العوامل الاقتصادية المؤثرة في توزيع السكان(الزراعة وتوزيع السكان وكثافتهم) |
8054
11:57 صباحاً
التاريخ: 2-6-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-01
487
التاريخ: 6-12-2021
2491
التاريخ: 24-11-2019
1475
التاريخ: 24-11-2019
3053
|
هناك عدة عوامل تلعب دوراً في تقرير كثافة السكان في المجتمعات الزراعية البحتة، أو في المجتمعات التي تأتي الزراعة فيها في مرتبة ثانوية، ففي المجتمعات التي تشتغل بالزراعة كحرفة أساسية، يصبح العامل الرئيسي إمكانية توفير الغذاء الكافي لعدد معلوم من السكان، تبعاً لقدرات المنطقة، ولمرحلة النمو التكنولوجي المتاحة، فإذا ما زاد عدد السكان على الموارد زيادة كبيرة، صار البحث عن توازن جديد ضرورياً، وفيما مضى كانت المجاعة هي المنظم الكبير لإعادة التوازن، أما الآن فقد أصبح بالإمكان وجود حلول سعيدة، مثال ذلك إزالة الغطاء الغابي، واستصلاح الأراضي في غرب أوروبا أثناء العصور الوسطى، والتوسع الكبير في زراعة الأرز خلال القرن التاسع عشر في الشرق الأقصى، الذي وازن النمو السكاني المضطرد، والتوسع الرأسي وزيادة الانتاج عن طريق استخدام طرق زراعة أفضل، وتسميد الأراضي، وتحسين وسائل الزراعة، واتباع دورات زراعية حديثة، وتحسين وسائل إرواء الأرض الزراعية والمقننات المائية، ثم عن طريق هجرة الأعداد الزائدة من السكان.
وفي المجتمعات التي تمثل فيها الزراعة نشاطاً اقتصادياً ثانوياً، فإن التوازن السكاني مع الاقتصاد العام يقوم على أساس أكثر تعقيداً، فهنا لا ينتج الفلاح بهدف إشباع حاجته الغذائية فقط، وإنما من أجل الربح أيضاً الذي يستعمله فيما يرغب من متع الحياة، وهنا تتطور وتنمو كثافة السكان انعكاساً لتنوع العوامل التي من أهمها مستوى المعيشة في القطر كله، وإذا ما كانت الدولة فقيرة، حيث الدخل القومي قليل، ولا ينمو إلا ببطء شديد، فإن التقدم في الريف بالتالي يكون طفيفاً، ولا تتغير معالم البيئة إلا قليلاً، وتشتد وطأة هذه الحال أثناء فترات الكساد الاقتصادي أو الصعوبات السياسية، مثال ذلك ما حدث في النمسا من نقص في مساحتها نتيجة لاتفاقيات 1920 في أعقاب الحرب العالمية الأولى (في الربع الأول من القرن العشرين) فقد ازدادت مباشرة أعداد السكان في نطاق جبال الالب الفقيرة، ثم حدثت موجات هجرات عكسية الى السهول والى المدن الكبرى، وفي أثناء الكساد الاقتصادي العالمي فيما بين 1929 – 1935، هاجرت عدة ملايين من مدن الولايات المتحدة الى ريفها، وتوقف تقريباً تيار الهجرة من الريف الى المدن.
وفي الأقطار التي تحظى بمستوى معيشة مرتفع، يدعم الرخاء والتقدم العام السائد جمهرة الفلاحين، كما يحفزهم شعورهم الذاتي بأن لا يتخلفوا عن ركب التقدم، ويأتي الدخل المرتفع عن طريق استغلال الأرض بعناية فائقة، كما هو الحال في أقطار متقدمة كثيفة السكان مثل الدنمارك وهولندا، وفي أنماط زراعة خاصة كحدائق الفاكهة ومزارع الورود والخضر، وفي استثمار مزارع واسعة جداً كما في سهول وسط أمريكا الشمالية، وفي الحالة الأولى نجد الكثافة مرتفعة جداً في السكان المزارعين (في هولندا تزيد على المائة) أما في حالة أمريكا الشمالية فإن الكثافة سكان الريف متواضعة جداً (نحو 6/ كم2)، ولكن في كلتا الحالتين تتساوى نسب السكان الفلاحين على وجه التقريب (نحو 14% من جملة السكان).
ويظهر تأثير مستوى المعيشة بشكل شديد الوضوح حينما ندرس زراعة الأزرق في الشرق الأقصى، وزراعته في الولايات المتحدة، كمثال لتأثير التفاوت في مستوى المعيشة على كثافة سكان الريف، ذلك أن زراعة هكتار الأرز في الشرق الأقصى تتطلب عملاً يدوياً مضنياً طوال 400 يوم على الأقل، بينما تتطلب نفس المساحة في مزرعة أمريكية تستخدم المكينة سبعة أيام فقط، وفي جنوب شرق آسيا يعيش نحو 200 شخص على إنتاج مزرعة مساحتها تماثل مساحة مزرعة يستثمرها بين 5-6 أفراد في الولايات المتحدة، مثال آخر: الأراضي الزراعية في ولاية أيوا Iowa الأمريكية تبلغ نصف مثليتها في فرنسا، لكن مساحة المزرعة في الولايات المتحدة تعادل أثنى عشر مثلاً لمساحتها في فرنسا، ويعمل بها 5% فقط من عدد العمال الذين يزرعون نفس المساحة في فرنسا.
يدل ما سبق أن ذكرناه من أمثلة على مدى أهمية ما يمكن نسميه (نوعية) الحياة الريفية في توزيع وكثافة السكان، تلك (النوعية) التي تتمثل في النواحي الاقتصادية، والتقنية والاجتماعية والنفسية، والواقع أن الريف لم يعد – الى حد كبير – يتطور وينمو باعتباره وحدة مستقلة، فهناك كثير من العوامل القوية تمارس التأثير والتداخل في أجزاء الكرة الأرضية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|