أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-6-2021
2239
التاريخ: 28-10-2017
2131
التاريخ: 11-1-2023
1183
التاريخ: 1-5-2021
2782
|
أمر الإسلام بإعطاء المحبة والمودة والرحمة للطفل الذي هو بأمس الحاجة إلى ذلك، لما لهذا من تأثير كبير في نمو الطفل نمواً سليماً، وتكامل شخصيته. واعتبر ذلك من العبادات التي يُثاب عليها الوالدين.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
((نظر الوالد إلى ولده حُبّاً له عبادة))(1).
وقبّل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين، فقال الأقرع ابن حابس: إنَّ لي عشرة من الأولاد ما قبلت واحداً منهم، فقال (صلى الله عليه وآله):
((ما علي إن نزع الله الرحمة منك))(2).
وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أن من موجبات رحمة الله بالإنسان هي في مقدار حبه لولده حيث قال:
((إن الله (عز وجل) ليرحم الرجل لشدة حبه لولده))(3).
ولأهمية هذه العلاقة في بناء العائلة الواحدة فقد أولى الإمام علي (عليه السلام) هذه العلاقة أهمية كبيرة. ونذكر فيما يلي نماذج من توجيهات الإمام (عليه السلام) لبناء علاقة سليمة بينهما في جو واحد تسوده المحبة.
الحقوق المتبادلة بينهما:
أ - حق الوالدين على الولد:
1- البر بالوالدين.
حيث يقول عليه السلام:
((بر الوالدين أكبر فريضة)).
((بروا آباءكم يبركُم أبناؤكم)).
((من بر والديه بره ولده))(4).
2- الطاعة للوالدين إلا في معصية الله سبحانه.
((إن للولد على الوالد حقاً، وإن للوالد على الولد حقاً، فحق الوالد على الولد أن يُطيعه في كلّ شيء، إلا في معصية الله سبحانه..))(5).
3ـ أن لا يُضيع حقهما ولا يَعُقَهما.
قال (عليه السلام): ((من العقوق إضاعة الحقوق))(6).
((من استنكف من أبويه فقد خالف الرشد)).
((شَرُّ الأولاد العاق)).
4ـ الإستفادة من تجارب الوالدين والإنتفاع من مواعظهم:
ففي وصيته (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام).
((والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عما لم يكلّفوا)).
ب - حق الولد على الوالدين:
أن يُحسّن اسمه، ويُحسن أدبه، وأن يُعلمه القرآن.
يقول (عليه السلام):
((حق الولد على الوالد أن يُحسّن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن))(7).
وفي وصيته (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) يقول:
((... وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه لا أجاوز ذلك بك إلى غيرك))(8).
2- التربية والتأديب في الصغر:
أجمع الباحثون والمحققون على أن للتربية في سن الطفولة دوراً كبيراً في بناء شخصية الإنسان وتكوين صفاته لأنها كالأرض الخالية بالنسبة إلى الفلاح، فعلى طبق ما يزرع تكون نتيجة الحصاد.
ففي وصيته (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) يشير الإمام إلى مضمون هذا الكلام حيث يقول:
((.. أي بني: إني بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصالاً منها قبل أن يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، وإنما قَلبُ الحَدَث كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيءٍ قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يَقْسُوَ قَلْبُكَ ويشتغل لبك ....
فما طاب سَقيه. طاب غَرْسُهُ وحَلَتَ ثَمَرَتَهُ، وَمَا خَبُثَ سَقيهُ، خَبُثَ غَرسُهُ وَأَمَرَّتَ ثَمَرَتَهُ))(9).
ثم يذكر (عليه السلام) أهم أهداف التربية والتعليم فيقول:
((.. فبادرتك بالأدب ... لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيَّتَهُ وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذاك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه))(10).
وقال (عليه السلام):
((خيرُ ما وَرَثَ الآباء الأبناء الأدب))(11).
فالملاحظة المهمة في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) هي تنبيه الوالدين لأن يُعطيا إهتماماً لتربية وتعليم أولادهما منذ الصغر، ويتيحا لهما فرصة كافية لبروز المواهب التي أودعها الله تعالى فيهم ولينشأوا نشأة سوية وقلب الطفل كما يقول (عليه السلام):
تربة خصبة تستقبل كل شيء من حسن وقبيح وشين ورزين. فإذا لم يبادر الوالدان إلى زرع القيم والأخلاق الكريمة وتقوى الله وذكر الله والإستقامة في الدين في هذه التربة الخصبة فإنَّ قلب الطفل يبقى معرضاً للإنحرافات الفكرية والسلوكية.
3- تعليمه ثقافة أهل البيت (عليه السلام):
قال (عليه السلام):
((علموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها))(12).
فبعض الفرق المنحرفة كانت تعمل على صرف أفكار المسلمين. وهذا الحديث يوجه الآباء والأمهات إلى تثقيف أبنائهم بالأحاديث والروايات المأثورة عن النبي وأهل بيته (عليه السلام) لئلا تستغلُ هذه الفِرق الفراغ الفكري والتربوي.
ـ قبسات من وصية الإمام علي (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام):
((أي بني، إني وإن لم أكن عمرّت عُمر من كان قبلي فقد نظرتُ في أعمالكم، وفكرت في أخبارهم، وسرتُ في آثارهم؛ حتى عدت كأحدهم بل كأني بما إنتهى إليَّ من أمورهم قد عُمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصتُ لك من كل أمر نخيله(13)، وتوَّخيت(14) لك جميله، وصرفتُ عنك مجهوله، ورأيت حيث عناني من أمرِك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت(15) عليه من أدبِك، أن يكون ذلك وأنت مقبل العمر ومُقتبل(16) الدَّهر، ذونيَّة سليمة ونفس صافية، وأن ابتدئك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أُجاوز ذلك بك إلى غيره.
ثم أشفقت(17) أن يلتبس(18) عليك ما اختلف النَّاسُ فيه في أهوائهم وآرائهم مثل الذي إلتبس عليهم، فكان إحكام ذلك على ما كرهتُ من تنبيهك لهُ، أحبَّ إليَّ من إسلامك إلى أمر لا آمنُ عليك به الهلكة، ورجوتُ أن يوفقك الله فيه لِرُشدِك، وأن يهديك لقصدِك، فعهدتُ إليك وصيتي هذه.
تقوى الله:
واعلم يا بني أن أحبَّ ما أنت آخذ به إليَّ من وصيتي تقوى الله والإقتصار على ما فرَضَهُ الله عليك، والأخذُ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنَّهُم لم يَدَعُوا أَن نَظَرُوا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مُفكِّر، ثم ردَّهُم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا.
العلاقة مع الناس:
يا بني اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تُحبُّ لنفسكَ، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تُظلم، وأحسن كما تحبّ أن يُحسَنَ إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وأرض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلَمُ وإن قلَّ ما تعلم، ولا تقل ما لا تحبُّ أن يقال لك.
زاد الآخرة:
واعلم أن أمامك طريقاً ذا مسافةٍ بعيدةٍ ومشقة شديدة وأنَّه لا غنى بك فيه عن حُسنِ الإرتياد(19)، وقدر بلاغِك من الزاد، مع خِفَّة الظهر، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك، فيكون ثقل ذلك وبالاً عليك، وإذا وجدت من أهل الفاقة(20) من يَحمِلُ لك زادك إلى يوم القيامة، فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحملهُ إِيَّاهُ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده. واغتنم من استقرضك في حال غناك، ليجعل قضاءه لك في يوم عُسرتِك.
ذكر الموت:
يا بني أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك وقد أخذت منه حِذْرَكَ(21) وشددتَ له أزرك(22)، ولا يأتيك بَغتَةٌ فيبهرك(23)، وإيَّاك أن تغتر بما ترى من إخلادِ أهل الدنيا إليها(24)، وتكالبهم(25) عليها، فقد نبّأك الله عنها، ونَعَت هي لك عن نفسها، وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلابٌ عاوية، وسباعُ ضاريةٌ(26) يَهرُّ(27) بعضُها على بعض، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهِرُ كبيرُها صغيرها ...
وصايا شتى:
فإنِّي أوصيك بتقوى الله ـ أي بني ـ ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبلِهِ، وأيُّ سببٍ أوثقُ من سببٍ بينك وبين الله إن أنت أخذت به!.
أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوَّهِ باليقين ونوره بالحكمة، وذلِّـله بذكر الموت، وقرِّرَهُ بالفناء(28)، وبصره فجائع الدُّنيا، وحذرهُ صَولَة الدَّهرِ وَفُحش تقلب الليالي والأيام، وأعرض عليه أخبار الماضي، وذكره بما أصاب من كان قَبلَكَ مِن الأولين، وسر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا وعمَّا انتقلوا، وأين حلوا ونزلوا!.
فإنَّك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبة، وحلوا ديار الغُربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم، فأصلح مثواك، ولا تبع آخرتك بدنياك، ودع القول فيما لا تعرفُ، والخطاب فيما لم تُكلّف..
يا بني إنِّي قد أنبأتُكَ عن الدنيا وحالها، وزوالها وانتقالها، وأنبأتك عن الآخرة وما أعدَّ لأهلها فيها، وضربت لك فيهما الأمثال، لتعتبر بها، وتخدو عليها...
قارن أهل الخير تكن منهم، وباين(29) أهل الشر تبن عنهم بئس الطعام الحرام! وظلم الضعيف أفحش الظلم! إذا كان الرفقُ خُرقاً(30) كان الخُرقُ رفقاً. ربَّما كان الدواء الداء، والداء دواء ...
ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حُراً. وما خَيْرُ خيرٍ لا يُنالُ إلا بشر. وَيُسر(31) لا يُنَالُ إلا بعسر(32)؟!.
وإن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنَّك مُدرك قَسْمَكَ، وآخذٌ سَهْمَكَ، وإنَّ اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خَلقِهِ وإن كان كُلُّ فيه...)).
__________________________________
(1) مستدرك وسائل الشيعة: النوري ج2 ص 624.
(2) بحار الأنوار: ج4 ص 93 ح 17.
(3) بحار الأنوار: ج4 ص9 ح7 ووسائل الشيعة، ج15 ص98 ح273، ووسائل
الشيعة ج15 ص 201 ح7650.
(4) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم: ص 407 الفصل الثالث.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 399.
(6) تصنيف غرر الحكم ص 407.
(7) نفس المصدر.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 399.
(9) نهج البلاغة: الرسالة 31.
(10) نهج البلاغة: الرسالة 31.
(11) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم ص 407.
(12) وسائل الشيعة الحر العاملي، ج 15 ص 197.
(13) النخيل: المختار المصفى.
(14) توخيت: أي تحريت.
(15) أجمعت عليه، أي عزمت.
(16) مُقتبلُ - بالفتح - من اقتبل الغلام فهو مقتبل وهو من الشواذ، والقياس مُقتبلٌ بكسر الباء لأنه اسم فاعل ومقتبل الإنسان: أول عمره.
(17) أشفقت: أي خشيت وخفت.
(18) إلتبس: غمض.
(19) الإرتياد: الطلب. وسنه: إتيانه من وجهه.
(20) الفاقة: الفقر.
(21) الحذر - بالكسر : الإحتراز والإحتراس.
(22) الأزر ـ بالفتح : القوة.
(23) بَهَرَ - كمنح - غلب، أي يغلبك على أمرك.
(24) إخلاد أهل الدنيا: سكونهم إليها.
(25) التكالب: التوائب.
(26) ضارية: مولعة بالإفتراس.
(27) يَهرُّ - بكسر الهاء ـ وهو صوته دون حاجة من قلة صبره على البرد. فقد شبّه الإمام أهل الدنيا بالكلاب العاوية.
(28) قرره بالفناء: اطلب منه الإقرار بالفناء.
(29) باين: أي باعد وجانب.
(30) الخُرق ـ بالضم: العنف.
(31) اليسر: السهولة، والمراد سعة العيش.
(32) العسر: الصعوبة والمراد ضيق العيش.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|