أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-03-2015
3545
التاريخ: 7-4-2016
4787
التاريخ: 7-03-2015
3098
التاريخ: 1-11-2017
3480
|
كان موقف الإمام الحسن (عليه السلام) من الزعازع والفتن السود التي تدع الحليم حيرانا موقف الحازم اليقظ فقد كان من حنكته وحسن تدبيره وبراعة حزمه فى مثل الانقلاب الذي مني به جيشه أن جمع الزعماء والوجوه فأخذ يبين لهم النتائج المرة والأضرار الجسيمة التي تترتب على مسالمة معاوية قائلا : ويلكم والله إن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي وإني أظن أني إن وضعت يدي فى يده فأسالمه لم يتركني أدين بدين جدي وإني أقدر أن أعبد الله عز وجل وحدي ولكن كأني أنظر الى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويطعمونهم بما جعل الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون فبعدا وسحقا لما كسبته أيديهم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ولم تنفع جميع المحاولات التي بذلها الإمام من أجل استقامتهم وصلاحهم فقد أخذ الموقف تزداد حراجته ويعظم بلاؤه وتشتد فيه الفتن والخطوب وقد وجد زعماء الجيش انشغال الإمام بمعالجة جرحه فرصة إلى الاتصال المفضوح بمعاوية والتزلف إليه بكل وسيلة وقد علم الإمام (عليه السلام) جميع ما صدر منهم من الخذلان والاتصال بالعدو ؛ حقا لقد كان موقف الإمام موقفا تمثلت فيه الحيرة والذهول ينظر الى معاوية فيرى حربه ضروريا يقضي به الدين ويلزم به الشرع وينظر الى الانقلاب والتفكك الذي أصيب به جيشه والى المؤمرات المفضوحة على اغتياله فينفض يده منهم وييأس من صلاحهم ومع ذلك أراد (عليه السلام) أن يمتحنهم ليرى موقفهم من الحرب لو اندلعت نارها فأمر (عليه السلام) بعض أصحابه أن ينادى في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الجمهور فقام فيهم خطيبا فقال بعد حمد الله والثناء عليه : والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع وكنتم فى مسيركم الى صفين ودينكم أمام دنياكم وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ألا وقد أصبحتم بين قتيلين قتيل بصفين تبكون عليه وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره وأما الباقي فخاذل وثائر ؛ وأعرب (عليه السلام) بهذا الخطاب البليغ عن بعض العوامل التي أدت الى تفككهم وانحلالهم وعرض عليهم بعد هذا دعوة معاوية في الصلح قائلا : ألا وان معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة فان أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه بظبات السيوف وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذناه بالرضا ؛ وما انتهى (عليه السلام) من هذه الكلمات إلا وارتفعت الأصوات من جميع جنبات الجمع وهي ذات مضمون واحد : البقية البقية .
ورأى (عليه السلام) بعد هذا الموقف أنه إن حارب معاوية حاربه بيد جذاء إذ لا ناصر له ولا معين ولم يكن هناك ركن شديد حتى يأوي إليه واستبانت له الخطط المفضوحة التي سلكها زعماء الجيش من تسليمه الى معاوية أسيرا أو اغتياله رأى بعد هذا كله ان الموقف يقضي بالسلم واستعجال الصلح ؛ وحدث يزيد بن وهب الجهني عن مدى استياء الامام وتذمره من أجلاف الكوفة وأوباشهم قال : دخلت عليه لما طعن فقلت له : يا ابن رسول الله ان الناس متحيرون ؛ فاندفع الامام يقول بأسى بالغ وحزن عميق : والله أرى معاوية خيرا لي هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمى وآمن به أهلي وشيعتي خير لي من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتى لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما والله لئن اسالمه وأنا عزيز أحب من أن يقتلني وأنا أسير أو يمن عليّ فتكون سبة على بني هاشم الى آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منّا والميت ؛ وأعرب الإمام فى حديثه عن مدى ما لاقاه من الاعتداء الغادر على حياته وكرامته من هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم شيعة له وانه سيبلغ بهم التفسخ الى أقصى حد فسيقتلونه أو يسلمونه أسيرا الى معاوية فيقتله أو يمن عليه فيسجل له بذلك يدا على الإمام وتكون سبة وعارا على بني هاشم الى آخر الدهر وأخذ (عليه السلام) بعد هذه الأحداث الخطيرة يجيل النظر ويقلب الرأي على وجوهه فى حرب معاوية وتصور المستقبل الملبد بالزعازع والاضطرابات التي تقرر المصير المخوف والنهاية المحتومة لدولته وحياته معا بل وعلى حياة الإسلام أيضا لأن القلة المؤمنة التي يحويها جيشه كانت بين ذرية النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) وبين حملة الدين الإسلامي المقدس من بقايا الصحابة وتلامذة أمير المؤمنين (عليه السلام) وهؤلاء إن طحنتهم الحرب تفنى معنويات الإسلام ويقضى على كيانه وتحطم عروشه لأنهم هم القائمون بنشر طاقاته ومضافا الى ذلك ان الإسلام لا يستفيد بتضحيتهم شيئا لأن معاوية بمكره سوف يلبسهم لباس الاعتداء ويوصمهم بالخروج عن الطاعة والإخلال بالأمن العام والقضاء عليهم أمر ضروري حفظا لحياة المسلمين من القلق والاضطراب.
حقا لقد تمثلت الحيرة والذهول في ذلك الموقف الرهيب والخروج من مأزقه يحتاج الى فكر ثاقب والى مزيد من التضحية والإقدام رأى الامام (عليه السلام) أن المصلحة التامة تقضي أن يصالح معاوية ويعمل بعد ذلك على تحطيم عروش دولته ويعرب للناس عاره وعياره ويظهر لهم الصور الإجرامية التي تتمثل فيه! لقد سالم (عليه السلام) وكانت المسالمة أمرا ضروريا يلزم بها العقل ويوجبها الشرع المقدس وتقتضيها حراجة الموقف .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|