أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-23
803
التاريخ: 2023-09-12
1161
التاريخ: 2024-02-28
998
التاريخ: 2024-07-03
544
|
من أهم المقابر التي تسترعي النظر بصفة خاصة في عهد الأسرة التاسعة عشرة؛ مقبرة الكاهن الأول لروح الفرعون «تحتمس الأول»، وهو الذي وكل إليه أمر القيام بأداء الشعائر الدينية في معبد هذا الملك الجنازي الذي أقامه لنفسه في الجهة الغربية من «طيبة»، والظاهر من نقوش قبر هذا الكاهن أن وظيفته هذه كانت وراثية في أسرته التي يدِّعي أنها كانت عريقة في المجد، وأنه كان منها الوزراء، ورؤساء كهنة «آمون»، وما إلى ذلك مما كان يفخر به المصري عادة على جدران مقبرته التي كانت تُعد في نظره بمثابة سجل لأعماله، وتاريخ عصره، غير أننا نجد في هذه النقوش المبالغة الصارخة، والافتراء على التاريخ؛ ولذلك يشعر الأثري الحديث الذي خبر مقابر هذا العصر ودرس نقوشها، أن صاحب هذه المقبرة إما أنه كان يكتب لشعب لا يعرف التاريخ؛ فيزور فيه ويخترع كيف يشاء، وإما أننا لم نصل إلى حقيقة الأمر في فهم كنه ادعاءات «وسرحات» كما سنبين بعد. وتمتاز نقوش هذا الكاهن بميزات نذكرها فيما يأتي:
(1) تقدم لنا مناظر هذه المقبرة صورة واضحة عن حالة فن التصوير، وما طرأ عليه من تغير وبخاصة التلوين، وإدخال التظليل في التصوير المصري مما لم يسبق له مثيل من قبل.
(2) وكذلك نفهم من النقوش مقدار ما كانت عليه البلاد من رخاء، ونستنتج ذلك من الهدايا التي كانت تُقدم للمتوفى من مليكه، وما فيها من صناعات وفنون دقيقة تستحق الإعجاب. وكذلك تضع أمامنا صورة ناطقة عن زي هذا العصر، والتأنق في الملبس، وحب الأزهار، ومباهج الطبيعة.
(3) نشاهد فيها التغييرات التي حدثت في هذا القبر ونقوشه من محو وإثبات؛ مما يدل على محاولة اغتصابه من صاحبه، والدور الذي كان يلعبه كل من الكاهن والمرأة، وكذلك المنافسات التي كانت تقوم بين نساء الرجل الواحد.
(4) تقدم لنا مناظر هذا القبر صورة واضحة عن الشعائر الدينية التي كانت تؤدَّى للمتوفى عند دفنه، وصورة عن محاسبته في عالم الآخرة، وما طرأ على ذلك من تغير، وبخاصة الميزان، والدور الذي كان يلعبه في حساب المتوفى، وقد ظهرت أمامنا ظاهرة غريبة في هذا الصدد، وذلك أن المتوفى وقت حسابه في عالم الآخرة كان يوضع قلبه في كفة، والعدالة توضع في كفة أخرى، أما الآن فقد وجدنا مقبرة «وسرحات» أن جسم الرجل نفسه كان يوضع في كفة، وقلبه في كفة أخرى، وفي مقبرة أخرى وجدنا أن جسم المتوفى نفسه كان يوضع في كفة، والعدالة في كفة أخرى. ومن ذلك يمكن أن نستخلص أن الإنسان في هذا العهد قد بدأ يشعر بمحاسبة ضميره له؛ ولذلك كان يوضع ضميره الذي عبر عنه بالقلب في كفة، وجسمه في كفة أخرى، وهذا بالطبع أعلى ما وصل إليه الخلق الإنساني من الرقي، ولا غرابة في ذلك؛ فقد كان لتأثير ديانة «إخناتون» التي كانت تدعو للوحدانية، والعدالة المطلقة أثر قوي حتى بعد التغلب على مبادئها، والعودة إلى الديانة القديمة، يضاف إلى ذلك أننا نجد أن محاسبة الإنسان لنفسه ولضميره ومناجاته لربه والتنسك، كل ذلك قد ظهر بصفة بارزة في هذا العهد، وبخاصة بين أفراد الشعب، كما سنبين ذلك بعد. وسنحاول هنا أن نصف مناظر هذا القبر الذي يعد من أجمل المقابر الباقية لنا من هذا العهد على حسب الرسوم التي نقلها المستر «ديفز» (1) الأثري، والمفتن العظيم. نحت الكاهن «وسرحات» قبره في الجزء الأسفل من واجهة علوة «شيخ عبد القرنة» بالقلعة التي تسمى «الكوم الأحمر»، وقد عاصر الكاهن «وسرحات» كلًّا من الفرعونين «رعمسيس الأول»، و«سيتي الأول»، كما يستدل على ذلك من نقوش هذا القبر. ويحتوي القبر على ردهة صغيرة تمدُّنا بتاريخ الفن في النصف الأول من الأسرة التاسعة عشرة، ويصل إليها الإنسان من الشرق، وقد نحت في ركنها الشمالي الغربي لوحة جنازية، وتوصل هذه الردهة إلى قاعة مستطيلة بوساطة مرقاة مرتفعة بعض الشيء، وهذه القاعة تمتد على يمين الداخل ويساره، وقد نقشت جدرانها بالرسوم، والأشكال الزاهية الألوان، ومنها يصل الإنسان إلى حجرة أخرى بابها في المحور، غير أنها عارية من النقوش، ويرتكز سقفها على أربعة عمد مقطوعة في أصل الصخر، والظاهر أن إطار مدخل هذه الحجرة كان مغطى بملاط من الجبس، كما أن عمدها وسقفها قد غُطيت بطبقة من الطين، وفي نهايتها باب يؤدي إلى حجرة صغيرة بمثابة استراحة، وهذه الحجرة توصل إلى الحجرة التي دفن فيها الكاهن «وسرحات»، وبابها صغير جدًّا.
هذا، وفي قاعة العمد مكانان أُعدَّا للدفن، ويلحظ كذلك أن سقف القاعة الأولى مقبب، وقد نُقش عليه اسم صاحب المقبرة.
والمناظر التي على جدران هذه القاعة تنحصر فيما يأتي:
(1) مناظر خاصة بخدمة الكاهن «وسرحات» للآلهة، والملك «تحتمس الأول»، ومكافأته على هذه الخدمات.
(2) مناظر تصف لنا محاكمة المتوفى، وبراءته في عالم الآخرة، وكذلك ما ناله من مكافآت في الحياة الدنيا على يد الفرعون، وما كسبه في الحياة الآخرة أيضًا.
(3) منظر مثل فيه تمتع «وسرحات» بحديقته الجنازية.
................................................
1- راجع: Two Ramasside Tombs at Thebes. By Davies, Oxford 1927 نلفت النظر هنا إلى أن أرقام اللوحات التي أوردناها في الكلام عن هذا الموظف تشير إلى كتاب الأثري «ديفز» هذا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|