أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-13
246
التاريخ: 2024-05-23
938
التاريخ: 12-4-2016
2599
التاريخ: 3-6-2022
1847
|
تملك الدولة نوعين من الأموال وهما الأموال الخاصة وتسمى بالدومين الخاص والأموال العامة تسمى بالدومين العام ويخضع كل نوع من هذه الأموال إلى نظام قانوني مختلف عن الآخر. لذلك كان لابد من البحث عن معيار يميز الأموال الخاصة عن الأموال العامة (1). واختلف الفقهاء في تحديد المعيار المميز للأموال العامة واتجهوا في ذلك إلى معايير عدة وعلى النحو الاتي:-
الفرع الأول
معيار طبيعة المال العام
إن عمومية المال العام تستلزم تخصيصه لاستعمال الجمهور مباشرة مثل الطرق العامة والحدائق والأنهار العامة والشواطئ، ومضمون هذا المعيار هو العبرة في طبيعة المال ذاته لذلك يعد المال عاما إذا كان غير قابل للتملك الخاص ويكون مخصص لاستعمال الجمهور وبذلك وفقا لهذا المعيار تقوم عمومية المال العام على عنصرين الأول: تخصيص المال لاستعمال الجمهور مباشرة، والثاني عدم قابلية المال العام للتملك الخاص (2). وقد انتقد هذا الراي لعدة اسباب منها ، أن قابلية المال العام للتملك لا ترجع لطبيعته الخاصة، وأنما هي نتيجة لإضفاء صفة المال العام عليه كما أن الكثير من الأموال المعتبرة أموالا عامة كالطرق والقنوات المالية يستطيع الأفراد إنشائها وتصح الملكية الفردية الخاصة عليها (3)، وهو لا يستوعب جميع الأموال التي تُعدّ أموالاً عامة وإنه يقتصر على العقار دون المنقول ، وهنا يكون قد ضيق كثيراً من فكرة المال العام ، التي اتسعت في الوقت الحاضر ، وأصبحت مشمولة بحماية خاصة ومتميزة ، فضلاً عن ذلك فإنّه لا يوجد مال بطبيعته غير قابل للتملك الخاص ، إذ يمكن تصوّر ملكية خاصة لطريق أو ترعة ، وإن عدم قابلية المال العام للتملك الخاص ، هي نتيجة مترتبة على ثبوت صفة العمومية للمال ، وليست عنصراً أساسياً في طبيعة المال(4).
الفرع الثاني
معيار تخصص المال العام لمرفق عام
يرى أنصار هذا الاتجاه إن عمومية المال العام تتوافق مع معيار تخصصه لخدمة المرفق العام، ومن أبرز من قال بذلك الفقيه (ديجي) والذي يعد من أنصار مدرسة المرفق العام والتي ترى أن فكرة المرفق العام هي أساس القانون الإداري ومعيار لتحديد اختصاص القضاء الإداري، ورغم القناعات التي أيدت هذا الراي إلا إنه لم يسلم من النقد فوجهت له عدة انتقادات منها :-
1 - إن تخصيص المال العام لمرفق عام لا يعد كافيا لأن جميع الأموال عامة كالطرق العامة والشوارع والأنهار تعد أموالا عامة على الرغم من أنها ليست مخصصة لمرفق وسميت عامة لاستعمالها من قبل الجمهور مباشرة .
2- أموال مخصصة لمرفق العام ورغم أنها قليلة الأهمية بحيث لا يستوجب الحماية الخاصة المقررة للأموال العامة وهي تخدم مرفق عامة جوهرية كالأوراق والأقلام في المكاتب العامة (5)، ولتفادي الانتقادات حاول الفقيه الفرنسي (جيز) ادخال نوع من التحديد على فكرة التخصيص لمرفق عام فاشترط في المال لكي يعد عاماً أن يكون مخصصاً لمرفق عام جوهري وأن يقوم المال بالدور الرئيسي في خدمة المرفق العام وإدارته ولهذا يتم استبعاد المنقولات المستخدمة في المرافق العامة من نطاق الأموال العامة والثكنات العسكرية والمباني الحكومية والمدارس لأنها غير معدة إعداداً خاصاً لخدمة المرفق العام، لذلك لا يمكن اعتماد هذا المعيار للتمييز بين الأموال العامة والخاصة للدولة (6).
الفرع الثالث
معيار تخصيص المال العام للنفع العام
تعمل الإدارة العامة في تصريف الشؤون العامة وممارسة وظائفها الإدارية المقررة في القانون على اساس تحقيق النفع العام، وعندما تهيئ الدولة الأموال العامة للاستعمال العام إنما تسعى إلى تحقيق النفع العام بحيث يستفيد منها جميع الأفراد بدون استثناء وبالتساوي وتعد فكرة النفع العام هدفا نهائيا للمال العام والاساس الصحيح للحماية التي يقرها القانون له (7). وبسبب ما تقدم من نقد إلى المعايير السابقة فقد اتجه إلى الأخذ بمعيار مزدوج قوامه التخصيص لاستعمال الأفراد والتخصيص للمرافق العامة أن يكون المعيار المميز للمال العام هو تخصيصه للنفع العام سواء كان هذا المال مخصصاً لخدمة الجمهور مباشرة أم كان مخصصاً لخدمة المرافق العام ولا يشترط في التخصيص إن يكون دائمياً ويكفي إن يكون محققا بفعل الطبيعة أو بالقانون (8).
يتفق أنصار هذا المذهب أن معيار تحديد الأموال العامة لا يستمد من طبيعة المال نفسه أنما من تهيئة الإنسان له ومن تخصيصه للنفع العام سواء كان عن طريق استعمال الأفراد للمال استعمالاً مباشراً أو عن طريق الخدمة التي يؤديها لهم المرفق العام (9).
وقد ذهب بعض الفقه إلى ضرورة أن يكون تخصيص المال للمنفعة العام بقرار من الإدارة ويجب أن يكون المال العام ضرورياً ولازماً لتسيير المرفق العام وتحقيق المصلحة العامة. وبذلك فقد استقر رأي الفقه والقضاء أي كانت طريقة تخصيص المال العام هو ذلك المال الملوك لأحد الجهات الإدارية والتخصص المنفعة العامة (10) . في فرنسا اختلف الفقه على في الاتجاه إلى معيار واضح ومحدد لمفهوم المال العام وخلو القانون الفرنسي من ذلك، فقد استقر القضاء الفرنسي سواء كان الاعتيادي أو الإداري على معيار التخصيص للمنفعة العامة مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم التوسع في مفهوم المال العام، أذ أن المشرع الفرنسي أراد أن يتخذ نفس المعيار الذي استقر عليه القضاء الفرنسي إذ نصت المادة (20) من قانون توجيه النقل الداخلي الصادر عام 1982 بالقول ( الأموال العقارية المخصصة لمرفق عام النقل الحديدي والمعدة خصيصاً لهذا الغرض لها صفة المال العام .). ويُعد معيار المنفعة العامة أكثر المعايير تفاعلا مع المصلحة العامة وهذا ما أخذ به المشرع المصري صراحة ، وجاء في القانون المدني المصري بالقول المادة (87) من القانون المدني المصري المرقم 31 السنة 1948 (11)، على أنه ( تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وهذه الأموال لا يجوز التصرف بها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ) (12) ، ويكون المال عاماً بتوافر شرطين هما :-
الأول - إن يكون المال مملوكاً للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية ( المعنوية ) العامة المحلية أو المرفقية فالأموال المملوكة للأفراد أو الشركات أو الجمعيات الخاصة لا تعد أموالاً عامة وأن خصصت للنفع العام الثاني - أن يكون المال مخصصاً للمنفعة العامة، سواء أكان التخصيص لخدمة الجمهور مباشرة نحو الطرق والمتنزهات العامة، أم لخدمة المرافق العامة، هذا وقد فسر الفقه المصري مفهوم التخصيص للمنفعة العامة تفسيراً واسعاً، متضمناً الأموال المخصصة لمنفعة الأفراد بصورة مباشرة، أو تلك المخصصة لخدمة المرافق العامة (13)
أما في العراق فقد اخذ معياراً واضحاً للمال العام في نص القانون المدني العراقي جاء فيه: (تعد اموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون) وفي الفقرة الثانية من نفس المادة (هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم) (14). وفي ضوء ذلك يجب توفر شرطين لاعتبار المال عام.
الأول: أن يكون المال مملوك للدولة أو لأحد الأشخاص المعنوية العامة الثاني: أن يكون تخصص المال للمنفعة العامة، ويكون التخصص للمنفعة العامة بأحد الفرضين الأول بالفعل وهذا أن يكون المال متوفرا للانتفاع به مباشرة للجمهور دون تدخل السلطات بقانون أو قرار مثل الانتفاع بالطرق العامة والشواطئ والحدائق وهذه أموال عامة بطبيعتها والفرض الآخر التخصيص بالقانون وهو الواضح من نص المادة يكون التخصص في اصدار الدولة قانون يتضمن تخصيص المال للنفع العام، كالانتفاع بمرفق النقل والاتصالات ولا تعد أموال الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة أموالا عامة حتى وأن كانت متخصصة للنفع العام. وتزول هذه الأموال العامة بذات الطريقة التي نشأت بها بالفعل أو بالقانون (15) ومن الواضح حسم المشرع العراقي أمره ، ويرى بعض من الفقه في العراق (16) بضرورة هجر النظرية التقليدية للمال العام وإلغاء تقسيم أموال الدولة إلى أموال عامة وخاصة ، ويقترح تسميتها ( أموال الدولة ) ويرى أنّ المعيار الذي حددته الفقرة الأولى من المادة (71) من التقنين المدني العراقي قد تجاوزه المشرع . وذلك لأن صدور هذا القانون قد أعقبه تطوّرات تشريعية كبيرة ، إذ صدرت تشريعات متعدّدة لم يجر التمييز فيها بين الأموال العامة والخاصة المملوكة للدولة ، ففي قانون العقوبات العراقي جاء بالقول (.... مملوك للدولة أو احدى المؤسسات العامة أو احدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب) (17) ، وجاء في قانون الادعاء العام بالقول (..... الحفاظ على أموال الدولة ) (18) وفي قانون بيع وإيجار أموال الدولة ( 000 أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة ... )(19) . وفي صدور دستور العراق لعام 2005 لم يحسم الأمر المشرع الدستوري فيما يخص اعتناقه النظرية التقليدية للمال العام من عدمه، إذ جاءت المادة (27/(أولاً) من الدستور بالقول الأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن ومن ثم جاء المادة ذاتها في البند (ثانياً) بالقول ( تنظم بقانون، الأحكام الخاصة بحفظ أملاك الدولة وإدارتها وشروط التصرف فيها، والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الأموال ( من الواضح أن المشرع استعمل مصطلح الأموال العامة وخصها بالحماية في البند أولاً واستعمل مصطلح أموال الدولة في البند ثانياً هذا ما يفتح المجال إلى الاجتهاد والتأويل في عدم التزام المشرع الدستوري اتجاه محدد هذا الشأن. وبناءً على ما تقدم ندعو المشرع العراقي تجاوز هذه الفوضى التشريعية وما يترتب عليها من آثار سلبية من خلال سن قانون تنفيذاً لنص المادة (27/ثانياً) من الدستور يوضح من خلاله النظام القانوني لأموال الدولة.
الفرع الرابع
النتائج المترتبة على التمييز بين أموال الدولة العامة وأموال الدولة الخاصة
يترتب على التمييز بين الأموال العامة والأموال الخاصة للدولة نتائج قانونية عدة منها :
أولاً: خضوع أموال الدولة العامة لنظام قانوني متميز عن النظام القانوني الذي تخضع له أموال الدولة الخاصة والسبب يعود إلى إن الوظيفة الاساسية لأموال الدولة العامة هي تحقيق النفع العام وتخضع الأحكام القانون العام بصفة عامة وللقانون الإداري بصفة خاصة لأنه يضمن له حماية قانونية في حدود الوظيفة التي تؤديها، فيمنع التصرف فيها أو تملكها بمضي المدة أو الحجز عليها. أما الأموال الخاصة فتخضع لمبادئ وأحكام القانون المدني والتجاري التي تحكم الأموال الخاصة للأفراد، وبذلك يجوز التصرف في هذه الأموال أو الحجز عليها، من قبل الغير أو تملكها بالتقادم (20).
ثانياً: العقود التي تبرمها الجهات الإدارية العامة تعد عقود إدارية بشأن استخدمها لأموال الدولة العامة كعقود الأشغال العامة والتوريد والتزام المرافق العامة، وتخضع لأحكام العقود الإدارية والقانون الإداري، حيث أن العقود التي تبرمها الجهات الأخرى بشأن استغلالها للأموال الخاصة كعقود الايجار والتوريد والصيانة تعد عقود مدنية وتخضع لأحكام القانون المدني والتجاري والاختصاص القضاء المدني في الفصل بالمنازعات المتعلقة بها.
ثالثاً: التصرفات القانونية التي تجريها الجهات الإدارية العامة الأحادية الجانب في مناسبة إدارة أموالها العامة تعد من حيث الأصل قرارات إدارية تخضع لأحكام القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري في طلبات إلغائها أو وقف تنفيذها، أما التصرفات القانونية أحادية الجانب الصادرة عن الجهات الإدارية بمناسبة استغلالها لأموالها الخاصاً تعد تصرفات مدنية وقراراتها عادية تخضع لأحكام القانون المدني والتجاري وللمحاكم المدنية وحدها (21).
________________
1- مازن راضي ليو، القانون الاداري، ط1، دار المطبوعات الجامعية ،2005، ص 148.
2- انسام علي عبدالله النظام القانوني للأموال العامة دراسة مقارنة، مصدر سابق، ص312.
3- مازن راضي ليو، القانون الاداري المصدر السابق، ص 149.
4- محمد علي أحمد قطب ، الموسوعة القانونية والأمنية في حماية المال العام لا ، إيتراك للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2006 ، ص 5
5- طعيمة الجرف ، القانون الإداري، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1985، ص 350 .
6- انسام علي عبدالله النظام القانوني للأموال العامة دراسة مقارنة، مجلة الرافدين للحقوق ع 25 المجلد 2 2005 ، 313 .
7- حسن محمد عواضة المبادئ الاساسية للقانون الاداري دراسة مقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات وللنشر والتوزيع، ط1، بيروت، ص 168.
8- انسام علي عبدالله النظام القانوني للأموال العامة دراسة مقارنة ، مصدر سابق، ص 314.
9- طعيمه الجرف القانون الاداري دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط الادارة العامة، دار الحمامي، القاهرة، 1970، ص 359.
10- مازن راضي ليو، القانون الاداري، ط1، دار المطبوعات الجامعية ،2005، ص 150.
11- المادة (87) من القانون المدني المصري المرقم 131 لسنة 1948
12- ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ وأحكام القانون الإداري اللبناني ، الدار الجامعية للنشر ، 1983 ، ص 97 .
13- سليمان الطماوي، مبادئ القانون الإداري، طه، دار الفكر العربي، بلا مكان نشر 1966 ، ص 587 ، د. طعيمة الجرف القانون الإداري، مصدر سابق، ص 352 . إبراهيم عبد العزيز شيحا الأموال العامة، مصدر سابق، ص 117.
14- ينظر : المادة (71) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951.
15- مازن ليو راضي القانون الاداري، مصدر سابق، ص 151.
16- ماهر صالح علاوي الجبوري، مبادئ القانون الإداري ، دار الكتب للطباعة والنشر الموصل، 1996 ، ص 141
17- راجع نص المادة (444 11 ) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل .
18- راجع نص المادة (1) أولاً) من قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 المعدل .
19- راجع نص المادة (1) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (32) لسنة 1986 المعدل
20- محمد عبدالله الحراري، القانون الاداري الليبي، ط7، المكتبة الجامعية للنشر، بنغازي، 2019، ص 153.
21- المصدر اعلاه ذاته.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|