أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-06
992
التاريخ: 2024-10-01
160
التاريخ: 2024-03-24
629
التاريخ: 2024-02-10
1000
|
والظاهر أن «رعمسيس» قام بحملة ثانية لمحاربة «الآموريين» إذ نشاهده في منظر ينزل من عربته ويهاجم حصنًا وهو على قدميه، يساعده في ذلك جنود من المصريين ومن «الشردانا» الأجانب، ثم يُلاحَظ أن السوريين قد نكسوا حرابهم، وفي آن واحد رفع أحدهم الموقد علامة على الاستسلام، وقد كُتب على الحصن المتن التالي:
كلام نطق به رئيس بلدة «آمور» الخاسئ وأهل قبيلته في حضرة الحاكم الطيب، مثل «منتو»: «امنحنا النفس الذي تهبه حتى نستطيع تنفسه عند التحدث بشهرتك، لابن ابننا، وذكراك …»
وبعد ذلك نرى «رعمسيس» يحتفل بانتصاره هذا على السوريين. فنشاهده يقف على منصة يحيط به أتباعه، ثم تُعرض عليه ثلاثة صفوف من الأسرى الآسيويين يقدمهم له ولي العهد وموظفون مصريون، وقد تكلم الفرعون وأجابه الموظفون بالعبارات الاصطلاحية المألوفة. وقد نُقش فوق صورة ولي العهد ألقابه وهي: «ولي العهد، والكاتب الملكي، والقائد الأعلى للجيش «. وهو الذي أصبح — فيما بعد — «رعمسيس الرابع «.
وأخيرًا نجد «رعمسيس الثالث» في نهاية هذه الحروب كلها يقدم لثالوث «طيبة» أسرى يمثلون الحملات التي قام بها في بلاد «لوبيا» و«آسيا»، وعندئذ يخاطبه ثالوث «طيبة» بكلمات طيبة، ثم يرد عليهم الفرعون معترفًا لهم بالجميل، وبأنهم هم الذين ناصروه وأعزوه حتى استولى على كل هذه البلاد؛ ومن أجل ذلك يقدم لهم كل ما غنمه ويقول مخاطبًا «آمون»:
لقد استوليت على أهليهم وكل ممتلكاتهم، وكل حجر غالٍ فاخر في بلادهم أضعه أمامك يا سيد الآلهة، فهب من تحب! ليتك تعطي تاسوعك مثل ذلك، وإنها قوة ساعدك التي استولت عليهم، فالذكور منهم يعملون في مخازنك، ونساؤهم يَكُنَّ إماء لمعبدك، وإنك قد جعلتني أمد حدودي إلى حيث شئت، دون معارضة في أي أرض … الخ.
وبعد تقديم هؤلاء الأسرى نرى «رعمسيس الثالث» في آخر الأمر يضحي برؤساء كل الممالك التي تغلب عليها أمام الإله «آمون «.
وهنا نشاهده وهو يذبح أسرى من أجناس مختلفة أمام «آمون» الذي يمد له السيف، في حين نرى إلهة مقاطعة «طيبة» تقود له خمسة وعشرين ومائة إقليم أجنبي، يُرمز لكل منها بطغراء فيه اسم الإقليم، كأنه أسير في عنقه الأغلال.
وإذا صدَّقنا ما جاء في هذه القائمة عن البلاد التي فتحها، أو أخضعها «رعمسيس الثالث»، فإن الجيش المصري يكون قد وصل في فتوحه حتى «نهر الفرات»، غير أننا نشاهد على هذه القائمة أقوامًا قد اختفوا منذ زمن بعيد، مما يدل على أنها نُسخت من قوائم قديمة، وبخاصة قوائم «رعمسيس الثاني» الذي كان يريد سميه «رعمسيس الثالث» أن يقلده في كل شيء، وكذلك من قوائم الفاتح العظيم «تحتمس الثالث»؛ ولذلك يجب أن ننظر إلى ما في هذه القوائم بكثير من الحذر والتدقيق؛ إذ لا نعلم حتى في إقليم «الأرنت» إذا كان المصريون قد أمكنهم المحافظة عليه أم لا، ويُخيل إلينا أن الغرض الأساسي الذي من أجله قام «رعمسيس الثالث» بحملته على بلاد «سوريا» وبلاد «آمور»، هو خوفه من التعدي على أملاكه في بلاد «فلسطين»، التي كانت مرتبطة بمصر ارتباطًا وثيقًا منذ أقدم عهود التاريخ المصري، وحتى بلاد «فلسطين» نفسها كادت تفلت من أيدي المصريين؛ لأن كل الإقليم الساحلي قد احتله الفلسطينيون الذين وفدوا مع «أقوام البحار»، واحتلوا هذا الجزء من ساحل «البحر الأبيض المتوسط»، ولكن يدل ما لدينا من آثار على أنه كان في مقدور مصر أن تستمر في سيطرتها على بلاد «كنعان»، في عهد الملوك الذين خلفوا «رعمسيس الثالث» مدة ما. ولا أدل على ذلك من الكشوف التي عُملت في «مجدو» حديثًا؛ إذ وُجد فيها قاعدة تمثال للفرعون «رعمسيس السادس «.
ومما يلفت النظر في هذه الحروب الأخيرة التي شنها «رعمسيس الثالث» على «آسيا» بعد حربه مع بلاد «لوبيا» في السنة الحادية عشرة من حكمه؛ أننا لم نجد في النقوش ما يؤكد لنا بصفة قاطعة تواريخ تدل على أن هذه الحروب قد وقعت بعد الحرب اللوبية الثانية، غير أن شواهد الأحوال تشعر بذلك، وبخاصة ترتيب المناظر التي تركها «رعمسيس الثالث» على جدران معبد مدينة «هابو»؛ لأنها كانت قد نُقشت — على ما يظهر — على حسب ترتيبها التاريخي، كما فعل من قبله «سيتي الأول» في نقوشه التي على جدران معبد «الكرنك» (راجع الجزء السادس من مصر القديمة)، على أنه من الجائز جدًّا أن «رعمسيس» لم يقم بهذه الحروب إلا بعد القضاء على «أقوام البحار» من جهة الشمال، والقضاء على إغارة «اللوبيين» وأقوامهم في الغرب، وإلا لكان قد عرَّض بلاده نفسها لخطر ساحق من جهة «لوبيا» إذا كان قد قام بحرب للغزو والفتح في «آسيا» مع وجود أهل «لوبيا» شوكة لظهره في الغرب.
وعلى أية حال فإن موضوع تاريخ هذه الحروب لا يزال يكنفه بعض الغموض.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|