المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24



ما هي الصفات المطلوب توافرها في الزوجة؟  
  
7313   01:44 صباحاً   التاريخ: 14-1-2016
المؤلف : أم زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور اسلامي
الجزء والصفحة : ص195-206
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مقبلون على الزواج /

واذا ما عرضنا الاحاديث الكريمة التي تصدى الشارع فيها لبيان الصفات التي لا بد للزوجة ان تتحلى بها رأيناها تعرض مجموعة صفات يتصل بعضها بالجانب الجسدي من المرأة بينما يتصل بعضها الاخر بالجانب الروحي منها. وتكون النظرة الى المرأة في الاحاديث في القسم الاول الى جمال المرأة ونضارتها وانها ولود، وما شابه من هذه الصفات الجمالية؛ التي تجعل من الزوجة لعبة للرجل)، تهفو اليها نفسه ويرتاح اليها سكنا له.

وأما الاحاديث من القسم الثاني فتتناول الجانب الروحي، وانها لابد أن تكون عفيفة وتحدد لها الاطار الخلقي الذي تتبعه الزوجة مع زوجها وما يعود الى ذلك مما يحفظ للزوج مخدعه، ومحضنه. لتصون له الولد ولتحفظ بذلك الأنساب.

وهذه الصفات هي :

1ـ جمال الزوجة :

لقد تكرر في لسان الاحاديث : (إنما المرأة لعبة الرجل) أو ( المرأة ريحانة) وما شاكل هذا من العبارات التي تحبب الزوجة في نظر الرجل وان اختيارها يجب أن يكون جامعا الى الجانب الروحي والجانب الجمالي لان الجمال مطلوب في المرأة حيث يكون له الأثر التام في تعلق الزوج بزوجته وزيادة رغبته لها حتى قال النبي (صلى الله عليه واله) : (أفضل نساء امتي اصبحهن وجهاً)(1). وفي مورد اخر يحدث (صلى الله عليه واله) قومه بأنه اذا أراد أن يجمع للمسلم خير الدنيا والاخرة تمنى له أموراً منها : (زوجة مؤمنة تسره اذا نظر اليها)(2).فلا غرابة اذا قال : (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه)(3).هذه الأحاديث وغيرها مما شابه هذا التعبير تحمل بين طياتها توجيهات دقيقة تحث الأفراد على الاقتران بالمرأة الجميلة. فمن سعادة الرجل أن تكون عنده المرأة البيضاء، التي تسره، ويجد بجانبها المتعة فتنسيه المتاعب ومشاكل الحياة، واما اذا كانت غير جميلة فان الرجل لا يجد عندها ما يشبع رغباته الجنسية والنفسية، ولذا تكون حياته شقاء لا سعادة فيها. ولا يكتفي الإمام بهذا المقدار من الارشاد الى الجانب الجمالي بل يتعدى بيان بعض الصفات التي لها التأثير الكامل في جمالها فيقول:(اذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فان الشعر احد الجمالين)(4).

ولكن هذا الترغيب الجسدي يجب أن يكون منضماً الى بقية الصفات الكمالية والا فالتوجه الى المرأة لأنها جميلة فقط ولا غير مما لا تحبذه الشريعة المقدسة. فهذا جابر بن عبدالله يحدث عن النبي (صلى الله عليه واله) قوله : (من تزوج امرأة لمالها وكله الله اليه. ومن تزوجها لجمالها رأى فيها ما يكره)(5) وجاء عنه في حديث آخر (ومن تزوج امرأة لجمالها جعل الله جمالها وبالا عليه)(6).

إن الزوجة في الوقت الذي يشبع الرجل فيها ميوله الجنسية كذلك هي الأم والمعلمة في بيتها، ولا يكفي لإداء هذا الدور الحساس تأمين الجانب الجمالي فيها بل لا بد من رعاية جميع الصفات الجمالية والكمالية. ولا بد لنا من التنبيه على ما قد يحصل من الالتباس من عرضنا للأخبار التي تعرضت لموضوع جمال الزوجة حيث مر علينا نوعان من الاخبار :

الأول : وقد جاء في قوله (صلى الله عليه واله) : (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه)(7)، ومثل

هذا مما جاء مشتملاً على الحث في اختيار الزوجة الحسناء.

اما الثاني : فقد جاء فيه قوله (صلى الله عليه واله) : (من تزوج امرأة لجمالها جعل الله جمالها وبالا عليه).

فكيف نوقف بين هذين النوعين من الاخبار؟ ولرفع الالتباس. يقول (عز الدين بحر العلوم في كتاب الزواج في القرآن والسنة): إن الجمال للمرأة من الكماليات التي لا بد للمرأة من التحلي بها ذلك لان للجمال اثره التام في اشباع رغبات الرجل وتحريك شهواته الجنسية. ولهذا نجد الطائفة الاولى او النوع الاول من الاخبار تؤكد على اختيار الزوجة الجميلة والحسناء اضافة الى بقية الصفات الكمالية الأخرى.

اما النوع الثاني : فان هذه الطائفة تمنع أن يكون هم الرجل الوحيد هو الجمال حيث يكون ذلك هو الدافع له لأقدامه على الاقتران بتلك المرأة تاركاً بقية القيم وضارباً بها عرض الجدار فيتزوج المرأة الفلانية لأنها جميلة مع غض النظر عن تدينها، وتحليها بالصفات التي لابد ان تكون فيها اذا اردت ان تكون مؤسسة بيت لا بائعة هوى، وعارضة جمال، وهذا ما نستفيده من تعبير الإمام (عليه السلام) في الخبر المتقدم حيث قال : (من تزوج امرأة لجمالها..) فاذا كانت الغاية او الهدف من الزواج هو جمال تلك الزوجة. فتكون النتيجة وبالا عليه. والسر فيه واضح فان هذا الزوج لم يلحظ حيث اقدم على الزواج بمثل هذه المرأة خلقها، ودينها، وامانتها ، والمنبت الذي تكونت فيه وهكذا بقية الصفات الحميدة. التي تجعل من المرأة طرفا اخر في عملية بناء البيت الزوجي، وتثبيت دعائمه، بل كل ما في القضية ان الرجل لاحظ في هذه المرأة جمالها ليشبع بها رغبته الجنسية وليسد بها نهمه لا غير. وقد حذر الرسول (صلى الله عليه واله) من اختيار الحسناء في منبت السوء كما جاء في الحديث: (اياكم وخضراء الدمن. قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء)(8).وطبيعي ان مثل هذه الشريكة لا يوافق لها في الغالب أن تكون ناجحة وبهذا يرتفع الالتباس الذي قد يظهر من وجود هاتين الطائفتين من الاخبار ونذكر لكم بعض الاحاديث عن الرسول (صلى الله عليه واله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) في اختيار الزوجة الصالحة.

1ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهن المؤمن : طعام يأكله. وثوب يلبسه وزوج صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه)(9)

2- عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال : (ما افاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة اذا راها سرته واذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)(10).

3- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله)  : (من سعادة المرء الزوجة الصالحة)(11).

4- عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : (خير نسائكم التي اذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء. واذا لبست لبست معه درع الحياء)(12).

5- عن ابي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (خير نسائكم الخمس. قيل: وما الخمس؟ قال: الهينة اللينة. المؤاتية التي اذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتى يرضى. واذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته فتلك عامل من عمال الله. و عامل الله لا يخيب)(13).

6- وقال أبو عبد الله (عليه السلام) : (خير نسائكم الطيبة الريح. الطيبة الطبخ التي اذا انفقت انفقت بمعروف. وان امسكت امسكت بمعروف. فتلك عامل من عمال الله وعامل الله لا يخيب

ولا يندم)(14).

7- وعن جابر بن عبد الله : كنا عند النبي، فسمعته يقول : (إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في اهلها الذليلة مع بعلها. المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله. وتطيع امره واذا خلا لها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل)(15).

ـ وما يستحب اجتنابه من صفات النساء :

عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : الا أخبركم بشرار نسائكم؟. (الذليلة في اهلها. والعزيزة مع بعلها. والعقيم. الحقود التي لا تتورع من قبيح. المتبرجة اذا غاب عنها بعلها. الحصان معه اذا حضر لا تسمع قوله ولا تطيع امره. واذا خلا لها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عند ركوبها. ولا تقبل منه عذراً ولا تغفر له ذنباً)(16).قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (شرار نسائكم المقفرة الدنسة، اللجوجة العاصية. الذليلة في قومها. العزيزة في نفسها. الحصان على زوجها الهلوك الى غيره)(17).

2- خلق الزوجة :

وكما كانت الجوانب الجمالية مطلوبة في المرأة كذلك نرى المشروع الإسلامي يؤكد على الجانب الأخلاقي منها ليحصل الانسجام بين الزوجين، فقد جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : (إن لي زوجة اذا دخلت تلقتني واذا خرجت شيعتني. واذا رأتني مهموما قالت لي : ما يهمك؟ ان كنت تهتم لرزق فقد تكفل لك به غيرك وان تهتم لأمر اخرتك فزادك الله هماً. فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): (وان لله عمالا وهذه من عماله لها نصف اجر الشهيد)(18).

هذا الخلق الرفيع وهذه المعاملة الرقيقة من هذه المرأة هو الذي جعلها تحصل على هذا التقدير من الله فكان لها نصف اجر الشهيد وهي جالسة في بيتها، لم تشترك في معركة ولم تقرب بسلاح، ولكنها بشرف تخوض معركة الحياة الكبرى بأبعادها الواسعة فتثبت دعائم الاسرة، وتجلب لزوجها الهدوء والاستقرار ليواصل كفاحه في هذه الحياة القاسية، تتلقاه اذا دخل الى بيته فتلقي عن كتفيه متاعب يومه وتنسيه بابتسامتها ما يلاقيه خارج الدار من معاكسات ومشاكسات تقتضيها طبيعة العمل الخارجي والاحتكاك بافراد المجتمع.

وتشيعه اذا خرج فتشحن فيه طاقة الحب والوفاء ليقوي بكلامها العذب ونظراتها الساحرة على ان يؤدي بإتقان جميع متطلبات عمله، فلا يتعثر في مسيرته اليومية. فهنيئاً لمثل هذه الزوجة ان تنال نصف اجر الشهيد بضمان من النبي الأكرم (صلى الله عليه واله)، وهي مع ذلك عامل من عمال الله سبحانه وتعالى، وسئل امير المؤمنين (عليه السلام) عن خير النساء فأجاب قائلاً: (التي اذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتى يرضى ، واذا غاب عنها زوجها حفظته في عيشه فتلك عامل من عمال الله وعامل الله لا يخيب ولا يندم)(19).

ففي هذا الجو المتماسك الاطراف المبتني على الحب، والتعاطف، والأخلاق الحميدة والصفات الفاضلة سينشأ الصغار ليتأثروا بهذه الدروس الأخلاقية ليكون كل منهم النواة الصالحة لإنشاء اسرة مستقلة تقوم دعائمها على أسس راسخة، من التعاطف الابوي بعد ان كان البيت هو المدرسة التي يتلقى الابناء فيه جميع معلوماتهم الأولية.

3- تدين الزوجة :

الدين هو العامل الوحيد الذي يضم حياة الانسان ازاء مجتمعه، ويجعله وجها لوجه امام الامر الواقع، فمهما كانت الرقابة الخارجية على الفرد سواء كانت تلك الرقابة من دولة او من شخص تخشى سطوته، بإمكان الفرد أن يرتكب الجريمة لو امن جانب من يلاحقه.

أما المتدين فان له من نفسه رقيب داخلي يسيطر عليه وينشر سلطانه الروحي، ليمنعه من التجاوز عما تقرره الشريعة المقدسة بإزاء حقوق الآخرين، وطبيعي ان استقرار المجتمع الانساني انما هو باستقرار افراده، وهذا لا يتم الا اذا خضع الفرد الى الرقابة الروحية لينعدم تلقائيا عصر الفساد، ويتغلب على ميكروب الجريمة فإماتة الشجرة، لا يكون الا باقتلاع جذورها، لا بقص ما تحمله من أغصان.

وعلى ذلك فاقتران رجل بامرأة غير متدينة معناه ان سيواجه مشاكل تهدم عليه حياته فضلا عن انها تفقده راحته واستقراره، نتيجة اقترانه بمن لا تتقيد بمبدأ ولا تتحلى بشرف وليس لها الى الفضيلة سبيل، فزوجة لا دين لها لا يأمن الزوج معها على نفسه وذريته، ولا يتم معها العيش.

فلا غرابة اذا راينا الاحاديث الشريفة تؤكد ضرورة اختيار الزوجة المؤمنة الصالحة لتحفظ زوجها في بيته وماله وسره ومعتقده، ولتقدم له مع كل هذا حظا شريفاً تحوطه قدسية العفة، ويجلله الطهر يقول النبي (صلى الله عليه واله) : (انظر اين تضع نفسك ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك وسرك)(20).

وللرجل ان ينظر اولا من هو الذي سيطلعه على سره، ودينه، وينكشف أمامه في كل الأمور. وعليه وسوف نعرض الاحاديث الكريمة لنر التأكيد على ملاحظة هذه النقطة الدقيقة أقواله :

ففي الخبر عن الإمام الباقر (عليه السلام) : (ان رجلا اتى رسول الله (صلى الله عليه واله) يتأمره في النكاح –أي يأخذ رأيه- فقال : نعم انكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك)(21).

وفي خبر آخر عنه (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه واله) قوله : (ان من القسم المصلح للمرء المسلم ان تكون له امرأة اذا نظر اليها سرته، وان غاب عنها حفظته وان امرها اطاعته)(22) وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله : (ما افاد عبد فائدة خيراً من زوجة صالحة اذا راها سرته، واذا غاب عنها حفظته، وان امرها اطاعته)(23). ويقول الامام ابو جعفر الباقر (عليه السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (قال عز وجل : اذا اردت ان اجمع للمسلم خير الدنيا وخير الاخرة جعلت له قلبا خاشعا، ولسانا شاكراً، وجسدا على البلاء صابراً، وزوجة مؤمنة تسره اذا نظر اليها، وتحفظه اذا غاب عنها في نفسه، وماله)(24).

4- الاصل او المعدن او الاروحة :

لو نظرت الى مجموعة مختارة من جميع أجناس الأرض واشكالها لوجدت انهم يختلفون في مظهرهم وخلقتهم اختلافاً بينا فهناك الطويل والقصير والالوان على اختلاف درجاتها من الاسود والابيض والاصفر.. وهناك اختلاف الاشكال والملامح والقسمات... بل ليس هناك انسان في الارض يشبه انسانا اخر من كل وجه بل لا بد أن يكون هناك اختلافاً ما، ولذلك لا تشبه بصمة اصبع بصمة اخرى ابداً.

وهذا الاختلاف الظاهري الشكلي يبدو تافها جدا وقليلاً جداً اذا قارناه بالاختلاف النفسي والخلقي، فنفوس الناس وصفاتهم الداخلية الخلقية تختلف اختلافا عظيماً جدا، واصدق وصف لاختلاف الناس هو قول الرسول (صلى الله عليه واله) : (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام اذا فقهوا)(25) وفي الحديث فوائد عظيمة جدا أهمها : إن كرم الأصل في الجاهلية يساعد على التحلي الكامل بأخلاق الإسلام والقيام بتعاليمه. فالإنسان (خامة) منها النوع الجيد جداً ومنها الرديئة كالفضة المغشوشة او المعدن المخلوط الذي لا يصلح مهما حاولت صناعته لشيء، وهناك فرق بين كرم الاصل ونقاوته، وشهرة العائلة والقبيلة، فقد يشتهر غير الكرام، وانما المقصود المدن البشري.

ولذلك يجب قبل الاقدام على الزواج النظر في اصول اهل الزوجة وان يكون الانتقاء لشريكة الحياة من اسرة عريقة عرفت بالصلاح والخلق، واصالة الشرف، وأروحه الزوجة وتناسلها من نطفة انحدرت من اصل كريم، وجدود أمجاد!!.. ولعل السر في هذا حتى ينجب الرجل أولادا مفطورين على معالي الامور، ومتطبعين بعادات أصيلة، وأخلاق اسلامية قويمة .. يرضعون منهن لبان المكارم والفضائل، ويكتسبون بشكل عفوي خصال الخير، ومكارم الأخلاق!!.. وانطلاقا من هذا المبدأ فقد أوصى رسول الله (صلى الله عليه واله) بهذا في حديثه (تخيروا لنطفكم فان العرق دساس)(26).

وهذا الانتفاء الذي وجه اليه الرسول (صلى الله عليه واله) يعد من اعظم الحقائق العلمية، والنظريات التربوية في العصر الحديث..، فعلم الوراثة اثبت ان الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والجسمية والعقلية منذ الولادة، فعندما يكون اختيار الزوج والزوجة على أساس الأصل والشرف والصلاح، فلا شك ان الأولاد ينشئون على خير ما ينشئون من العفة والطهر والاستقامة... وعندما يجتمع في الولد الوراثة الصالحة، وعامل التربية الفاضلة، يصل الولد الى القمة في الدين والأخلاق، ويكون مضرب المثل في التقوى والفضيلة.

فما على راغبي الزواج الا ان يحسنوا الاختيار، ويحكموا في رفيق الحياة الانتقاء، ان اراد أن تكون له ذرية صالحة. وسلالة طاهرة وابناء مؤمنون.

5- تفضيل ذوات الابكار وكذلك المرأة الولود :

ومن توجيهات الإسلام الرشيد في اختيار الزوجة ، تفضيل المرأة البكر على المرأة الثيب، والثيب : هي المرأة التي سبق لها ان تزوجت، لحكم بالغة وفوائد عظيمة.

فمن هذه الفوائد : حماية الأسرة مما ينغص عيشها، ويوقعها في حبائل الخصومات، وينشر في أجوائها ضباب المشاكل والعداوات.. وفي الوقت نفسه تثمين لأواصر المحبة الزوجية، لكون البكر مجبولة على الانس والالفة بأول انسان تكون في عصمته، وتلتقي معه، وتتعرف عليه... بخلاف المرأة الثيب، فقد لا تجد في الزوج الثاني الالفة التامة، والمحبة المتبادلة، والتعلق القلبي الصادق للفرق الكبير بين اخلاق الزوج الاول، ومعاملة الزوج الثاني، والروايات تؤكد على تفضيل ذوات الابكار: فعن إبراهيم الكرخي : قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة. وقد هممت ان اتزوج. فقال لي : انظر اين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك الى ان يقول : وهن ثلاث : فامرأة بكر ولود ودود تعين زوجها على دهره واخرته...)(27).

ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة انتقاء المرأة الولود ولقد تكرر نقل هذا المعنى عن رسول الله (صلى الله عليه واله) حيث كان يرغب في الزواج من امرأة ولود، ويؤثر محبتها على من كانت عفيفة لا تلد فقد جاء عن جابر بن عبدالله قوله : (كنا عند النبي (صلى الله عليه واله) فقال : خير نسائكم الولود)(28). اما شر النساء في نظره (صلى الله عليه واله) فهي (العقيم الجحود)(29).

وتأكيد المشرع الاعظم على هذه الجهة انما هو لتثبيت القواعد الأولية لبناء البيت الزوجي، ومن ورائه تشكيل الاسرة الوادعة بتركيز قواعدها متينة.

ويقول النبي (صلى الله عليه واله): (تزوجوا بكراً ولوداً ولا تتزوجوا حسناء عاقراً)(30).

إن الحسناء العاقر لا تشارك في بناء الأسرة بقدر ما تقوم به الولود ولو كانت سوداء كما يقول (صلى الله عليه واله) في حديث آخر : (اعلموا ان السوداء اذا كانت ولوداً احب الي من حسناء عاقر)(31) فالحياة الخصبة هي التي تكون في بيت زوجة ولود لتقدم الى مجتمعها السواعد التي ترسخ قواعده. والزوجة المعطاء في نتائجها هي التي عبرت عنها الاحاديث بانها : (الربيع المربع)(32).

حيث فسرت هذه الفقرة بانها التي في حجرها ولد وفي بطنها اخر، وننبه على ان النهي المذكور في الحديث ليس نهياً مولوياً ترتب عليه الحرمة، وبطلان النكاح، بل النهي في مثل هذا اللسان يحمل بين طياته الارشاد الى أن هذا الزواج لا يكون مثمرا في بناء الأسرة، وشد روابط البيت الزوجي، فلا يحقق الهدف الذي تتوخى الشريعة حصوله من الزواج ولذا كان الحديث الاخر شارحا لهذا النهي ورافعاً لهذا الالتباس حينما قال (صلى الله عليه واله) : (اعلموا ان السوداء اذا كانت ولودا احب الي من الحسناء العاقر)(33) فالقضية راجعة الى التفضيل، وان هذه انضج من تلك في عملية الولادة و الانتاج.

________________

1ـ وسائل الشيعة : ج14، باب6 ،ح8 ، ص16.

2- المصدر نفسه : ج14 ، باب9 ،ح10، ص23.

3- المصدر نفسه : ج14،باب4، ص37.

4- المصدر نفسه: ج14، باب21، ح3، ص37.

5- المصدر نفسه : ج14، باب14، ح5، ص31.

6- المصدر نفسه : ج14، باب14، ح11، ص32.

7- المصدر نفسه : ج13، باب14،ح4، ص37.

8- المصدر نفسه : ج14، باب7، ح7، ص19.

9- المصدر نفسه : ج14، باب 9، ح14، ص21.

10- وسائل الشيعة : ج14، باب2، ح5، ص7.

11- المصدر نفسه : ج14، ص16.

12- المصدر نفسه: ج14، باب6، ح3 ، ص15.

13- المصدر نفسه : ج14، باب6 ، ح4، ص15.

14- المصدر نفسه.

15- المصدر نفسه : ج14، باب6، ح2، ص14.

16- المصدر نفسه : ج14 ، باب 7 ،ح1، ص18.

17- المصدر نفسه : ح3 ص19.

18- المصدر نفسه ج14، باب6 ، ح14،ص17.

19- المصدر نفسه : ج14، باب6، ح4، ص15.

20- الكافي :5/323.

21- المصدر نفسه :ج14، باب9، ص21.

22- المصدر نفسه : ص23.

23- المصدر نفسه : ص23.

24- المصدر نفسه : ص23.

25- بحار الأنوار : 58/65.

26- التهذيب 7:402/1603.

27- وسائل الشيعة ج14، باب6 , ح1، ص14.

28- المصدر نفسه : ج14، باب6، ح2، ص14.

29- المصدر نفسه : ج14، باب 7، ح1 ص18.

30- وسائل الشيعة ج14، باب15، ح3، ص33.

31- المصدر نفسه : ج14: باب16، ح2، ص34.

32- ينظر المصدر نفسه :ج14، باب18، ح1، ص35.

33- وسائل الشيعة : ج20، باب15، ح3، ص54.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.