أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-3-2016
3404
التاريخ: 22-6-2019
2109
التاريخ: 19-10-2015
3805
التاريخ: 7-5-2019
3288
|
ربح أبو بكر في خطابه السالف وكسب به الموقف فقد أثنى فيه على الأنصار ومجّد فيه جهادهم وجهودهم في خدمة الإسلام وبذلك قد أخمد نار الثورة في نفوسهم كما منّاهم بالحكم فجعلهم الوزراء وفنّد ما كان يختلج في نفوسهم من استبداد المهاجرين بالأمر واستئثارهم بالحكم وأفهمهم أنه إنّما قدّم المهاجرون ؛ لأن العرب لا تدين إلاّ لهم وكأنّ هذه القضية الإسلامية الكبرى من قضايا العرب وحدهم وليس لبقية المسلمين فيها حق؟!
وها هنا نكتة بارعة عمد إليها أبو بكر وهو أنه جعل نفسه حاكماً في هذا الأمر وجرّد نفسه من جميع الأطماع السياسية وبذلك فقد غزا نفوس الأنصار وملك قلوبهم وعواطفهم وانبرى عمر فأيّد مقالة صاحبه فقال : هيهات! لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يؤمّروكم ونبيّها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولّي أمرها مَن كانت النبوة فيهم وولي اُمورهم منهم ولنا بذلك على مَن أبى الحجّة الظاهرة والسلطان المبين مَن ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته إلاّ مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة؟
وليس في هذا الخطاب شيء جديد سوى التأكيد لِما قاله أبو بكر من أحقّية المهاجرين بخلافة النبي (صلّى الله عليه وآله) منهم أولياؤه وعشيرته.
يقول الاُستاذ محمد الكيلاني : إنه احتجّ عليهم بقرابة المهاجرين للرسول ومع ذلك فقد كان واجب العدل يقضي بأن تكون الخلافة لعلي بن أبي طالب ما دامت القرابة اتخذت سنداً لحيازة ميراث الرسول.
لقد كان العباس أقرب الناس إلى النبي وكان أحقّ الناس بالخلافة ولكنه تنازل بحقّه هذا لعلي فمن هنا صار لعلي الحقّ وحده في هذا المنصب ؛ وانبرى الحباب فردّ على عمر قائلاً : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه ؛ فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبَوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد وتولّوا عليهم هذه الاُمور فأنتم والله أحقّ بهذا الأمر منهم ؛ فإنه بأسيافكم دان الناس لهذا الدين مَن دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب أنا شبل في عرينة الأسد والله لو شئتم لنعيدنها جذعة والله لا يردّ أحد عليّ ما أقول إلاّ حطّمت أنفه بالسيف.
وحفل هذا الكلام بالعنف والتهديد والدعوة إلى الحرب وإجلاء المهاجرين عن يثرب كما عنى بالاعتزاز بنفسه والافتخار بشجاعته وقد ردّ عليه عمر وصاح به قائلاً : إذاً يقتلك الله.
فقال له الحباب : بل إيّاك يقتل ؛ وخاف أبو بكر من تطور الأحداث فالتفت إلى الأنصار فرشّح للخلافة صاحبيه عمر وأبا عبيدة فأسرع إليه عمر فأجابه بلباقة قائلاً : يكون هذا وأنت حي؟ ما كان أحد ليؤخّرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ويقول بعض المحققين : لا نعلم أنه متى أقامه رسول الله (صلى الله عليه واله) أو دلّل عليه وإنّما كان مع بقية إخوانه من المهاجرين جنوداً في سرية اُسامة ولو كان قد رشّحه لمنصب الخلافة وأقامه علماً ومرجعاً للاُمّة لأقامه معه في يثرب وما أخرجه إلى ساحات الجهاد وهو (صلّى الله عليه وآله) في ساعاته الأخيرة من حياته.
وعلى أيّ حال فقد بادر أعضاء حزبه بسرعة خاطفة إلى بيعته خوفاً من تطور الأحداث ؛ فبايعه عمر وبشير واُسيد بن حضير وعويم بن ساعدة ومعن بن عدي وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وخالد بن الوليد واشتدّ هؤلاء في حمل الناس وإرغامهم على مبايعته وكان من أشدّهم اندفاعاً وحماساً عمر بن الخطاب فقد جعل يجول ويصول ويدفع الناس دفعاً إلى البيعة وقد لعبت درّته شوطاً في الميدان وسمع الأنصار وهم يقولون : قتلتم سعداً.
فاندفع يقول بثورة وعنف : اقتلوه قتله الله فإنه صاحب فتنة ؛ وكادوا يقتلون سعداً وهو مزمل وجع وحمل إلى داره وهو صفر اليدين قد انهارت آماله وتبدّدت أحلامه ولمّا تمّت البيعة إلى أبي بكر أقبل به حزبه يزفّونه إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) زفاف العروس والنبي (صلّى الله عليه وآله) مسجّى في فراش الموت لم يغيبه عن عيون القوم مثواه قد انشغل الإمام أمير المؤمنين بتجهيزه ولمّا علم (عليه السّلام) ببيعة أبي بكر تمثّل بقول القائل :
وأصبح أقوامٌ يقولون ما اشتَهوا ويطغون لمّا غال زيداً غوائلُ
لقد تمّت البيعة لأبي بكر بهذه السرعة الخاطفة وقد أهمل فيها رأي العترة الطاهرة ولم يعن بها ومن ذلك اليوم واجهت جميع ألوان الرزايا والنكبات وما كارثة كربلاء وغيرها من المآسي التي حلّت بآل البيت (عليهم السّلام) إلاّ وهي متفرّعة من يوم السقيفة حسب ما نصّ عليه المحققون.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|