أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2016
2246
التاريخ: 2024-03-26
1043
التاريخ: 8-2-2016
8072
التاريخ: 2024-07-29
453
|
قانون نيوتن في الجاذبية
أهم ما أضافه نيوتن الى معارف جاليليو هو ان حركات الكواكب planets تبعا لنظام كوبرنيق تعد نتائج لقوانين الميكانيكا المشتقة من حركة السقوط الأرضية . لقد اغتنم نيوتن الفرصة ليصمم بشكل متسق أفكار جاليليو متخذاً كمثال أروع نظام ميكانيكي أمدتنا به دامغاً على صحة المبادئ الميكانيكية الجديدة وعمقها وما أدت إليه هذه المبادئ من تفسير للعمليات المعروفة ، ولم يبالغ هنري بوانكاريه H. Poincaré عندما قال ذات مرة بأن الإنسان تعلم الميكانيكا من الحركات السماوية وحركات الكواكب .
وإضافة الى القوانين الميكانيكية العامة التي ثبتت صحتها في كل حالات تأثير القوى الميكانيكية ، وضع نيوتن قانون الجاذبية law of gravitation وينص على أن أي جسمين يؤثر كل منهما على الآخر بقوة جذب تتناسب طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما (فتكون الضعف او ثلاثة اضعاف اذا زادت احداهما الى الضعف او ثلاثة اضعاف...) وتقل بزيادة المسافة بينهما ، فمثلا قوة الجذب بين الشمس وحجر نيزكي في الفضاء التبينجمي interstellar space تقل بنفس الطريقة التي تقل بها شدة الضوء الصادر من الشمس بزيادة المسافة الفاصلة ، وبتعبير رياضي ، تتناسب قوة الجاذبية عكسيا مع مربع المسافة * .
لقد بين نيوتن بالاستدلال الرياضي mathematical reasoning أن قوانين حركة الكواكب (التي اكتشفها كبلر) هي نتيجة ضرورية للشد التجاذبي بين الشمس والكواكب . وتنص قوانين كبلر على :
1- مدار orbit كل كوكب عبارة عن إهليلج (قطع ناقص) ellipse تقع الشمس في إحدى بؤرتيه .
2- يدور كل كوكب حول الشمس بحيث يمسح الخط الواصل بينهما مساحات متساوية في فترات زمنية متساوية فتزيد سرعته بقربه من الشمس عنها ببعده عنها .
3- النسبة بين مربعي الزمنين الدوريين لأي كوكبين تساوي النسبة بين مكعبي متوسطي بعديهما عن الشمس .
ويتضح أن قوانين كبلر تختلف في طبيعتها عن قوانين الميكانيكا التي تعد الأساس الرياضي النهائي لقوانين كبلر . وفي حقيقة الأمر أن كبلر نفسه كان ينظر الى قوانينه بصورة مختلفة عما كان يفعل نيوتن . فعند كبلر كانت قوانينه في المقام الأول تعبيراً عن الجمال والتناغم للإبداع الإلهي ، بينما توضح قوانين نيوتن في نظام الكواكب مبدأ السببية في الطبيعة ، وتبعا له تنشأ الحركات الناتجة بالضرورة من القوى المؤثرة .
وقوة الجاذبية المنظمة لحركات الكواكب هي نفسها التي تحدد أيضا مدار القمر حول الأرض ومدارات أقمار كوكب المشتري Jupiter حوله . وقوة الجاذبية هذه هي نفسها المتحكمة في النظام الشمسي بكواكبه ومذنباته comets وأقماره ، وهي أيضا المسئولة عن سقوط الأجسام نحو الأرض .
قدم نيوتن عام 1666 صورة شاملة تدل على صحة قانونه في الجاذبية ، بيد ان الحسابات لم تتفق بداية مع المشاهدات observations فقوة جذب الأرض للقمر تبعاً لحسابات حركته لم تبد مناظرة لقوة الجاذبية عند سطح الأرض في إطار قانون ، الأمر الذي جعل نيوتن يستنتج وجود قوى أخرى مؤثرة فترك الدراسة جانبا .ولم تمض ستة عشر عاما بعد ذلك حتى ظهرت لنيوتن قياسات جيوديسية geodetic جديدة تزيد من محيط الكرة الأرضية بنسبة السدس عن ذي قبل فاستأنف أبحاثه مرة أخرى ووجد مطابقة الحسابات للمشاهدات .
وبعد ذلك بأربعة أعوام وفي عام 1686 ظهر مؤلفه العظيم (( المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية Philosophiae Naturalis Pirncipia Mathematica وصاغ فيه مبادئ الميكانيكا ووضع قانون الجاذبية وعلم أنه تبعاً لهذه القواعد يمكن فهم نظم الكواكب وكذا تفسير ظاهرة المد والجزر tide .
يصل مدى نظم قذائف المدافع الحديثة الى أكثر من 100 كيلو متر وتقتضي في رأب الصدع الذي نجم عن عبقرية وشجاعته إذ أدرك أن حركات القمر حول الأرض ، والكواكب حول الشمس تتبع نفس قوانين حركته المقذوفات على سطح الأرض كتجربته الافتراضية :hypothetical من أعلى قمة جبل عالٍ يقذف أكبر في كل مرة فيصطدم الحجر بالأرض ولكن على مسافات متزايدة بعيداً عن الجبل حتى يصل الحجر الى الطرف الآخر من الأرض وبعد ذلك يحلق حولها حتى يعود لنقطة القذف. وفي الحالة (المثالية) في غياب مقاومة الهواء – وهي الحالة السائدة فعلاً في الفضاء البينحمى حيث تدور الكواكب – يحتفظ الحجر بسرعته الابتدائية متخذاً بذلك نفس المسار مرة أخرى ، ومع الاستمرار يأخذ مداراً دائماً له حول الأرض .
ويمكن الكشف عن السمة المميزة لبحث الفيزيائي من خلال هذا التعميم النيوتوني لدراسات جاليليو بشأن حركة المقذوفات على ميكانيكا الكواكب ، فبعد تحقيق قاعدة راسخة في مجال محدود ، تمت محاولة أخرى لتوسيع حدود الدائرة من خلال تصورات المعاني المجردة conceptions الناشئة في مجال مباشر بمثابة قاعدة لأبحاث أوسع .
وبالبحث عن العلاقات وأوجه الشبه بين الظواهر الجديدة والظواهر التي سبق دراستها يمكن الوصول الى تعميم للأفكار والقوانين التي تأكدت ، هذه القوانين العامة جعلت (فهم understanding) دائرة الخبرة الموسعة برمتها أمراً ممكناً .
لقد وضعنا كلمة (فهم) بين أقواس للتأكيد على أهمية وعمق المشكلة المراد توضيحها بشأن المقصود حقاً بعبارة (فهم) الحوادث الفيزيائية وماهية الهدف الحقيقي وراء الأبحاث والدراسات الفيزيائية بحثاً عن المعرفة . إن الميكانيكا السماوية celestial mechanics تبعاً لنيوتن – مما على الأرجح أعظم إنجاز في مجال الفكر الفيزيائي قاطبة – دليل واضح على أن (الفهم) لا يعني سوى إرجاع الجديد للقديم . كما أن مسألة أرسطو بشأن سبب احتفاظ جسم ما بسرعته بعد تحريكه لم يتم حسمها وإنما تركت جانباً . ينص قانون القصور الذاتي على أن أي جسم يحتفظ بسرعته ثابتة دون حدود ما دامت لا تؤثر عليه قوى معوقة . وإذا اقتنع المرء بذلك – مما لا يعد (مفهوماً) وإنما هو أمر مسلم به – فإنه ينظر الى مشكلة حركة الكواكب من زاوية مختلفة تماماً ولم يعد بحاجة (على حد ما يرغبه كبلر) الى الفرض بأن الشمس هي مصدر الدفع المستمر permanent impulsion لحركة الكواكب .
قبل أن نترك ميكانيكا نيوتن ونتطرق الى مواضيع أخرى ، هناك نقطة أخرى واحدة جديرة بالاهتمام ، ما هي نتائج الجذب المتبادل بين الكواكب وبعضها البعض ؟ يعد الحل الرياضي لهذه المشكلة أمراً في غاية التعقيد والصعوبة (مشكلة ((الأجسام الثلاثة three body problem)) المشهورة) .
حقيقة واحدة معروفة – لما كانت كتلة الشمس كبيرة جداً مقارنة مع كتل سائر الكواكب ، فإن قوى الجذب من الكواكب الأخرى على كل كوكب – المسارات الإهليلجية تبعاً لكبلر مع وجود إنحرافات طفيفة عبارة عن (زحزحات perturbations) بسبب التأثيرات المتبادلة للكواكب على بعضها البعض .
ولكن ، أليس من المتوقع أن تتراكم هذه الزحزحات على مر الزمن – بحيث تتغير كلية مقادير وأوضاع المدارات الإهليلجية خلال ملايين السنين فتصطدم الكواكب ببعضها أو تهوى في باطن الشمس في نهاية المطاف ؟ كان نيوتن يميل الى الاعتقاد في هذا الاحتمال وأن خالق الكون لابد أن يتدخل من وقت لآخر كي يمنع هذا الدمار. لذا كان من الأهمية بمكان التقوية الذاتية للتصور الفيزيائي الطبيعي الذي أوضحه لاجرانج Lagrange ولابلاس Laplace فيما بعد بالأدلة الرياضية البارعة من أن بين الكواكب (استقراراً stability) ذاتياً أساسه قانون نيوتن . ومن هنا تم التسليم بفكرة خضوع مسارات جميع الحوادث الكونية في تمام تتابعها دون أي استثناء لقوانين الفيزياء الطبيعية التي حددتها الرياضيات .
______________________________
* مقارنة القانون الرياضي لقوة الجاذبية مع الضوء ليس معناه وجود علاقة أكبر بين هاتين الظاهرتين .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|