ما هو الخلاف الواقع بين المؤرخين حول فداء أسرى بدر أو قتلهم ؟ وهل بينت النصوص التاريخية موقف الرسول صلى الله عليه واله في المسألة ؟ |
617
10:28 صباحاً
التاريخ: 2024-05-21
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-07
582
التاريخ: 29-8-2020
2169
التاريخ: 2024-06-19
682
التاريخ: 2024-06-05
771
|
السؤال : ما هو تفسير الآية الشريفة التالية : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ... } [الأنفال: 67] بالإضافة إلى الردّ الذي نردّ به على من يقول : أنّ عمر بن الخطّاب أصاب في هذه الواقعة ، حيث كان يريد أن يقتل الخصم ، والرسول أراد أن يبقيهم ؟
الجواب : إنّ النصوص التاريخية التي نطمئنّ بصحّتها نقلت : بأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله كان رأيه أن يقتل أسرى معركة بدر ـ وهو الأصوب ـ ولكن لأجل إصرار بعض الصحابة ـ كأبي بكر ـ على عدم قتلهم وأخذ الفداء منهم ، قرّر صلى الله عليه وآله أن يأخذ منهم الفداء ، بعد أن أخبر أصحابه بأنّ نتيجة أخذ الفداء هو أن يقتل في العام القابل من المسلمين بعدد الأسرى ، فقبلوا ذلك ، وتحقّق ما أوعدهم به صلى الله عليه وآله في معركة أُحد.
وممّا يؤيّد هذا ما جاء في بعض النصوص : أنّ جبرائيل نزل على النبيّ صلى الله عليه وآله يوم بدر فقال : « يا محمّد إنّ الله قد كره ما صنع قومك ، من أخذهم الأسارى ، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين : أن يقدّموا فتضرب أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم ».
فذكر صلى الله عليه وآله ذلك لهم ، فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ـ وهذه الكلمة تشير إلى أنّ الذين قالوا ذلك هم من المهاجرين ـ لا بل نأخذ فداءهم ، فنقوى به على عدوّنا ، ويستشهد منّا عدّتهم (1).
فما تقدّم يدلّ على أنّ تخييرهم هذا إنّما كان بعد تأكيدهم على رغبتهم في أخذ الفداء ، وظهور إصرارهم عليه ، فأباح لهم ذلك.
ولكنّنا نجد روايات أُخرى تقرّر عكس ما ذكر آنفاً وتقول : إنّه صلى الله عليه وآله مال إلى رأي أبي بكر ـ أي إلى أخذ الفداء ـ ولكن عمر رفض ذلك ، وكان رأيه هو قتلهم ، فنزل القرآن بمخالفته وموافقة عمر ، وهذا غير صحيح ، لأنّ بعض علماء السنّة نصّ على أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله مال إلى القتل (2).
وذكر الجاحظ : أنّ الأُسرى قالوا : « لو بعثنا إلى أبي بكر ، فإنّه أوصل قريش لأرحامنا ، ولا نعلم أحداً آثر عند محمّد منه ؛ فبعثوا إلى أبي بكر فأتاهم فقالوا : يا أبا بكر ، إنّ فينا الآباء والأبناء ، والأخوان والعمومة ، وبني العمّ ، وأبعدنا قريب ، فكلّم صاحبك يمن علينا أو يفادينا ، قال : نعم ، لا آلوكم إن شاء الله خيراً ، ثمّ انصرف إلى النبيّ صلى الله عليه وآله » (3) ، وهذا دليل على أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يرض بأخذ الفداء ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ الالتزام بما ذكروه معناه تكذيب قوله تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
كما أنّه لا يبقى معنى ـ والحالة هذه ـ لأمر الله تعالى للناس بإطاعة الرسول حيث قال : {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] ، حتّى إذا امتثلوا الأمر الإلهي وأطاعوه يؤنّبهم ، ثمّ يتهدّدهم ، لقد كان يجب أن يتوجّه التأنيب والتهديد للرسول ، والمدح والثناء لهم ، لأنّهم عملوا بوظيفتهم.
وثالثاً : إنّ مجرّد الإشارة على الرسول بالفداء لا تستوجب عقاباً ، إذ غاية ما هناك أنّهم قد اختاروا غير الأصلح ، وعليه فلابدّ أن يكون ثمّة أمر آخر قد استحقوا العقاب لمخالفته ، وهو أنّهم حين أصرّوا على أخذ الفداء قد أصرّوا على مخالفة الرسول ، والتعلّق بعرض الحياة الدنيا في مقابل إرادة الله للآخرة ـ كما قال تعالى : {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67] ـ بعد بيان النبيّ صلى الله عليه وآله لهم بصورة صريحة ، إذ لا عقاب قبل البيان ثمّ المخالفة.
ولكن الله تكرّم وتفضّل عليهم ، وغفر لهم هذه المخالفة ، وأباح لهم أخذ الفداء تأليفاً لهم ، على ما فيه من عواقب وخيمة ، وقد بلغ من حبّهم لعرض الدنيا أنّهم قبلوا بهذه العواقب أيضاً.
بل يمكن أن يكون إصرار بعض المهاجرين على أخذ الفداء ، يرجع إلى أنّهم قد صعب عليهم قتل صناديد قريش ، حيث كانت تربطهم بهم صداقات ومصالح ووشائج رحم ، وقد استهوى موقفهم هذا جماعة من البسطاء والسذّج من سائر المسلمين الحاضرين.
فهذا التعاطف مع المشركين من قبل البعض ، ثمّ حبّ الحصول على المال ، قد جعلهم يستحقّون العذاب العظيم ، الذي إنّما يترتّب على سوء النيّات ، وعلى الإصرار على مخالفة الرسول ، والنفاق في المواقف والأقوال والحركات ، لاسيّما مع وجود رأي يطالب بقتل بني هاشم ، الذين أخرجهم المشركون كُرهاً ، ونهى الرسول صلى الله عليه وآله عن قتلهم ، مع ملاحظة : أنّه لم يشترك من قوم عمر أحد في حرب بدر.
_______________
1 ـ جامع البيان 4 / 222 ، زاد المسير 2 / 52 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 434 ، الدرّ المنثور 2 / 93 ، سبل الهدى والرشاد 4 / 61.
2 ـ الكامل في التاريخ 2 / 136.
3 ـ العثمانية : 67.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|