أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-01
![]()
التاريخ: 2024-07-15
![]()
التاريخ: 2024-01-27
![]()
التاريخ: 2024-04-09
![]() |
وتدل الكشوف الحديثة على أن «أمنمحات الثالث» قد أقام حجرة واسعة في المعبد الذي يحتمل أن «أمنمحات الأول» قد أقامه في مدينة «شدت» (الفيوم)؛ إذ عثر الأستاذ «لبيب حبشي» كبير مفتشي الوجه البحري الآن على بقايا أعمدة في «كيمان فارس» اتضح أنها كانت لقاعة أقامها هذا الفرعون، وقد وجد عليها نقوشًا قال عنها: إن أهمية هذا المتن تنحصر في أنه يظهر أمامنا النشاط الذي أظهره «أمنمحات الثالث» لتزيين هذه المدينة (الفيوم) التي شيدها جدُّه «أمنمحات الأول»، فنعلم أن «أمنمحات الثالث» قد أمر بإقامة قاعة واسعة أعمدتها ورقعتها من الجرانيت الوردي، وأبوابها من الذهب النضار، وهذه القاعة كانت قد أضيفت إلى معبد يحتمل جدًّا أن بانيه هو «أمنمحات الأول» (A. S. Vol. XXXVII, PP. 85–95).
أخلاقه من فن عصره
وإذا كان الإنسان يمكنه أن يقرأ أخلاق الرجال من صورهم، فإن لدينا سلسلة صور لهذا الفرعون العظيم تحدِّثنا بوضوح تام عما وراء تلك الوجوه من صفات وسجايا، والواقع أنها سلسلة قل أن يوجد مثلها في الفن المصري لما تشف عنه من صادق التعبير الذي تتمثل فيه الطبيعة وتتجلى بكل معانيها، ولا غرابة في ذلك فإن الفن المصري قد بلغ في عصره لمدِّة قصيرة درجة من محاكاة الطبيعة الصافية، لم يتسنَّ له أن يصلها ثانية إلا في عهد «إخناتون»، وقد بلغ من القوة مرتبة لم تتأتَّ له بعد. وقد بدأ التقدم الفني في هذا العصر على يد حفاري الفرعون «نب حبت رع منتو حتب الثاني»، واستمر في طريقه نحو الكمال في عهد ملوك الأسرة الثانية عشرة، التي يمكن أن يقال عنها إنه في عهدها وصل الفن المصري إلى أوجه، فقد كان ذوق المفتنين في الأسرة الثانية عشرة يدعو إلى الإعجاب؛ فهم سواسية مع زملائهم «اليابانيين» في حاسة التنسيق والرقة، كما أنهم يحاكون «اليونان» في حاسة التوازن والشبه، ولا نزاع في أن أحسن ما وصلت إليه يد المفتن في الأسرة الثامنة عشرة يعد سوقيًّا، إذا ما قُرن بما أخرجته يد مفتن الأسرة الثانية عشرة، فمقابر «بني حسن» تعد وحيًا جديدًا للذين قد اقتبسوا معلوماتهم من المباني الضخمة المنكرة القائمة في «الكرنك» أو «أبو سمبل»؛ إذ ليس شيء يعادل ردهة مقبرة «أميني» المتناسبة الأجزاء الرائعة التركيب بما فيها من أعمدة جميلة في كل ما كشف عنه منحوتًا في الصخور المصرية في الأزمنة التي توالت، هذا إلى دقة محاكاة الطبيعة في الجم الغفير من جماعات المصارعين الذين رسموا على الجدران حول المدخل المؤدي إلى الحجرة الداخلية، وهي لا يضارعها في جمالها إلا رسوم الأواني الإغريقية في أزهر عهدها.
شكل 1: (أ) أمنمحات الثالث في مقتبل عمره. (ب) أمنمحات الثالث في كهولته. (ﺟ) رأس لأمنمحات الثالث من حجر الثعبان (في برلين) يمثل الشيخوخة المبكرة. (د) «أمنمحات الثالث» في صورة بو الهول. (ﻫ) تمثال «أمنمحات الثالث» من حجر الأبسيديان يمثله في شيخوخته المتقدمة. (و) «تمثال أمنمحات الثالث» من العرابة في شيخوخته الفانية.
على أن مقابر هذا العصر الأخرى لا تقل عنها في روعتها وجمالها، وكذلك حرفه الصغيرة يظهر فيها التفوق في الدقة التي لا تجارَى، فالقطع الفنية الصغيرة من العاج والجعارين والصياغة لا مثيل لها، وبخاصة الصدريات الذهبية والمجوهرات الأخرى المطعمة بالأحجار الجميلة التي كُشف عنها في عهد «سنوسرت الثالث» وسلفه من ملوك هذه الأسرة، وهي التي كشف عنها في «دهشور» كما أسلفنا، ولم نجد ما يضارعها في الأزمان التالية من عهود الفراعنة. أما صور الملوك المنقوشة على الجدران وتماثيلهم المنحوتة في الأحجار الصلبة فإنه رغم تصوير أجسامهم بهيئة رسمية، وتمثيلها حسب قواعد مرعية ثابتة منذ عهد بناة الأهرام، فإن وجوههم تدل على قوة التمثيل بدرجة لم تضارَع حتى في عهد الأسرة الرابعة. ولا يمكن للمرء أن يناقش صدق تصوير هذه الوجوه بغيرها، فالمثَّال الذي صوَّر الملك «منتو حتب» في الدير البحري قد وضع المثل الأول، ثم حذا حذوه أولئك المثالون الذين أبرزوا لنا وجوه «سنوسرت الأول» في «قفط» و«سنوسرت الثالث» في سلسلة من تماثيله التي وجدت في «الدير البحري» (Naville, Deir el Bahari XI Dyn. Vol. 11, Pl. XIX, Ch. 111) ثم فاقوا المثل الذي احتذوه. ومجموعة صور للفرعون «سنوسرت الثالث» العظيم التي عثر عليها في الدير البحري تمثله في أدوار مختلفة من حياته منذ شبابه إلى شيخوخته، ولدينا رأسان لهذا الفرعون من الجرانيت الأحمر من «العرابة» و«الكرنك» (Petrie “Abydos” Pl. LV. PP. 6, 7) يمثلانه في شيخوخته بوجه يسترعي النظر في كل هذه الصور، لما فيه من تقاطيع تدل على الحياة، وما ينطوي عليه من تمثيل تاريخي لا يحتاج إلى إيضاح، ولكنه مع ذلك لا يصل إلى مرتبة مثل محيا «أمنمحات الثالث» الذي كان يمتاز بتقاسيم خاصة؛ إذ يمكن الإنسان كما أسلفنا أن يقرأ أخلاقه من سلسلة صوره التي وصلتنا (Weigall, “Ancient Egyptian works of Art” PP. 95–103). فنجد أولًا تمثالًا جميلًا في متحف القاهرة يمثله وهو شاب في مقتبل العمر (انظر شكل 1أ)؛ وفي مجموعة «أسكار رفائيل» (بلندن) يوجد رأس صغير من حجر الأبسيديان يمثله في كهولته حينما بدت ملامح فمه وذقنه يظهران بعض الحزم والصلابة (انظر شكل 1ب) وكذلك حينما يلوح في عينيه التفكير. أما الدور الثاني من حياته فيمثله رأس صغير نُحت في حجر الثعبان وهو موجود الآن في متحف برلين، فيشاهد فيه أن جفن العين قد أصبح أثقل من ذي قبل، ويُرى في تقسيم وجهه نظرة الرجل الذي أنهكته الهموم (انظر شكل 1ﺟ)، وكذلك التمثال الصغير الموجود الآن بمتحف الهرمتاج في «بتروغراد» فإنه يمثله في نفس هذا الدور من حياته، ومن المحتمل أن تمثال «بو الهول» الفاخر الذي عُثر عليه في «تانيس» والمحفوظ الآن بمتحف القاهرة ينتسب إلى هذا الطور من حياته أيضًا، (انظر شكل 1د)؛ ثم لدينا تمثال كامل في متحف برلين يمثله لنا في صورة رجل ربعة ينم عن وجه عبوس. كما أن تمثال «الكرنك» المحفوظ الآن بمتحف القاهرة يظهره في قصره المعهود، في حين أن وجهه هنا أخذت ترتسم عليه ملامح الكآبة، ويشاهد فيه هذه النظرة التي تنم عن الحزن السافر؛ وفي تمثاله الجميل المنحوت في حجر الأبسيديان في مجموعة «ماك بريجور» يلاحظ فيه أن الجفنين قد ثقلا، وأن تجاعيد غائرة قد خطت تحت عينيه الحزينتين، هذا إلى فم جامد، ووجه قد طغى عليه الشحوب وغمرته الهموم (انظر شكل 1ﻫ)، وأخيرًا يوجد له تمثال من الجرانيت لم يبقَ منه إلا الرأس، عثر عليه «بتري» في «العرابة المدفونة»، وهو يضع أمامنا آخر مرحلة من مراحل حياة هذا الفرعون، حيث نشاهده رجلًا مسنًّا ذا عينين غائرتين في محجريهما، وملامحهما، ارتسم عليها حزن عميق يعبر عن دنوِّ الأجل ونهاية المطاف في هذا العالم الذي ملأه مجدًا وفخارًا (انظر شكل 1و)، ومن هذه التماثيل يظهر أمامنا حقيقتان: أولاهما هي أن هذا الفرعون على ما يظهر كان غير متمسك بالتقاليد، فلم يمانع في أن يصوره مثالوه كما هو على حقيقته لا كما كان يحتمه العرف، وهو أن يظهر الفرعون صورة ناطقة تُرسم على فمه ابتسامة هادئة وجسمًا جامدًا لا حركة فيه ولا حياة، والواقع أنه فعل ما لم يفعله غيره من أجداده على قدر ما وصلت إليه معلوماتنا؛ إذ قد سمح لرعاياه أن يروه على حقيقته، شاحب المحيا مظلمه، دون أن يرتسم على وجهه تلك الابتسامة الهادئة المتغطرسة التي كان يُظن أنها رمز الملكية وعنوانها. والحقيقة الثانية يظهر أنه استخدم مثَّالين أحذق من أولئك الذين عُرفوا من قبل، ولا نزاع في أن رأس مجموعة «ماك جريجور» وأحسن تماثيل «بو الهول» التي وجدت في «تانيس» تعدُّ قطعًا فنية من الطراز الأول في الجودة، وتضارع في عظمتها أي صورة فنية في أي عصر، وفي أي بلد. والباحث في صور ملوك الأسرة الثانية عشرة وما انطوت عليه من حزن وآلام وبأس وقنوط وجرأة ورزانة، يستدل على أنها كانت في الواقع تمثل حالة العصر الذي وجدت فيه؛ إذ كان كله عصرًا مملوءًا بالريبة والشكوك إلى حد أن ذلك الشعور قد انعكست ظلاله على أعظم أنواع الفن في ذلك العصر، وأعني به فن النحت والتمثيل، وبخاصة في ملوكهم وعلى رأسهم «أمنمحات الثالث» الذي سار بالبلاد إلى القمة في كل ناحية من نواحي الحياة الاجتماعية، والزراعية، والدينية، والفنية.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تبحث مع العتبة الحسينية المقدسة التنسيق المشترك لإقامة حفل تخرج طلبة الجامعات
|
|
|