أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
15413
التاريخ: 2024-11-18
127
التاريخ: 24-09-2014
14366
التاريخ: 8-11-2014
13235
|
زَعموا أنّ في القرآن تعابير جافية لا تتناسب وأدب الوحي الرفيع ؛ وذلك في مثل التعبير بالفَرج وهو اسم لسَوءة المرأة ، والتعبير بالخيانة بشأن أزواج أنبياء الله ، وهو فَضح امرأة تكون في حَصَانة زوجٍ كريم ، والتعبير باخسَؤُوا والتشبيه بالحِمار والكلب ، وكذا سائر التعابير الغليظة الجافّة في مثل {تَبَّتْ} [المسد: 1] و {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] ، والدعاء بالشرّ {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ } [المنافقون: 4] [التوبة: 30]... ومن أمثال هذا القبيل قد توجد في القرآن ممّا لا يوجد نظيره في غير من الكُتُب ذات الأدب الرفيع .
لكنّه زَعمٌ فاسدٌ ناشٍ عن الجهل بمصطلح اللغة ذلك العهد ، وخلط القديم بالجديد من الأعراف ، وإليك تفصيل الكلام عن ذلك :
{الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } [التحريم: 12]
جاء هذا التعبير في القرآن في موضعَين (1) فعابوا التصريح بسَوءة المرأة !
لكنّه تعبير كنائي وليس بصريح ؛ حيث المراد مِن الفَرج هنا هو خصوص جيب القميص وهو خَرقٌ مطوّق في أسفله .
قال ابن فارس : الفاء والراء والجيم ، أصلٌ صحيحٌ يدلّ على تفتّح في الشيء ، من ذلك : الفُرجة في الحائط وغيره والشقّ ، والفُرُوج : الثُغور التي بين مواضع المَخافة (2) .
قال : والجيب ، جيب القميص (3) وهو خَرقٌ مستطيل في قدّامه ، يقال : جِبْتُ القميص ، قَوَّرت جيبه وهو خَرقُه مِن وَسَطه خَرقاً مُستديراً ، وفي القرآن : {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] وهو خَرقٌ في صدر القميص ، ويقال : فلانٌ ناصح الجيب أي أمينه (4) ويقال : طاهر الجيب أي نزيهه .
فالفَرج في هكذا تعابير هي فُرجة القميص أي جيبه ، وهو عبارة عن خَرقٌ مطوّق في أسفله ، حسب العادة في قمصان العرب ، فإحصان الفَرج عبارة عن طهارة الذيل أي نزاهته عن دَنَس الفحشاء (5) .
وهو استعمال على الأصل العربي القديم والّذي جرى عليه القرآن الكريم على المصطلح الأَوّل ، أمّا أخيراً فغُلّب استعماله في سَوءة المرأة وهو استعمال مُستَحدث ، لا يُحمل القرآن عليه ، قال تعالى : {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: 35] ، { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ... وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30] و[النور: 31] كلّ ذلك كناية عن التحفظ على نزاهة الذيل عن دَنَس الفحشاء ، وليس اسماً خاصّاً للسَوءة ولا سيّما سَوءة المرأة .
( فَخَانَتَاهُمَا )
قال تعالى { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10].
عابوا فَضحَ امرأة هي زوجةُ عبدٍ صالح !
لكن التعبير بالخيانة هنا لا يُراد بها ارتكاب الفحشاء ، كلاّ ! وإنّما هو مجرّد مخالفة الزوج وإنكار رسالته ، قال الفيض الكاشاني : فَخَانَتاهما بالنفاق والتظاهر على الرسولَين (6) .
وهو تعريض ببعض أزواج النبي ( صلّى الله عليه وآله ) بإفشاء سرّه والتظاهر عليه ، كما جاء في صدر السورة ؛ ومِن ثَمّ فهو خطاب وعتاب مع تلك الأزواج : {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] .
قال ابن عبّاس : لم أَزل حريصاً أنْ أسأل عمر عن المرأتَين من أزواج النبيّ اللتَين قال الله بشأنهما : (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا... ) حتّى حجّ عمر وحَجَجتُ معه ، فلمّا كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرّز ثُمَ أتى فصببت على يديه فتوضّأ فقلت : يا أمير المؤمنين ، مَن المرأتان من أزواج النبيّ اللتان قال الله بشأنهما ذلك ؟ فقال : واعجباً لك يا ابن عبّاس ، هما عائشة وحفصة ، ثم أنشأ يُحدّثني بحديثهما في ذلك (7) .
___________________________
(1) في سورة الأنبياء : 91 : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا ) ، والتحريم : 12 : ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ) .
(2) معجم مقاييس اللغة ، ج 4 ، ص 498 .
(3) المصدر : ج 1 ، ص 491 و 497 .
(4) لسان العرب ، ج 1 ، ص 288 .
(5) ونظيره جاء التعبير في الفارسيّة بـ ( باكي دامن ) .
(6) تفسير الصافي ، ج 2 ، ص 720 .
(7) راجع : الدرّ المنثور ، ج 8 ، ص 220 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|