أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2016
546
التاريخ: 7-12-2015
439
التاريخ: 14-1-2016
458
التاريخ: 15-1-2016
498
|
...وهي أن يلتحم القتال ويحتمل الحال اشتغال بعضهم بالصلاة، فيفرقهم الامام فرقتين لينحاز(1) بطائفة إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو، فيصلي بهم ركعة، فإذا قام إلى الثانية، انفردوا واجبا وأتموا، والاخرى تحرسهم، ثم تأخذ الاولى مكان الثانية وتنحاز الثانية إلى الامام وهو ينتظرهم فيقتدون به في الثانية، فإذا جلس للتشهد في الثانية، قاموا فأتموا ولحقوا به، وسلم بهم، فيحصل للطائفة الاولى تكبيرة الافتتاح والثانية التسليم، وبه قال مالك وداود وأحمد والشافعي(2).لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه صلى يوم ذات الرقاع صلاة الخوف فصفت طائفة معه، وطائفة تجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفوا تجاه العدو، وجاءت الطائفة الاخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم(3).
ومن طريق الخاصة: قول الصادق عليه السلام، وقد سأله الحلبي عن صلاة الخوف: " يقوم الامام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه، وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الامام ركعة، ثم يقوم ويقومون معهم فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم يجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية، ثم يجلس الامام ويقومون هم يصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه"(4).وقال ابن أبى ليلى كقولنا، إلا أنه قال: يحرم بالطائفتين معا، ثم يصلي بإحداهما على ما قلناه(5).وقال أبو حنيفة: يصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم تنصرف إلى وجه العدو وهي في الصلاة، ثم تأتي الطائفة الاخرى إلى الامام فيصلي بها الركعة الاخرى ثم يسلم، ثم ترجع هذه الطائفة إلى وجه العدو وهي في الصلاة، ثم تأتي الطائفة الاولى إلى موضع الصلاة مع الامام، فتصلي ركعة منفردة وهي في الصلاة، ولا تقرأ فيها، لأنها في حكم الائتمام، ثم تنصرف إلى وجه العدو، ثم تأتي الطائفة الاخرى إلى موضع الامام، فتصلي الركعة الثانية منفردة، وتقرأ فيها، لأنها فارقت الامام بعد فراغه من الصلاة، فحكمها حكم المنفرد، لان عبدالله بن مسعود وعبد الله بن عمر رويا ذلك(6).
قال: وهو أولى مما ذهبتم إليه، لأنكم تجوزون للمأمومين مفارقة الامام قبل فراغة من الصلاة وهم الطائفة الاولى، وتجوزون للثانية المخالفة في الافعال، فيكون جالسا وهم قيام يأتون بركعة وهم في إمامته(7).
وما قلناه أشبه بالكتاب، وأحوط للصلاة، وأولى للحرب، لان قوله: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } [النساء: 102] يقتضى أن يسجدوا بعد صلاتهم معه، وذلك هو الركعة الاخرى. وقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ } [النساء: 102] يقتضي أن جميع صلاتها معه، وعنده تصلي معه ركعة، وعندنا جميع صلاتها معه أحدى الركعتين توافقه في أفعاله وقيامه، والثانية تأتي بها قبل سلامه، ثم تسلم معه. ومن مفهوم قوله: { لم يصلوا } أن الطائفة الاولى قد صلت جميع صلاتها، وعلى قولهم لم تصل إلا بعضها. وأما الاحتياط للصلاة فإن كل طائفة تأتى بصلاتها متوالية بعضها يوافق الامام فيها فعلا، وبعضها يفارقه، وتأتي به وحدها كالمسبوق، وعنده تنصرف في الصلاة، فإما أن تمشي وإما أن تركب. وهذا عمل كثير، وتستدبر القبلة. وهو ينافي الصلاة، وتفرق بين الركعتين تفريقا كثيرا بما ينافيها. ثم جعلوا الطائفة الاولى مؤتمة بالإمام بعد سلامه. ولا يجوز أن يكون المأموم مأموما في ركعة يأتي بها بعد سلام إمامه.
وأما الاولوية للحرب: فإنه يتمكن من الضرب والطعن وإعلام غيره بما يراه مما خفي عليه من أمر العدو، وتحذيره، وإعلام الذين مع الامام بما يحدث، ولا يمكن على قولهم ذلك. ولان مبنى صلاة الخوف على التخفيف، لأنهم في موضع الحاجة إليه. وعلى قولهم تطول الصلاة أضعاف حال الامن، لان كل طائفة تحتاج إلى المضي إلى مكان الصلاة، والرجوع إلى لقاء العدو، وانتظار مضي الطائفة الاخرى ورجوعها، فإن كان بين المكانين نصف ميل، احتاجت كل طائفة إلى مشي ميل، وانتظار الاخرى قدر مشى ميل وهي في الصلاة، ثم تحتاج إلى تكليف الرجوع إلى موضع الصلوة لإتمام الصلاة من غير حاجة إليه، ولا مصلحة تتعلق به، فلو احتاج إلا من إلى هذه الكلفة في الجماعة، سقطت، فكيف يكلف الخائف وهو في مظنة التخفيف والحاجة إلى الرفق !؟ ومفارقة الامام لعذر جائزة، ولا بد منها على القولين، فإنهم جوزوا للطائفة الاولى مفارقة الامام والذهاب إلى وجه العدو، وهذا أعظم مما ذكرناه، فإنه لا نظير له في الشرع، ولا يوجد مثله في موضع آخر. إذا عرفت هذا، فإن صلى بهم كمذهب أبي حنيفة، لم يجز، لما فيه من الفعل الكثير. وقال أحمد وابن جرير وبعض الشافعية: يجوز، لكن يكون قد ترك الاولى(8).
______________
(1) انحاز القوم: تركوا مكانا ومالوا إلى موضع آخر. العين - للخليل - 3: 275 " حيز " ولسان العرب 5: 340 " حوز ".
(2) الوجيز 1: 67، كفاية الاخيار 1: 98 - 99، السراج الوهاج: 92، المدونة الكبرى 1: 163، الكافي في فقه أهل المدينة: 72 - 73، التفريع 1: 237، حلية العلماء 2: 209، الشرح الكبير 2: 129 - 130.
(3) صحيح مسلم 1: 575 / 842، الموطأ 1: 183 / 1، سنن أبي داود 2: 13 / 1238، سنن البيهقي 3: 253.
(4) الكافي 3: 455 / 1، التهذيب 3: 171 - 172 / 379.
(5) بدائع الصنائع 1: 244، المبسوط للسرخسي 2: 46 وحكاه عنه أيضا الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 639، المسألة 410.
(6) سنن أبي داود 2: 15 و 16 / 1243 و 1244.
(7) اللباب 1: 123 - 124، الهداية للمرغيناني 1: 89، المجموع 4: 409، المغني 2: 254 - 255، حلية العلماء 2: 210.
(8) المجموع 4: 408 - 409، المغني 2: 257، حلية العلماء 2: 211.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|