المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

تكاثر وطرق زراعة الثوم
7-12-2020
الصلاة وشباب الجيل
5-10-2014
التدهور البيئي نتيجة للامتداد العمراني وانشطة العشوائيات - في مجال مياه الشرب
26-6-2021
آداب لبس النعال والحذاء
22-6-2017
مفهوم الزراعة الحضرية
2-6-2019
صرف شيك اصطلاحا
10-1-2019


الوالدان والتربية بين الخوف والرجاء  
  
2008   06:43 مساءً   التاريخ: 10-1-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص358-363
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

لا شك ان حِجْر الوالدين هو المدرسة الاولى لتربية الطفل. لان الابوين مكلفان بتربية الطفل وتعليمه وفقا لما يتلاءم مع فهمه وادراكه واستعداده فهما يرغبانه بالمحاسن وفعلها ويحذرانه من المساوئ وارتكابها. لان الطفل اذا شعر بانه حر في فعل المساوئ والمحاسن وان الوالدين صامتان او راضيان ولم يبديا أي توجيه وارشاد لفعل الخير او تحذير ونهي عن فعل شر، وربما قد لا يرى الطفل قبال سلوكه غير المنضبط الا المحبة والحنان فانه حتما سينشأ مدللاً معجبا بنفسه يتوقع الاحترام والرضا بأفعاله حتى وان كانت سيئة من قبل كل الناس وذلك لان والديه غضا الطرف عن سيئاته وعاملاه بهذه المعاملة الخيالية من الاستنكار والتوجيه والارشاد.

ان مثل هذا التصرف من قبل الوالدين خطأ في خطأ وذو عواقب سيئة ونتائج خطيرة والصحيح هو: ان يعامل الطفل في البيت بين الخوف والرجاء ودائما وابدا فهو يرجو والديه المحبة والحنان ويخاف منهما الغضب والعقاب والشدة حتى لا يشعر بانه حر في فعل كل شيء وانما يحاسب على فعل القبيح ويمدح على الفعل الحسن.

ان الاباء والامهات يجب ان يتصفوا بهذه الصفات في كل مورد مناسب حتى ينشا الطفل وفق تربية جيدة وصحيحة واذا توفرت في اسرة هكذا تربية، قطعا ان الطفل سيشعر بالمسؤولية ويحس بها جيدا ولا ينشا معجبا بنفسه ابداً.

جاء في كتاب: ( در تربيت ص56 مترجم عن الفارسية) ما يلي: ( يلزم القيام بكل ما هو ضروري لحصة الطفل وحفظ سلامته فحينما يشكو الطفل من الزكام فلابد من مراقبة مزاجه وحفظه في مكان دافئ بعيدا عن البرد والرطوبة.... لكنه لو بكى بدون علة محسوسة يلزم تركه على حالة يصيح انّى يشاء، فلو عومل بغير ذلك نشأ بصورة حاكم مستبد.

اما عندما يكون الاهتمام به ضروريا فلا بد ان يكون ذلك بدون افراط بل يجب الاقتصار على قدر الضرورة. وهكذا الا يفرط في العطف تجاهه، ولا يصح مطلقا ان يؤخذ الطفل في مرحلة من مراحل حياته كاللهو، بل لابد ان ننظر اليه من اول مرة نظرة اهتمام وجد ونظرة داعية إلى ان هذا الطفل سيبلغ في غد ويصبح عضواً بارزا في المجتمع.

ولا ريب انه لا يمكن للطفل ان يستوعب جميع عادات الافراد البالغين ولكن علينا الابتعاد عما يقف حاجزا في طريق اكتسابه هذه العادات وبصرف النظر عن ذلك يجب ان نوجد في الطفل الاحساس بأهمية نفسه، الاحساس الذي ستؤلمه التجارب المستقبلة ولا يطابق الواقع في حال من الاحوال.

ان الطفل لو لم يراقب بدقة فانه سيشعر بذلك ويحكم بأهمية نفسه إلى درجة احساس ابويه بذلك، ولن ينظر اليه المجتمع في الحياة المقبلة نظرة الاستحسان والتقدير وستؤدي عاداته التي سببت انانيته بحيث يرى نفسه ذا مكانة عظيمة في الاوساط إلى اليأس او الحرمان)(1).

اجل، ان التذاذ الاباء والامهات الجاهلين بأفعال اطفالهم السيئة، وضحكهم بوجود اطفالهم المسيئين بدلا من مؤاخذتهم وتوبيخهم وتأديبهم وحبهم المفرط لهم، حيث لا مبرر له، مما يشجع الاطفال ويدفعهم على فعل الاعمال البذيئة ويسوفهم نحو الشقاء والاذى في الحياة.

ملاحظة جديرة بالاهتمام

وهنا ملاحظة مهمة ينبغي الاشارة اليها:

وهي ان الطفل المعجب بنفسه نتيجة المحبة المفرطة التي تلقاها من الوالدين، يتوقع دائما المدح من الاخرين واستحسانهم لأفعاله واحترامهم لشخصيته، وعندما يجد عدم الاعتناء والاحترام له يشعر بالدناءة ويحس بالحقارة ويتألم في باطنه كثيراً فيصبح مهيأ للإصابة : إما بداء روحي قد يقوده إلى الجنون واما ان يكون مجرما ذا اعمال شنيعة.

لذلك اهتم الاسلام الحنيف بهذا الموضوع وحذر كثيرا من الاعجاب بالنفس واعتبره رضا عن النفس مقرونا بسخط الله تعالى لقول امير المؤمنين علي (عليه السلام) : (رضا العبد عن نفسه مقرون بسخط ربه)(2).

وقد منع الاسلام ايضا من طلب الثناء لغير استحقاق واعتبره خرقا لقول امير المؤمنين (عليه السلام): ( طلب الثناء لغير استحقاق خرق)(3).

ومن قبل ذلك صرح القرآن الكريم متوعدا المعجبين بأنفسهم بأشد انواع العذاب، حيث قال :

{ولَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران: 188] .

وبالمناسبة هنا نذكر حديثا شريفا من سيرة الامام زين العابدين (عليه السلام) يصب في هذا الصدد:

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

(لما حضر محمد بن اسامة الموت دخلت عليه بنو هاشم فقال لهم قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم، وعليَّ دَين فاحب ان تضمنوه عني.

فقال علي بن الحسين (عليه السلام) : اما والله ثلث دَينك عليَّ، ثم سكت وسكتوا فقال علي بن الحسين(عليه السلام) : عليَّ دَينك كله. ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام) اما انه لم يمنعني ان اضمنه اولا الا كراهية ان يقولوا : سبقنا)(4).

وفي حديث اخر عن الامام الباقر (عليه السلام) قال : ( نظر ابي إلى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكئ على ذراع الاب، قال: (فما كلمة ابي مقتا له حتى فارق الدنيا)(5).

اجل، ان الامام (عليه السلام) لم يكلم هذا الاب المتكئ ابنه على ذراعه لأنه اخطأ خطأ تربوياً فادحا، فهذا الخطأ يقود الطفل إلى الدلال والغنج والاعجاب بالنفس، وهذا بدوره يؤدي إلى انهيار الطفل خلقيا وعدم تحمله للمسؤولية ومواجهة اعباء الحياة المختلفة، بمرور الوقت وكثرة حوادث الاخفاق والفشل التي يمر بها يصبح فردا عصابياً وسيء الاخلاق، ويفقد الصبر والثبات امام ابسط مشكلة، فيعيش تعيسا متشائماً.

وطبيعي ان مثل هذا الطفل، نتيجة لهذه التربية الخاطئة التي تلقّاها من قبل والده تكون نفسه ضعيفة ويفقد القدرة اللازمة عند الاصطدام بالحواجز و الالام مما يضطره في النهاية إلى الانسحاب من مقاومة مشاكل الحياة وامارات الفشل باديه بجلاء عليه، وان اولى مظاهر هذا الانسحاب تتمثل في التملق للآخرين والانزواء والرضوخ للذلة وما شابه ذلك . وربما يختم حياته بالانتحار الذي هو كالأجرام (وهو عبارة عن مظهر من مظاهر الشعور بالأنانية وعبادة الذات) كما يقول اهل الخبرة بهذا الخصوص.

وقد صدق امير المؤمنين علي (عليه السلام) حينما قال :

1ـ (بالرضا عن النفس تظهر السوءات والعيوب)(6).

2- (من رضي عن نفسه ظهرت عليه المعايب)(7).

إذن يجب على الوالدين ان يتحملا مسؤوليتهما ويربيا اطفالهما تربية صالحة يملؤها الايمان بالله سبحانه والاخلاص والاستقامة والواقعية وان يعودوهما ويلقنوهما منذ البداية دروسا في الجلد والثبات والشجاعة والصلابة ومقاومة مشاكل الحياة بصدر رحب وان يبعدوهما بقوة عن كل صورة من صور الدلال والاعجاب بالنفس. لان ذلك لا ينسجم مع قوة النفس والارادة بحال من الاحوال.

نعم، ان اتّباع الاساليب التربوية الصالحة، والاهتمام بالجوانب الدينية والعلمية والاعتدال في التعامل وعدم الافراط في المحبة والحنان وامور اخرى ذكرناها انفاً، يخلق لنا اطفالا وابناء اسوياء نطرح فيهم الثقة ولهم القدرة على الوقوف امام الصعوبات وحل المشاكل التي تواجههم في الحياة، وبالتالي يكونون اهلا لتحمل المسؤولية وتحقيق اهداف الامة المنشودة.

يجب ان يجسد الاباء انهم خير الاباء وليس شر الاباء لينقذوا اطفالهم من الانحراف والشقاء والانتحار، بل يكونوا حقيقة وواقعاً انهم خير الاباء وان ابنائهم خير الابناء.

____________________

1ـ انظر الطفل بين الوراثة والتربية: ص199.

2ـ غرر الحكم ودرر الكلم : 424.

3ـ غرر الحكم ودرر الكلم : 470.

4ـ روضة الكافي للكليني  : ص332.

5ـ مجموعة ورام: ج2، ص208.

6ـ غرر الحكم ودرر الكلم : 338.

7ـ غرر الحكم ودرر الكلم : 685.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.