المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

شروط مكان المصلي
23-8-2017
Domain
20-7-2021
خاصية الإضافة Additional property
6-11-2015
الأسلاك النانوية
2023-12-06
التربة ومياه الري المناسبة للموالح
19-8-2022
انتقاء الزوج
24-7-2016


أحوال عدد من رجال الأسانيد / علي بن محمد بن قتيبة.  
  
936   10:04 صباحاً   التاريخ: 2024-03-16
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج3، ص 187 ــ 197.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

علي بن محمد بن قتيبة (1):

تقدّم بعض الكلام حول وثاقة هذا الرجل (2)، وينبغي إعادة البحث عنها بشيء من التفصيل:

فأقول: قد استدلّ لوثاقته أو لمدحه بما يقتضي قبول رواياته بوجوه:

(الأول): قول النجاشي في رجاله (3): (عليه اعتمد أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال).

وأجاب عنه السيد الأستاذ (قده) (4) بأنّ النجاشي بنفسه ذكر في حق الكشي أنّه يروي عن الضعفاء كثيراً، فأيّ قيمة لاعتماده على راوٍ؟!

ولكن ربّما يقال بالفرق بين رواية الكشي عن شخص واعتماده عليه، إذ الاعتماد يتوقف على الوثاقة، وإلا فكيف يعتمد على من ليس بثقة؟!

أقول: ذكر المحقق الأردبيلي (قده) (5) في مجمع الفائدة: (أنّ مجرّد قول النجاشي إنّه اعتمد عليه الكشي في كتاب رجاله لا يدل على توثيقه، بل يدل على جهل حاله عنده)، ونحوه ما ذكره العلويّ العامليّ في مناهج الأخيار (6).

وأشار المحقّق الشيخ محمد حفيد الشهيد الثاني في استقصاء الاعتبار (7) إلى أنّ ما حكاه النجاشي من اعتماد الكشي على القتيبي لا يقتضي قبول روايته، ولكنّه مع ذلك مال إلى قبولها واستشهد بكلام أستاذه الميرزا محمد الاسترابادي (قده) من أنّه معتمد، ويبدو أنّ مستنده في ذلك هو ما ذكره في مقدمة منهج المقال (8) في عداد أمارات الوثاقة والحسن والقوة قائلاً: (ومنها: اعتماد شیخ علی شخص، وهو أمارة الاعتماد عليه كما هو ظاهر، ويظهر من النجاشي والخلاصة في علي بن محمد بن قتيبة، فإذا كان جمع منهم اعتمدوا عليه فهو في مرتبة معتد بها من الاعتماد، وربّما يشير إلى الوثاقة، سيما إذا كثر منهم الاعتماد، وخصوصاً بعد ملاحظة ما نقل من اشتراطهم العدالة، وخصوصاً إذا كان ممّن يطعن في الرواية عن المجاهيل ونظائرها).

ويلاحظ عليه أنَّ من يمكن أن يُدّعى اعتمادهم على روايات القتيبي من المتقدّمين ـ دون مثل العلّامة ـ هم الصدوق والنجاشي بالإضافة إلى الكشي.

أمّا الصدوق فالقتيبي ليس من مشايخه المباشرين ليُدّعى اندراجه فيما ذكره المحقّق الشيخ حسن (قده) في مقدمة المنتقى (9) بقوله: (يروي المتقدّمون من علمائنا (رضي الله عنهم) عن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم، وليس لهم ذكر في كتب الرجال، والبناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين، ويشكل بأنّ قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أولئك الأجلّاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخاً يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به)، مع أنّ هذا الكلام ممّا لا يمكن الالتزام به على إطلاقه على ما هو موضّح في محله.

وأمّا النجاشي فلم يظهر اعتماده على القتيبيّ حتّى في مورد واحد على ما سيأتي الوجه فيه، وأمّا الكشي فينبغي الإشارة أولاً إلى أنّ قول النجاشي: (عليه اعتمد أبو عمرو..) يحتمل عدّة وجوه:

الأول: أنّه وجد في نسخة رجال الكشي - التي لم تصل إلينا وإنّما وصل اختيار الشيخ منه - تصريحاً من الكشي باعتماده على القتيبي فيما ينقله وأخذه به.

الثاني: أنّه وجد في مواضع من كتاب الرجال - ممّا لم يذكره الشيخ في اختياره - ما يظهر منه اعتماد الكشي على القتيبي.

الثالث: أنّه استظهر من إكثار الكشي النقل عنه وإيراد ما كان يرويه عن الفضل بن شاذان وغيره في عشرات الموارد أنّه كان موضع اعتماده.

وعلى الوجه الأخير يكون ما ذكره النجاشي مجرّد اجتهاد منه ولا يمكن الاستناد إليه، ولو أراد بالاعتماد مجرّد أنّ الكشي عوّل على روايات القتيبيّ في تأليف كتابه - حيث تشكّل نسبة معتدّ بها ممّا ورد فيه ـ فهو لا يقتضي كونه ثقة عنده بوجه، فإنّ حاله في ذلك حال بعض آخر كنصر بن الصباح الذي أورد من رواياته وكلماته ما يزيد على ما أورده عن القتيبيّ مع اعترافه بغلوّه.

وأمّا ما ورد في ذيل ترجمة يونس بن عبد الرحمن (10) من استشهاده بما حكي عن الفضل بشأن موقف أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن حديد من يونس مع أنّ الراوي للحكاية هو القتيبيّ فلا يصلح لوحده شاهداً على اعتماده عليه بصورة عامّة، إذ لعلّه وثّق بما حكاه عن الفضل لاقترانه بخبر آخر لم ينقله الشيخ في اختياره من رجال الكشي اختصاراً كما نجد أنّه لم ينقل بقيّة كلام الكشي في مناقشة الروايات الدالّة على ذمِّ يونس مقتصراً على الإشارة إليها بقوله: (وتكلّم عن الأحاديث الأخر بما يشاكل هذا)، ويحتمل أيضاً أنّ الكشي لمّا كان بصدد الجواب عن الروايات الذامّة ليونس لم يجد بُدًّا من الاستشهاد بكلام الفضل وإن كان راويه القتيبيّ، هذا كلّه على الوجه الأخير.

وأمّا على الوجهين الأوّلين فيأتي السؤال المتقدّم، وهو هل إنّ اعتماد الكشي على القتيبيّ يقتضي كونه ثقة عنده؟

والجواب: أنّه لا يقتضي ذلك، إذ الاعتماد على الراوي إنّما هو بمعنى الأخذ برواياته وترتيب الأثر عليها، وهو أعمّ من كونه ثقة عند من يعتمد عليه وعدمه، فإنَّ هناك من لا يأخذ إلا بروايات الثقات وهناك غيره ممّن يكون متسامحاً فيأخذ حتى بروايات من لم تثبت عنده وثاقته، وهذا واضح لمن يتتبّع أحوال المؤرّخين والمترجمين، ولم يعلم أنّ الكشي من أيّ من الصنفين في ما بنى عليه في كتاب الرجال بل مقتضى بعض الشواهد هو أنّه من الصنف الثاني، ولا سيما مع إكثاره النقل عن بعض من أقرَّ بكونه من الغلاة كنصر بن الصباح، بل ربّما يظهر منه أنّه كان من أركانهم(11)، وكذلك روايته عن محمد بن بحر النرماشيري الذي نصَّ على كونه من الغلاة الحنقين (12).

(الثاني): أورد الصدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (13) حديث محض الإسلام بطريق عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن القتيبي عن الفضل، ثم أشار إلى مواضع الاختلاف بينه وبين ما رواه قنبر بن علي بن شاذان عن أبيه عن الفضل، وقال: حديث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس رضي الله عنه عندي أصح ولا قوة الا بالله).

فربّما قيل: إنّ هذا الكلام يدلّ على وثاقة ابن عبدوس والقتيبي، ولكن الظاهر أنَّ نظر الصدوق فيه إلى الأصحيّة من حيث المضمون لا الطريق، فليراجع.

(الثالث): روى النجاشي في رجاله (14) في ترجمة محمد بن عيسى العبيديّ رواية عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل أنّه كان يحب العبيدي ويمدحه ويثني عليه وعقب عليها بقوله: (بحسبك هذا الثناء من الفضل، فقد يقال: إنَّ هذا التعقيب يدل على اعتماد النجاشي على نقل القتيبي مدح الفضل للعبيدي، وكذلك روى في ترجمة يونس بن عبد الرحمن (15) بإسناده عن الكشي عن القتيبي عن الفضل عن عبد العزيز بن المهتدي أنّه قال للرضا (عليه السلام): (إنّي لا أقدر على لقائك في كل وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن) وعقّب النجاشي عليه بقوله: (وهذه منزلة عظيمة).

وفي ترجمة محمد بن سنان (16) حكى عن الكشي قائلاً: (قد ذكر أبو عمرو في رجاله قال: أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوريّ قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان)، ويبدو منه أيضاً الاعتماد على نقل القتيبي عن الفضل.

ويمكن أن يجاب عن الأول: بأنَّ اعتماد النجاشي على نقل القتيبي لا يكفي دليلا على وثاقة الرجل عنده؛ لأنّه قد يكون اطمأنَّ بصحّة النقل اعتماداً على بعض القرائن الخارجيّة، فإنَّ حصول الوثوق ببعض أخبار من لم تثبت وثاقته غير عزيز، ويجوز أنَّ النجاشي وثّق بصحّة ما حكاه القتيبي عن الفضل؛ لأنّه كان لديه شواهد معيّنة على أنّ موقف الفضل من العبيدي كان إيجابيّاً على خلاف مواقف القميّين.

هذا إذا كانت جملة: (بحسبك هذا الثناء من الفضل) من كلام النجاشي كما بنى عليه المعظم، ويظهر من النراقي (17) أنّها من كلام الكشي أو القتيبي، ولكن الملاحظ أنّها لم ترد في اختيار الشيخ من رجال الكشي (18)، اللهمّ إلا أن يحتمل أنّها كانت في الأصل ولكن الشيخ لم ينقلها ولعلّه باعتقاد كونها من الكشي، ومقتضاها الإقرار بوثاقة العبيدي بل جلالته مع أنّ الشيخ بني على ضعفه كما كرّر ذلك في غير موضع (19)، فليتأمّل.

وأمّا ما أورده النجاشي بطريق القتيبي في مدح يونس بن عبد الرحمن فيحتمل أنّه وثق به من خلال روايته بطريق آخر أيضاً وهو ما ورد في اختيار الشيخ (20) وقد أشار إليه النجاشي بقوله: (ومثله رواه الكشي عن الحسن بن علي بن يقطين سواء). وأمّا ما حكاه عن القتيبي عن الفضل في القدح في محمد بن سنان فلم يظهر اعتماده عليه، ولعلّه ذكره شاهداً ومؤيداً.

وبالجملة: ليس في كلمات النجاشي ما يقتضي كون القتيبي مقبول الرواية عنده، بل اقتصاره في ترجمته على الإشارة إلى اعتماد الكشي عليه ـ الذي ذكر بنفسه كثرة روايته عن الضعفاء - من دون أن يبيّن حاله عنده ربّما يشير ـ كما نبَّه عليه المحقّق الأردبيليّ والسيد العلويّ العامليّ - إلى عدم علمه بحاله أو توقّفه بشأنه. فليتدبّر.

(الرابع): قول الشيخ في رجاله (21) في حق القتيبي: (فاضل) فقد يقال: إنّ هذا مدح له، فتعدّ روايته من الحسان، فتكون معتمدة على ما هو الصحيح من اعتبار الحسنة كالصحيحة.

وأجاب السيد الأستاذ (قده) (22) عن هذا الوجه بأنّ (الفضل) لا يعد مدحاً في الراوي بما هو راوٍ، وإنّما هو مدح للرجل في نفسه باعتبار اتصافه بالكمالات والعلوم.

ولكن قد يقال (23): بأنَّ التنبيه على فضيلة الراوي من دون قدح فيه ظاهر في مدحه بما هو راوٍ بنحو يناسب الاعتماد عليه، إلا أنّ هذا الكلام غير تام، فإنّه لا ظهور للتوصيف بالفضل في ذلك.

مضافًا إلى أنَّ المراجع للكتب الرجاليّة يلاحظ أنّ التوصيف بـ(فاضل) يأتي في مقابل التوثيق وما بمعناه، ومن نماذج ذلك أنّ الشيخ (قده) الذي وصف القتيبي في كتاب الرجال بأنّه فاضل واقتصر على ذلك، ذكر بعد ترجمة واحدة علي بن محمد الخلقي قائلاً: (ثقة فاضل) وذكر بعد أربع تراجم علي بن إسماعيل الدهقان وقال: (زاهد خير فاضل).

وعلى ذلك، فإنَّ توصيف الراوي بأنّه فاضل لا يدل على مدحه من حيث كونه راوياً ليقتضي اندراج روايته في الحسان.

على أنّه قد يقال: لا وجه للبناء على اعتبار الحسنة، فإنّه إن بني على حجيّة خبر الثقة فإن لم يبلغ المدح حد التوثيق فلا دليل على حجية الخبر، وإن بلغ هذا الحد فلا يصلح أن يذكر في مقابله.

أقول: ذكر السيد الأستاذ (قده) في أصوله (24): (أنّه لا يخفى أنّ مقتضى السيرة حجيّة الصحيحة والحسنة والموثّقة، فإنّها قائمة على العمل بهذه الأقسام الثلاثة، فإذا بلغ أمر المولى إلى عبده بنقل عادل، أو بنقل إمامي ممدوح لم يظهر فسقه ولا عدالته، أو بنقل ثقة غير إمامي، لا يكون العبد معذوراً في مخالفة أمر المولى في نظر العقلاء).

وليس المقصود بما أفاده (قده) هو جريان السيرة على العمل بالصحيحة والحسنة والموثّقة بعناوينها، فإنَّ هذا غير محتمل، بل المراد جريانها على العمل بخبر الثقة - وهو من لا يتعمّد الكذب ولا يقلّ ضبطه عن المقدار المتعارف - سواء ثبتت عدالته أو لم تثبت بل حتى لو ثبت عدم عدالته، علماً أنّ بين العدالة والوثاقة عموماً من وجه، إذ ربّما يكون عادلاً ولكن ليس ضابطاً فلا يعد ثقة.

وبالجملة: المراد بالحسنة هو خبر الإمامي الذي لم تثبت عدالته ولكن ثبتت وثاقته، ولذلك ذكر له في ترجمة خيثمة بن عبد الرحمن (25) أنّه من الحسان؛ لأنَّ النجاشي عدّه وجهاً في أصحابنا وهو مدح يقرب من التوثيق، وقال في ترجمة محمد بن الحسن بن علي بن فضال (26) أن عدّه من أجلّة الفقهاء ـ كما في كلام ابن مسعود - مدح يعتد به وهو لا يقصر عن التوثيق.

وبذلك يظهر أنّ المقصود بالمدح هو ما يبلغ حد التوثيق، وأنّ ذكر الحسنة في مقابل الموثّقة إنّما هو من جهة ما اصطلح عليه المتأخّرون من التعبير عن رواية الثقة غير الإمامي بالموثّقة، وأمّا ذكر التوثيق في مقابل المدح، كما في مواضع من المعجم (27) فليس من جهة أنّ المقصود بالمدح ما هو دون التوثيق، بل من جهة كون المراد بالتوثيق ما هو صريح فيه، فيكون المقصود من المدح ما يبلغ حد التوثيق من دون أن يكون صريحاً في الدلالة عليه.

(الخامس): أنّ العلّامة والشهيد الثاني (قدّس سرّهما) وأمثالهما حكموا بصحة روايات وقع القتيبي في أسانيدها (28).

والجواب عنه: أنّه حدس واجتهاد منهم وليس معتمداً على توثيقات المتقدّمين ليمكن التعويل عليه.

(السادس): ذكر المحقق التستري (قده) في القاموس (29) أنّه ورد في موضع من رجال الكشي (30) قوله: (حكى بعض الثقات بنيسابور أنّه خرج لإسحاق بن إسماعيل من أبي محمد (عليه السلام)...) والصدوق أخرج هذه الرواية في علل الشرائع (31) عن علي بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم، فيظهر أنَّ المراد ببعض الثقات هو علي بن محمد المذكور، واستدلّ بهذا على وثاقة القتيبي.

وهذا الكلام غريب منه، فإنَّ علي بن محمد الذي روى عنه الصدوق هو شيخ الكليني؛ لأنّه أورد الرواية بإسناده عنه فهو علي بن محمد الرازي الكلينيّ أو علي بن محمد بن عبد الله بن عمران وليس علي بن محمد بن قتيبة.

فظهر من جميع ما تقدّم أنّ وثاقة القتيبي غير ثابتة بوجه يمكن التعويل عليه بل يمكن أن يُقال: إنّ ادعاءه على الفضل بن شاذان كون ما ورد في كتاب العلل ممّا سمعه من الرضا (عليه السلام) مرّة بعد أخرى مع ما تقدّم من شواهد عدم صحّة هذا الادّعاء ـ سواء من حيث مضامين بعض المقاطع الواردة فيه، أو من حيث عدم كون الفضل ممّن أدركه (عليه السلام) وروى عنه - مؤشر سلبي باتجاه عدم وثاقته، والله العالم بحقيقة حاله.

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الباحثين أورد في بعض كتبه (32) ما ورد في اختيار الشيخ من رجال الكشي (33) من قوله: (أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان ردّوا أحاديث محمد بن سنان، وقال: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان ما دمت حياً، وأذن في الرواية بعد موته)، ثم قال: (هذا الذي زعمه القتيبي من أنّ الفضل أجاز الرواية عن محمد بن سنان بعد وفاته كذب مختلق وإنّما زوّره ليتوسّل بذلك إلى الرواية عن محمد بن سنان، ولذلك نراه لفّق مسائل في علل الشرائع ورواها عن الفضل بن شاذان بعد وفاته وهي مسائل محمد بن سنان الزاهريّ بعينها، غيّرها عن صورتها الأولى وسمّاها مسائل أهل البلدان فتارة عدّها في كتبه وتارة عدّها في كتب شيخه الفضل بن شاذان).

وهذا الكلام غير صحيح، بل غريب من جهات:

أولاً: إنّه لم يثبت أنّ القتيبي نسب إلى الفضل أنّه أذن في رواية أحاديث محمد دبن سنان عنه بعد موته، فإنّ هذا وإن ورد عنه في اختيار الشيخ من كتاب الكشي، ولكن الذي حكاه النجاشي (34) عن الكشي - وكانت عنده النسخة الكاملة من رجاله ـ هو صدر الكلام المذكور هكذا: (قال: أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان)، ولا يظنّ بالنجاشي أنّه أسقط بعض كلام القتيبي مع أنّه مغيّر لمعناه، ولا يعرف وجه الاختلاف بين ما أورده الشيخ من كتاب الكشي وما حكاه النجاشي عنه، وعلى كل حال فلا يثبت أنّ القتيبي نسب إلى الفضل الإذن في رواية أحاديث ابن سنان عنه بعد وفاته.

وثانياً: إنّه لم نجد للقتيبي رواية عن الفضل عن ابن سنان إلا في موضعين من كتاب الغيبة (35) في ضمن عشرات الروايات التي أخرجها من طريق القتيبي عن الفضل، والظاهر أنّها مقتبسة من كتاب القائم (عليه السلام) الذي ذكره النجاشي (36) في عداد كتب الفضل، ولا يحتمل أنّ القتيبي نسب إلى الفضل الإذن المزعوم ليبرّر لنفسه الرواية عنه عن ابن سنان في بعض الموارد.

وثالثاً: إنّ علل الفضل قد عدّه كلّ من النجاشي والشيخ في عداد كتبه ورواه الصدوق عنه بطريق ثانٍ غير طريق القتيبي، فلا وجه لدعوى كونه ممّا لفقه القتيبي ونسبه إلى الفضل بعد وفاته، وإنّما أقصى ما يحتمل هو عدم صحة ما نسبه إليه من أنّه تلقّى ما أورده من العلل عن الرضا (عليه السلام).

ورابعاً: إنّ الاختلاف بين ما ورد في علل الفضل وما ورد في علل ابن سنان ـ وهو مذكور في العيون (37) - شاسع جداً ولا وجه لتوهّم أنّ الأول مقتبس من الثاني.

وخامساً: إنّ كتاب مسائل البلدان الذي ذكره الشيخ في الفهرست (38) والنجاشي في رجاله (39) في عداد كتب الفضل لا علاقة له بكتاب علله، كما يظهر بملاحظة ما أورده عنه في تأويل الآيات الباهرة (40).

وأمّا القتيبي فقد ذكر النجاشي في ترجمته (41):

(له كتب منها: كتاب يشتمل على ذكر مجالس الفضل مع أهل الخلاف ومسائل أهل البلدان، أخبرنا الحسين قال: حدثنا أحمد بن جعفر قال حدثنا أحمد بن إدريس عنه بكتابه ولا يظهر منه أنّ قوله مسائل أهل البلدان عطف على قوله (كتاب يشتمل..) ليكون مغايراً له بل يحتمل أن يكون عطفاً على قوله مجالس الفضل..) بل هذا هو الظاهر بقرينة قوله (بكتابه) وإلا لكان ينبغي أن يقول (بكتابيه) وعلى هذا يتجه احتمال أن يكون المقصود هو ما اقتبسه القتيبي من كتاب مسائل البلدان للفضل ومهما يكن فإنّه لا علاقة له بكتاب علل الفضل أيضاً.

والحاصل: أنّ كلَّ ما ذكره الباحث المذكور لا صلة له بالواقع، كما لوحظ منه نظائره في مواضع أخرى، والله العاصم.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحوث في أحكام صلاة المسافر ج1 (مخطوط).

(2) لاحظ ج2 ص 195.

(3) رجال النجاشي ص 259.

(4) معجم رجال الحديث ج12 ص 173 ط: النجف الأشرف.

(5) مجمع البرهان والفائدة ج5 ص 71.

(6) مناهج الأخيار ج2 ص 196.

(7) استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ج2 ص 22.

(8) منهج المقال ج1 ص 148.

(9) منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ج1 ص 39.

(10) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 788.

(11) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 613.

(12) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 362.

(13) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج2 ص 129.

(14) رجال النجاشي ص 334.

(15) رجال النجاشي ص 447.

(16) رجال النجاشي ص 328.

(17) شعب المقال ص 216.

(18) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 817.

(19) الفهرست ص 402؛ رجال الطوسي ص 448؛ الاستبصار ج3 ص 156.

(20) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 784.

(21) رجال الطوسي ص 429.

(22) معجم رجال الحديث ج12 ص 174 ط: النجف الأشرف.

(23) مصباح المنهاج (كتاب الصوم) ص 183.

(24) مصباح الأصول ج2 ص 200 ط: النجف الأشرف.

(25) معجم رجال الحديث ج7 ص 80.

(26) معجم رجال الحديث ج15 ص 257.

(27) معجم رجال الحديث ج 9 ص 204؛ ج11 ص 42.

(28) مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ج3 ص 447؛ مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام ج10 ص 16.

(29) قاموس الرجال ج7 ص 571.

(30) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 844.

(31) علل الشرائع ج1 ص 249.

(32) معرفة الحديث ص 261.

(33) اختيار معرفة الرجال ج2 ص 796.

(34) رجال النجاشي ص 328.

(35) الغيبة للشيخ الطوسي ص 41، 187.

(36) رجال النجاشي ص 307.

(37) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج2 ص 88.

(38) الفهرست ص 362.

(39) رجال النجاشي ص 307.

(40) تأويل الآيات الباهرة ص 241، 494.

(41) رجال النجاشي ص 259.

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)