أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2015
5070
التاريخ: 3-12-2015
4582
التاريخ: 28-09-2014
5049
التاريخ: 25-09-2014
4956
|
الناس والحجار وقودا جهنم
قال تعالى : {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24].
«إن«: التعبير ب«إن» وهي حرف شرط مشكوك بدلاً من «إذا» وهي حرف شرط مقطوع، بالرغم من أن الشرط في محل البحث هو مقطوع العدم بدليل قوله: (ولن تفعلوا)، هو من منطلق إنشاء الكلام، طبقاً لظن المعاندين أولأ، وانطوائه على البعد التهكمي ثانياً.
«لن»: حرف «لن» هو لتأكيد النفي، وليس لتأبيده؛ لأن الشيء المغيا والذي يكون له حد وغاية لا يكون أبدياً، وإن حرف «لن» في: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي } [يوسف: 80]. {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة: 55] قد استخدم في الموارد التي تكون لها غاية ونهاية.
«النار»: يقول أغلب المفسرين: بما أن كلمة (نار) قد وردت في سورة التحريم التي نزلت قبل سورة البقرة(1): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم: 6] وأن المسلمين قد سبق لهم العلم بها، فقد جاءت كلمة «نار» في الآية محل البحث معرفة بالألف واللام؛ كما يلاحظ ذلك أيضاً في قضية النبي إبراهيم ع عندما جاء بزوجه وأطفاله إلى أرض الحجاز غير الصالحة للزراعة، حيث قال مخاطباً اله عز وجل: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126] فقد ذكر كلمة (بلداً) نكرة، لكن عندما عمر هذا المكان وأصبح مأهولاً قال لربه: { رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا } [إبراهيم: 35] حيث نزلت الآية الثانية بعد الأولى، ومن هنا جاءت كلمة «البلد» فيها معرفة بالألف واللام.
«وقود»: الوقود هو ما توقد به النار؛ كعود الثقاب والصاعق في المتفجرات، وهي تستعمل لإيقاد النار وجعل غيرها من المواد يشتعل(2)، كما أنه يشمل أيضاً الحطب، والفحم الحجري. والنفط، والغاز وكل مادة تستعمل كوقود للاحتراق. أحياناً يراد من الوقود شعلة النار وألسنتها؛ كما في الآية {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 5] حيث إن تفسيرها بالنار ذات الحطب (كناية عن وفرة المواد المحترقة فيها) غير مناسب: لأن ظاهر عبارة (ذات الوقود) يوازي معنى (ذات لهب) الذي جاء في سورة المسد ( الآية 3) وسيأتي تفصيله في تفسير الآيات.
ولا تختص مادة وقود ووقود بإيقاد «النار»، بل إنها تستخدم في تألق «النور» أيضا؛ فهي - لذلك -تستعمل في حالة الغضب والقهر، كما تستخدم في مواطن الرحمة والعطف أيضاً؛ كما في قوله: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ } [النور: 35] ». ومن هذا الباب فقد اوصى امير المؤمنين ع بالإبقاء على التوحيد والرسالة موقدين في قوله صلى الله عليه واله وسلم: «وصيتي لكم ألاً تشركوا بالله شيئاً، ومحمد (صلى الله عليه واله وسلم)فلا تضيعوا سنته. أقيموا هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين»(3) ، كما أشار أيضاً إلى كون القرآن سراجاً لا ينطفئ: «ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه وسراجاً لا يخبو توقده»(4).
«الناس»: ليس المراد من «الناس» في جملة (وقودها الناس) ما يقابل الجن والشيطان، بل ما يقابل (الحجارة). وبناء عليه، فإن إطلاق الآيات الأخرى مثل: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) . و {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا } [الجن: 15] ، يبقى محفوظاً؛ لأن إبليس ذاته، فضلاً عن كونه حطب جهنم، فإنه من الممكن أن يكون مادة الوقود التي تستعر بها جهنم، بل وحجر الزناد المشعل لها أيضاً.
«للكافرين»: بالنظر إلى عدم اختصاص جهنم بالكافرين، فإن «اللام» في (للكافرين) هي بمعنى الارتباط؛ أي، إن كل عمل مرتبط بعامله: نظير قوله: { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] ، أو {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا } [النبأ: 21، 22]. لكن إذا كانت «اللام» بمعنى الربح والنفع، كما في قوله تبارك وتعالى في أهل الجنة: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [البقرة: 25] ، فهي ستفيد الاستهزاء والتهكم؛ إذ ليس في جهنم أي نفع للكفار. بالطبع إن هناك مرتبة في جهنم خاصة بالكافرين، وفي هذه الحالة من الممكن أن تكون «اللام» للاختصاص .
هذه الآية الكريمة تخاطب الكفار ووثنيي الحجاز، ولما كان مضمونها ينطوي على إخبار عن الغيب، فهي بحد ذاتها نوع من الإعجاز. تأسيساً على هذا، فقد ضمن القرآن الكريم إعجازه في هذه الآية بإعجاز آخر. فجملة (فإن لم تفعلوا) هي بمثابة نتيجة القياس وجواب الشرط الذي نظم في مستها الآية السابقة على هيئة قياس استثنائي؛ أما جملة {ولن تفعلوا}: فهي إخبار عن الغيب، وهذا بحد ذاته معجزة أخرى.
ـــــــــــــــــــــ
1.لم يجزم الآلوسي في كون سورة التحريم سابقة على سورة البقرة وترك المقال مفتوحاً في هذا الصدد (روح المعاني، ج 1، ص318).
2. جاء في كتاب «المستخلص في ترجمان القرآن، ص19: الوقود يعني ما يلهب النار.
3. نهج البلاغة، الرسالة 23.
4. نهج البلاغة، الخطبة 198، المقطع 25.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|