المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

توزيع السكان حسب الأديان في المغرب
26-3-2018
نقد المدرسة الوضعية لقرينة البراءة
29-3-2016
تطور مدخل إدارة الجودة الشاملة وفلسفتها
29-6-2016
أرجيرس ( نظرية النضج )
3-5-2016
البروتينات الأولية Proproteins
2-10-2019
الخلايا الشجرية Dendritic Cells
15-1-2018


ولاية عبد الله بن عبّاس على البصرة  
  
4429   02:16 مساءاً   التاريخ: 29-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج10 ، ص116-126.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2016 3181
التاريخ: 5-01-2015 3210
التاريخ: 9-4-2016 3299
التاريخ: 19-12-2017 3502

لعلّ من المفيد جدّا أن نعرض لسيرة عبد الله بن عبّاس وسلوكه وولايته عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لمدينة البصرة وما اتّهم به من الخيانة لبيت مال المسلمين وغير ذلك ممّا يتعلّق بهذا الموضوع.

أمّا عبد الله بن العباس فهو ألمع شخصية إسلامية في الاسرة العباسية فقد تتلمذ عند الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ منه علومه التي منها علم الفقه وتفسير القرآن الكريم وقد برز في هذين العلمين فإنّك لا تقرأ في مصادر بحوثهما إلاّ وتجد له الرأي الأصيل فيهما وكما كان عالما في طليعة علماء عصره فقد كان يتمتّع بالفطنة والذكاء ووفور العقل وعمق النظر في مجريات الأحداث حتى اتّخذه الإمام (عليه السلام) مستشارا ووزيرا له فكان يستشيره في شؤونه السياسية والاجتماعية وقد ألمح المؤرّخون إلى كثير من ذلك وبالاضافة إلى ذلك كان الإمام (عليه السلام) يبعثه للمناظرة والمحاججة مع المتمرّدين من أصحابه وغيرهم فقد بعثه إلى الخوارج فحاججهم وناظرهم ولم يستطيعوا المناقشة والرّد عليه وظلّوا واجمين , وكانت له المكانة المرموقة والمتميّزة عند عمر بن الخطّاب فكان يجلّه ويحترمه كثيرا وجرت بينهما عدّة مناظرات دلّت على سعة افق ابن عباس ووفرة فضله ومن بين تلك المناظرات :

1 ـ أنّ ابن عبّاس كان مع عمر في بعض سكك المدينة ويده في يده فقال لابن عباس : يا ابن عباس ما أظنّ صاحبك يعني الإمام إلاّ مظلوما.

فردّ عليه ابن عباس بمنطقه الفيّاض : يا أمير المؤمنين فاردد عليه ظلامته.

فلذعه كلام ابن عباس وسحب يده من يده ووقف وجعل يهمهم ساعة ثمّ وقف فلحقه ابن عباس وانبرى عمر قائلا له : ما أظنّ القوم منعهم من صاحبك إلاّ أنّهم استصغروه.

فأجابه ابن عباس : والله! ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر .

ووجم عمر ولم يستطع أن يقول شيئا أمام هذه الحجّة الدامغة.

2 ـ والتقى ابن عباس مع عمر فبادر عمر قائلا : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم أي من الخلافة بعد محمّد (صلى الله عليه واله) ؟

قال ابن عباس : فكرهت أن اجيبه وقلت له : إن لم أكن أدري فإنّ أمير المؤمنين يدري.

وسارع عمر قائلا : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت.

وانبرى ابن عباس يفنّد هذه المقالة بلسانه الذرب وحجّته الواضحة قائلا : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمطّ عني الغضب تكلّمت.

قال : تكلّم ؛ قال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : اختارت قريش فأصابت ووفّقت فلو أنّ قريشا اختارت لأنفسها حين اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ؛ وأمّا قولك : إنّهم أبوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة فإنّ الله عزّ وجلّ وصف قوما بالكراهة فقال : ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم .

ومن الغريب جدّا أن يكون موضوع الخلافة وانتخاب الخليفة بيد قريش وهي التي حاربت النبيّ (صلى الله عليه واله) ولم تأل جهدا في مناجزته حتى فرّ النبيّ (صلى الله عليه واله) منهم في جنح الليل البهيم وترك أخاه وابن عمّه في فراشه ثمّ لاحقوا النبيّ في المدينة فجهّزوا الجيوش للقضاء عليه واستئصال دعوته فكانت واقعة بدر واحد وغيرهما وقد قاوموا النبيّ (صلى الله عليه واله) بجميع طاقاتهم ولمّا أعزّ الله تعالى رسوله ونصره النصر المبين فاحتلّ مكّة وعفا عنهم بلطفه وفضله وكان الأجدر بهم أن تضرب أعناقهم وتسبى نساؤهم كبقيّة المشركين إلاّ أنّ للنبوّة فيضا شاملا للأعداء وغيرهم وعلى أي حال فلا علاقة لقريش في الإسلام مطلقا وإنّما أمر الخلافة بيد الاسرة النبوية والأنصار الذين نصروا الإسلام في أيام غربته ومحنته.

ومهما يكن الأمر فإنّ عمر قد ثقل عليه كلام ابن عباس فقال له : هيهات والله يا ابن عباس! قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرّك عليها فتزيل منزلتك منّي.

وبادر ابن عبّاس قائلا : ما هي يا أمير المؤمنين؟ فإن كانت حقّا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه.

قال عمر : إنّك تقول : إنّما صرفوها أي الخلافة عنكم حسدا وبغيا وظلما.

وأجابه ابن عباس بأروع الحجّة قائلا : أمّا قولك يا أمير المؤمنين! ظلما فقد تبيّن للجاهل والحليم وأمّا قولك : حسدا فإنّ آدم حسد ونحن ولده المحسودون.

والتفت إليه عمر بغيظ قائلا : هيهات هيهات أبت والله! قلوبكم يا بني هاشم! إلاّ حسدا لا يزول.

وأجابه ابن عباس قائلا : مهلا يا أمير المؤمنين! لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا بالحسد والغش ؛ فإنّ قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) من قلوب بني هاشم.

ولذع هذا الكلام مشاعر عمر وصاح بابن عباس : إليك عنّي يا ابن عباس.

قال : افعل , وانحاز ابن عباس عنه فلمّا أراد الانصراف استحيا عمر فقال له : يا ابن عباس مكانك فو الله! إنّي لراع لحقّك محبّ لما سرّك.

وسارع ابن عباس قائلا : يا أمير المؤمنين إنّ لي عليك حقّا وعلى كلّ مسلم فمن حفظه فحظّه أصاب ومن أضاعه فحظّه أخطأ ؛ ثمّ انصرف ابن عباس عنه ؛ هذه بعض المناظرات التي جرت بين عمر وابن عباس وقد دلّت على قدراته العلمية وسعة معارفه وفضله.

ومنيت البصرة بعد حادثة الجمل بالفتن والخطوب السود فقد شاع فيها الثكل والحزن والحداد لكثرة من قتل فيها من أنصار عائشة والطالبين بدم عثمان فكان أبناؤهم واخوانهم وأصدقاؤهم يحقدون على الإمام أشدّ ألوان الحقد والبغض ؛ وقد عهد الإمام (عليه السلام) بولاية هذا القطر الذي شاعت فيه الفتن والأهواء إلى حبر الامّة ليبلور الموقف ويحسم الفتن ويفنّد أباطيل أعدائه ويوضّح لهم القصد ويهديهم إلى سواء السبيل.

وقد زوّده الإمام (عليه السلام) ببعض الرسائل الحافلة بالوعظ والإرشاد ونكران الذات والتي منها :

1 ـ كتب الإمام (عليه السلام) إلى ابن عبّاس هذه الرسالة الموجزة : أمّا بعد فلا يكن حظّك في ولايتك ما لا تستفيده ولا غيظا تشفيه ولكن إماتة باطل وإحياء حقّ .

وحدّدت هذه الرسالة مسؤولية ابن عباس في ولايته على البصرة أن يقيم الحقّ ويميت الباطل وأن لا يكون هدفه الحصول على المال أو التشفّي من خصومه وأعدائه وهو تصوّر بارع للسياسة الإسلامية التي بنيت على الحقّ المحض والعدل الخالص.

2 ـ وكتب الإمام (عليه السلام) إلى ابن عبّاس هذه الرسالة الحافلة بالنصح والوعظ : أمّا بعد فإنّك لست بسابق أجلك ولا مرزوق ما ليس لك ؛ واعلم بأنّ الدّهر يومان : يوم لك ويوم عليك وأنّ الدّنيا دار دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك وما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك .

وهذه الرسالة دعوة إلى الاستقامة وعدم الغرور بمباهج هذه الحياة التي لا يدوم سرورها ونعيمها على أحد.

3 ـ ولمّا أراد الإمام (عليه السلام) الشخوص إلى حرب معاوية كتب إليه : أمّا بعد فأشخص إليّ من قبلك من المسلمين والمؤمنين وذكّرهم بلائي عندهم وعفوي عنهم واستبقائي لهم ورغّبهم في الجهاد وأعلمهم الّذي في ذلك من الفضل.

وأقام الإمام في النخيلة لم يبرح عنها حتى قدم عليه ابن عباس مع أهل البصرة .

اتّهم حبر الامّة بخيانة بيت مال البصرة واختلاس ما فيه من أموال وقد أعلن ذلك بعض المؤرّخين مستندين إلى كوكبة من الرسائل بعثها الإمام إليه وهي صريحة في جرحه واتّهامه بالخيانة وما يدرينا لعلّ تلك الكتب مفتعلة للحطّ من شأنه والتقليل من أهمّيته فقد خلط التاريخ بكثير من الموضوعات افتعلها من لا حريجة له في الدين لدعم بعض السياسيّين في تلك العصور.

وعلى أي حال فإنّا نذكر بعض تلك الرسائل التي بعثها الإمام (عليه السلام) لابن عباس :

1 ـ كتب الإمام (عليه السلام) هذه الرسالة لابن عباس وجاء فيها : أمّا بعد فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت ربّك وعصيت إمامك وأخزيت أمانتك , بلغني أنّك جرّدت الأرض فأخذت ما تحت قدميك وأكلت ما تحت يديك فارفع إليّ حسابك واعلم أنّ حساب الله أعظم من حساب النّاس والسّلام.

وقد أجابه ابن عباس نافيا عنه هذه التهمة بما يلي : أمّا بعد فإنّ كلّ الذي بلغك باطل وأنا لما تحت يدي ضابط وعليه حافظ فلا تصدّق الضنين .

وجواب ابن عباس صريح في براءته من تهمة الخيانة وأنّه قد اتّهمه بذلك بعض حسّاده وأعدائه.

2 ـ وكتب الإمام (عليه السلام) إليه رسالة اخرى يسأله فيها ما أخذه من الجزية وجاء فيها : أمّا بعد فإنّه لا يسعني تركك حتّى تعلمني ما أخذت من الجزية من أين أخذته وما وضعت منها فيم وضعته فاتّق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك إيّاه فإنّ المتاع بما أنست رازمه قليل وتباعته وبيلة لا تبيد والسّلام .

وفي هذه الرسالة المطالبة بضرائب الجزية وتقديم حساب ما صرفه منها في الوجوه المخصّصة لها واشتملت وعظه وإرشاده إلى الطريق القويم.

3 ـ من الرسائل التي حملت طابع الشدّة والصرامة على ابن عبّاس هذه الرسالة التي رواها عبد الله بن عبيد عن أبي الكنود قال : كنت من أعوان عبد الله بن عباس بالبصرة فلمّا كان من ما كان أتيت عليّا فأخبرته فتلا قوله تعالى : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175] , ثمّ كتب معه هذه الرسالة إلى ابن عباس : أمّا بعد فإنّي كنت أشركتك في أمانتي ولم يكن من أهل بيتي رجل أوثق عندي منك بمواساتي ومؤازرتي بأداء الأمانة فلمّا رأيت الزّمان قد كلب على ابن عمّك والعدوّ يعني معاوية قد حرد وأمانة النّاس قد خربت وهذه الأمّة قد فتنت قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ ففارقته مع القوم المفارقين وخذلته أسوأ خذلان وخنته مع من خان فلا ابن عمّك آسيت ولا الأمانة أدّيت كأنّك لم تكن على بيّنة من ربّك وإنّما كدت أمّة محمّد عن دنياهم وغدرتهم عن فيئهم فلمّا أمكنتك الفرصة في خيانة الأمّة أسرعت الغدرة وعاجلت الوثبة فاختطفت ما قدرت من أموالهم وانقلبت بها إلى الحجاز كأنّك إنّما حزت على أهلك ميراثك من أبيك وأمّك , فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد؟ أما تخاف الحساب؟ أما تعلم أنّك تأكل حراما؟ وتشرب حراما؟ وتشتري الإماء وتنكحهم بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين في سبيل الله الّتي أفاء الله عليهم , فاتّق الله وأدّ إلى القوم أموالهم فإنّك والله! لئن لم تفعل وأمكنني الله منك لأعذرنّ إلى الله فيك فو الله! لو أنّ الحسن والحسين فعلا مثل الّذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولما تركتهما حتّى آخذ الحقّ منهما والسّلام .

وأنت ترى في هذه الرسالة من اللوم والتقريع والاستهانة بابن عباس ما يدعو إلى التأمّل في هذه الرسائل فإنّ ابن عباس أجلّ وأسمى من ذلك.

وأعلنت بعض المصادر أنّ ابن عباس ردّ ما أخذه من بيت المال فقد كتب أبو الأسود الدؤلي إلى الإمام أنّ ابن عباس أخذ من بيت المال عشرة آلاف درهم فكتب الإمام إليه يتهدّده بردّها فردّها ابن عباس أو أكثرها فلمّا علم الإمام كتب إليه بعد البسملة : أمّا بعد فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه فليكن سرورك بما نلت من آخرتك وليكن أسفك على ما فاتك منها وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا وليكن همّك فيما بعد الموت والسّلام.

ولمّا انتهت هذه الرسالة الحافلة بالوعظ والإرشاد علّق عليها ابن عباس قائلا : ما اتّعظت بكلام قطّ اتعاظي بكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ؛ وعلى أي حال فإنّ الذي أراه بمزيد من التأمّل أنّ اتّهام ابن عباس بالخيانة بعيد كلّ البعد عن سيرة هذا العملاق الذي تربّى في مدرسة الإمام (عليه السلام) وأخلص للإمام كأعظم ما يكون الإخلاص , فقد تولّى بصلابة مقاومة أعدائه والردّ عليهم بمنطقه الفيّاض وحججه الدامغة في حياة الإمام وبعد وفاته وهو أوّل من دعا له على المنابر وقد حزن عليه كأشدّ ما يكون الحزن وبكاه أمرّ البكاء حتى فقد بصره وكان يتوسّل إلى الله تعالى به ويجعله واسطة في قضاء مهمّاته فكيف ينحرف عنه ويخون بيت المال! وبالاضافة إلى ذلك فإنّ الإمام كان يكبر ابن عباس ويبجّله وقال فيه : لله درّ ابن عباس إن كان لينظر إلى الغيب من ستر رقيق .

ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الشبهة تصدّى إلى إبطالها عمرو بن عبيد في حديث له مع سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس فقد أنكر قول الإمام في ابن عباس : يفتينا في القملة والقميلة وطار بأموالنا في ليلة , كيف يقول هذا وابن عباس لم يفارق عليّا حتى قتل وشهد صلح الحسن وأي مال يجتمع في بيت المال بالبصرة مع حاجة عليّ (عليه السلام) إلى الأموال وهو يفرغ بيت مال الكوفة في كلّ خميس ويرشّه؟ قالوا : إنّه كان يقيل فيه فكيف يترك المال يجتمع بالبصرة؟ وهذا باطل وبهذا نطوي الحديث عن ولاية ابن عباس .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.