أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-1-2016
3794
التاريخ: 17-5-2017
4350
التاريخ: 2-2-2016
3071
التاريخ: 29-1-2016
3072
|
تعمل الوساطة الجنائية على تحقيق العديد من المزايا لكلا طرفي النزاع، فهي تهدف الى مشاركة الأفراد في إدارة العدالة الجنائية لمواجهة الاجرام وبالتالي تحقق السلام الاجتماعي، وفيما يلي نتناول هذه المزايا:
أولاً: فوائد نظام الوساطة الجنائية بالنسبة للجاني:
إن اللجوء الى نظام الوساطة الجنائية كبديل عن الدعوى الجزائية، يقدم للجاني العديد من المزايا التي لا مثيل لها في إطار العدالة التقليدية، ولعل في مقدمة المزايا التي تحققها الوساطة للجاني، إعادة اندماجه في المجتمع حيث إن تحريك الدعوى الجزائية ضده يقيد من حريته بما يقارب الفترة المقررة لمدة العقوبة، مما يمس قرينة البراءة ويترك أثراً سلبياً في نفس الجاني ويشعره بالعزلة عن المجتمع، في حين إن الغاية الأساسية لنظام الوساطة إعادة الجاني الى وسطه الاجتماعي الذي يعيش فيه، ليتيح له فرصة إدراك جسامة السلوك الاجرامي الذي اتاه(1). كما إن الوساطة تجنب الجاني فقدانه لحريته ووصمة الإدانة، نظراً لعدم تسجيل الجريمة التي تتم معالجتها عن طريق الوساطة الجنائية في صحيفة سوابقه(2)، فالوساطة تجنب الجاني الاثار السلبية لإجراءات الدعوى الجزائية ومساوئ العقوبة السالبة للحرية وظاهرة العود للجريمة(3). كما إن لجوء الجاني الى الوساطة يعود عليه نفعاً في تقليل نفقات التقاضي، كنفقات الاستعانة بمحامٍ أو الانتقال الى المحكمة وغيرها من النفقات اللازمة للدفاع عن نفسه، فهذه النفقات قد لا يقوى الجاني على تحملها، مما تضعف موقفه في الدفاع في حال تحريك الدعوى الجزائية ضده، وبالتالي تحسم الدعوى لصالح المجني عليه(4)، فإن نظام الوساطة يجنب الجاني تحمل تلك النفقات، إذ لا يترتب على إجراءاتها أي نفقات سواء تكاليف الاستعانة بمحامٍ في حال لجوء أي طرف اليه، ومن ثم تكاليف عملية الوساطة غالباً تلتزم بها وزارة العدل في الأنظمة التي أقرتها، وفي معظم التشريعات المقارنة تعتبر الوساطة خدمة مجانية تقدم لأطراف النزاع، وعليه يتميز نظام الوساطة بقلة تكاليفه ونفقاته بوصفه عملية سهلة ومرنة (5).
كما إن الوساطة الجنائية تهدف الى توفير وقت الجاني، حيث يترتب على إتباع إجراءات الدعوى هدر وقت الجاني في مرحلة التحقيقات والاتهام، وهذا ما يؤدي الى ضياع مصلحته بالإفادة من الوقت، كما إن أثر ضياع الوقت لا يقتصر على الجاني بل على المجتمع أيضاً من الناحية الإنتاجية، لذا تواجه الوساطة الأثر السلبي في ضياع وقت الجاني لما تتضمنه من سرعة في سير الإجراءات للفصل في النزاع، وهذه ميزة اقتصادية مؤثرة في الحياة الاقتصادية للمجتمع والفرد معاً (6).
ثانياً: فوائد نظام الوساطة الجنائية للمجني عليه:
تبرز الفائدة من إقرار نظام الوساطة للمجني عليه، إن الوساطة تهدف الى حصول المجني عليه على تعويض عادل ومناسب، وإن التعويض الذي سيحصل عليه المجني عليه عن طريقها تعويض حقيقي وليس مجرد حكم قضائي يصعب تنفيذه(7)، فضلاً عن ذلك إن وجود الوسيط الذي لا ينتهي دوره إلا بتنفيذ اتفاق الوساطة، يعد ضمانة حقيقية لحصول المجني عليه على الترضية المناسبة له وليس فقط على الورق، وإنما تنفيذها فعلاً (8).
كما إن نظام الوساطة يضمن للمجني عليه الحصول على التعويض على وجه السرعة وفي الوقت المناسب، أذ إن القيمة الحقيقية للتعويض بالنسبة للمجني عليه، تتمثل بالحصول عليه في وقت سريع عقب ارتكاب الجريمة، إذ أنه بهذا الوقت يكون بحاجة ماسة للعون والمساعدة، في حين إن المجني عليه قد لا يحصل على التعويض حتى صدور حكم جنائي في حالة اعسار الجاني أو إفلاسه(9)، مما يعني إن الوساطة الجنائية نظام يرتكز على تعويض المجني عليه مادياً أو معنوياً عن الضرر الذي أصابه، مما دفع البعض بوصفها وساطة تعويضية (10).
كما إن الوساطة تؤدي الى تفعيل دور المجني عليه في الإجراءات الجنائية، حيث يشعر المجني عليه من خلالها، بأنه صاحب دور إيجابي في الإجراءات الجنائية، وذلك من خلال اللقاء المباشر مع الجاني بصورة تسمح له بالتعبير عن مشاعره، فمن خلال اللقاءات والحوار بينهما يستطيع المجني عليه سؤال الجاني حول سبب اقدامه على ارتكاب الجريمة بحقه، وإن الإجابات التي سيقدمها الجاني عن هذه التساؤلات سوف تساعد وبصورة كبيرة بالتخفيف عن الأثار السلبية لجريمته، وهذا ينعكس إيجاباً في نفس المجني عليه فتكون هادئة وراضية مستقبلاً، مما يشعر المجني عليه بأنه له دور رئيسي في قضيته، وهذا ما تسعى الوساطة الجنائية الى تحقيقه(11). فإن جوهر الوساطة يتمثل في معالجة الأثار السلبية التي خلفتها الجريمة في نفس المجني عليه، وهذا ما حدا بالبعض الى وصفها بانها وساطة علاجية (12).
وبذلك تعد الوساطة الجنائية وسيلة فعالة لمشاركة المجني عليه في تحقيق العدالة الجنائية، بدلاً عن الدور السلبي والشعور الدائم بعدم الرضاء في ظل العدالة الجنائية التقليدية(13)، وبهذا أصبح المجني عليه طرفاً مهماً في إدارة المنازعات الجنائية (14).
_________
1- د. رامي متولي القاضي، الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي المقارن، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص400.
2- د. ايمان مصطفى منصور مصطفى، الوساطة الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011 ، ص357.
3- د. محمد سيف النصر عبد المنعم، بدائل العقوبة السالبة للحرية في التشريعات الجنائية الحديثة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة القاهرة، 2004 ، ص299.
4- د. أحمد محمد براك، العقوبة الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص308.
5- د. رامي متولي القاضي، الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي المقارن، مرجع سابق، ص401 – 402.
6- د. لفتة هامل العجيل، حق السرعة في الإجراءات الجزائية، ط1، منشورات الحلبي، بيروت، 2012، ص79. وينظر كذلك: ميثم فالح حسين، حق السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية – دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون – الجامعة المستنصرية، 2011، ص228 وما بعدها.
7- د. رامي متولي القاضي، الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي المقارن، مرجع سابق، ص398.
8- محمد فوزي ابراهيم، دور الرضا في قانون الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014 ، ص302.
9- د. رامي متولي القاضي، الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي المقارن، مرجع سابق، ص398.
10- د. أسامة حسنين عبيد، الصلح في قانون الإجراءات الجنائية ماهيته والنظم المرتبطة به، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004 ، ص369.
11- د. أنور محمد صدقي المساعدة ود. بشير سعد زغلول، الوساطة في إنهاء الخصومة الجنائية – دراسة تحليلية مقارنة، بحث منشور، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الأمارات العربية المتحدة، العدد 40، 2009 ، ص315.
12- د. أسامة حسنين عبيد، مرجع سابق، ص368.
13- محمد فوزي إبراهيم، مرجع سابق، ص302.
14- د. أحمد محمد براك، العقوبة الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص531.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|