المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



ابو طالب في ذمة الخلود  
  
3353   12:01 مساءاً   التاريخ: 2-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج1, ص33-35 .
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / الولادة والنشأة /

لاقى أبو طالب جهدا شاقّا وعسيرا في حمايته للنبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) ونصرته للإسلام وكفاحه للقوى المعادية لابن أخيه وقد تعرّض لأقسى ألوان المحن والخطوب من طغاة القرشيّين وعتاتهم وقد ألمّت به العلل والأمراض ودنا منه الموت وكان أهمّ ما يعانيه مصير الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) من بعده وما ذا سيلاقيه من ذئاب قومه الذين تنكّروا لجميع القيم والأعراف فأخذ وهو على حافة الموت يوصي أبناءه وأفراد اسرته بنصرة الرسول والوقوف إلى جانبه وحمايته من كيد القرشيّين وبطشهم وأخذ المرض يزداد فيه حتى وافته المنيّة في شهر شوّال أو في ذي القعدة وذلك بعد خروج النبيّ من الشعب .

لقد انتقل هذا العملاق إلى حضيرة القدس بعد ما أدّى ما عليه من جهد في نصرة الإسلام والذبّ عن الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) ولمّا اذيع نبأ وفاته اهتزّت مكّة من هول الفاجعة فتصدّعت القلوب وغامت العيون كما فرح الطغاة والجبابرة بموته , وسارع الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) فغسّل جسد أبيه الطاهر وأدرجه في أكفانه وقد ذابت نفسه عليه حزنا وأسى وهرعت الجماهير إلى دار أبي طالب فحملوا الجثمان المقدّس بمزيد من الحفاوة والتكريم وواروه في مقرّه الأخير وقد واروا معه الشرف والإيمان , لقد انطوت حياة هذا المجاهد العظيم الذي وهب حياته لله تعالى فنصر الإسلام وقاوم الشرك وقارع الباطل فسلام الله عليه فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين!

ووقف النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) على حافّة قبر عمّه وهو واجم حزين قد روى ثرى قبره بدموعه وأخذ يصوغ من حزنه كلمات في تأبينه قائلا :  وصلتك رحم يا عمّ جزيت خيرا فلقد ربّيت وكفلت صغيرا وآزرت ونصرت كبيرا أما والله يا عمّ لأستغفرنّ لك وأشفعنّ فيك شفاعة يعجب منها الثّقلان  , وبلغ من تأثّر النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) وشدّة حزنه على عمّه أنّه سمّى العام الذي توفّي فيه عام الحزن , وقد فقد النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) المحامي والناصر والركن الشديد الذي كان يأوي إليه فقد استوحدته قريش وأجمعت على التنكيل به وقال : ما نالت قريش شيئا أكرهه حتّى مات أبو طالب , وقد بالغت قريش في إيذائه فجعلوا ينثرون التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه رحم الشاة وهو يصلّي إلى غير ذلك من صنوف الاعتداء عليه وقد أجمعوا على قتله فخرج في غليس الليل البهيم بعد ما أحاطوا بداره ميمّما وجهه تجاه يثرب وترك أخاه ووصيّه الإمام في فراشه , وعلى أي حال فأبو طالب حامي الإسلام وناصره والمساهم الأوّل في إقامة دعائمه فله اليد البيضاء على كلّ مسلم ومسلمة فما أعظم عائدته على الإسلام! ومن سخف القول إنّ هذا المجاهد العظيم مات كافرا ولم يكن يدين بدين الإسلام فإنّ هذا البهتان من صنع الأمويّين والعبّاسيّين الحاقدين على الاسرة النبوية وممّا يدعم زيف ذلك شدّة حزن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) عليه بعد وفاته وتسميته لعام موته بعام الحزن فإنّه إذا كان كافرا كيف يحزن عليه؟ وكيف يترحّم عليه ويذكره بمزيد من التكريم والتعظيم؟ وكيف يأكل ويشرب في داره؟ وحكم الإسلام صريح واضح في نجاسة الكافر؟ وكيف يكون هذا المؤمن المجاهد في النار وابنه الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) قسيم الجنّة والنار؟

إنّ من المآثر والفضائل والأوسمة الشريفة التي يتحلّى بها الإمام (عليه‌ السلام) أنّه نجل هذا المجاهد العظيم الذي حمى الإسلام في أيام محنته وغربته فجزاه الله عن الإسلام وأجزل له الأجر وحشره مع النبيّين والصدّيقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.