المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

قضاة وعمال ابو بكر الصديق
15-11-2016
النيوترون
15-1-2022
Schemas and scripts
21-2-2022
نشأة التفسير بالرأي وتاريخه
2024-09-28
أولاد الحسين(عليه السلام)
19-10-2015
يوم لك ويوم عليك
27-11-2016


التربية الإجتماعية للأبناء  
  
1660   02:22 صباحاً   التاريخ: 2023-10-31
المؤلف : مركز نون للتأليف والترجمة
الكتاب أو المصدر : التربية الأسرية
الجزء والصفحة : ص201ــ214
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-4-2021 2425
التاريخ: 2023-04-05 1284
التاريخ: 12-1-2016 1902
التاريخ: 12-1-2016 1789

أهمية التربية الاجتماعية للأبناء

إن الحاجة إلى الغير والتأثر به تبدأ مع الإنسان منذ ان يكون جنينا الى ان يموت. فالإنسان يكتسب الوجود بتأثير من والديه، ثم يتأثر بأخلاقهما وأخلاق اخوته وأقربائه وجيرانه وأصدقائه، ثم يدخل في خضم المجتمع؛ فيتأثر بالمدرسة، والمعلم، وسائر أعضاء المجتمع؛ بحسب درجة ارتباطه بهم.

فجميع الأعمال والسلوكيات التي تصدر منا في مراحل الصغر والصبا، وحتى مرحلة الشباب والكبر أيضا برغم ما لنا من استقلال في الفكر والإرادة والعمل؛ تتأثر لا محالة بالمجتمع والحياة الاجتماعية. والإنسان بهدف تلبية حاجته الأساسية والضرورية مضطر إلى الحياة ضمن المجتمع، كما وأن كثيرا من أبعاد الإنسان الوجودية لن تزدهر إلا في ظل هذه الحياة الاجتماعية.

ولان الإنسان يسعى في الحياة لضمان السعادة لنفسه، ويحاول بشتى السبل اشباع رغباته، وهذا ما لا ينسجم مع أسلوب الحياة الاجتماعية، ولأن من الناسي من لا يرتدي ثوب الفضيلة ولا يتحلى بالأخلاق والملكات الإنسانية، ومن لا يتقيد بالضوابط والقوانين؛ لذا، فانه من الصعوبة بمكان تجنب الصدام، والنزاعات والخلافات.

من هنا كان لا بد من وجود قواعد وقوانين في المجتمع، تضطر جميع أفراده إلى تنظيم أعمالهم وسلوكياتهم على أساسها، وبناء حياتهم الجماعية على أساس تلك القوانين. كما، وإن الحياة الاجتماعية، وإن كانت بحاجة إلى القانون، ولكنها بحاجة أيضا إلى الأخلاق أكثر؛ لأن الأخلاق تعطي الحياة طابعا إنسانيا، وترفع من مستوى العلاقات الاجتماعية، وتساعد الإنسان على اقتحام العقبات، وتجعله حريصاً على حقوق الاخرين ورعاية مصالحهم.

ولان الطفل سوف يخرج من رحم هذا المجتمع وينمو فيه في ظل ارتباطه بالآخرين، ولأنها أفضل مرحلة عمرية للتعلم وأنسبها؛ لذا، كان من الضروري العمل على تنشئة الأبناء منذ سني، طفولتهم الأولى وتربيتهم تربية اجتماعية سليمة؛ أساسها التحلي بالانضباط والأخلاق الفاضلة، حتى يأنسوا بها، ويتجنبوا التحلل منها في المستقبل. وفي ما يلي سوف نذكر بعض هذه الآداب والقواعد الاجتماعية التي ينبغي ان تحكم علاقة الأبناء مع محيطهم:

الوقوف بوجه الظلم والظالمين

من اهم المبادئ التربوية التي ينبغي تنشئة الأبناء عليها وغرسها في نفوسهم منذ نعومة أظافرهم؛ هو: الحساسية المفرطة من الظلم والظالمين. فالإسلام لا يرتضي ان يقف المسلم مكتوف الأيدي تجاه الحوادث الواقعة من حوله، بل يأمر الإسلام اتباعه بالتفاعل مع الأحداث والظروف المحيطة به وعدم تجاهلها. وتمثل قضية الظلم واحدة من اهم هذه المسائل التي لا يرتضي الإسلام بالتغافل عنها على الإطلاق؛ لما لها من تأثير عميق على المجتمع، وصناعة الأفراد فيه بشكل قوي وكبير.

لذا، ينبغي ان يكون للمسلم موقف حاسم وقوي من الظلم، فهو على الدوام خصيم الظالم ونصير المظلوم؛ كما قال الامام علي (عليه السلام) في وصيته لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام): (كونا للظالم خصما، وللمظلوم عوناً)(1). وهذا هو المبدأ الأساس الذي ينبغي ان يشب عليه أبناؤنا منذ الصغر، فتكون علاقتهم بالظلم منذ البداية قائمة على أساس العداوة والبغضاء؛ انطلاقا من قول الله عز وجل في كتابه الكريم: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 21]، وقوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113]

من هنا، فإن الحرص الحقيقي على الابناء يبدأ من خلال إشعار قلوبهم الرفض للظلم والظالمين، وإن المحبة الحقيقية لهم تتجلى انطلاقا من تنشئتهم وتربيتهم على هذا المبدأ الاجتماعي الهام جداً؛ لكي يعرفوا عواقبه ومخاطره من جهة؛ فلا يقعوا في الظلم أبداً. ومن جهة أخرى، ليأخذوا منه موقفاً حاسماً منذ بداية الطريق حتى لو تتطلب الامر منه بذل روحه وحياته والشهادة من اجل إقامة الحق. قال الله تعالى واصفاً حال الظالم وعاقبته: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الفرقان: 27]. ولا يخفى على أحد ان تربية الأبناء على هذا المبدأ التربوي لها آثار لا تطال فقط الجنبة الشخصية لهم، بل يمتد تأثيرها الإيجابي الى المجتمع ككل أيضاً.

الإحسان الى الوالدين

لقد عُدّ مقام الوالدين في الثقافة الإسلامية بعد مقام الله عز وجل، وجاءت الوصية بهما بعد الوصية بعبادة الله، وعدم الشرك به. قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83]. وقد تكررت هذه الوصية في آيات أخرى(2).

ويكفي في بيان أهمية مقام الوالدين ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (النظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة)(3). وهذا راجع إلى الجهد الذي يبذله الوالدان في تربية الطفل، والمشقة التي يتحملانها من أجله، دون أن يكون لهما طمع بشيء يبذله الطفل لهما، وعلى الخصوص الأم التي قال الله تعالى بشأنها في كتابه الكريم: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف:15].

فالتنشئة التي ينبغي ان يتربى عليها الطفل ويتعلمها منذ الصغر في كيفية معاشرة الوالدين، ينبغي ان تكون هي نفسها تلك التي وصى بها الإسلام الملتزمين بتعاليمه وأحكامه في آيات القرآن والأحاديث الشريفة، حيث أمر باحترام الوالدين والتواضع لهما: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24]، وبرهما، وبذل المعروف لهما على الدوام: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، حتى قال الله تعالى مبينا عظمة النبي يحيى (عليه السلام) وتقواه: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} [مريم: 14].

ومن جملة المسائل التي ينبغي أن ينشأ عليها الطفل والواجبات التي ينبغي أن يتعلمها مما لها جنبة أخلاقية وحقوقية؛ هي: شكر الوالدين والدعاء لهما؛ لأنه من لم يشكر الوالدين لم يشكر الله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14]. لذا، فان تعليم الأولاد شكر الوالدين والدعاء لهما منذ الصغر يفتح الباب أمامهما لشكر الباري عز وجل أيضاً على نعمه التي لا تحصى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].

صلة الأقارب والأرحام

في نهاية المطاف لن يبقى الطفل قابعا في أسرته، محاطاً بأفراد عائلته، بل من  المتوقع ان يخرج من هذا المحيط العائلي الصغير. إلى محيط عائلي أكبر وأكثر سعة منه، وهو المكان الثاني الذي من المفترض ان يكون الطفل على تماس معه بعد عائلته، نتكلم هنا عن الأقارب والأرحام بطبيعة الحال.

وينبغي للعلاقة مع الأهل ان تكون محكومة بالضوابط والقيم التربوية الدينية، لتكون هذه العلاقة باباً ينتفع منه الأبناء في بناء شخصية متوازنة؛ إيمانيا، وسلوكيا، واجتماعيا. وكذلك ينبغي أن يكون الحال مع العائلة الأوسع نطاقا، وربما تأثيرا في يعضى الأحيان. فليس صحيحا ان تبقى العلاقة الحاكمة مع الأقارب والأرحام متفلّتة من القيود والضوابط الدينية والتربوية لما لهذه العائلة الكبيرة من تأثير جدّي وكبير على نشأة الابناء وتكاملهم.

ومن وجهة نظر الإسلام: الروابط العائلية تجاه القرابات والأرحام لا يمكن اجتنابها او تجاهلها. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. ومما أوصى به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الأرحام: (أوصي الشاهد من أمتي، والغائب منهم ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم وإن كانت منه على مسيرة سنة؛ فإن ذلك من الدين)(4). وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال: (ان الرحم معلقة يوم القيامة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني)(5).

من هنا، فالوظيفة الاساسية للأهل تكمن في ان يعززوا ثقافة صلة الرحم في نفوس

الأبناء لما لها من آثار مباشرة على الصعيد الاجتماعي والفردي معا. فان الروابط العائلية تصقل شخصية الأبناء وتمدهم بالخبرة والتجربة اللازمة لهم في هذه الحياة؛ ليتمكنوا لاحقا من اكمال مسيرة حياتهم بثبات وثقة عالية. كما انها تضع الأبناء أمام تحديات جديدة في حياتهم؛ تدفعهم للخروج منها ظافرين طيبي النفس. فعن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (صلة الأرحام تُحسن الخلق، وتسمح الكف، وتطيب النفس، وتزيد من الرزق، وتنسئ في الأجل)(6).

أما الأضرار الناجمة عن قطيعة الرحم فهي كبيرة وخطيرة جدا، نذكر منها ما ورد في كتاب الله العزيز، حيث اعتبرها القران بمنزلة الفساد في الأرض: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. لذا ينبغي الحذر من ان يكون أبناؤنا هم الشرارة الأولى لهذا الفساد والإفساد في الأرض؛ من حيث نعلم او لا نعلم. ويجب السعي الحثيث لغرس هذه الثقافة في نفوسهم منذ الصغر قبل ان يكبروا ويصبح الوالدان أنفسهم عرضة لمخاطر قطيعة ابنائهم لهم!!

العلاقة الطيبة مع الجيران

إن مسألة الجار ورعاية حاله وحقوقه ووضعه؛ من المسائل المهمة المبحوثة في نظام الحياة الأخلاقية والمعاشرة في الإسلام. وهناك روايات كثيرة في هذا المجال بينت أهميته وموقعيته في الحياة الاجتماعية.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36]. وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه)(7).

وبما ان الأبناء هم في نهاية المطاف على تماس وصلة مع الجيران من حولهم. لذا ينبغي السعي الى تعليمهم آداب حسن الجوار وغرسها في نفوسهم منذ الصغر، وهذا له دور مهم جدا في تأسيس علاقات وروابط اجتماعية ايجابية وفعالة في المستقبل عندما يخرجون الى محيط ودائرة اوسع من دائرة جيران المحلة والسكن. ومن اهم

هذه الآداب التي حددها الإسلام تجاه الجار، والتي ينبغي ان ينشأ أبناؤنا عليها بطبيعة الحال؛ كونهم مكوّن وجزء أساسي من هذا المجتمع:

1- ان يُحسّن الأبناء أخلاقهم تجاه الجيران: فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (يا علي أحسِن خُلُقَكَ مع أهلك، وجيرانك، ومن تعاشر وتصاحب من الناس؛ تُكتب عند الله في الدرجات العلى)(8).

2- ان يحسن الابناء معاشرة جيرانهم: عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال (عليكم بحسن الجوار؛ فإن الله عز وجل أمر بذلك)(9).

3- العمل على مواساة الجيران: وقضاء حوائجهم وتقديم المساعدة لهم عند الحاجة والضرورة. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع)(10). 

4ـ عدم اذيتهم: او إزعاجهم او التسبب بالضرر لهم. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيع حق جاره فليس منا)(11). وعنه (صلى الله عليه وآله) انه قال: (لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه)(12).

التعامل مع المؤمنين

عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (المومن اخو المومن؛ كالجسد الواحد؛ إن اشتكى شيء منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة)(13).

يقوم بناء الحياة الاجتماعية في الإسلام على الألفة والوحدة والشعور بالطرف الآخر. فالمؤمنون في الإسلام اخوة لا يُفرّق بينهم لون، ولا عرق، ولا مكان، ولا لغة. فعلاقة المؤمنين بعضهم مع البعض الآخر من وجهة نظر الإسلام هي علاقة حية هدفها ايجاد بناء محكم من الاتحاد والأخوة بين الناس. وهذه من المبادئ التربوية الأساسية التي ينبغي ان يُنشأ عليها الأبناء؛ لأنها تؤسس وترسم مسار علاقاتهم في المستقبل مع الاخرين على مستوى الكيف والنوع. ولأنهم نواة هذا المجتمع التي منها سوف تنبثق الأجيال والمجتمعات اللاحقة لترسم معالمها الفكرية والسلوكية، فكان من الواجب الاهتمام الشديد بالأصول والمبادئ التي ينبغي أن تحكم علاقة الأبناء بالناس من حولهم وبالخصوص المؤمنين منهم. هذه المبادئ التي ورد ذكرها في روايات أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) بشكل مفصل ودقيق نحاول ان نذكر بعضها، لتكون منطلقا صحيحا لبناء ثقافة سليمة في كيفية تعامل الأبناء مع غيرهم من الناس. ومن هذه التعاليم التربوية على سبيل المثال:

1- ان يحب الأبناء لغيرهم ما يحبون لأنفسهم: سئل الإمام الصادق (عليه السلام) ما حق المسلم على المسلم؟ فقال (عليه السلام): (له سبع حقوق واجبات ـ إلى ان قال ـ أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك...)(14).

2- ان يسعوا في قضاء حوائج المؤمنين: عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال: (إن لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة)(15). 

3ـ الإقبال على الناس بوجه طلق: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (انكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر)(16).  وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة)(17). 

4ـ التربية على روحية افشاء السلام بين الناس: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تومنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء ان فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم)(18).

5- حسن القول: لأن معاشرة المؤمنين تقوم على هذا الأساس. قال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]. وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال في قول الله عز وجل: {قولوا للناس حسنا} ما تحبون أن يقال فيكم)(19).

ومن المسائل السلبية التي ينبغي أن ينهى عنها الأهل شديد النهي؛ البهتان والغيبة واهانة المؤمنين او اذيتهم، او السخرية والاستهزاء بالآخرين؛ لما لها من مضاعفات سلبية جدا على التربية الاجتماعية السليمة والصحيحة للأبناء.

مراعاة النظام العام

لا يمكن لأي إنسان ان يعيش حياة اجتماعية صحيحة من دون قوانين وأنظمة وضوابط تحكم علاقاته مع الآخرين، لذا أكد الإسلام كثيرا على ضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين؛ لما لها من دور كبير جدا في انتظام الحياة الإنسانية، والوصول بالتالي الى الأهداف الاجتماعية السامية.

لذا، نلاحظ انه من جملة الأمور التي أوصى بها أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) في اللحظات الأخيرة من حياته حين جمع اليه الحسن والحسين وبقية اولاده وأهله (عليهم السلام)، ان قال لهم: (أوصيكما وجميع وُلدي وأهلي ومن بلغه كتابي، أوصيكما بتقوى الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدّكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام)(20).

وعلى الوالدين في المنزل قبل غيرهما أن يخضعا للنظم والانضباط؛ كي يُذعِن الأولاد من دون شك أو تردد لهذه الأنظمة، لكن هذا لا يعني إلغاء التعاليم المباشرة، فالولد في الكثير من الموارد يحتاج إلى الهداية والتعليم. كما ينبغي للأب والأم أن يهديا ولدهما بلين ويسر.

ولكي، يعتاد الأولاد على رعاية النظام في شؤونهم الحياتية داخل البيت، من المهم الالتفات إلى الأمور التالية:

1- ينبغي ان يكون لكل شيء في المنزل مكانه المناسب، وعلى كل شخص إذا تناول شيئا، ان يقوم بإرجاعه الى مكانه المخصص له.

2- ينبغي على أفراد العائلة قدر الإمكان ان ينجزوا أعمالهم الشخصية بمفردهم، فعلى سبيل المثال، عليهم ان يرتبوا اسرتهم بأنفسهم، وبعد الانتهاء من انجاز تكاليفهم المدرسية، ان يقوموا بجمع ادواتهم ويضعونها في أمكنتها، وان يهتموا بأغراضهم شخصيا.

3- ينبغي ان يكون وقت النوم والاستراحة محددا، فيمنع النوم في اي ساعة يشاؤون، وان لا تكون ساعات النوم طويلة؛ لأنها تجعل من الاطفال افرادا كسولين وخاملين.

4- عدم الإفراط في مشاهدة التلفاز واللهو والتنزه؛ بما يحول دون اداء الأعمال الأساسية والدراسية.

5- ينبغي عند دخول المنزل خلع الزي المخصص للخارج وارتداء اللباس الخاص

بالمنزل.

6- ينبغي اثناء تناول الطعام، ان يجتمع كافة افراد العائلة على المائدة لتناول الطعام

سويا.

ومن الآداب الاخرى التي ينبغي ان يتعلمها الابناء: الاقتصاد، واجتناب الإسراف، وعدم الإنفاق بلا روية. فعادة لا يوجد اي انسان عاقل يشعل النار بأمواله او يُفسد ماله، ولكن يتم افساد مبالغ ضخمة عن طريق الإسراف وعدم الاكتراث بالمصروف، في كل يوم وكل ساعة!

لذا ينبغي من أجل تعليم الأولاد الاقتصاد مراعاة المسائل التالية.

1ـ لا ينبغي إنارة أي مصباح من دون حاجة له.

2- عدم استخدام الهاتف بشكل غير ضروري؛ لأنه هدرٌ للمال والوقت.

3- عدم استهلاك الماء أكثر من الحد اللازم عند غسل اليدين والوجه او الاستحمام.

على سبيل المثال عندما يغسل الشخص يديه بالماء والصابون او يتوضأ لا يترك حنفية الماء مفتوحة على الدوام.

4- عدم الإسراف أثناء عملية ري الحدائق والبساتين، خاصة في الأماكن التي يشح

فيها الماء.

5- عدم الإسراف في المواد الغذائية، والاجتناب بشدة عن افساد الخبز والطعام لأنه

جحود بالنعمة ويستلزم العقوبة. وما زاد من الطعام يوزَّع إن كان لائقا، او يُجعل طعام للطيور وغيرهم مع الإمكان.

6- ان يأخذ كل شخص مقدار حاجته من الطعام حتى يمكنه تناوله بنحو كامل.

7- ان يعتني كل فرد بأغراضه الشخصية؛ حتى يمكنه الاستفادة منها لأقصى حدّ، فمثلا: لا يرتدي اللباس المخصص للخارج في البيت.

8- أن يقتصد الأولاد في استهلاك ادواتهم القرطاسية، وان لا توضع هذه الأدوات بين أيديهم دون رقابة. على سبيل المثال: الحرص على عدم رمي الدفتر الذي لم يتم استخدامه بنحو كامل بل العمل على الاستفادة من أوراقه الخالية مسدودة لحل التمارين.

ومن الآداب العملية في الحياة، بحيث تعتبر مهمة جدا في الإسلام؛ الحفاظ على النظافة والصحة. فلا بد للوالدين ان يكونا بالدرجة الأولى بأنفسهما اسوة حسنة في مجال الحفاظ على النظافة والصحة، وان يُرغّبا أبناءهما بالنظافة، ويُعلّماهما آداب الطهارة الإسلامية على قاعدة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، بل وينبغي التشدد ـ أحيانا ـ في هذا الجانب قليلا؛ لما لدى الأبناء من نزعة نحو التفلت من القيود؛ حتى تلك المتعلقة بالنظافة وسلامة البيئة المحيطة.

المفاهيم الرئيسة

1- جميع الاعمال التي تصدر منا في مراحل الصغر. والصبا، وحتى مرحلة الشباب ـ أيضا - برغم ما لنا من استقلال في الفكر والإرادة والعمل، تتأثر لا محالة بالمجتمع والحياة الاجتماعية.

2- من اهم المبادئ التربوية التي ينبغي تنشئة الأبناء عليها وغرسها في نفوسهم منذ

نعومة أظافرهم؛ هو: الحساسية المفرطة من الظلم والظالمين.

3- التنشئة التي ينبغي ان يتربى عليها الطفل وان يتعلّمها منذ الصغر في كيفية معاشرة الوالدين، ينبغي ان تكون هي نفسها تلك التي أوصى بها الإسلام الملتزمين بتعاليمه وأحكامه.

4- من وجهة نظر الإسلام تعد الروابط العائلية تجاه القرابات والأرحام من الأمور التي لا يمكن اجتنابها او تجاهلها، وليس صحيحا ان تبقى علاقة الابناء مع الاقارب

متفلّتة من القيود والضوابط الدينية والتربوية.

5- بما ان الأبناء هم على تماس مع من حولهم من الجيران؛ لذا ينبغي السعي الى تعليمهم آداب حسن الجوار منذ الصغر؛ لما له من دور مهم جدا في تأسيس علاقات وروابط اجتماعية ايجابية وفعالة في المستقبل.

6- المؤمنون في الإسلام اخوة، لا يفرق بينهم لون ولا عرق ولا مكان ولا لغة. وهذه من المبادئ التربوية الأساسية التي ينبغي ان ينشأ عليها الأبناء؛ لأنها تؤسس وترسم مسار علاقاتهم مع الآخرين.

7- أكد الإسلام كثيرا على ضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين؛ لما لها من دور كبير

في انتظام الحياة الانسانية والوصول إلى الأهداف الاجتماعية السامية. وعلى الوالدين قبل غيرهما أن يطبّقا هذه القوانين؛ كي يُذعِن الأولاد لها.

وصيتي الأخيرة

الأمهات جميعاً نموذجيات، لكن بعضهن يتحلّين بسمات خاصة، وقد وجدتُ والدتك المحترمة طوال حياتي التي عشتها معها.. والذكريات التي أحملها عنها في الليالي التي كانت تسهر مع اطفالها.. وفي بقية الايام، وجدتها تتحلى بمثل هذه السمات الخاصة.

انني أوصيك يا بني وبقية أبنائي ان تحرصوا على خدمتها وإحراز رضاها بعد موتي مثلما أراها راضية عنكم في حياتي، واجهدوا بعد وفاتي في خدمتها أكثر.

بني! أسجل لك أيضا جملات في الأحوال الشخصية والعائلية، وأختم حديثي الذي طال، وصيتي المهمة لك يا ولدي العزيز أن ترعى والدتك الوفية جدا، ليس من السهل احصاء حقوق الام الكثيرة، ولا يمكن اداؤها حقها، إن ليلة واحدة من سهر الام لطفلها تعادل سنين من عمر أب ملتزم، إن الرأفة والرحمة التي تحملها نظرات الأم النورانية ما هي إلا تجلّ، لرأفة ورحمة رب العالمين، لقد مزج الله تبارك وتعالى قلوب الأمهات وأرواحهن بنور رحمة ربوبيته بما يعجز عن وصدفها أحد، ولن يدركها غير الأمهات، وهذه الرحمة الأزلية هي التي أكسبت الأمهات كل هذه القدرة على تحمل العذاب والمعاناة منذ لحظة استقرار النطفة في الأرحام، وطوال فترة الحمل، ولحظة الولادة، ومرحلة الطفولة، إلى آخر العمر.. تلك المشقة والعذاب اللذين يعجز عن تحملهما الآباء ولو ليلة واحدة، الحنة وحقا ما ورد في الحديث الشريف من ان: (الجنة تحت اقدام الأمهات)، وقد ورد هذا التعبير اللطيف للدلالة على سمو عظمتها وليدعو الأبناء للبحث عن السعادة والجنة تحت أقدام الأمهات وتراب أقدامهن المباركة.

إن المحافظة على حرمتهن (الأمهات) تلي حرمة الحق المتعال، والبحث عن رضا الله تبارك وتعالى يكون في رضا الأمهات وسعادتهن.

وصيتي الأخيرة الى أحمد هي ان يُربي أبناءه تربية صالحة، وان يعرفهم على الإسلام العزيز منذ الطفولة، وأن يرعى أمه المحترمة الرؤوفة، وأن يحرص على خدمة أقاربه وأهل بيته أجمعين(21).

__________________________________

(1) نهج البلاغة، الخطبة 47.

(2) النساء،36. الأنعام،151. الإسراء،24.

(3) وسائل الشيعة، ج6، ص205.

(4) أصول الكافي، ج2، ص121.

(5) م.ن، ص12.

(6) م.ن، ص126.

(7) وسائل الشيعة، ج9، ص52.

(8) بحار الأنوار، ج74، ص68.

(9) م.ن، ج66، ص370.

(10) وسائل الشيعة، ج12، ص130.

(11) م.ن، ج12، ص127.

(12) الكافي، ج2، ص666.

(13) م.ن، ض166.

(14) وسائل الشيعة، ج12 ، ص205.

(15) أصول الكافي، ج2، ص157.

(16) م. ن، ص84.

(17) م. ن، ص150.

(18) مستدرك الوسائل، ج8، ص362.

(19) الكافي، ج2، ص165.

(20) نهج البلاغة، الخطبة 47.

(21) السيد الخميني قدس سره، تجليات رحمانية، ص47، من وصية السيد لابنه. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.