المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



مدى التزام المرؤوس بأوامر الرئيس الإداري غير المشروعة  
  
3413   02:15 صباحاً   التاريخ: 2023-11-07
المؤلف : رائدة ياسين خضر الدليمي
الكتاب أو المصدر : السلطة الرئاسية وعلاقتها بالمسؤولية في النظام الوظيفي العراقي
الجزء والصفحة : ص 274-291
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

اثار مفهوم الأمر الرئاسي غير المشروع صعوبات قانونية كبيرة، وذلك بسبب غياب النصوص القانونية التي تحدد ماهية هذه الأوامر، كما أن مفهوم الأمر الرئاسي غير المشرع يختلف باختلاف الظروف التي تمر بها الدولة فيما لو كانت ظروف عادية أو استثنائية (1)، الأمر الذي أدى إلى اجتهاد فقهاء القانون الإداري وبمحاولات مستمرة في تحديد مفهوم الأوامر الرئاسية غير المشروعة التي يصدرها الرئيس الإداري، منها ما اورده الفقيه (استاسنيوس) من حالات ثلاث متى ما وجدت في الأمر الرئاسي عد الأمر غير مشروع وهي (2).

أ- اذا كان الأمر خارجاً عن اختصاص الرئيس.

ب اذا تجاوز الأمر الرئاسي واجبات المرؤوس.

ج-  اذا شاب الأمر عيب شكلي أو خالف القانون مخالفة ظاهرة لا تدع مجالاً للشك في مضمونه.

وعيوب الأمر الرئاسي التي تؤدي إلى عدم مشروعيته تكون مرتبطة بأركانه التي تتمثل في (الاختصاص و الشكل والمحل والسبب والغاية فإذا ما علقت بأي ركن من الاركان السابقة عيوب فأنه . يصبح غير مشروع، ويكون للمرؤوس الحق في أن يتحلل من الالتزام بطاعته متى كانت مخالفتة للقانون واضحة (3).

ويرى البعض الآخر من الفقه أن مدلول الأمر غير المشروع يتسع ليشمل تلك الأوامر التي تنطوي على انتهاك لمبادئ الاخلاق السائدة والتي تلتزم بها الإدارة (4)، وهناك من زاد عليها وعدها من الأوامر غير المشروعة هي تلك الأوامر التي تصدر بصفة مسبقة من السلطات المركزية إلى الهيئات الخاضعة للوصاية والتي تتمتع بالاستقلال المعنوي، فمثل هذه الأوامر تعد بالضرورة غير مشروعة لخروجها على مبادئ التنظيم الإداري التي تقررها قواعد القانون الإداري (5).

وهناك من عد الأوامر غير المشروعة على أنها " ذلك الأمر المخالف للقانون من حيث الشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون لتنفيذ الأوامر الرئاسية، فاذا كان الأمر الرئاسي مثلاً – لا يدخل في الاختصاص المكاني للموظف أو أن من اصدره لا يملك سلطة إصداره أو أن الأمر في ذاته لا يتفق مع ما يتطلب القانون من شروط تجعله صالحاً للتنفيذ فإن الأمر الرئاسي يكون غير مشروع"  (6).

ولم تخلو قواعد الشريعة الإسلامية والتي لم تزل صغيرة ولا كبيرة الا أحصتها ولو بشكل مجمل، وقد أورد القرآن الكريم قاعدة عامة في بيان الأوامر الرئاسية غير المشروعة، وذلك في قوله تعالى: ( وَلَا تُطِيعُوا أَمَرَ الْمُسْرِفينَ ) (7) ، فهذه الآية تضع حداً للطاعة بالنسبة للأوامر غير المشروعة والتي تخرج عن حدود ما أمر الله به من حدود

وهناك من عرف الأمر غير المشروع في الفقه الاسلامي على أنَّه «الأمر الذي يصدره الحاكم ( ولي الأمر ) مخالفاً به المصدرين الأساسيين في الشريعة الإسلامية وهما الكتاب والسنة النبوية، وكذلك القوانين التي تصدر بناء على إرادة الامة فيما لم يرد فيه نص والمقيدة في ذلك بروح الإسلام ومبادئه العليا»  (8).

وعليه فإن الأمر الرئاسي غير المشروع هو ذلك الأمر الصادر من الرئيس الإداري لمرؤوسه ملزماً الأخير بتنفيذه، وكان هذا الأمر مخالفاً للقواعد القانونية وخارجاً عن مبدأ المشروعية.

ولوحظ على بعض الفقه الإداري وهو في اطار تحديد مدلول الأمر الرئاسي غير المشروع قد ذهبوا إلى التفرقة بين عدم مشروعية الأمر الرئاسي البسيط وعدم المشروعية الخطيرة في الأمر الرئاسي، وأساس هذه التفرقة أن عدم المشروعية الخطيرة هي التي يترتب عليها نتائج ضارة بالمرفق العام أو النظام العام ضرراً بليغاً، وهنا يتحلل المرؤوس لا بل ويتوجب عليه عدم الطاعة الرئاسية، اما الحالة الثانية هي عدم المشروعية البسيطة، فلا ينجم عنها الاضرار سالفة الذكر، وإنما يلحق الضرر فيها بشخص المرؤوس، ومثال ذلك الأوامر الرئاسية الخاطئة ) التي تصدر بأجراء التنقلات بين المرؤوسين (9) . ولما كان ذلك هو الأمر الرئاسي غير المشروع فأننا أمام اشكالية كبيرة الا وهي إلى أي مدى يستطيع المرؤوس أن يطيع قرار رئيسه الإداري غير المشروع ؟ وما هو الواجب الذي يقع على عاتقه هل هو واجب احترام القانون والخضوع لمبدأ المشروعية والجهر بعصيانها، أم واجب طاعة الرئيس دون تعقيب أو نقاش؟

وللإجابة على هذه الاشكالية، سنبين موقف الفقه والتشريعات القانونية والقضاء الإداري من هذه الأوامر غير المشروعة وكما يلي :-

اولاً: موقف الفقه من طاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة

ثار جدال فقهي كبير بين الفقهاء في شأن التزام المرؤوسين بطاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة، وقد ترتب على هذا الجدال ظهور ثلاث نظريات حاولت كل نظرية أن تضع حلاً لهذا الخلاف وهذه النظريات هي:

1.نظرية المشروعية

إن أساس هذه النظرية والمستنبط من تسميتها هو خضوع الرئيس والمرؤوس في جميع تصرفاتهم لمبدأ المشروعية ، فمتى كان أمر الرئيس الإداري مخالف لمبدأ المشروعية، كان المرؤوس في حل من تنفيذ هذا الأمر؛ لأن الاصل أن تكون أوامر الرئيس وقرارته متطابقة مع أحكام القانون ووفقاً لمبدأ المشروعية.

ومن انصار هذه النظرية العميد الفرنسي (ديجي) والفقيه (فالين) وتقوم هذه النظرية على اساس أن المرؤوس يكون في حل من تنفيذ القرار المخالف للقانون فلا سمع ولا طاعة لأمر غير مشروع(10)، وتبين من مفهوم هذه النظرية، أنها تقيم قواعد متينة للمشروعية بما تحويـه مـن ضمانات تمنع استبداد السلطة الرئاسية (11).

وعلى الرغم من أن هذه النظرية تتفق مع مبدأ المشروعية إلا أنها تعرضت للنقد وذلك لأنها تؤدي إلى تعطيل الجهاز الإداري، ومن ثم الاخلال بسير المرافق العامة، وكل ذلك بسبب تخويل المرؤوس سلطة تقدير مدى مشروعية أوامر رئيسه والحكم على مدى مشروعيته، وله حق الامتناع عن تنفيذها أن هو انتهى إلى عدم مشروعيتها (12)، ومبعث الخطورة في هذه النظرية أنها تمنح المرؤوس حق الحكم على تصرفات الرئيس وتقدير مدى مشروعيتها ومن ثم إتخاذ قراره بعدم تنفيذها، وقد يكون المرؤوس على غير حق بسبب قلة الخبرة مما يترتب على ذلك اضطراب في أداء العمل الوظيفي، كما أنها تتيح للمرؤوسين التحلل من تنفيذ أوامر الرؤساء بدعوى عدم مشروعيتها.

2. نظرية النظام (الطاعة المطلقة).

ومن انصار هذه النظرية الفقيهان (هوريو) و (بارتلمي)، والتي تقوم على ضرورة ضمان السير المنتظم للمرفق العام ، وضرورة ارغام المرؤوس على تنفيذ أوامر رؤسائه، وعدم الخروج عليها حتى وان كانت غير مشروعة، فهي تتطلب من المرؤوس طاعة دون حدود (13)، في حين يرى (بارتلمي) (14) أن أمر الرئيس يغير من طبيعة الخطأ، فالمرؤوس مطالب بالطاعة حين يصدر إليه ولا يملك إلا أن ينفذه وبعد ذلك لا يسأل عن نتائجه.

وقد لاقت هذه النظرية كسابقتها عدة انتقادات منها أنها تضحي بمبدأ المشروعية، وتشجع الرؤساء على مخالفة القانون (15) ، كما أنها تسلب من المرؤوسين حرية التفكير فتجعل من المرؤوس اداة لتنفيذ الأوامر الرئاسية بدون إرادة، ولا يخفى ما لذلك من تأثير على روح العمل والانتاج، كما أن الزام المرؤوس بالطاعة المطلقة دون تحفظ على الرغم من وضوح مخالفة الأوامر للمشروعية يشجعه على انتهاك القانون والاعتداء على المصالح العامة (16).

ونحن بدورنا نضيف إلى ما ذكر من انتقادات أن الطاعة المطلقة ستجعل المرؤوس بعيداً كل البعد عن المبتغى منه داخل الوحدة الإدارية من حماس في حب العمل والمثابرة والاجتهاد عن طريق العمل الدؤوب والنفسية المريحة في تطوير المرافق العامة، الأمر الذي يجعل حاله حال الأجهزة الإلكترونية والتي تطبق ما يتم الإيعاز اليها، وهذا يكون مردوده على الاخلال بإدارة المرفق العام.

3- نظرية الوسط (التوفيقية)

نظراً للتعارض بين النظرتين السابقتين والانتقادات التي وجهت لها ظهر بين الفقهاء اتجاه ثالث يجمع بين مزايا النظريتين السابقتين ومتفادياً لعيوبهما والانتقادات الموجهة لهما، وسميت هذه النظرية ( النظرية الوسط) أو (النظرية التوفيقية )، ويرى أصحاب هذه النظرية أنه يجب على المرؤوس تنفيذ القرارات غير المشروعة في حدود معينة، كأن تكون مكتوبة واضحة وصادرة من سلطة مختصة، وإنه في هذه الحالة على المرؤوس تنفيذ القرار غير المشروع ويتحمل الرئيس مصدر القرار المسؤولية عن ذلك وليس المرؤوس، وهذا ما تبناه الفقه الفرنسي (17).

وهناك من يرى أن هذه النظرية تقوم على محاولة التوفيق بين مبدأ المشروعية والحفاظ على السير المنتظم للمرافق العامة، وهذه النظرية تحدد التزامات المرؤوس بتنفيذ الأوامر الرئاسية على أساس جسامة المشروعية، فإذا كان عدم المشروعية جسيماً وظاهراً فعلى المرؤوس أن يمتنع عن تنفيذ الأمر وإلا عرض نفسه للمسؤولية (18) ، أما إذا كان عدم مشروعية الأمر بسيطاً التزم المرؤوس بالطاعة منعاً له من التدخل في فحص المشروعية، وما قد يؤدي إليه من اختلال في سير لعمل الإداري، ففي هذه الحالة يجب على المرؤوس تنفيذ الأمر، ويكون ذلك على مسؤولية رئيسه (19).

وهناك من يرى أن أساس النظرية جاءت للتفرقة بين الطاعة في الوظائف العسكرية والطاعة في مجال الخدمة المدنية، فطاعة العسكري تكون أشد منها في الوظيفة المدنية إذ أنَّه يلتزم بإطاعة الأوامر حتى لو كانت غير مشروعة، إلا إذا كانت مدعاة لجريمة خطيرة يعاقب عليها للقانون أو كانت تتضمن مخالفة الدستور، في حين تكون الطاعة في الوظيفة المدنية، أنَّه يجب على الموظف الامتناع عن تنفيذ الأمر، إذا تضمن خرقاً للقانون أو كان عدم المشروعية يمثل مخالفة ظاهرة أو جسيمة (20).

وهذه النظرية في عمومها هي اقرب النظريات إلى مراعاة الاعتبارات المختلفة القانونية والعملية لدى أغلب الفقهاء (21).

وفي رأينا أن هذه النظرية كانت ايضاً الأوفق والاجدر من سابقاتها في حل مشكلة الأوامر غير المشروعة ومدى طاعة المرؤوس لها ، لأنها استطاعت أن توفق بين احترام مبدأ المشروعية وبين احترام الأوامر الرئاسية والالتزام بتنفيذها، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنها فسحت المجال للمرؤوس بتنبيه الرئيس بالأمر غير المشروع وفي حالة إصرار الرئيس على القرار غير المشروع تنتقي مسؤولية المرؤوس عن الطاعة وتنفيذ الأمر، وهذا ما نصت عليه أغلب التشريعات الوظيفية.

ثانياً: موقف التشريع والقضاء الإداري من طاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة

سيكون لنا بحث في تحديد موقف بعض التشريعات الوظيفية والمسار الذي سلكه القضاء الإداري في تحديد مسؤولية المرؤوس حيال الأوامر غير المشروعة، وهل تتحقق المسؤولية الانضباطية للمرؤوس ام تنتقل للرئيس، وكما يلي:

1- موقف التشريع من طاعة الأمر الرئاسي غير المشروع.

من خلال البحث في النصوص الوظيفية، وجد أن أغلبها قد حسمت اشكالية مسألة الأوامر الرئاسية غير المشروعة ونصت على المسار القانوني للمرؤوس اتباعه إزاء هذه الأوامر، وستكون لنا وقفة لبعض التشريعات الغربية والعربية المقارنة وموقف المشرع العراقي من ذلك.

أ- موقف التشريعات الغربية من طاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة

يعد القانون الألماني هو الأكثر تشدداً بين أغلب التشريعات الغربية من حيث نفي مسؤولية المرؤوس ازاء القرار غير المشروع ونقلها إلى الرئيس وهذا ما ذهبت إليه المادة (56) من القانون الوظيفي الاتحادي في المانيا والصادر في 14 يوليو 1953 والتي نصت على «إن كل عامل مسؤول مسؤولية كاملة عن الشرعية القانونية لأعماله واذا تبين له عدم مشروعية عمل، يتعين عليه اخطار رئيسه المباشر، فإذا أكَّد الرئيس المباشر شرعية العمل وما زال العامل يشك في مشروعية العمل فيتعين عليه أن يتوجه إلى رئيس رئيسه المباشر، فاذا أكد رئيس رئيسه المباشر بدوره شرعية العمل الوظيفي، فإن الموظف العام يستطيع أن يطلب امراً كتابياً حتى يتحرر من المسؤولية ولا يجوز للموظف العام تنفيذ هذا العمل حتى في ظل أمر كتابي من الرئيس الاعلى طالما أنه يتعارض مع القانون الجنائي» (22) ، في هذا النص نجد أن المشرع الالماني قد فرق بين المسؤولية الانضباطية عنها في المسؤولية الجنائية، وفي إطار موضوع الدراسة نجد بالنسبة للإعفاء من المسؤولية الانضباطية في ظل القانون الالماني اشترط قيام المرؤوس بإخطار رئيسه المباشر عن عدم مشروعية الأمر الصادر منه، فإن أصر الرئيس المباشر كان للمرؤوس التوجه إلى الرئيس الأعلى لرئيسه قبل تنفيذ الأمر غير المشروع، فإن أحد الرئيس الاعلى مشروعية الأمر اوجب هنا عليه القانون إصدار أمر كتابي للمرؤوس بتنفيذ الأمر وهذه الحالة تؤكد على اعفاء المرؤوس من المسؤولية الانضباطية ونقلها للرئيس مصدر الأمر . في حين نجد المشرع الانكليزي، قد ألزم المرؤوس بتنفيذ جميع الأوامر الصادرة عن الرئيس، فإذا رفض المرؤوس تنفيذها، أوجبت مسؤوليته التأديبية، لأن جهة العمل في النظام الانكليزي تفترض في العقد ضمناً أن المرؤوس لن يطلب منه أداء عمل غير مشروع(23). وهنا نجد أن النظام الانكليزي وكما هو معروف بأنه لا يوجد في المملكة المتحدة قانون عام للموظفين كما هو عليه الحال في التشريعات الأخرى، وإنما هو انتاج قوانين متفرقة عالجت المشاكل الوظيفية والسلطة التأديبية، والتي لم نجد فيها ما يفرق بين الأمر المشروع وغير المشروع الصادرة من الجهات الرئيسة المصدرة للقرار الإداري والتي تنتهي بالوزير المختص إذ يُعد كأصل عام هو رب العمل بالنسبة للعاملين في وزارته، وقد تنتهي هذه المسؤولية برقابة البرلمان، والتي اقتضت فيها مسؤولية المرؤوس عن عدم الطاعة والتمرد، فتعد من الأخطاء التي تبرر الفصل الفوري (24).

في حين أكد المشرع الفرنسي موقفه من تنفيذ الأوامر غير المشروعة ومسائلة المرؤوس انضباطياً، وذلك في ما نصت عليه المادة (28) من قانون 13 يوليو 1983(التي تمثل الباب الأول من النظام العام الوظيفي والتي اكدت على شرطين فيما يتعلق بواجب عدم الطاعة للسلطة الرئاسية ألا وهما: الشرط الأول: حينما يكون الأمر الرئاسي غير مشروع وبطريقة واضحة، والشرط الثاني: أن يكون من شأنه أن يعرض المصلحة العامة للخطر، فإذا تحقق هذان الشرطان فالمرؤوس هنا يكون ملتزم قانونياً بعدم تنفيذه للأمر الرئاسي (25).

وهنا نجد أن القانون الفرنسي قد الزم المرؤوس بمجرد تحقق هذين الشرطين، ليس له مجرد الحق في عدم تنفيذ أمر السلطة الرئاسية، بل أنه على العكس إذا اطاع هذا الأمر بهذين الشرطين يكون قد خرق واجباً بعدم طاعة أمر الرئيس الإداري، وإلا تعرض المرؤوس للجزاء التأديبي (26)، ولكن يلاحظ ضرورة توافر الشرطين معاً لتحقق واجب عدم الطاعة لأمر الرئيس، فاذا كان هذا الأمر الرئاسي غير مشروع فحسب وجب عليه تنفيذه رغم ذلك، ولا تنتفي مسؤوليته التأديبية، وعليه فإن عدم الطاعة لأمر الرئيس يتحقق في حالة الأوامر غير المشروعة بصورة

ظاهرة والتي ينطوي على تنفيذها فوق ذلك ضرراً جسيماً بالمصلحة العامة.

ب-موقف التشريعات العربية من طاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة.

كان للمشرع المصري موقفاً أكثر صرامة بشأن الشروط المانعة من مسؤولية المرؤوس الناتجة عن تنفيذ أوامر الرئيس الإداري غير المشروعة، وبالرجوع إلى قانون الخدمة المدنية المصري رقم (81) لسنة 2016 النافذ، نجد أنه نص على " كل موظف يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، أو يظهر بمظهر من شأنه الاخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديباً، ولا يعفى الموظف من الجزاء استناداً إلى امر صادر إليه من رئيسه الا إذا ثبت أن ارتكاب المخالفة كان تنفيذاً لأمر مكتوب بذلك صادر إليه من هذا الرئيس، وبالرغم من تنبيهه كتابةً إلى المخالفة، وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر وحده" (27).

وبالرجوع إلى هذا النص والإمعان فيه نجد أن المشرع المصري قد اقترب نوعاً ما من موقف المشرع الألماني في اشتراطه في رجوع المرؤوس للرئيس، والحصول على تأكيد رئاسي بتنفيذ الأمر والإعفاء من المسؤولية، إلا أنه ابتعد عن المشرع الألماني أنه اكتفى بالرجوع إلى الرئيس المباشر مصدر القرار في حين المشرع الألماني اجاز للمرؤوس الرجوع للرئيس المباشر لمشروعية الأمر.

وعليه ووفقاً لهذا النص فإن المرؤوس لا يعفى من المسؤولية في حالة ارتكابه مخالفة استناداً إلى امر رئيسه إلا إذا ثبت أن الأمر الرئاسي الذي نفذه كتابياً، وانه قد احاط رئيسه كتابة بمخالفة أمره لأحكام القانون.

وكان للمشرع الاماراتي موقف مشابه للمسلك الذي تبناه المشرع المصري من حيث التشدد في الاعفاء من المسؤولية الناتجة عن تنفيذ الأوامر الرئاسية غير المشروعة، وذلك ينص المادة (81) في بندها الأول من المرسوم الاتحادي رقم (11) لسنة (2008 بشأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية المعدل بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2011 في شأن تعديل بعض أحكام قانون الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية ولا يعفى المرؤوس من الجزاءات الإدارية إلا إذا اثبت ارتكابه للمخالفات المتصلة بالوظيفة كان تنفيذاً لأمر كتابي صدر إليه من رئيسه المباشر بالرغم من تنبيهه خطياً إلى المخالفة وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر (28).

و كما كان للمشرع اللبناني خطوة جبارة في هذا الصدد، وذلك في ما نصت عليـه المادة (14) في البند (2) من المرسوم الاشتراعي رقم (112) لسنة 1909، والمعدل بالقانون رقم 144 لسنة 1992 والتي جاء فيها «واجبات الموظفين : 1- يتوجب على الموظف بوجه عام: أن يخضع لرئيسه المباشر وينفذ أوامره وتعليماته إلا إذا كانت هذه الأوامر والتعليمات مخالفة القانون بصورة صريحة وواضحة، وفي هذه الحالة على الموظف أن يلفت نظر رئيسه خطياً إلى المخالفة الحاصلة ولا يلزم بتنفيذ هذه الأوامر والتعليمات إلا إذا اخذها الرئيس خطياً، وله أن يرسل نسخاً عن المراسلات إلى إدارة التفتيش المركزي» (29) ، فنجد في هذا النص أن المشرع اللبناني حاول أن يزيد من رصانة تنفيذ الأمر غير المشروع الصادر من رئيسه، وأن يضع لهفوات الرئيس الأداري، وذلك بإرسال نسخة من التنبيه الخطي لإدارة التفتيش المركزي لتكون على علم بهذا الأمر وفي الوقت ذاته حماية المرؤوسين من تنصله من المسؤولية التأديبية. ت - موقف التشريع العراقي من طاعة الأوامر غير المشروعة.

حاول المشرع العراقي حسم أمر إصدار الأوامر الرئاسية غير المشروعة من الرئيس إلى المرؤوس وذلك في الفصل الثاني (واجبات الموظف من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام في المادة (ثالثاً) والتي نصت على احترام رؤساءه والتزام الادب واللياقة في مخاطبتهم واطاعة أوامرهم المتعلقة بأداء واجباته في حدود ما تقضي به القوانين والأنظمة والتعليمات، فإذا كان في الأوامر مخالفة فعلى الموظف أن يبين لرئيسه كتابة وجه تلك المخالفة ولا يلتزم تنفيذ تلك الأوامر إلا إذا اكدها رئيسه كتابةً، وعندئذ يكون الرئيس هو المسؤول عنها». ويتبين لنا في هذا النص أن المشرع العراقي يشترط شروط معينة لإعفاء المرؤوس من المسؤولية الانضباطية المترتبة عليه نتيجة تنفيذه لأوامر غير مشروعة إلا وهي:

1. أن يكون ارتكاب المرؤوس للمخالفة الانضباطية قد تم تنفيذاً لأمر كتابي صادر إليه من رئيسه.

2 . أن ينبه المرؤوس رئيسه كتابةً عن المخالفة وهذا التنبيه منح فرصة للرئيس ليراجع نفسه قبل تنفيذ الأمر المخالف للقانون.

3.أن يؤكد الرئيس الإداري الأمر المخالف للقانون كتابة.

4. أن لا يشكل الأمر محل التنفيذ جريمة جنائية فليس للمرؤوس إطاعة مثل هذا الأمر ما لم تتوافر شروط الاعفاء حسب ما ورد في قانون العقوبات العراقي.

ولنا وقفة على ما ذكر في النص أعلاه و موقف المشرع العراقي من طاعة الأوامر غير المشروعة من قبل المرؤوس، وذلك في نقاط محددة وهي:

* فيما يتعلق بالنص " احترام رؤسائه والتزام الادب واللياقة في مخاطبتهم واطاعة أوامرهم المتعلقة بأداء واجباته في حدود ما تقضي به القوانين والأنظمة والتعليمات"(30)، هنا نجد أن المشرع العراقي قد ألزم المرؤوس وهذا ما تقتضيه طبيعة العمل الإداري وديمومة سير المرفق العام بانتظام واطراد هو التزام المرؤوس باحترام رؤسائه وطاعتهم بما يصدر عنهم من قرارات وأوامر يقتضى بها سير العمل الوظيفي، وعلى المرؤوس الامتثال لها والانصياع للأمر بكل أمانة وجدية في العمل دون تلكؤ أو اهمال ولكن أن يكون هذا الأمر في حدود ما تقتضي القوانين والأنظمة والتعليمات، وهذا من مسلمات العمل الوظيفي وما تقتضي طبيعة عمل السلطة الرئاسية.

* اما فيما يتعلق في الفقرة الثانية من النص " فإذا كان في هذه الأوامر مخالفة فعلى الموظف أن يبين لرئيسه كتابةً وجه تلك المخالفة" ، هنا تكون لنا وقفة، ونحسبه إجحافاً بحق المرؤوس وحماية الرئيس وهو الطرف الأقوى في العلاقة الرئاسية على حساب الطرف الضعيف ألا وهو المرؤوس، اذ ساوى المشرع العراقي - حاله حال المشرعين في الدول المقارنة بين الرئيس والمرؤوس من حيث الدراية بالعمل الوظيفي وقواعده، وما هي الأوامر التي تعد مخالفة للقوانين والأنظمة، وتغافل المشرع وهذا واقع -حال- عن أن أغلب المرؤوسين اليوم هم يعانون من قلة لا بـل انعدام المعلومات الكافية والضرورية حول ما إذا كان هذا الأمر هو مشروع ام مخالفاً للقانون، في حين يفترض في الرئيس الإداري مصدر القرار وبحكم الاقدمية في العمل الوظيفي وخدمته، وطالما أن هذا التكليف الذي كلف به لم يأتِ من فراغ وإنما هو نتاج بما يملكه من فطنة بالعمل الإداري وبكل ما يتعلق بقوانين الوظيفة العامة وما يليها من أنظمة وتعليمات، فمن الاجحاف أن نجعل المرؤوس يقرر مدى مشروعية الأمر الصادر إليه من رئيسه من عدمه، إذ نعتقد أن منح المرؤوس تقدير مشروعية الأمر من عدمه يؤدي إلى تعطل عمل المرفق العام، ونترك الرئيس ليتنصل من مسؤوليته في حال إذا كان الأمر مخالفاً للقانون، ونلزم المرؤوس ببيان تلك المخالفة بصورة تحريرية، وبهذا ندعو المشرع العراقي إلى تفعيل نص المادة (3) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل والتي نصت على أن «الوظيفة العامة تكليف وطني ... »، ومن ثم فإن الرئيس يكون مسؤولاً عن كل أمر غير مشروع صدر منه، ولا يلزم المرؤوس بتنبيه الرئيس كتابة اذ يمكن أن يتم الأمر شفاهةً حتى يتم اعفاءه من المسؤولية. ومن جانب آخر كان الأجدر من المشرع العراقي أن يضيف شرطاً آخر يضاف إلى الفصل الثالث (شروط التوظيف والاستخدام في قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24) لسنة 1960 المعدل، وضمن المادة (14) ادراج النص الآتي: «ضرورة أن يستوفي الموظف الحديث الدورات العلمية الخاصة بقوانين الخدمة المدنية وقانون انضباط موظفي الدولة، وما يترتب عليها من أنظمة وتعليمات، ليكون على دراية بكل ما يتعلق بحسن أداء العمل الوظيفي .

* أما في ما يتعلق بالفقرة الأخيرة من نص المادة المذكورة سلفاً " ولا يلتزم بتنفيذ تلك الأوامر إلا إذا أكدها رئيسه كتابة وعندئذٍ يكون الرئيس هو المسؤول عنها".

*  ومن خلال التحليل في ثنايا هذا النص، نجد أن المشرع اشترط لإعفاء المرؤوس من مسؤولية تنفيذ الأمر غير المشروع، أن يؤكد الرئيس هذا الأمر كتابة، لكن أين نحن من إصدار الرئيس للأوامر الشفوية والإلزام المرؤوس بتنفيذها، والسؤال الذي نتوجه به إلى مشرعنا، هل تنفيذ المرؤوس للأمر غير المشروع الصادر من رئيسه بصورة شفوية توجب مساءلته انضباطيا؟ ونحن لا نتغافل عن الكم الهائل من الأوامر الشفوية الصادرة من الرئيس للمرؤوس، وخوف المرؤوس من تعسف الرئيس وانتقامه في حال عدم التنفيذ، فضلاً عن ما ذكرناه من قلة خبرته بمشروعية الأوامر من عدمها، فإننا نرى أنه لابد من أن يكون الرئيس هو المسؤول الأول عن مدى مشروعية ما يصدر منه، وأن يتحمل ما تم إصداره من أوامر بحكم اختصاصه ومنصبه لكونه أكثر قدرة في معالجة امور الإدارة ومشاكلها، إلا إذا كان في تنفيذ هذه الأوامر ما يشكل جريمة جنائية عندها تكون المسؤولية وفقاً لقواعد قانون العقوبات العراقي  .......... .

2 - موقف القضاء الإداري من طاعة الأوامر غير المشروعة

كان ومازال للقضاء الإداري دور بارز وفعال في حسم موضوع الأوامر غير المشروعة الصادرة من الرئيس الإداري واثرها على ترتب المسؤولية الانضباطية على اطراف السلطة الرئاسية اثناء ممارسة العمل الوظيفي ولنا وقفة في موقف القضاء الإداري في بعض الدول المقارنة مع موقف القضاء الإداري في العراق وكما يلي:

أ- موقف القضاء الإداري الفرنسي:

لقد أبدع القضاء الإداري الفرنسي ومنذ نشأته الأولى في وضع حجر الاساس لقواعد القانون الإداري بصفة عامة، وحدود العلاقة القانونية بين المرؤوسين والرؤساء في النظام الإداري للدولة بصفة خاصة، وقد انتهج موقفاً جديداً، في حدود هذه العلاقة والمتعلقة بإطاعة الأوامر الرئاسية غير المشروعة في قضيته المشهورة حكم (Languor) (31) ، في 1944 وذلك بفضل تقرير مفوضة (Chenot) الذي يتلخص في أنَّه قد ألقي على عاتق الموظفين واجباً حديثاً وهو واجب عدم الطاعة للأوامر الرئاسية المخالفة للقانون، وإن عصيان أمر الرئيس ليس مجرد حق للمرؤوس في هذه الحالة، وإنما ينقلب إلى واجب تترتب على مخالفته المساءلة والجزاء للمرؤوس الذي يطيع ذلك الأمر(32).

إذن فالموقف الواضح الذي يملكه القضاء الإداري الفرنسي عن طريق قضاء مجلس الدولة في قضية حدود التزام المرؤوس في اطاعة وتنفيذ الأوامر والتعليمات الإدارية الصادرة إليه من رؤسائه، وهو أن القضاء الإداري الفرنسي يقضي بأنه يجب على العامل العام المرؤوس أن يلزم بواجب طاعة رئيسه الإداري، وتنفيذ الأوامر والتعليمات التي يصدرها له، إذ ما كانت هذه الأوامر والتعليمات الإدارية الرئاسية مشروعة وهذه هي القاعدة والأصل العام، أما إذا كانت الأوامر والتعليمات الرئاسية غير مشروعة، فإن على العامل العام المرؤوس الأمور أن ينفذها على مسؤولية رئيسه، إلا إذ كانت عدم شرعية الأوامر والتعليمات الإدارية الرئاسية مشوبة بالجسامة والخطورة الواضحة والقاطعة، فإنه يحق للمرؤوس بل يجب عليه أن يرفض تنفيذ هذه الأوامر والتعليمات المشوبة بعدم الشرعية الجسيمة والواضحة (33).

واستناداً إلى ما تقدم يتبين لنا أن القضاء الفرنسي عد أن هناك واجباً جديداً يقع على عاتق المرؤوس ألا وهو واجب عدم الطاعة للأوامر الرئاسية المخالفة للقانون، وعليه فلا يصبح عصيان أمر الرئيس مجرد حق للمرؤوس فقط، ولكنه ينقلب واجباً عليه فتترتب على مخالفته المساءلة والجزاء للمرؤوس الذي يطيع أو ينفذ الأمر غير المشروع.

ب-موقف القضاء الإداري المصري من طاعة الأوامر غير المشروعة:

كان للقضاء المصري أحكاماً كثيرة حيال طاعة المرؤوس للأوامر غير المشروعة ومدى مسؤوليته اتجاهها، حيث قضت المحكمة الإدارية العليا في احد أحكامها على عدم طاعة امر الرئيس مع تنويه المرؤوس عليه كتابة بمخالفة ذلك الأمر للقانون لا يُعد مسلكاً يستحق المسائلة التأديبية، حيث قضت بأنه "..... إذا ما تعارض أمر الرئيس الذي يجب طاعته مع حكم القاعدة التنظيمية الأمرة الواجبة الاتباع فأوجب على المرؤوس أن يطلب في هذه الحالة أن يكون أمر الرئيس كتابة، فإذا أصر الرئيس كتابه على التنفيذ وجب على المرؤوس تنفيذه، وتكون المسؤولية في هذه الحالة على الرئيس مصدر الأمر وحده، ويعفى المرؤوس منفذ الأمر المخالف للقانون من المسؤولية.... ومن حيث أن مقتضى تطبيق ما تقدم على واقعة الطعن الماثل أنه طالما كانت هناك قاعدة تنظيمية امره توجب أن يكون صرف المواد المخدرة من الصيدليات إلى اقسام المختلفة لا إلى الوحدات داخل تلك الاقسام، فقد كان من واجب الطاعنة باعتبارها رئيسه الصيادلة بمستشفى الحسين الجامعي أن تعتذر عن تنفيذ الأمر الإداري المتضمن حكماً مخالفاً لما تقدم يوجب صرف المواد المخدرة من الصيدليات إلى الوحدات العلاجية داخل الاقسام مع تنبيه من اصدر هذا الأمر كتابة إلى أن هناك تعليمات خاصة مغايرة لما ورد بهذا الأمر الصادر من الإدارة العامة للصيدليات بوازرة الصحة واجبة الاتباع ومن حيث أن هذا الذي وقع من جانب الطاعنة هو تماماً ما أوجبه المشرع في نصوص قانون العاملين المدنيين بالدولة، فإنها لا تكون قد ارتكبت اية مخالفة تأديبية، ومن ثم لا يكون الجزاء الموقع عليها من جانب جهة الإدارة مستنداً إلى اساس سواء من حيث الواقع أو القانون الأمر الذي يكون معه القرار المذكور مخالفاً للقانون واجب الإلغاء» (34).

وبهذا نجد أن القضاء الإداري المصري يؤكد لإعفاء المرؤوس من المسؤولية التأديبية أن يكون الأمر الرئاسي صادراً من الرئيس إلى المرؤوس، وأن يثبت المرؤوس اصرار الرئيس بعد تنبيهه (35).

ت- موقف القضاء الإداري العراقي من طاعة الأوامر غير المشروعة:

حاول القضاء الإداري العراقي في الكثير من أحكامه إلى حل إشكالية قد تثور أمامه من مسألة طاعة المرؤوس الأوامر رئيسه المشوبة بعيب من عيوب المشروعية وفقاً لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل وما ترتب عليه من غياب النص التشريعي ليسارع بمعالجة الأمر قضاء.

لذا قررت المحكمة الإدارية العليا في أحد أحكامها على «... أن قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل أوجب على الموظف إطاعة الأوامر الصادرة إليه من الرئيس ورسم إليه الأعتراض والجهة التي تتحمل المسؤولية...، ولدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإدارية العليا وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقررت قبوله أنَّه . شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجدا صحيح وموافق للقانون ذلك أن المميز (المعترض) يعترض على الأمر الإداري المرقم (2292) في 2012/4/30 والمتضمن فرض عقوبة الانذار بحقه لعدم الالتزام بالقانون والتوجيهات الصادرة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص تنزيل رواتب التدريسيين مما ادى إلى إرباك العمل، حيث قام بإصدار الأمر الإداري المرقم (4170 ) في (2011/7/10 والمتضمن تنزيل درجات رواتب اعضاء الهيئة التدريسية في الهيئة العراقية للحاسبات والمعلوماتية خلافاً للتوجيهات الواردة إليه من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / الدائرة القانونية والإدارية الوارد بالكتاب ذي العدد (ق/422) في 2011/2/20 ولا يشفع للمميز (المعترض أن توجيهات الوزارة مخالفة لملاحظات ديوان الرقابة المالية، حيث ألزمت الفقرة (ثالثاً) من المادة (4) من القانون الموظف... فإذا كان في هذه الأوامر مخالفة فعلى الموظف أن يبين لرئيسه كتابة وجه تلك المخالفة، ولا يلتزم بتنفيذ تلك الأوامر إلا إذا أكدها رئيسه كتابةً، وعندئذ يكون الرئيس هو المسؤول عنها»، وبما أن المميز (المعترض) كونه لم يلتزم بحكم القانون ولم يلتزم بالتوجيهات الصادرة إليه من الوزارة وبذلك تكون العقوبة صحيحة وموافقة للقانون وحيث أن محكمة قضاء الموظفين قد قضت برد دعوى المميز (المعترض) كونه لم يلتزم بحكم القانون ولم يلتزم بالتوجيهات الصادرة اليه من الوزارة وبذلك تكون العقوبة صحيحة وموافقة للقانون وحيث أن محكمة قضاء الموظفين قد قضت برد دعوى المميز (المعترض) فيكون قرارها صحيحاً وموافقاً للقانون، لذا قرر الحكم بتصديق القرار المميز ورد الطعن التميزي للمعترض وتحميله الرسم التمييزي وصدر القرار بالاتفاق في 19/ذي القعدة/ 1435هـ الموافق 2014/9/14)(36).

واستناداً لما تقدم في طاعة الأوامر غير المشروعة من قبل المرؤوس، وما أشارت إليه النصوص التشريعية وما وجدنا في التطبيقات القضائية، لم نجد موقف واضح للمشرع والفقه وحتى القضاء، فيما يخص اشكالية الطاعة للأوامر غير المشروعة وتنفيذها، الأمر الذي نجد فيه انتقاص لضمانات المرؤوسين، اذ لابد من التحديد الدقيق لموقف المرؤوس حيال التزامه بطاعة الأوامر غير المشرعة بشكل قطعي وحازم، دون ترك المرؤوس اداة سهلة بيد الرئيس الإداري في تنفيذ أوامره غير المشروعة بالتأكيد الكتابي للأمر، وعدم ترك المرؤوس ليتفحص مدى مشروعية الأمر من عدمه، فلا بد من وضع حد لتنصل الرئيس من مسؤوليته في تحمل ما يصدره من أوامر وفقاً لما يجب أن يكون عليه من مكنة علمية وإدارية ناجحة.

___________

1- عاصم أحمد عجيلة، واجب الطاعة في الوظيفة العامة ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة 1980    ، ص178.

2- د. شعبان عبد الحكيم سلامة، مدى إعفاء الموظف العام عن تنفيذ الأوامر غير المشروعة (دراسة مقارنة بالفقه الاسلامي) مكتبة الوفاء القانونية الاسكندرية، ط1، 2016 ، ص107. وهذا ما أشار إليه الفقيه (ديجي) في مدى طاعة المرؤوس للأمر الرئاسي غير المشروع محدداً ذلك في ثلاثة أمور وهي:

1- اذا كان أمر الرئيس غير داخل في اختصاص مصدره.

2- اذا كان الأمر مخالفاً للأشكال والإجراءات الإدارية.

3- اذا كان الأمر مخالفاً لنص القانون.

3- د. محمد عبد الحميد أبو زيد، طاعة الرؤساء ومبدأ المشروعية دراسة مقارنة دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص218 وما بعدها.

4-  عاصم أحمد عجيلة، المصدر السابق، ص179.

5- د. محمد عبد الحميد أبو زيد، طاعة الرؤساء ومبدأ المشروعية دراسة مقارنة دار النهضة العربية، القاهرة، 1988 ، ص 221.

6-  مهدي مديف تركي، حدود الاباحة في فعل الموظف العام اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة الاسكندرية، 1992، ص 367 وما بعدها.

7- سورة الشعراء الآية (151).

8-  وائل فتح الله راشد محمد خليل، مسؤولية المرؤوس في الامتناع عن طاعة اوامر رؤساته غير المشروعة ، دراسة مقارنة ، اطروخة دكتوراه ، كلية الحقوق ، قسم الشريعة الاسلامية ، جامعة المنصورة 2020   ، ص 181.

9- عاصم أحمد عجيلة، المصدر السابق، ص 18 ، ويُنظر د. محمد عبد الحميد أبو زيد، طاعة الرؤساء ومبدأ المشروعية دراسة مقارنة دار النهضة العربية، القاهرة، 1988 ، ص 123 و د. عاشور سليمان شوايل، طاعة الأوامر الرئاسية ومسؤولية الرئيس والمرؤوس جنائياً وتأديبياً، ط1، مكتبة الإسكندرية، مصر، دس  ، ص 111.

10- نوار نجيب توفيق العبادي، طاعة الرؤساء في القرارات الإدارية غير المشروعة، دراسة مقارنة، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2019 ، ص99.

11-  حسن محمد عواضة السلطة الرئاسية اطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1975 ، ص 221.

12- د. شفيق عبدالمجيد الحديثي، النظام الانضباطي لموظفي الدولة في العراق دراسة مقارنة - مديرية الإدارة المحلية، بغداد، ط1، 1975 ، ص 15.

13-  د. عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، دار هومه للطباعة والنشر، الجزائر، 1419 هـ  ، ص 451.

14- د. عزيز الشريف، النظام التأديبي وعلاقته بالأنظمة الجزائية الاخرى ، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص198.

15- د. عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، مصدر سابق، ص 452.

16-  د. مازن ليلو راضي، طاعة المرؤوس لرؤسائه في نطاق الوظيفة العامة، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل 2012 ، ص133 وما بعدها

17- د. نضال جهاد الحايك تنفيذ الموظف للأوامر غير المشروعة، بحث منشور على الموقع الالكتروني: تاريخ الزيارة في 2022/9/25 في الساعة 11:16 مساءً https://pulpit. Alwatanvoice.com

18-  عاصم أحمد عجيلة، واجب الطاعة في الوظيفة العامة ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة 1980    ، ص190.

19-  د. عزيز الشريف، النظام التأديبي وعلاقته بالأنظمة الجزائية الاخرى ، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988 ، ص199.

20- عاصم أحمد عجيلة، المصدر السابق، ص190

21-  د. مازن ليلو راضي، طاعة الرؤساء وحدودها، مصدر سابق، ص135؛ ود. علي جمعة محارب، التأديب الاداري في الوظيفة العامة ، دراسة مقارنة ، دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية 2015    ، ص 316؛ و محمد جودت الملط المصدر السابق، ص 104. ود. عزيز الشريف، المصدر السابق، ص201.

22-  د. عبد الحفيظ علي الشيمي و د . محمد فوزي نوبجي، المسؤولية التأديبية وموانعها للموظف العام، دار مصر للنشر و التوزيع، مصر، ط1، 2020 ، ص 158.

23- د. علي جمعة محارب، المصدر السابق، ص370.

24- المصدر السابق نفسه، ص 369 وما بعدها.

25- د. محمد رفعت عبد الوهاب، النظام العام للوظائف الصادرة في فرنسا،  ص 134.

26- المصدر نفسه ، ص 134 .

27-  ينظر نص المادة (58) من قانون الخدمة المدنية المصري رقم (81) لسنة 2016 النافذ.

28- تنظر المادة (81) من المرسوم الاتحادي الاماراتي القانون رقم (9) لسنة 2011 المعدل وللمزيد يُنظر : د. عبد الحفيظ علي التميمي، مصدر سابق، ص 160.

- في حين نجد أن الموقف المشرع الجزائري لا يختلف كثيراً عن سابقيه إذا أوجب على المرؤوس ان ينفذ الأمر الصادر إليه من رئيسه متى كان تنفيذ واجباً والتزاماً يقع عليه وذلك وفق ما نصت عليـه المادة (47) من القانون ذي الأمر 0603 المورخ في 15 يوليو 2006 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة، والتي أشارت إلى إذا ما تضمنت أوامر الرئيس مخالفة للقانون فعلى المرؤوس ان يراجع رئيسه وينبهه ويبصره بأوجه عدم مشروعية الأمر الذي صدر إليه إذا ما أصر الرئيس على سلامة أوامره وصحتها مما على المرؤوس تنفيذ الأمر الذي صدر اليه، إلا انه إذا اصر الرئيس ان الخطأ الذي ارتكبه المرؤوس كان تنفيذاً لأمر صادر من رئيسه، يعتبر خطأ مصلحياً يرتب المسؤولية الإدارية ولا يعد خطأ شخصياً للمرؤوس ولا تترتب عليه المسؤولية بشرط ان يكون الأمر صادر من رئيس متمتعاً بسلطة إصدار مثل هذا الأمر وفقاً للقواعد القانونية. يُنظر .د. عمار ،عوابدي القانون الإداري، مصدر سابق، ص 214. وهذا ما ذهب إليه المشرع البحريني في نص المادة (4/22) من قانون الخدمة المدنية المرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2012 والتي نصت على بعض الموظف من الجزاء التأديبي إذا اثبت ان ارتكابه المخالفة كان تنفيذاً لأمر مكتوب صادر إليه من رئيسه بالرغم من تنبيهه كتابةً إلى المخالفة، وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر» تنظر : المادة (4/22) من قانون الخدمة المدنية البحريني رقم (48) لسنة 2012 المعدل.

29- يُنظر نص المادة (2/14) من المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم (112) لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 144 لسنة 1992.

30- يُنظر نص المادة (4) ثالثا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي رقم (14) لسنة 1991 المعدل.

31 -  تتمحور قضية أو حكم (Languor) الذي ابتدعه مجلس الدولة الفرنسي هو رفض الترخيص بالمتابعة القضائية ضد الموظفين بسبب الافعال التي يقومون بها تنفيذاً لأوامر رؤسائهم، حيث اثرت هذه المسألة امام مجلس الدولة الفرنسي في المرحلة التي ساد فيها مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن الاخطاء التي يرتكبها موظفيها، وقد قضى هذا الأمر في 3 ديسمبر 1817 الذي رفض طلب السيد (جينتو) بالترخيص له بمحاكمة حراس احدى الغابات ورئيس البلدية، وحالة (كوزل) في 9 جوليه 1820 التي يقرر فيها مجلس الدولة الفرنسي بأنه لا يمكن الترخيص بالمتابعة القضائية ضد رئيس البلدية شخصياً بسبب الافعال التي قام بها تنفيذاً لأمر مدير المقاطعة، وظل مجلس الدولة الفرنسي متمسكاً بموقفه هذا واضفى عليه نوعاً من المرونة عندما اعطى للمقررين الحق في رفع دعوى المسؤولية وطلب التعويض من السلطة الإدارية التابع لها المرؤوس الذي ارتكب الخطأ، وهكذا ظل المجلس الدولة الفرنسي على موقفه بنوع من المرونة والواقعية إلى غاية وقائع (Languor) حول تطور مجلس الدولة الفرنسي في مجال هذه القضية. للمزيد حول القضية ينظر د. عمار عوابدي مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، مصدر سابق، ص 465؛ وعاصم أحمد عجيلة، المصدر السابق، ص 264 وما بعدها.

32-  د.عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، مصدر سابق، ص266.

33- د.عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، مصدر سابق ، ص 468 وما بعدها.

34-  الطعن رقم 2853 لسنة 33 ق عليا جلسة 1989/5/27 أشار إليه : أحمد رزق رياض السلطة الرئاسية بين الأمتياز والمسوؤلية، ط1، مؤسسة إبراهيم الناحل القانونية، الأسكندرية، 2007 ، ص 25 وما بعدها.

وهناك حكم اخر للمحكمة الإدارية العليا المصرية الرقم 480 لسنة 1965 ، السنة العاشرة والذي جاء فيه " لا تترتب على الموظف ان كان معتداً بنفسه، واثقاً بسلامة نظره، شجاعاً في إبداء رأيه صريحاً في ذلك امام رئیسه، لا يداري ولا يرائي ما دام لم يجانب ما تقتضه وظيفته من تحفظ ووقار وما تستجوبه علاقته برئيسه من التزام في حدود الادب واللياقة وحسن السلوك... ولا جناح عليه ان يختلف مع رئيسه في وجهات النظر، إذ الحقيقة دائماً وليدة اختلاف الرأي... وإنما ليس للمرؤوس ان يخالف ما استقر عليه رأي الرئيس نهائياً أو يقيم العراقيل في سبيل تنفيذه إذا ما اصبحت الطاعة واجبة بعد أن خرجت المسألة عن البحث إلى دور التنفيذ" أشار إليه حسن محمد عواضة السلطة الرئاسية اطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1975 ، ص 124.

35- د. محمد رفعت عبد الوهاب مبادئ وأحكام القانون الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002 ، ص336.

36-  حكم المحكمة الإدارية العليا في العراق ذي الرقم (252/ قضاء الموظفين- تمييز / 2013) بتاريخ 2014/9/14 أشار إليه : القاضي لفتة هامل العجيلي: قرارات مجلس شورى الدولة للسنوات من 2010 – 2015، د ط، دار السنهوري، بيروت، 2018 ، ص 269-270.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .