أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-6-2016
34604
التاريخ: 12-10-2017
3565
التاريخ: 1-9-2020
5657
التاريخ: 12-6-2016
5921
|
الأصل أن يكون القرار الإداري نافذاً من تاريخ صدروه من السلطة المختصة قانوناً بإصداره , ولكنه لا يسري في حق الأفراد المخاطبين به إلا إذا علموا به عن طريق أحدى الوسائل المقررة قانوناً . ومن ثم فهناك تاريخان رئيسيان لنفاذ القرارات الإدارية هما تاريخ صدور القرار , وتاريخ العلم به أو سريانه في مواجهة الأفراد , وسنبحث هذين التاريخان ثم نبحث في مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية و أمكان أرجاء آثاره إلى المستقبل .
أولاً : تاريخ صدور القرار الإداري ذاتـه .
الأصل أن القرار الإداري يعد صحيحاً ونافذاً من تاريخ صدوره , ومن ثم فإنه يسرى في حق الإدارة من هذا التاريخ ويستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بهذا التاريخ في مواجهتها غير أن هذا القرار لا يكون نافذاً بحق الأفراد إلا من تاريخ علمهم به . إلا أن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات , من ذلك أن هناك من القرارات ما يلزم لنفاذها إجراءات أخرى من قبيل التصديق أو وجود اعتماد مالي , فلا ينفذ القرار إلا من تاريخ استيفاء هذه الإجراءات , كما قد تعمد الإدارة إلى أرجاء أثار القرار إلى تاريخ لاحق لتاريخ صدوره وهو ما يعرف بإرجاء أثار القرار الإداري (1).
ثانياً : سريان القرار الإداري في مواجهة الأفراد .
إذا كان القرار الإداري ينفذ في حق الإدارة بصدوره , فإنه لا يكون كذلك في مواجهة الأفراد , فيلزم لذلك علمهم به باحدى وسائل الإعلام المقررة قانوناً , وهي : الإعلان , النشر, أو بعلم صاحب الشأن علماً يقينياً .
1. الإعلان او التبليغ :
يقصد بالإعلان تبليغ القرار الإداري إلى المخاطب به بالذات , والأصل أن الإعلان يتم بكافة الوسائل المعروفه والتي من خلالها يمكن أن يتحقق علم صاحب الشأن بالقرار , كتسليمه القرار مباشرة أو بالبريد أو عن طريق محضر, أو لصقه في المكان المخصص للإعلان .والإعلان هو الوسيلة الواجبة لتبليغ القرارات الفردية الصادرة بصدد فرد معين بالذات أو أفراداً معينين بذواتهم أو بخصوص حالة أو حالات معينة , كما هو الحال بالنسبة لقرار تعيين موظف أو منح رخصة مزاولة مهنة معينة , وعلى ذلك لا يكفي نشر القرار لافتراض العلم به (2).وهذا الإعلان قد يكون تحريرياً كما يصح شفهياً و فالإدارة غير ملزمة بإتباع وسيلة معينة للإعلان إلا أن الصعوبة تكمن في إثبات التبليغ الشفهي لذلك نجد الإدارة تسعى دائماً إلى أن يكون إعلانها كتابة حتى تتجنب مخاطر التبليغ لأن من السهل عليها إثبات التبليغ الكتابي . إلا أن عدم تطلب شكلية معينة في الإعلان لا ينفي ضرورة احتواء الإعلان على مقومات تتمثل في ذكر مضمون القرار والجهة الصادر منها وأن يوجهه إلى ذوي المصلحة شخصياً أو من ينوب عنهم.
2. النشر :
النشر هو الطريقة التي يتم من خلالها علم أصحاب الشأن بالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية أو اللائحية . وعادة ما تتضمن القرارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تنطبق على عدد غير محدد من الحالات أو الأفراد , مما يتطلب علم الكافة به من خلال نشره . ويتم النشر عادة في الجريدة الرسمية إلا إذا نص القانون على وسيلة أخرى للنشر فيجب على الإدارة أتباع تلك الوسيلة كأن يتم في الصحف اليومية أو عن طريق لصق القرار في أماكن عامة في المدينة .
وحتى يؤدي النشر مهمته يجب أن يكشف عن مضمون القرار بحيث يعلمه الأفراد علماً تاماً وإذا كانت الإدارة قد نشرت ملخص القرار فيجب أن يكون هذا الملخص يغني عن نشره كله فيحوي على عناصر القرار الإداري كافة , حتى يتسنى لأصحاب الشأن تحديد موقفهم من القرار .
3. العلم اليقيني:
أضاف القضاء الإداري إلى النشر والإعلان العلم اليقيني بالقرار كسبب من أسباب علم صاحب الشأن بالقرار الإداري وسريان مدة الطعن بالإلغاء من تاريخه (3). والعلم اليقيني يجب أن يكون متضمناً المضمون الكامل لعناصر القرار الإداري ومحتوياته فيقوم مقام النشر والإعلان , فيصبح صاحب الشأن في مواجهة القرار في حالة تسمح له بالإلمام بكافة ما تجب معرفته , فيتبين مركزه القانوني من القرار وإدراك مواطن العيب فيه , وما يمس مصلحته , فلا عبره بالعلم الظني أو الافتراض مهما كان احتمال العلم قوياً . ويمكن أن يستمد هذا العلم من أية واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة معينة للإثبات وللقضاء الإداري أن يتحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة وهل هي كافية للعلم أم لا , ولا يبدأ سريان مدة الطعن إلا من اليوم الذي يثبت فيه هذا العلم اليقيني . ويلزم أخيراً أمكان ثبوت العلم اليقيني في تاريخ معين حتى يمكن حساب ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخه , ومن ثم فلا عبره بالعلم اليقيني بالقرار حتى وأن ثبتت واقعة أو قرينة العلم به طالما أنها تمت دون أن يوضع تاريخها .
ثالثاً : مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
الأصل أن تسرى آثار القرارات الإدارية على المستقبل , ولا تسري بأثر رجعي على الماضي احتراماً للحقوق المكتسبة والمراكز القانونية التي تمت في ظل نظام قانوني سابق , و احتراماً لقواعد الاختصاص من حيث الزمان والمسلم به في القضاء الإداري أن قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية هي قاعدة آمره وجزاء مخالفتها بطلان القرار الإداري ذي الأثر الرجعي , ويقوم مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية على عدة اعتبارات تتمثل في :
1.احترام الحقوق المكتسبة : إذا اكتسب الأفراد حقاً في ظل نظام قانوني معين أو رتب لهم قرار إداري مركزاً قانونياً معيناً , فأنه لا يجوز المساس بهذا المركز إلا بنص خاص و ويسرى التغيير أو التعديل في هذا المركز بأثر حال ومباشر من تاريخ العمل به وليس بأثر رجعي .
2.استقرار المعاملات بين الأفراد : المصلحة العامة تقتضي أن لا يفقد الأفراد الثقة والاطمئنان على استقرار حقوقهم و مراكزهم الذاتية التي تمت نتيجة لتطبيق أوضاع القانوينة السابقة .
3.احترام قواعد الاختصاص : تقوم قاعدة عدم رجعية القرارات لإدارية على ضرورة عدم اعتداء مصدر القرار على اختصاص سلفه .
ومن الجدير بالذكر أن بطلان القرار الإداري الذي يصدر خلافاً لقاعدة عدم الرجعية على الماضي قد لا يكون بطلاناً كلياً , كما لو صدر قرار بترقية موظف عام من تاريخ لا يستحق فيه الترقية , فإذا كان القرار سليماً فأنه يلغي جزئياً فيما يتعلق بالتاريخ المحدد للترقية , وتعتبر الترقية من التاريخ الذي استكمل فيه المدة القانونية , أما إذا كان القرار غير قابل للتجزئة فأن البطلان يشمله كله (4).غير أن قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية على الماضي لا تسري على إطلاقها فقد بدأ القضاء الإداري يخفف من حدتها فظهرت بعض الاستثناءات التي يمكن ردها إلى ما يلي :-
1.إباحة الرجعية بنص القانون : يجوز للمشرع أن يخول الإدارة بنص صريح أن تصدر قرارات معينة بأثر رجعي على اعتبار أن المشرع يمثل المصلحة العامة التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها .
2.إباحة الرجعية في تنفيذ الأحكام : الحكم القضائي الصادر بإلغاء قرار إداري يؤدي إلى إعدام هذا القرار بالنسبة للمستقبل والماضي , وحتى تنفذ الإدارة حكم الإلغاء لابد لها من إصدار قرارات متضمنة بالضرورة آثاراً رجعية , كما لو حكم القضاء بإلغاء قرار الإدارة بفصل موظف فإن الإدارة تلتزم بإعادته إلى وظيفته السابقة مع منحه الإمتيازات والحقوق التي فاته التمتع بها في فترة انقطاعه عن الوظيفية .
3.رجعية القرارات الإدارية الساحبة : درج القضاء على أن قرار الإدارة بسحب القرارات الإدارية يتم بأثر رجعي نظراً لإعدامه القرار المسحوب من تاريخ صدروه, فالإدارة تملك حق سحب قراراتها التنظيمية في كل وقت سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة , وكذلك يجوز لها سحب قراراتها الفردية الغير مشروعة والمرتبة لحقوق ذاتية خلال مدة الطعن بالإلغاء .
4.رجعية القرارات المؤكدة والمفسرة : إذا صدر قرار بقصد تأكيد أو تفسير قرار سابق و فإن القرار المؤكد أو المفسر يسرى حكمه من تاريخ تطبيق القرار الأول لأنه لا يضيف أثراً جديداً له بل يقتصر على تأكيده أو تفسيره .
5.رجعية القرارات الإدارية لمقتضيات المرافق العامة : استقر القضاء الإداري في فرنسا ومصر على عدم تطبيق قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية كلما تعارض تطبيقها مع مقتضيات سير المرافق العامة (5).
رابعاً : أرجاء آثار القرار الإداري للمستقبل .
في مقابل قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية على الماضي تملك الإدارة في بعض الأحيان أرجاء تنفيذ القرار الإداري إلى تاريخ لاحق , ودرج القضاء الإداري على التمييز في ذلك بين القرارات الإدارية التنظيمية أو اللوائح والقرارات الإدارية الفردية :
1.القرارات الإدارية التنظيمية : تملك الإدارة أرجاء آثار القرارات التنظيمية إلى تاريخ لاحق لصدورها , لأن ذلك لا يتضمن اعتداء على سلطة الخلف , لأن هذا الخلف يملك دائماً حق سحب أو إلغاء أو تعديل قراراته التنظيمية لأنها لا ترتب حقوقاً مكتسبة بل تنشئ مراكز تنظيمية عامة .
2.القرارات الإدارية الفردية : الأصل في القرارات الإدارية الفردية أن لا يجوز للإدارة أن ترجئ آثارها للمستقبل لأن ذلك يمثل اعتداء على السلطة القائمة في المستقبل لأنه يولد عنها مراكز قانونية خاصة , يستطيع الأفراد أن يحتجوا بها في مواجهة الإدارة استناداً إلى فكرة الحقوق المكتسبة .
كما لو أصدرت السلطة الإدارية الحالية قراراً بتعيين موظف وأرجئت تنفيذ هذا القرار إلى فترة لاحقة , فتكون قد قيدت السلطة الإدارية في المستقبل بقرار التعيين خلافاً لقواعد الاختصاص .ومع ذلك يجوز أحياناً ولضرورات سير المرافق العامة تأجيل آثار القرار الإداري إلى تاريخ لاحق , فيكون المرجع هنا هو الباعث وليس التأجيل ذاته , ويكون الحكم على مشروعية هذا القرار أن يكون محله قائماً حتى اللحظة المحددة للتنفيذ , فإن انعدم هذا الركن أصبح القرار منعدماً لانعدام ركن المحل فلا يرتب أثراً (6).
____________________________________________
1 - د. محمد سعيد حسين أمين – المصدر السابق – ص 590 .
2 - Jean Rivero. Droit administrative – Dalloz – 1987 – P 264 .
3 - أوردت المحكمة الإدارية العليا في حكمها بتاريخ 8/3/1988 : " قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العلم اليقيني الذي يبدأ منه سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو العلم بالقرار وبكافة عناصره علماً يمكن الطاعن من تحديد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه ومن ثم يحدد الطريق للطعن فيه " .
حكمها في الطعن الإداري 2636 لسنة 33 ق المجموعة السنة 33 الجزء الثاني بند 170 ص 1067 .
4- د. عصمت عبد الله الشيخ – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 38 .
د- سليمان محمد الطماوي – النظرية العامة للقرارات الإدارية – المصدر السابق – ص 534 .
5 - د. سليمان محمد الطماوي – النظرية العامة للقرارات الإدارية – المصدر السابق – ص 533 .
6 - حكم المحكمة الإدارية العليا جلسة 29/6/1986 طعن إداري رقم 2074 لسنة 29 ق ق الموسوعة ج35- ص 938 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|