أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2021
2255
التاريخ: 10-7-2020
2109
التاريخ: 22-7-2019
2114
التاريخ: 19-8-2020
1776
|
بقلم الشيخ مرتضى المطهّري (رحمه الله)
شروط الدعاء:
الشرط الأول: أن تتملك وجود الانسان الرغبة والطلب الجدي، حيث تصبح كل شرائح وجوده وخلاياه معبرة عن طلبه، ويتحول ما يريده، ويرغب فيه، إلى حاجة حقيقية، كما لو تعرض موضع من البدن، للاحتياج فإن جميع اعضاء البدن وجوارحه سوف تبدأ بالعمل، وربما تزيد بعض الاعضاء من فعاليتها من أجل ان تشبع حاجة ذلك الموضع، فلو شعر الانسان بالعطش، فإن ملامح عطشه ستبدو عليه واضحة، وتهتف أعضاؤه كلها طالبة الماء: الفم، والكبد والمعدة والشفة واللسان، وحتّى لو نام في تلك اللحظات فسوف يلوح الماء له في نومه؛ لأنّ البدن يحتاج ويطالب بالماء جدياً، وهذا تماماً كالاحتياج الروحي والمعنوي في الانسان، الذي هو جزء من عالم الخليقة والتكوين، الذي يشمل العالم كله.
إنّ الروح الانسانيّة جزء من عالم الوجود، فلو افتقرت لشيء ما، بصورة جدية وحقيقية فإنّ جهاز الكون الكبير لا يهملها ولا يدعها لشأنها.
وهناك فرق كبير بين تلاوة الدعاء الحقيقي، فإذا لم يواكب قلبه لسانه، ولم ينسجم معه، فلا يعد ما يدعو به، دعاء حقيقياً وجدياً، فلابد ان ينبثق الطلب والاحتياج، ويتدفق من اعماق الإنسان، بصورة جدية وحقيقية، لابد ان يبدوا الاحتياج الحقيقي في كيان الانسان كل. .إنّ كلّ ما يظهر في الوجود، يبحث هنا وهناك حول من يحتاجه، حتّى يعثر علی الطالب له.
إنّ مَن يبحث عن شيء، سيعثر عليه في النهاية، وما يبذله الانسان ويتحمله في هذا السبيل، وان كان مجهداً ومضنياً، ولكنه رحمة في الواقع.
إنّ الجواب يتّجه للمشكلات، والماء يتجه للموضع المنخفض.
لا تبحث عن الماء، بل دع نفسك تظمأ، فحينئذ سيصل إليك الماء من كل جانب {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}
الشرط الثاني: الثقة بالاستجابة
وتعني الإيمان واليقين، الايمان بالرحمة اللامتناهية لذات الباري، الايمان بأنّه تعالى لا يمنع من فيضه ابداً ولا يبخل به على أحد، الايمان بأن باب الرحمة الالهية لا تغلق على عبد أبداً، وان النقص والقصور ـ إذا كان ـ فهو من جانب العبد نفسه، وفي الحديث: «إذا دعوت فظنّ حاجتك بالباب» والامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء المعروف بأبي حمزة الثمالي، يخاطب الله تعالى: "اللهم إنّي أجد سبل المطالب اليك مشرعة، ومناهل الرجاء لديك مترعة، والاستعانة بفضلك لمن امّلك مباحة، وابواب الدعاء اليك للصارخين مفتوحة، وأعلم انك للراجين بموضع اجابة، وللملهوفين بمرصد اغاثة وانّ في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا عن منع الباخلين، ومندوحة عمّا في أيدي المستأثرين، وانّ الراحل اليك قريب المسافة وانّك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الآمال دونك...
الشرط الثالث: ألّا يخالف السنن التكوينية والتشريعية
ويشترط في الدعاء ألّا يكون مخالفاً لنظام التكوين والتشريع، فالدعاء استمداد واستعانة ليتوصل من خلاله الداعي إلى الاهداف التي قررها له التكوين والوجود، أو التشريع والقوانين السماوية الالهية، المنسجمة في طبيعتها في طبيعتها مع التكوين، فإذا كان الدعاء بهذه الصورة فسوف يتخذ لنفسه طابع الحاجة الطبيعية وسوف يندفع الوجود لتقديم المعونة له، وإيصال الفيض والمدد لحاجاته ومتطلباته بحكم المحافظة على التوازن والتعادل الذي يتسم به نظام الوجود، واما لو كان الطلب والاحتياج مخالفاً لأهداف التكوين والتشريع، أمثال المطالبة بالخلود في الدنيا، أو بقطع الرحم، فإنّ مثل هذا الدعاء لا يقبل الاستجابة، أي انّ هذه الادعية لا تكون تطبيقات حقيقية للدعاء.
الشرط الرابع: مجانسة شؤون الداعي كلها مع الدعاء
ويشترط أيضاً ان تكون شؤون الداعي كلها، وشتى مجالات حياته وأبعادها متناغمة مع الدعاء ومواكبة له، فلابد ان تكون جميعاً متطابقة بدورها أيضاً مع أهداف التكوين والتشريع فالقلب لابد ان يكون نظيفاً وطاهراً ولم يسلك لمعيشته طرق الحرام، ولا يحمل على عاتقه وزراً ومظلمة لأحد، وفي حديث عن الامام الصادق (عليه السلام):" إذا أراد أحدكم ان يستجاب له فليطب كسبه وليخرج من مظالم الناس وان الله لا يرفع إليه دعاء عبد وفي بطنه حرام أو عنده مظلمة لأحد من خلقه ".
الشرط الخامس: ألّا يكون مطلوبه من آثار الذنوب
ألّا تكونَ حالته الراهنة التي يحلم بتغييرها إلى حياة أفضل بالدعاء قد حصلت نتيجة عصيانه وتهاونه في ممارسة وظائفه وتكاليفه فيجب ان لا تكون الحالة التي عليها الداعي، والتي يدعوا من أجل تغييرها، عقوبة في حقه، ونتيجة منطقية لما اقترفه من ذنوب، واستهانة بوظائفه، فإنّ حالته حينئذٍ لا تتغيّر بالدعاء وحده، بل لا بد ان يتوب، ويستغفر، ويزيل كل أسباب الحالة الراهنة وعواملها.
فمثلاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات الشرعية وصلاح المجتمع، أو فساده متوقف تماماً على تطبيق هذين الاصلين وعدمه، والنتيجة المنطقية لعدم تطبيقهما هو توفير المناخ المساعد، لسيطرة الاشرار على مقدّرات المجتمع، والعبث بما شاؤوا به، واذا فرّط المجتمع في ممارسة هذه المهمّة المقدّسة فسوف يتعرّض للعقوبة وللنتيجة المنطقيّة الناجمة من تقصير هذا المجتمع وتفريطه بالوظائف الملقاة على عاتقه وطريق الخلاص من الواقع التعيس الذي يعيشونه يتحدد بالتوبة وممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمدى ما يملكونه من امكانات وقدرات وبذلك فحسب، سيتوصلون إلى الآمال التي يحلمون بها {إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} وهذه من السنن الالهية، وفي رواية معتبرة: "لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطنّ الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم ثُمّ تدعون فلا يستجاب لكم" وفي الواقع انّ مثل هذه الأدعية على خلاف السنن التكوينية والتشريعية.
وهكذا الامر بالنسبة لمن يستسلم للبطالة والكسل، فلا يعمل شيئاً، بل كل ما يفعله هو الدعاء، فإن هذه الحالة مخالفة للسنن التكوينية والتشريعية.
يقول الامام أمير المؤمنين (عليه السلام): «الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر» فلابد أن يضم العمل للدعاء، لانّ كل واحد منهما يكمل الآخر.
الشرط السادس: يلزم ألّا يحل الدعاء محل العمل
أن يكون الانسان محتاجاً واقعاً ويتحقق ذلك في المجال الذي لا يمتلك فيه الانسان أي وسيلة وسبيل للوصول لمطلوبه، حيث يكون عاجزاً عن التوصل إليه، واما لو وضع الله تعالى في يده مفتاح حاجته ولكنّه كفر بتلك النعمة الالهية وتجنّب استخدام هذا المفتاح ثُمّ يطلب من الله ان يفتح له تلك الباب التي يمتلك مفتاحها، حتّى لا يتحمّل عناء استخدام المفتاح، فمثل هذا الدعاء لا يقبل الاستجابة.
ومثل هذه الادعية يلزم عدها من الادعية المخالفة للسنن التكوينية، ان الانسان يستهدف من الدعاء تحصيل القدرة، والدعاء في مثل هذه الحالة التي تتوافر القدرة لدى الانسان من قبيل تحصيل الحاصل، وقد اشير لهذ الفكرة في بعض الروايات التي وردت عن أئمة الدين (عليهم السلام).
فقد روى جعفر بن ابراهيم عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): قال: أربعة لا يستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألمْ آمرك في الطلب؟ ورجل كانت له امرأة فاجرة فدعا عليها، فيقال له: ألم أجعل أمرها اليك؟ ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالإصلاح [بالاقتصاد] ثُمّ قال والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً. ورجل كان له مال فأدانه رجلاً ولم يشهد عليه فجحده، فيقال له: ألم آمرك بالإشهاد» (1).
ومن الواضح أنّ عدم الاستجابة لا تختص بهذه الأربعة فإنّها قد ذكرت من باب المثال، فاذا تمكن الانسان من التوصل لأهدافه بواسطة العمل والتدبير ولكنّه قصّر في ذلك، ويرغب في أن يحل الدعاء محلّ عمله، فإنّ ذلك لا يتحقّق أبداً.
إنّ الدعاء لم يشرّع حتّى يتّخذ موقع العمل، بل الدعاء مكمّل للعمل، ولا يحلّ محلهّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عدّة الداعي: ص 126.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|