهر و الغلبة إلى العبادات و لا معنى للتوبة إلا هذا و هو الرجوع عن طريق دليله الشهوة و خفيره(1) , الشيطان الى طريق اللّه تعالى.
وليس في الوجود آدمي إلا و شهوته سابقة على عقله و غريزته التي هي عدة للشيطان متقدّمة على غريزته التي هي عدّة للملائكة فكان الرجوع عمّا سبق إليه على مساعدة الشهوات ضروريّا في حق كل انسان.
و أما بيان وجوبها على الدّوام و في كل حال فهو أن كل بشر فلا يخلو عن معصية بجوارحه فان خلا في بعض الأحوال عن معصية الجوارح فلا يخلو عن الهمّ بالذنوب بالقلب فان خلا عن الهمّ فلا يخلو عن وسواس الشيطان بايراد الخواطر المذهلة عن ذكر اللّه ، فان خلا منه فلا يخلو عن غفلة و قصور في العلم باللّه و بصفاته و بآثاره بحسب طاقته.
و كل ذلك نقص و له أسباب و ترك أسبابه بتشاغل أضدادها رجوع عن طريق إلى ضدّه ، و المراد بالتوبة الرّجوع و لا يتصرو الخلوّ في حق الادمّي عن هذا النقص و إنما يتفاوتون في المقادير و أما الاصل فلا بد منه إلّا أن الانبياء و الاوصياء عليهم السلام ليس ذنوبهم كذنوبنا و إنما هي ترك دوام الذكر و الاشتغال بالمباحات و حرمانهم زيادة الأجر بسبب ذلك.
قال الصادق (عليه السلام): «إن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) كان يتوب إلى اللّه و يستغفره في كل يوم و ليلة مأة مرة من غير ذنب إن اللّه يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب»(2) ، يعني من غير ذنب كذنوبنا ، فان ذنب كل أحد إنما هو بحسب قدره و منزلته عند اللّه.
ثم اعلم أنه لا يكفي في تدارك الشهوات تركها في المستقبل بل لا بدّ من محو آثارها التي انطبعت في القلب بنور الطاعات قال النبي (صلى الله عليه واله): «اتبع السّيئة بالحسنة تمحها»(3).
و ينبغي أن تكون الحسنة الماحية للسّيئة مناسبة لتلك السّيئة فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن و بحضور مجالس الذّكر و يكفر القعود في المساجد جنبا بالعبادة فيه إلى غير ذلك و ليس ذلك شرطا.
و قد روي أن رجلا قال لرسول اللّه (صلى الله عليه واله): «اني عالجت امرأة فاصبت منها كل شيء إلا المسيس فاقض علي بحكم اللّه ، فقال : أما صليت معنا؟ , فقال : بلى ، فقال : إن الحسنات يذهبن السّيئآت»(4).
و لا بد أن يكون عن قرب عهد بالخطيئة بأن يتندم عليها و يمحو أثرها قبل أن يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو قال اللّه تعالى : {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء : 17] , و معناه عن قرب عهد به قال : {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء : 18] , قال الصادق (عليه السلام): «ذلك إذا عاين أمر الاخرة»(5).
و ذلك لأن التوبة مقبولة ، قبل أن يعاين كما ورد عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و من ترك المبادرة الى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين احدهما أن يتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير رينا و طبعا فلا يقبل المحو و الثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو و لذلك ورد في الخبر: «أن أكثر صياح أهل النّار من التسويف».
__________________
1- الخفير: المجير و منه الحديث: الحمد للّه حمدا يكون خفيرا لي من نقمته أي حافظا و مجيرا لي من انتقامه و عذابه م.
2- الكافي : ج 2 , ص 450.
3- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 11.
4- أخرجه البخاري : ج 6 , ص 94 , من حديث ابن مسعود.
5- من لا يحضره الفقيه : ج 1 , ص 79.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
أولياء أمور الطلبة يشيدون بمبادرة العتبة العباسية بتكريم الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|