يتعجب المرء عندما يجلس في حدبقة وارفة الظلال والاشجار ، ويطالعه اللون الاخضر دون سائر الالوان ، فيخيل اليه انه يجلس تحت قبة خضراء . ان هذا اللون الذي تكسبه كل الاوراق الاشجار سببه مادة اليخضور  (كلوروفيل) الموجودة في الورقة . هذه المادة التي تعتبر المصنع الحقيقي لكل المواد التي يركّبها النبات ، عن طريق ما يسنى (التمثيل اليخضوري) ،  فبدون اليخضور الموجود في الاوراق لم يكن يتسنى للنبات ان يصطنع اي مادة كيميائية وغذائية ، كالمواد الموجودة في الخضار والثمار .

والان احضر فنجانا صغيرا وازرع فيه عدة حبات من القمح ، وبعد ايام من سقايتها ستجد ان الحبات بدأت بالانتفاش ، وتبدأ ساقها يعلو في الهواء . وفي حالة حبة القمح نجد ان الساق اول ظهورها تكون كالرمح الطويل الاخضر اللون ، المشرب باليخضور الصافي ، واذا علمنا ان اليخضور من افضل المنشطات لجسم الانسان ، فبوسعنا لهذه الطريقة الحصول على اوراق خضراء غنية باليخضور النقي ، جاهزة للاستعمال .

اقطف هذه الاوراق وضعها في دفتر صغير ، بعيداً والغبار ، وكل يوم تناول عدة اوراق منها ، في اوقات متفرقة من النهار واثناء العمل ، فستجد نشاطاً غريباً يدب في جسمك ، خصوصا بعد الخمسين . ان هذا اليخضور الذي في الورقة هو غذاء عظيم للانسان ، وكذلك لكثير من الحيوان . وهذا يذكرنا بالمثال الذي ضربه لنا الامام علي ( عليه السلام) في خطبته السابقة ، وهو مثال الورقة التي تقضمها الجرادة ، فمن الذي الهم الجرادة معرفة ان اليخضور هو افضل غذاء لجسمها ، حتى سعت تأكله دون غيره من الغذاء . يقول علي (عليه السلام) : (وان دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقتضمها ، ما لعلي ولنعيم يفنى ، ولذة لا تبقى) (1)

_________________

نهج البلاغة ، الخطبة : 222 .