أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-05
1501
التاريخ: 16-1-2023
1660
التاريخ: 2024-09-18
211
التاريخ: 2024-08-19
264
|
(سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ):
سبحان: مصدر غير متصرّف، لازم الإضافة، ومعناه: اُسبّحك واُنزّهك تسبيحاً وتنزيهاً، والحال أنّ ذلك التسبيح مقترن بحمدك.
والأولى ـ كما قال بعض المحقّقين ـ: (أن يكون الباء في (بحمدك) للسببيّة، ويكون الحمد مصدراً مضافاً إلىٰ الفاعل، وكان المفعول محذوفاً أو بالعكس. والمعنى حينئذٍ: والحال أنّ ذلك التسبيح بسبب حمدك نفسك، يعني: تسبيحي بحولك وقوّتك، ومقهور تحت تسبيحك لنفسك، وحمدي مبهور تحت حمدك إياك، كما قال سيد الكائنات صلىاللهعليه وآله: (لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت علىٰ نفسك) (1).
كيف وحمدنا وتسبيحنا وثناؤنا لك عارية ووديعة لدينا؟ ولا بدّ يوماً أن ترد الودائع.
والتسبيح يرجع إلىٰ الحمد، والحمد يرجع إلىٰ التسبيح، كقوله تعالى: {إِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} يعني: يسبّح بتسبيحه تعالى لنفسه.
ثم إنّ السائل نزّهه تعالى بعد التشبيه، كأنّه أشار إلىٰ طريقة الموحّدين، وهي الجمع بين صفتي التشبيه والتنزيه، كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. وفي هذا الباب أحاديث كثيرة جمعوا عليهم السلام فيها بين صفتي التشبيه والتنزيه:
منها: ما روي عن الإمام الهمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام، أنّه قال: (إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل بلا زمان ولا مكان، وهو الآن كما كان، لا يخلو منه مكان، ولا يشغل به مكان، ولا يحل في مكان، {مَا يَكُونُ مِن نجوى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أدنى مِن ذألك وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا)، ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، لا إله إلّا هو الكبير المتعال}.
ومنها: ما قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: (مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة) (2).
وقال في البعض الآخر: (لا تقدّره الأوهام بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات، لا يقال له: متى، ولا يضرب له أمد بحتى، لم يقرب من الأشياء بالتصاق، ولم يبعد عنها بافتراق، تعالى عمّا ينتحل المحدّدون من صفات الأقدار ونهايات الأقطار، وتأثل المساكن وتمكن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب، وإلى غيره منسوب)(3).
إلىٰ غير ذلك ممّا جمعوا عليهم السلام التشبيه والتنزيه في كلماتهم، من الخطب الجليلة والأدعية الرفيعة الجميلة، وليس لهذا المختصر وسع أكثر ممّا ذكر.
ومن كلمات بعض العارفين، قال: «عرفت الله بجمعه بين الأضداد، كالجمع بين الخفاء والظهور» (4) كما في الدعاء: (يا مَن خفي من فرط ظهوره، واستتر بشعاع نوره). والجمع بين القرب والبعد كما فيه أيضاً (يا من بعُد فلا يرى، وقرب فشهِد النجوى) (5)، وبين العلو والدنو: (يا مَن علا في دنوّه، يا من دنا في علوه) (6)، والجمع بين الدخول في الأشياء والخروج عنها، كما في قوله عليه السلام: (داخل في الأشياء لا بالممازجة، وخارج عن الأشياء لا بالمزايلة) وغير ذلك.
(ظَلَمْتُ نَفْسي): بتركها في اتّباع الشهوات، ومشايعة وساوس الشيطان، والخروج عن قيود طاعة الرحمن، إلىٰ أن فاتها الوصول إلىٰ كمالاتها البالغة، والعروج إلىٰ مقاماتها الشامخة الفائقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر «شرح الأسماء» ص 563.
(2) «بحار الأنوار» ج 3، ص 327، ح 27.
(3) «نهج البلاغة» الخطبة: 1.
(4) «نهج البلاغة» الخطبة: 306.
(1) القائل هو أبو سعيد الخراز علىٰ ما نُقل في «الفتوحات المكية» ج 4، ص 325.
(5) «الإقبال» لابن طاووس، ج 1، ص 140.
(6) «بحار الأنوار» ج 95، ص 379، باختلاف.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|