المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الإمام المهدي الموعود ( عليه السّلام ) وغيبته في بشارات الأديان  
  
2619   05:30 مساءً   التاريخ: 2023-05-24
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 14، ص21-52
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / خصائصه ومناقبه /

عراقة الإيمان بالمصلح العالمي

يعتبر الايمان بحتمية ظهور المصلح الديني العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الأديان[1]، والاختلاف فيما بينها إنّما هو في تحديد هوية هذا المصلح الديني العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء ( عليهم السّلام ) .

وقد استعرض الدكتور محمد مهدي خان في الأبواب الستة الأولى من كتابه « مفتاح باب الأبواب » آراء الأديان الستة المعروفة بشأن ظهور النبي الخاتم ( صلّى اللّه عليه وآله ) ثم بشأن المصلح العالمي المنتظر وبيّن أن كلّ دين منها بشّر بمجيء هذا المصلح الإلهي في المستقبل أو في آخر الزمان ليصلح العالم وينهي الظلم والشر ويحقق السعادة المنشودة للمجتمع البشري[2]. كما تحدث عن ذلك الميرزا محمد الاستربادي في كتابه « ذخيرة الأبواب » بشكل تفصيلي ، ونقل طرفا من نصوص وبشارات الكثير من الكتب السماوية لمختلف الأقوام بشأنه .

وهذه الحقيقة من الواضحات التي أقرّ بها كل من درس عقيدة المصلح العالمي حتى الذين أنكروا صحتها أو شككوا فيها كبعض المستشرقين مثل جولد زيهر المجري في كتابه « العقيدة والشريعة في الإسلام »[3] ، فاعترفوا بأنها عقيدة عريقة للغاية في التأريخ الديني وجدت حتى في القديم من كتب ديانات المصريين والصينيين والمغول والبوذيين والمجوس والهنود والأحباش فضلا عن الديانات الكبرى الثلاث : اليهودية والنصرانية والإسلامية[4].

البشارات بالمنقذ في الكتب المقدسة

والملاحظ في عقائد هذه الأديان بشأن المصلح العالمي أنها تستند إلى نصوص واضحة في كتبهم المقدسة القديمة وليس إلى تفسيرات عرضها علماؤهم لنصوص غامضة حمّالة لوجوه تأويلية متعددة[5].

وهذه الملاحظة تكشف عراقة هذه العقيدة وكونها تمثل أصلا مشتركا في دعوات الأنبياء - صلوات اللّه عليهم - ، حيث إن كل دعوة نبوية - وعلى الأقل الدعوات الرئيسة والكبرى - تمثل خطوة على طريق التمهيد لظهور المصلح الديني العالمي الذي يحقق أهداف هذه الدعوات كافة[6].

كما أن للتبشير بحتمية ظهور هذا المصلح العالمي تأثيرا على هذه الدعوات فهو يشكل عامل دفع لاتباع الأنبياء للتحرك باتجاه تحقيق أهداف رسالتهم والسعي للمساهمة في تأهيل المجتمع البشري لتحقيق أهداف جميع الدعوات النبوية كاملة في عصر المنقذ الديني العالمي .

ولذلك كان التبشير بهذه العقيدة عنصرا أصيلا في نصوص مختلف الديانات والدعوات النبوية .

رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية

إن الإيمان بفكرة ظهور المصلح ثابت عند اليهود مدوّن في التوراة والمصادر الدينية المعتبرة عندهم ، وقد فصّل الحديث عن هذه العقيدة عند اليهود كثير من الباحثين المعاصرين خاصة في العالم الغربي مثل جورج رذرفورد في كتابه « ملايين من الذين هم أحياء اليوم لن يموتوا أبدا » ، والسناتور الأميركي بول منزلي في كتابه ( من يجرؤ على الكلام ) والباحثة غريس هالسل في كتابها « النبوءة والسياسة » . وغيرهم كثير[7].

فكل من درس الديانة اليهودية التفت إلى رسوخ هذه العقيدة فيها .

والنماذج التي ذكرناها آنفا من هذه الدراسات اختصت بعرض هذه العقيدة بالذات عند اليهود والآثار السياسية التي أفرزتها نتيجة لتحرك اليهود انطلاقا من هذه العقيدة ، وفي القرون الأخيرة خاصة بهدف الاستعداد لظهور المنقذ العالمي الذي يؤمنون به .

وسبب هذا التحرك هو أن عقيدة اليهود في هذا المجال تشتمل على تحديد زمني لبدء مقدمات ظهور المنقذ العالمي ؛ الذي يبدأ من عام ( 1914 ) للميلاد - وهو عام تفجر الحرب العالمية الأولى كما هو معروف - ، ثم عودة الشتات اليهودي إلى فلسطين وإقامة دولتهم التي يعتبرونها من المراحل التمهيدية المهمة لظهور المنقذ الموعود ، ويعتقدون بأن العودة إلى فلسطين هي بداية المعركة الفاصلة التي تنهي وجود الشر في العالم ويبدأ حينئذ حكم الملكوت في الأرض لتصبح الأرض فردوسا »[8].

وبغض النظر عن مناقشة صحة ما ورد من تفصيلات في هذه العقيدة عند اليهود ، إلّا أن المقدار الثابت هو أنها فكرة متأصلة في تراثهم الديني وبقوة بالغة مكّنت اليهودية - من خلال تحريف تفصيلاتها ومصاديقها - أن تقيم على أساسها تحركا استراتيجيا طويل المدى وطويل النفس ، استقطبت له الطاقات اليهودية المتباينة الأفكار والاتجاهات ، ونجحت في تجميع جهودها وتحريكها باتجاه تحقيق ما صوّره قادة اليهودية لأتباعهم بأنه مصداق التمهيد لظهور المنقذ الموعود .

وواضح أنّ الايمان بهذه العقيدة لو لم يكن راسخا ومستندا إلى جذور عميقة في التراث الديني اليهودي لما كان قادرا على إيجاد مثل هذا التحرك الدؤوب ومن مختلف الطاقات والاتباع ، فمثل هذا لا يتأتى من فكرة عارضة أو طارئة لا تستند إلى جذور راسخة مجمع عليها .

كما آمن النصارى بأصل هذه الفكرة استنادا إلى مجموعة من الآيات والبشارات الموجودة في الإنجيل والتوراة . ويصرح علماء الإنجيل بالإيمان بحتمية عودة عيسى المسيح في آخر الزمان ليقود البشرية في ثورة عالمية كبرى يعم بعدها الأمن والسلام كل الأرض كما يقول القس الألماني فندر في كتابه « ميزان الحق »[9] وأنه يلجأ إلى القوة والسيف لإقامة الدولة العالمية العادلة . وهذا هو الاعتقاد السائد لدى مختلف فرق النصارى .

الإيمان بالمصلح العالمي في الفكر غير الديني

الملاحظ أن الايمان بحتمية ظهور المصلح العالمي ودولته العادلة التي تضع فيها الحرب أوزارها ويعم السلام والعدل في العالم لا يختص بالأديان السماوية بل يشمل المدارس الفكرية والفلسفية غير الدينية أيضا . فنجد في التراث الفكري الإنساني الكثير من التصريحات بهذه الحتمية ، فمثلا يقول المفكر البريطاني الشهير برتراند رسل : « إن العالم في انتظار مصلح يوحّده تحت لواء واحد وشعار واحد »[10]. ويقول العالم الفيزياوي المعروف ألبرت اينشتاين صاحب النظرية النسبية : « إن اليوم الذي يسود العالم كله فيه السلام والصفاء ويكون الناس متحابين متآخين ليس ببعيد »[11].

وأدق وأصرح من هذا وذاك ما قاله المفكر الايرلندي المشهور برناردشو ، فقد بشّر بصراحة بحتمية ظهور المصلح وبلزوم أن يكون عمره طويلا يسبق ظهوره ؛ بما يقترب من عقيدة الإمامية في طول عمر الإمام المهدي ( عليه السّلام ) ؛ ويرى ذلك ضروريا لإقامة الدولة الموعودة ، قال في كتابه « الانسان السوبرمان » - وحسب ما نقله عنه الدكتور عباس محمود العقاد في كتابه عن برناردشو - في وصف المصلح بأنه : « إنسان حي ذو بنية جسدية صحيحة وطاقة عقلية خارقة ، إنسان أعلى يترقى إليه هذا الانسان الأدنى بعد جهد طويل ، وأنه يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة ويستطيع أن ينتفع بما استجمعه من أطوار العصور وما استجمعه من أطوار حياته الطويلة »[12].

طول عمر المصلح في الفكر الانساني

إن الأوصاف التي يذكرها المفكر الايرلندي للمصلح العالمي من الكمال الجسمي والعقلي وطول العمر والقدرة على استجماع خبرات العصور والأطوار بما يمكنه من انجاز مهمته الاصلاحية الكبرى قريبة من الأوصاف التي يعتقد بها مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) وغيبته .

وقضية طول العمر في هذا المصلح العالمي التي أكد ضرورتها برناردشو ؛ تشير إلى إدراك الفكر الإنساني لضرورة أن يكون المصلح العالمي مستجمعا عند ظهوره لتجارب العصور لكي يكون قادرا على إنجاز مهمته[13]، وهذه الثمرة متحصلة من غيبة الإمام المهدي ( عليه السّلام ) الطويلة حسب عقيدة الإمامية الاثني عشرية ، ولكن الفرق هو أن عقيدتنا في الإمام المعصوم تقول بأنه مستجمع منذ البداية لهذه الخبرة والثمار المرجوة من طول عمره ، فهو ( عليه السّلام ) مؤهّل بدءا لأداء مهمته الاصلاحية الكبرى ومسدد إلهيا لإنجازها ، قادر عليها متى ما تهيأت الأوضاع الملائمة لظهوره . وانّ طول الغيبة يؤدي إلى اكتساب أنصاره والمجتمع البشري واقتطافهم لهذه الثمار فيستجمعونها جيلا بعد آخر[14].

الإيمان بالمهدي ( عليه السّلام ) تجسيد لحاجة فطرية

إنّ ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموما يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من الفطرة الانسانية ، بمعنى أنها تعبّر عن حاجة فطرية عامة يشترك فيها بنو الانسان عموما ، وهذه الحاجة تقوم على ما جبل عليه الإنسان من تطلّع مستمر للكمال بأشمل صوره وأن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة في اليوم الموعود يعبّر عن وصول المجتمع البشري إلى كماله المنشود .

يقول العلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( قدّس سرّه ) : « ليس المهدي ( عليه السّلام ) تجسيدا لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله - على تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوما موعودا على الأرض تحقق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير وهدفها النهائي ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مرّ التأريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناء طويل .

بل لم يقتصر هذا الشعور الغيبي ، والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينيا بالغيب ، بل امتد إلى غيرهم أيضا وانعكس حتى على أشد الأيدولوجيات والاتجاهات رفضا للغيب ، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات وآمنت بيوم موعود ، تصفّى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام والسلام .

وهكذا نجد أن التجربة النفسية لهذا الشعور والتي مارستها الإنسانية على مرّ الزمن من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عموما بين بني الانسان »[15].

إذن فالإيمان بالفكرة التي يجسدها المهدي الموعود هي من أكثر وأشد الأفكار انتشارا بين بني الانسان كافة لأنها تستند إلى فطرة التطلع للكمال بأشمل صوره ، أي أنها تعبّر عن حاجة فطرية ، ولذلك فتحققها حتمي ؛ لأن الفطرة لا تطلب ما هو غير موجود كما هو معلوم .

موقف الفكر الانساني من غيبة المهدي ( عليه السّلام )

إنّ الفكر الانساني لا يرى مانعا من طول عمر هذا المصلح العالمي الذي يتضمنه الإيمان بغيبته وفقا لمذهب أهل البيت ( عليه السّلام ) ، بل يرى طول عمره أمرا ضروريا للقيام بمهمته الإصلاحيّة الكبرى كما لاحظنا في كلام المفكر الإيرلندي برناردشو . وعليه فالفكر الانساني العام لا يرفض مبدئيا الإيمان بالغيبة إذا كانت الأدلة المثبتة لها مقبولة عقليا .

وقد تناول العلماء ايضاح الإمكان العقلي لطول عمر الإمام المهدي وعدم تعارضه مع أي واحد من القوانين العقلية ، كما فعل الشيخ المفيد في كتابه « الفصول العشرة في الغيبة » والسيد المرتضى في رسالته « المقنع في الغيبة ) والعلّامة الكراجكي في رسالته « البرهان على طول عمر إمام الزمان ( عليه السّلام ) » التي تضمنها كتابه كنز الفوائد في جزئه الثاني ، والشيخ الطبرسي في « إعلام الورى » ، والسيد الصدر في بحثه عن المهدي وغيرهم كثير ، بل قلّما يخلو كتاب من كتب الغيبة عن مناقشة هذا الموضوع والاستدلال عليه .

الفكر الديني يؤمن بظهور المصلح العالمي بعد غيبة

إن الإجماع على حتمية ظهور المصلح العالمي مقترن بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة ، فقد آمن اليهود بعودة عزير أو منحاس بن العازر بن هارون ، وآمن النصارى بغيبة المسيح وعودته ، وينتظر مسيحيو الأحباش عودة ملكهم تيودور كمهدي في آخر الزمان ، وكذلك الهنود آمنوا بعودة فيشنوا ، والمجوس بحياة أو شيدر ، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم من ينتظر عودة إبراهيم ( عليه السّلام ) وغير ذلك[16].

إذن قضية الغيبة قبل ظهور المصلح العالمي ليست مستغربة لدى الأديان السماوية ، ولا يمكن لمنصف أن يقول بأنها كلّها قائمة على الخرافات والأساطير ، فالخرافات والأساطير لا يمكن أن توجد فكرة متأصلة بين جميع الأديان دون أن ينكر أي من علمائها أصل هذه الفكرة ، فلم ينكر أحد منهم أصل فكرة الغيبة وإن أنكر مصداق الغائب المنتظر في غير الدين الذي اعتنقه وآمن بالمصداق الذي ارتضاه .

إنّ انتشار أصل هذه الفكرة في جميع الأديان السماوية كاشف عن أرضية اعتقادية مشتركة رسخها الوحي الإلهي فيها جميعا ، ودعمتها تجارب الأنبياء ( عليهم السّلام ) التي شهدت غيبات متعددة مثل غيبة إبراهيم الخليل وعودته ، وغيبة موسى عن بني إسرائيل وعودته إليهم بعد السنين التي قضاها في مدين ، وغيبة عيسى ( عليه السّلام ) وعودته في آخر الزمان التي أقرّتها الآيات الكريمة واتفق عليها المسلمون من خلال ورودها في الأحاديث النبوية الشريفة ، وغيبة نبي اللّه إلياس التي قال بها أهل السنة كما صرّح بذلك مفتي الحرمين الكنجي الشافعي في الباب الخامس والعشرين من كتابه « البيان في أخبار صاحب الزمان » ، وصرّح كذلك بإيمان أهل السنة بغيبة الخضر ( عليه السّلام ) وهي مستمرة إلى ظهور المهدي ( عليه السّلام ) في آخر الزمان حيث يكون وزيره[17].

بل إن انتشار فكرة غيبة المصلح العالمي في الأديان السابقة قد تكون مؤشرا على وجود نصوص سماوية صريحة بذلك كما سنلاحظ ذلك في نموذج النبوة الواردة في سفر الرؤيا من الكتاب المقدس والتي طبقها الباحث السني سعيد أيوب على المهدي الإمامي .

أما الاختلاف في تشخيص هوية المصلح الغائب فهو ناشئ من الخلط بين النصوص المخبرة عن غيبات بعض الأنبياء ( عليهم السّلام ) وبين النصوص المتحدثة عن غيبة المصلح العالمي ، بدوافع عديدة سنشير إليها لاحقا .

الاختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي

إذن فالإجماع قائم في الأديان السماوية على حتمية اليوم الموعود ، وكما قال العلامة المتتبع آية اللّه السيد المرعشي النجفي في مقدمة الجزء الثالث عشر من « إحقاق الحق » : « وليعلم أن الأمم والمذاهب والأديان اتفقت كلمتهم - إلّا من شذ وندر - على مجيء مصلح سماوي إلهي ملكوتي لإصلاح ما فسد من العالم وإزاحة ما يرى من الظلم والفساد فيه وإنارة ما غشيه من الظلم ، غاية الأمر أنه اختلفت كلمتهم بين من يراه عزيرا ، وبين من يراه مسيحا ، ومن يراه خليلا ، ومن يراه - من المسلمين - من نسل الإمام مولانا أبي محمد الحسن السبط ومن يراه من نسل الإمام مولانا أبي عبد اللّه الحسين السبط الشهيد . . . » .

وإذا اختلفت الأديان بل الفرق والمذاهب المتشعبة عنها في تحديد هوية المصلح العالمي رغم اتفاقهم على حتمية ظهوره وعلى غيبته قبل عودته الظاهرة ، فما هو سر هذا الاختلاف ؟

يبدو أن سبب هذا الاختلاف يرجع إلى تفسير النصوص والبشارات السماوية وتأويلها استنادا إلى عوامل خارجة عنها وليس إلى تصريحات أو إشارات في النصوص نفسها ، وإلى التأثر العاطفي برموز معروفة لاتباع كل دين أو فرقة وتطبيق النصوص عليها ولو بالتأويل ، بمعنى أن تحديد هوية المصلح الموعود لا ينطلق من النصوص والبشارات ذاتها بل ينطلق من انتخاب شخصية من الخارج ومحاولة تطبيق النصوص عليها . يضاف إلى ذلك عوامل أخرى سياسية كثيرة لسنا هنا بصدد الحديث عنها ، ومعظمها واضح معروف فيما يرتبط بالأديان السابقة وفيما يرتبط بالفرق الاسلامية ، ومحورها العام هو : إن الإقرار بما تحدده النصوص والبشارات السماوية والنبوة نفسها ينسف قناعات لدى تلك الأديان وهذه الفرق يسلبها مبرر بقائها الاستقلالي ، ومسوغ إصرارها على عقائدها السالفة .

أما بالنسبة للعامل الأول فنقول : إن النصوص والبشارات السماوية وأحاديث الأنبياء وأوصيائهم ( عليهم السّلام ) بشأن المصلح العالمي تتحدث عن قضية ذات طابع غيبي وهو شخصية مستقبلية وعن دور تأريخي كبير يحقق أعظم إنجاز للبشرية على مدى تأريخها ويحقق في اليوم الموعود أسمى طموحاتها ، والإنسان بطبعه ميال لتجسيد القضايا الغيبية في مصاديق ملموسة يحس بها ، هذا من جهة . ومن جهة أخرى فكل قوم يتعصبون لشريعتهم ورموزهم وما ينتمون إليه ويميلون أن يكون صاحب هذا الدور التأريخي منهم .

لذا كان من الطبيعي أن يقع الاختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي ، لأنّ من الطبيعي أن يسعى أتباع كل دين إلى اختيار مصداق للشخصية الغيبية المستقبلية التي تتحدث عنها النصوص والبشارات الثابتة في مراجعهم المعتبرة والمعتمدة عندهم ممن يعرفون ويحبون من زعمائهم ، يدفعهم لذلك التعصب الشعوري أو اللاشعوري لشريعتهم ورموزها ، والرغبة الطبيعية العارمة في أن يكون لهم افتخار تحقق ذاك الدور التأريخي على يد شخصية تنتمي إليهم أو ينتمون إليها .

الخلط بين البشارات وتأويلها

من هنا أخذت كل طائفة تسعى لتطبيق الصفات التي تذكرها تلك النصوص والبشارات المروية لدى كل منها على الشخصية المحبوبة لديها أو أقرب رموزها إلى الصفات المذكورة ؛ فإذا وجدت بعض تلك الصفات صريحة في عدم انطباقه على الشخصية التي اختارتها عمدت إلى معالجة الأمر بالتأويل والتلفيق ، أو بتغييبها أو تحريفها لتنطبق على من انتخبته سابقا أو الخلط بين النصوص والبشارات السماوية - الواردة بشأن النبي اللاحق أو المنقذ للعالم في برهة معيّنة أو المصحح لإنحراف أمة معيّنة - وبين النصوص والبشارات الخاصة بالحديث عن المصلح العالمي الذي يقيم الدولة العادلة على كل الأرض في آخر الزمان ويحقق أهداف الأنبياء والأوصياء ( عليهم السّلام ) جميعا .

منهج لحل الاختلاف

وحيث اتضح سبب الاختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي ؛ أمكن معرفة سبيل حلّه والتوصل الاستدلالي لمصداقه الحقيقي بصورة علمية سليمة ومقنعة ، ويمكن تلخيص مراحله على النحو التالي :

1 - تمييز البشارات والنصوص الخاصة بالمصلح العالمي الموعود في آخر الزمان عن غيرها الواردة بشأن نبي أو وصي معين ، استنادا إلى دلالات نصوص البشارات نفسها ومن مصادرها الأصلية ، وكذلك استنادا إلى ما تقتضيه المبادئ الأولية المرتبطة بمهام الأنبياء والأوصياء ( عليهم السّلام ) وسيرهم والواقع التأريخي الثابت ، وكذلك ما تقتضيه معرفة الثابت من دوره ومهمته الكبرى كمصلح عالمي .

2 - تحديد الصفات والخصائص التي تحددها النصوص والبشارات نفسها للمصلح الموعود وبصورة مجتمعة وتوضيح الصورة التي ترسمها له قبل افتراض سابق لمصداق لها ، لكي لا تكون الصورة المرسومة له متأثرة بالمصداق المفترض سلفا .

3 - وبعد اكتمال الصورة التجريدية المستفادة ، تبدأ عمليّة التعرف على الصفات والخصائص والحقائق التأريخية المذكورة كمصاديق للمصلح العالمي الموعود ، ثم عرضها على الصورة التي ترسمها له نصوص البشارات نفسها ، والمتحصلة من المرحلتين السابقتين ، ليتم بذلك تبيان عدم انسجام صفات المصاديق غير الحقيقية مع تلك الصورة وبالتالي التعرف على المصداق الحقيقي من بينها .

المهدي الإمامي وحل الاختلاف

من المؤكد أن البشارات السماوية الواردة في الكتب المقدسة تهدي إلى المهدي المنتظر الذي يقول به مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) كما سنشير لذلك لاحقا ، وأثبتته دراسات متعددة في نصوص هذه البشارات[18].

إذن فالتعريف بعقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) يفتح آفاقا أوسع للاهتداء للمصداق الحقيقي للمصلح العالمي الذي بشّرت به كل الديانات طبقا لدلالات نصوص البشارات الواردة في الكتب المقدسة حتى لو كان الايمان الجديد من خلال قناعات أتباع الديانات السابقة .

وكنموذج على تأثير هذا التعريف نشير إلى نتيجة تحقيق القاضي جواد الساباطي من أعلام القرن الثاني عشر الهجري ، إذ كان في بداية أمره عالما نصرانيا ثم تعرّف على الاسلام واعتنقه على المذهب السنّي الذي كان أول ما عرف من الفرق الاسلامية ، وألف كتابه المعروف « البراهين الساباطية » في ردّ النصارى وإثبات نسخ شرائعهم ؛ استنادا إلى ما ورد في نصوص كتبهم المقدسة[19].

رأي القاضي الساباطي

تناول القاضي الساباطي إحدى البشارات الواردة في كتاب أشعيا من العهد القديم من الكتاب المقدس بشأن المصلح العالمي ، ثم ناقش تفسير اليهود والنصارى لها ودحض تأويلات اليهود والنصارى لها ليخلص إلى قوله : « وهذا نصّ صريح في المهدي - رضي اللّه عنه - حيث أجمع المسلمون انه ( رضى اللّه عنه ) لا يحكم بمجرد السمع والظاهر ، ومجرد البيّنة بل لا يلاحظ إلا الباطن ، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأولياء » .

ثم يقول بعد تحليل النص : « . . . وقد اختلف المسلمون في المهدي ، فأما أصحابنا من أهل السنة والجماعة قالوا : إنه رجل من أولاد فاطمة ( عليها السّلام ) ، اسمه محمد واسم أبيه عبد اللّه واسم أمه آمنة .

وقال الإماميون : بل هو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد سنة خمس وخمسين ومائتين من جارية للحسن العسكري ( عليه السّلام ) اسمها نرجس في ( سرّ من رأى ) في عصر المعتمد ثم غاب سنة[20] ثم ظهر ثم غاب وهي الغيبة الكبرى ولا يرجع بعدها إلا حين يريد اللّه تعالى .

ولما كان قولهم أقرب لما يتناوله هذا النص وإن هدفي الدفاع عن أمة محمد ( صلّى اللّه عليه وآله ) مع قطع النظر عن التعصب لمذهب ؛ لذلك ذكرت لك أن ما يدعيه الإمامية يتطابق مع هذا النص »[21].

فنلاحظ هنا أن هذا العالم الخبير بالنصرانية يصرح بانطباق البشارة مورد البحث على المهدي المنتظر طبق ما يعتقده مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، على الرغم من عدم انتمائه إلى المذهب الشيعي بعد اعتناقه الاسلام ، فخالف رأي المذهب الذي ينتمى إليه في هذا المجال ورجّح رأي مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) وصرّح بانطباق بشارة كتاب أشعيا على هذا الرأي .

والذي أوصله إلى الاهتداء للمصداق الحقيقي هو التعرف على رأي الإمامية في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) ، وبدون التعرف على هذا الرأي لعله لم يكن ليتوصّل إلى المصداق الذي تنطبق عليه البشارات المذكورة ولولا ذلك لكان يقتصر إمّا على رد أقوال النصارى بشأن البشارة المذكورة أو اغفالها أصلا أو تأويل بعض دلالالتها لتنطبق على رأي المذهب الذي كان ينتمي اليه في المهدي الموعود .

والملاحظة نفسها نجدها في دراسات علماء آخرين من أهل الكتاب بشأن هذه البشارات ، فقد أصبح من اليسير عليهم معرفة المصداق الذي تتحدث عنه عندما تعرفوا على رأي مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر وخاصة الذين اعتنقوا الاسلام وتهيأت لهم فرصة التعرف على هذا الرأي ، وقد أثارهم شدة انطباق ما تذكره البشارات التي عرفوها في كتب دياناتهم السابقة على المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) الذي تؤمن به الإمامية ؛ الأمر الذي دفعهم إلى دراسة هذه البشارات في كتبهم .

والنموذج الآخر هو : ما فعله العلّامة محمد صادق فخر الاسلام الذي كان نصرانيا واعتنق الاسلام وانتمى لمذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) وألّف كتابه الموسوعي « أنيس الأعلام » في رد اليهود والنصارى[22] « 1 » وتناول فيه دراسة هذه البشارات وانطباقها على الإمام محمّد المهدي بن الحسن العسكري ( عليهما السّلام ) . مثل ما فعله العلّامة محمد رضا رضائي الذي أعرض عن اليهودية - وقد كان من علمائها - واعتنق الاسلام وألّف كتاب « منقول رضائي » الذي بحث فيه أيضا موضوع تلك البشارات وأثبت النتيجة نفسها .

البشارات السماوية لا تنطبق على غير المهدي الإمامي

إن من الواضح لمن يمعن النظر في نصوص تلك البشارات السماوية أنها تقدم مواصفات للمصلح العالمي لا تنطبق على غير المهدي المنتظر الإمامي طبقا لعقيدة مدرسة أهل البيت ( عليهم السّلام ) لذلك فإن من لم يتعرف على هذه العقيدة لا يستطيع التوصل إلى المصداق الذي تتحدث عنه كما نلاحظ ذلك مثلا في أقوال مفسري الإنجيل بشأن الآيات ( 1 - 17 ) من سفر الرؤيا الفصل الثاني عشر « مكاشفات يوحنا اللاهوتي » فهم يصرحون بأن « الشخص الذي تتحدث عنه البشارة الواردة في هذه الآيات لم يولد بعد ، لذا فإن تفسيرها الواضح ومعناها البيّن موكول للمستقبل والزمان المجهول الذي سيظهر فيه »[23] ، في حين أن هذه الآيات تتحدث بوضوح عن الحكومة الإلهية التي يقيمها هذا الشخص في كل العالم ويقطع دابر الأشرار والشياطين وهي المهمة التي حددتها البشارات الأخرى بأنها محور حركة المصلح العالمي . لكن مفسري الإنجيل لم يستطيعوا تطبيقها على المصداق الذي اختاروه لهذا المصلح وهو السيد المسيح عيسى بن مريم ( عليهما السّلام ) لأن البشارة واردة عن يوحنا اللاهوتي عن السيد المسيح فهو المبشر بمجيء هذا المنقذ ، كما أنهم لم يتعرفوا على عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) ، لذلك لم يستطيعوا الاهتداء إلى مصداق تلك الآيات .

البشارات وغيبة الإمام الثاني عشر

وهناك باحث من أهل السنّة استطاع الاهتداء إلى المصداق الذي تتحدث الآيات المشار إليها عندما تعرّف على عقيدة أهل البيت في المهدي المنتظر - سلام اللّه عليهم أجمعين - وهو الأستاذ سعيد أيوب حيث يقول في كتابه « المسيح الدجال » عن هذه الآيات نفسها : « ويقول كعب : مكتوب في أسفار الأنبياء : المهدي ما في عمله عيب » ثم علق على هذا النص بالقول :

« وأشهد اني وجدته كذلك في كتب أهل الكتاب ، لقد تتبع أهل الكتاب أخبار المهدي كما تتبعوا أخبار جده ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فدلت أخبار سفر الرؤيا إلى امرأة ، يخرج من صلبها اثنا عشر رجلا ، ثم أشار إلى امرأة أخرى : أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صلب جدته ، وقال السفر : إن هذه المرأة ستحيط بها المخاطر ، ورمز للمخاطر باسم « التنين » وقال : والتنين وقف أمام المرأة العتيدة حتى تلد ، يبتلع ولدها متى ولدت »[24].

أي إن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام ، ولكن بعد ولادة الطفل . يقول باركلي في تفسيره : « عندما هجمت عليها المخاطر اختطف اللّه ولدها وحفظه » . والنص : واختطف اللّه ولدها[25] ، أي : إن اللّه غيّب هذا الطفل كما في قول باركلي .

وذكر السفر أن غيبة الغلام ستكون ألفا ومائتين وستين يوما[26] ، وهي مدة لها رموزها عند أهل الكتاب ، ثم قال : باركلي عن نسل المرأة [ الأولى ] عموما : « إن التنين سيعمل حربا شرسة مع نسل المرأة كما قال : في السفر :

فغضب التنين على المرأة ، وذهب ليضع حربا مع باقي نسلها الذي يحفظون وصايا اللّه »[27].

وعقب الأستاذ سعيد أيوب على ما تقدم بالقول : هذه هي أوصاف المهدي ، وهي نفس أوصافه عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، ودعم قوله بتعليقات أوردها في الهامش بشأن انطباق الأوصاف على مهدي آل البيت ( عليهم السّلام )[28].

البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي

ويلاحظ في هذه البشارات الإنجيلية تناولها لخصوصيات في المصلح العالمي لا تنطبق إلا على أبرز ما يميز عقيدة مدرسة أهل البيت ( عليهم السّلام ) والواقع التاريخي الذي مرت به .

إن تناول هذه الخصوصيات الظاهرة بالذات يشير إلى حكمة ربانية في هداية الآخرين إلى المصداق الحقيقي للمصلح العالمي بأبلغ حجة من خلال الإشارة إلى ابرز خصوصياته الظاهرة والمعروفة لكي يكون الاهتداء إليها أيسر ، فمثلا نلاحظ فيها الإشارة إلى تعرض مدرسة أهل البيت ( عليهم السّلام ) لمخاطر التصفية والإبادة التي تؤدي بالتالي إلى غيبة الإمام الثاني عشر منهم ، ثم التأكيد على أن هذا الإمام محفوظ بالرعاية الإلهية في غيبته حتى يحين موعد ظهوره المبارك . ومعلوم أن القول بغيبة الإمام الثاني عشر هو أهم ما يميز عقيدة الإمامية في المهدي المنتظر ولذلك وردت الإشارة إليها بالذات تسهيلا للاهتداء إلى المصداق الحقيقي للمنقذ العالمي .

كما وردت إشارات إلى مميزات معروفة أخرى تختص بها عقيدة أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، مثل القول بأنّ الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر من سلسلة مباركة متصلة كما تشير لذلك الآيات المتقدمة وبشارات أخرى واردة في الكتب المقدسة ، نظير ما ورد في « سفر التكوين من الأصل العبري »[29] ، من الوعد على لسان الرب تعالى خطابا لإبراهيم الخليل ( عليه السّلام ) ، بالمباركة والتكثير في صلب إسماعيل بمحمد ( صلّى اللّه عليه وآله ) والأئمة الاثني عشر من عترته ( عليهم السّلام )[30]. ومعلوم أن مصداق الأئمة الاثني عشر من صلب إسماعيل لم يتحقق بالصورة المتسلسلة المشار إليها في البشارات إلا في الأئمة الاثني عشر من أهل البيت ( عليهم السّلام ) كما يثبت ذلك الواقع التاريخي فضلا عن الأحاديث النبوية المتفق على صحتها بين المسلمين[31] ، فهي خاصة بهم حتى أصبحت ظاهرة واضحة في التاريخ الاسلامي أطلقت على المذهب المنتمي لأهل البيت فسمي مذهب الإمامية الاثني عشرية .

وعليه يتضح أن تلك البشارات تهدي إلى حقيقة هي : أن المهدي هو خاتم هؤلاء الأئمة الاثني عشر .

البشارات وأوصاف المهدي الإمامي

وردت في البشارات أيضا إشارات إلى ألقاب اختص بها المهدي الإمامي ( عليه السّلام ) مثل وصف « القائم »[32] فمثلا نلاحظ البشارة التالية من سفر أشعيا النبي التي تحدث القاضي جواد الساباطي عن دلالتها على المهدي وفق عقيدة الإمامية الاثني عشرية : « 2 - ويحل عليه روح الرب ، وروح الحكمة والفهم ، وروح المشورة ، والقوة ، وروح المعرفة ومخافة الرب . 3 - ولذته في مخافة الرب ، ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ولا بحسب مسمع اذنيه ، 4 - ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ، ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه . . . 6 - ويسكن الذئب والخروف ، ويربض النمر مع الجدي ، والعجل والشبل معا وصبي صغير يسوقها . . . 9 - لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر . 10 - وفي ذلك اليوم سيرفع « القائم » راية الشعوب والأمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجدا »[33].

ومثل وصف « صاحب الدار » المعدود من ألقاب الإمام المهدي ( عليه السّلام )[34] ، فقد وردت ضمن بشارات عن انتظار المنقذ العالمي الذي لا يختص به المسيحيون إشارة إلى عدم هذا الاختصاص وتحدثت عن ظهوره المفاجئ وهي في « إنجيل مرقس ، 13 : 35 »[35].

ومثل وصف « المنتقم لدم الحسين ( عليه السّلام ) المستشهد عند نهر الفرات » كما ورد في بشارة في « سفر أرميا ، 46 / 2 - 11 » .

وقد صرّح بذلك الأستاذ الأردني عودة مهاوش في دراسته « الكتاب المقدس تحت المجهر » وذكر أنها تتعلق بالمهدي المنتقم لدم الحسين ( عليه السّلام )[36].

وهناك نظائر كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .

الاهتداء إلى هوية المنقذ على ضوء البشارات

اذن معرفة هذه الخصوصيات تقودنا إلى اثبات أن المصلح العالمي الذي بشرت به جميع الديانات هو المهدي ابن الحسن العسكري ( عليهما السّلام ) كما تقوله عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) لأن البشارات السماوية لا تنطبق على العقائد الأخرى ، فتكون النتيجة هو أن الديانات السابقة لم تبشر بظهور المنقذ العالمي في آخر الزمان بعنوانه العام وحسب بل شخّصت أيضا هويته الحقيقية من خلال تحديد صفات وتفصيلات لا تنطبق على غيره ( عليه السّلام ) ، وهكذا تكون هذه البشارات دليلا إضافيا على صحة عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) بهذا الشأن .

ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض البشارات الواردة في العهدين القديم والجديد « أسفار التوراة والأناجيل » بهذا الصدد ، بحكم كونها معتبرة عند أكبر وأهم الديانات السابقة على الاسلام أي اليهودية والنصرانية ؛ ولأن هذين العهدين الموجودين حاليا قد مرّا بالكثير من التحقيق والتوثيق عند علماء اليهود والنصارى وأجريت بشأنهما الكثير من الدراسات ودونت الكثير من الشروح لهما ، ونسخهما كثيرة ومتداولة بترجمات كثيرة لمختلف اللغات ، غير أنّ الاعتماد على الأصول العبرية أدق لوقوع أخطاء ولبس في الترجمات .

فالاقتصار عليهما لا يعني انحصار البشارات التي لا يمكن تفسيرها بغير المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) طبق عقيدة مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، بل على العكس فإنّ أمثالها موجودة في مختلف كتب الأديان الأخرى وبتصريحات ودلالات أوضح ذكرتها الدراسات المتخصصة في هذا الباب[37]. ولكنها غير مشهورة عند الجميع ونسخها غير متداولة وأغلبها لم تترجم عن لغاتها الام إلا قليلا . على أنّ الاقتصار على النماذج المتقدمة من العهدين القديم والجديد فيه الكفاية في الاستدلال على المطلوب ، والتفصيلات موكولة للمراجع المتخصصة المشار إليها في طيّات البحث .

الاستناد إلى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف

وتبقى هنا قضيتان من الضروري التطرّق لهما قبل تثبيت النتائج المتحصّلة من البحث .

القضية الأولى : هي مناقشة السؤال التالي : كيف يمكن الاستناد إلى كتب الديانات الأخرى في اثبات قضية مهمة مثل قضية تشخيص هوية المصلح العالمي المنتظر واثبات أنه المهدي ابن الحسن العسكري ( عليهما السّلام ) ، واثبات صحة هذه العقيدة وانتمائها الإلهي مع اتفاق المسلمين على وقوع التحريف في هذه الكتب ؟

نعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل ممكنة بقليل من التدبر في حيثيات الموضوع ، ويمكن تلخيصها بما يلي :

1 - إن اثبات عقيدة منهج أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) يستند إلى الكثير من البراهين العقلية والآيات القرآنية وما اتفق عليه المسلمون من صحاح الأحاديث النبوية والواقع التاريخي لسيرة أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، كما هو مشهود في الكتب العقائدية التي تناولت هذا الموضوع .

أما الاستناد إلى البشارات الواردة في كتب الأديان المقدسة فهو من باب الدليل الإضافي أو الشواهد المؤيدة فلا تسقط النتيجة المتحصلة منه بسقوط أو بطلان الأساس ؛ لأن هذه العقيدة قائمة على أسس أخرى أيضا ، اذن لا مجال للاعتراض على صحة هذه العقيدة حتى مع افتراض بطلان بعض أسسها باعتبار القول بتحريف تلك الكتب .

2 - ثمة ثمار مهمة لدراسة وتوثيق هذا الدليل ، وهي هداية اتباع الديانات الأخرى إلى الحق وإلى المصلح الإلهي الحقيقي بالاستناد إلى كتبهم نفسها وفي ذلك حجة كاملة عليهم ؛ هذا أولا ، وثانيا فإنّ مثل هذه الدراسة تؤكد الجانب العالمي في القضية المهدوية ، وتوفر محورا جديدا للوفاق بين الأديان المختلفة بشأن المصلح العالمي الذي ينتظرونه جميعا .

3 - وليس ثمة من يقول بأن جميع ما في كتب الأديان السابقة محرف ، بل إن المتفق عليه بين المسلمين وقوع التحريف في بعضها وليس في كلها .

لذلك فإنّ ما صدّقته النصوص الشرعية الاسلامية - قرآنا وسنّة - مما في الكتب السابقة محكوم بالصحة وعدم تطرق التحريف اليه ؛ وهذا واضح .

نعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل ممكنة بقليل من التدبر في حيثيات الموضوع ، ويمكن تلخيصها بما يلي :

1 - إن اثبات عقيدة منهج أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) يستند إلى الكثير من البراهين العقلية والآيات القرآنية وما اتفق عليه المسلمون من صحاح الأحاديث النبوية والواقع التاريخي لسيرة أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، كما هو مشهود في الكتب العقائدية التي تناولت هذا الموضوع .

أما الاستناد إلى البشارات الواردة في كتب الأديان المقدسة فهو من باب الدليل الإضافي أو الشواهد المؤيدة فلا تسقط النتيجة المتحصلة منه بسقوط أو بطلان الأساس ؛ لأن هذه العقيدة قائمة على أسس أخرى أيضا ، اذن لا مجال للاعتراض على صحة هذه العقيدة حتى مع افتراض بطلان بعض أسسها باعتبار القول بتحريف تلك الكتب .

2 - ثمة ثمار مهمة لدراسة وتوثيق هذا الدليل ، وهي هداية اتباع الديانات الأخرى إلى الحق وإلى المصلح الإلهي الحقيقي بالاستناد إلى كتبهم نفسها وفي ذلك حجة كاملة عليهم ؛ هذا أولا ، وثانيا فإنّ مثل هذه الدراسة تؤكد الجانب العالمي في القضية المهدوية ، وتوفر محورا جديدا للوفاق بين الأديان المختلفة بشأن المصلح العالمي الذي ينتظرونه جميعا .

3 - وليس ثمة من يقول بأن جميع ما في كتب الأديان السابقة محرف ، بل إن المتفق عليه بين المسلمين وقوع التحريف في بعضها وليس في كلها .

لذلك فإنّ ما صدّقته النصوص الشرعية الاسلامية - قرآنا وسنّة - مما في الكتب السابقة محكوم بالصحة وعدم تطرق التحريف اليه ؛ وهذا واضح .

الاستناد إلى ما صدّقه الاسلام من البشارات

1 - من الثابت اسلاميا أن الرسول الأكرم ( صلّى اللّه عليه وآله ) قد بشّر بالمهدي الموعود من أهل بيته ومن ولد فاطمة - سلام اللّه عليها[38] « 1 » - ، لذلك فإن البشارات الواردة في كتب الأديان السابقة من هذا النمط الذي لم تطاله أيدي التحريف ما دامت منسجمة مع ما صرح في النصوص الشرعية الاسلامية .

اذن لا مانع من الاستناد اليه والاحتجاج به .

2 - يضاف إلى ذلك أن القرآن الكريم نفسه قد بشّر بالدولة الإلهية العالمية واقامتها في آخر الزمان كما صرحت بذلك آياته الكريمة التي دلّ عدد منها على المهدي الموعود وحتمية وجوده وغيبته ، كما سنوضح ذلك في بحث لاحق ان شاء اللّه تعالى . وهذا يعني تصديق ما ورد في بشارات الأديان السابقة الواردة بالمضمون نفسه ، الأمر الذي يعني صدورها من نفس المصدر الذي صدر منه القرآن الكريم ، وبالتالي الحكم بصحتها وعدم تطرق التحريف إليها ، فلا مانع حينئذ من الاستناد إليها والاحتجاج بها في اطار المضامين التي صدّقها القرآن الكريم .

3 - إن بعض هذه البشارات ترتبط بواقع خارجي معاش أو ثابت تاريخيا ، بمعنى أن الواقع الخارجي الثابت جاء مصدّقا لها . فمثلا البشارات التي تشير إلى أن المصلح العالمي هو الإمام الثاني عشر من ذرية إسماعيل وأنه من ولد خيرة الإماء وأن ولادته تقع في ظل أوضاع سياسية خانقة ومهددة لوجوده فيحفظه اللّه ويغيّبه عن أعين الظالمين إلى حين موعد ظهوره وأمثالها ، كلها تنبأت بحوادث ثابتة تاريخيا ، وهذا يضيف دليلا آخر على صحتها ، ما دام أن من الثابت علميا أنها مدونة قبل وقوع الحوادث التي أخبرت عنها ، فهي في هذه الحالة تثبت أنها من أنباء الغيب التي لا يمكن أن تصدر إلا ممّن له ارتباط بعلّام الغيوب تبارك وتعالى . وبذلك يمكن الحكم بصحّتها وعدم تطرق التحريف إليها ، وبالتالي يمكن الاستناد إليها والاحتجاج بها[39].

تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية

أما القضية الثانية : فهي ترتبط بالاعتراض القائل بأن الاستناد إلى هذه البشارات في اثبات عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) يفتح باب التشكيك والادّعاء بأن هذه العقيدة تسللت إلى الفكر الاسلامي من الإسرائيليات ومحرفات الأديان السابقة .

والجواب على هذا الاعتراض يتّضح من الإجابة السابقة ، فهو يصح إذا كانت العقيدة الإمامية المهدوية تستند إلى تلك البشارات وحدها في حين أن الأمر ليس كذلك .

ولو قلنا بأن كل فكرة اسلامية لها نظير في الأديان السابقة هي من الأفكار الدخيلة في الاسلام ؛ لأدى الأمر إلى اخراج الكثير من الحقائق والبديهيّات الاسلامية التي أقرّها القرآن الكريم وصحاح الأحاديث الشريفة وهي موجودة في الأديان السابقة ، وهذا واضح البطلان ولا يخفى بطلانه على ذي لب . فالمعيار في تشخيص الأفكار الدخيلة على الاسلام هو عرضها على القرآن والسنّة والأخذ بما وافقهما ونبذ ما خالفهما ، وليس عرضها على ما في كتب الديانات السابقة ونبذ كل ما وافقها مع العلم بأن فيها ما لم تتطرق له يد التحريف وفيه ما ثبت صدوره عن المصدر الذي صدر عنه القرآن الكريم .

يضاف إلى ذلك أن عقيدة الإمامية في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) تستند إلى واقع تأريخي ثابت ، فكون الإمام المهدي هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ثابت تاريخيا وحتى ولادته الخفية من الحسن العسكري ( عليه السّلام ) قد سجلها المؤرخون من مختلف المذاهب الاسلامية وأقرها علماء مختلف المذاهب حتى الذين لم يذعنوا أنّه هو المهدي الموعود وإن كان عدد الذين صرحوا بأنه هو المهدي من علماء أهل السنّة غير قليل أيضا[40].

نتائج البحث

نصل إلى القسم الأخير من البحث ، وهو تسجيل النتائج الحاصلة منه في النقاط التالية :

1 - ان أصل فكرة الايمان بالمصلح العالمي في آخر الزمان وإقامة الدولة العادلة التي تحقق السعادة الحقّة للبشرية جمعاء تستند إلى جذور فطرية في الانسان تنبع من فطرة تطلّعه إلى الكمال ، ولذلك لاحظنا اجماع مختلف التيارات الفكرية الانسانية حتى المادية منها على حتمية تحقق هذا اليوم الموعود . أما الفكر الديني فهو مجمع عليها لتواتر البشارات السماوية في كتب الأديان المختلفة بذلك . فلا يمكن قبول ما زعمه بعض المستشرقين بأن هذه الفكرة المجمع عليها تستند إلى الخرافات والأساطير .

2 - إن القول بوجود المهدي الموعود بالفعل وغيبته - وهو الذي يؤمن به مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) ويتميز عن عقيدة أهل السنّة في المهدي الموعود - غير مستبعد لا في الفكر الإنساني الذي يرى أن من الضروري أن يكون عمر المصلح العالمي طويلا ، ولا من الفكر الديني الذي اقترن إيمانه بالمصلح العالمي بالإيمان بأنه يعود بعد غيبة . بل إن وقوع الغيبات في تأريخ الأنبياء ( عليهم السّلام ) يدعم هذا القول ويعززه .

3 - إن إجماع الأديان السماوية على الايمان بالمصلح العالمي وغيبته قبل الظهور اقترن بالاختلاف الشديد في تحديد هويته ، وهو اختلاف ناشئ من جملة من العوامل ، منها : ان البشارات الواردة في الكتب المقدسة بشأنه تتحدث عن قضية غيبية ، والانسان بطبعه ميّال لتجسيد الحقائق الغيبية في مصاديق محسوسة يعرفها . ومنها : أن التعصب المذهبي والرغبة في الفوز بافتخار الانتماء لصاحب هذا الدور التاريخي المهم دفعت اتباع كل دين إلى تأويل تلك البشارات أو خلطها بالبشارات الواردة بشأن نبي أو وصي معين غير المصلح العالمي أو تحريفها لتطبيقها على الأقرب من المواصفات التي تذكرها من زعمائهم ورموزهم الدينية . فالاختلاف ناشئ من سوء تفسير وتطبيق البشارات السماوية وليس من نصوص البشارات نفسها .

4 - إن سبيل حل الاختلاف هو تمييز البشارات الواردة بشأن المصلح العالمي عن غيرها المرتبطة بغيره من الأنبياء والأوصياء ( عليهم السّلام ) ، ثم تحديد الصورة التي ترسمها بنفسها للمصلح العالمي بعيدا عن التأثر بالمصاديق المفترضة سلفا . ثم عرض المصاديق عليها لمعرفة هويته الحقيقية استنادا إلى الواقع التاريخي القابل للإثبات وبعيدا عن حصر هذه المصاديق المفترضة برموز دين معين ، بل عرض كل مصداق مرشح من قبل أي دين أو مذهب على الصورة التي ترسمها نصوص البشارات بصورة تجريدية .

5 - إن تلك البشارات السماوية تهدي - بناء على هذا المنهج العلمي - إلى معرفة حقيقية هي أن المصلح العالمي الذي بشرت به هو الإمام الثاني عشر من عترة خاتم الأنبياء - صلوات اللّه عليه وآله - وهو صاحب الغيبة التي يضطر إليها بسبب تربّص الظلمة به لتصفيته ، أي إنها تهدي إلى المهدي الإمامي الذي يقول به مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وقد صرحت تلك البشارات بالهداية اليه من خلال ذكر صفات لا تنطبق على غيره ، ومن خلال ذكر خصائص فيه امتاز بها واشتهرت عنه كما لاحظنا .

6 - ان الاستناد إلى هذه البشارات في إثبات صحة عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) يشكل دليلا آخر في إثبات هذه العقيدة يضاف إلى الأدلة العقلية والقرآنية وما صح لدى المسلمين من الأحاديث الشريفة ، ولا مانع من الاستدلال بهذه البشارات بعدما ثبت أن التحريف في الديانات السابقة لم يشمل كل نصوصها الموحاة ، فيمكن الاستناد إلى ما صدقته النصوص الشرعية الاسلامية مما ورد في كتب الديانات السابقة ؛ وكذلك ما صدقه الواقع التأريخي الكاشف عن صحة ما أخبرت عنه باعتباره من أنباء الغيب التي لا يعلمها سوى اللّه تعالى ، ومنها أخبار المهدي ( عليه السّلام ) .

7 - إن في الاستناد إلى بشارات الأديان السابقة في اثبات صحة عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) في المهدي الموعود واضافته إلى الأدلة الشرعية والعقلية الأخرى ثمارا عديدة ، منها : الكشف عن أهمية هذه العقيدة وترسيخ الايمان بها لدى اتباعها ، ومنها : إعانة أتباع الديانات والمذاهب الأخرى على الاهتداء لمعرفة هوية المصلح العالمي الذي بشرت به نصوص كتبهم المقدسة ودعوتهم إلى الاسلام من هذا الطريق ، والاحتجاج عليهم بالنصوص المعتبرة عندهم وهو احتجاج أبلغ في الدلالة ، ومنها : ايجاد محور توحيدي لدعاة الاصلاح الديني من اتباع مختلف الديانات يعزز جهودهم وينسقها ، يقوم على أساس الايمان بهذا المصلح العالمي ووجوده فعلا ورعايته لجهود الممهّدين لظهوره طبقا للعقيدة الاسلامية الأوسع شمولية وتفصيلا في عرض هذه الفكرة العريقة في الفكر الديني والانساني .

يقول العلامة الشهيد آية اللّه العظمى السيد محمد باقر الصدر : وإذا كانت فكرة المهدي أقدم من الإسلام وأوسع منه ، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام جاءت أكثر اشباعا لكل الطموحات التي انشدّت إلى هذه الفكرة منذ فجر التأريخ الديني ، وأغنى عطاءا وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذّبين على مر التأريخ . وذلك لأن الإسلام حوّل الفكرة من غيب إلى واقع ، ومن مستقبل إلى حاضر ، ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلا ، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود إلى اكتمال كلّ الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم .

فلم يعد المهدي ( عليه السّلام ) فكرة ننتظر ولادتها ، ونبوءة نتطلع إلى مصداقها ، بل واقعا قائما ننتظر فاعليته ، وإنسانا معيّنا يعيش بيننا بلحمه ودمه ، نراه ويرانا ، ويعيش آمالنا وآلامنا ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا ، ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الأرض من عذاب المعذّبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين ، ويكتوي بذلك من قريب أو بعيد ، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمدّ يده إلى كل مظلوم وكل محروم وكل بائس ويقطع دابر الظالمين .

وقد قدّر لهذا القائد أن لا يعلن عن نفسه ولا يكشف للآخرين هويّته ووجوده على الرغم من أنه يعيش معهم انتظارا للحظة الموعودة .

ومن الواضح أن الفكرة بهذه المعالم الإسلامية تقرّب الهوّة الغيبية بين المظلومين كل المظلومين والمنقذ المنتظر ، وتجعل الجسر بينهم وبينه في شعورهم النفسي قصيرا مهما طال الانتظار .

ونحن حينما يراد منّا أن نؤمن بفكرة المهدي بوصفها تعبيرا عن إنسان حي محدد يعيش فعلا كما نعيش ، ويترقب كما نترقب ، يراد الإيحاء إلينا بأن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور ، والتي يمثلها المهدي ، تجسدت فعلا في القائد الرافض المنتظر ، الذي سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم كما في الحديث ، وإنّ الإيمان به إيمان بهذا الرفض الحي القائم فعلا ومواكبة له »[41].

 


[1] راجع مثلا كتاب آية اللّه الشيخ محمد أمين زين الدين ، مع الدكتور أحمد أمين في حديث المهدي والمهدوية : 13 .

[2] ملحقات إحقاق الحق لآية اللّه المرعشي النجفي ، 29 : 621 - 622 .

[3] العقيدة والشريعة في الإسلام : 218 حيث وصفها بأنها من الأساطير ذات الجذور غير الإسلامية لكنه قال أيضا باتفاق كلمة الأديان عليها ، المصدر : 192 ، والإنكار الحديث للفكرة مصدره المستشرقون وتابعهم بعض المتأثرين بهم من المسلمين أمثال أحمد أمين .

[4] راجع أيضا الإمامة وقائم القيامة للدكتور مصطفى غالب : 270 .

[5] راجع النصوص الخاصة بالمهدي الموعود من كتاب « بشارات عهدين » للشيخ محمد الصادقي .

[6] لمعرفة تفصيلات هذا التمهيد يراجع كتاب تأريخ الغيبة الكبرى للسيد الشهيد محمد الصدر رحمه اللّه ، في حديثه عن التخطيط الإلهي لليوم الموعود قبل الإسلام : 251 وما بعدها .

[7] راجع أيضا أهل البيت في الكتاب المقدس ، احمد الواسطي : 121 - 123 .

[8] صحيفة العهد اللبنانية العدد : 685 ، مقال تحت عنوان « حركة شهود يهوه ، النشأة ، التنظيم ، المعتقد » .

[9] بشارت عهدين : 261 ، نقلا عن كتاب ميزان الحق للقس الألماني فندر : 271 .

[10] المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه ، للسيد عبد الرضا الشهرستاني : 6 .

[11] المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه ، للسيد عبد الرضا الشهرستاني : 7 .

[12] برناردشو ، للأستاذ عباس محمود العقاد : 124 - 125 ، وعلق الأستاذ العقاد على كلمة برناردشو بالقول : « يلوح لنا أن سوبرمان شو ليس بالمستحيل ، وأن دعوته لا تخلو من حقيقة « ثابتة » ، نقلا عن كتاب المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي : 9 ، وقد نقلها عن العقاد الشيخ محمد حسن آل ياسين في كتابه المهدي المنتظر بين التصور والتصديق : 81 .

[13] راجع توضيح هذه النقطة في البحث القيم الذي كتبه آية اللّه الامام الشهيد الصدر حول المهدي : 41 - 48 ، ط 3 دار التعارف

[14] لمزيد من التوضيح راجع تأريخ الغيبة الكبرى : 276 وما بعدها .

[15] بحث حول المهدي : 7 - 8 .

[16] راجع مثلا كتاب « دفاع عن الكافي » للسيد العميدي : 1 / 181 ، وإحقاق الحق : 13 / 3 - 4 .

[17] البيان في أخبار صاحب الزمان : 149 - 150 .

[18] نظير كتاب بشارات عهدين للشيخ محمد الصادقي وترجمته العربية بقلم المؤلف نفسه المطبوع باسم : « البشارات والمقارنات » . ومثله بالفارسية : بشارات صحف آسماني به ظهور حضرت مهدي ( عليه السّلام ) لعلي أكبر شعفي أصفهاني ، والعربية : المهدي المنتظر والعقل لمحمد جواد مغنية .

[19] كشف الأستار للميرزا حسن النوري : 84 ، وأولى منه كتاب كبير في ست مجلدات بعنوان : أنيس الأعلام في نصرة الإسلام . لعالم نصراني أرميني كبير اعتنق الإسلام على مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) وكتب ذلك الكتاب بالفارسية استجابة لاقتراح علماء الإسلام ، من أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر ، سيأتي ذكره آنفا باسم الشيخ محمد صادق فخر الإسلام ، وهذا ما لقّبه به علماء أصفهان يومئذ تقديرا لجهوده في مجلدات كتابه القيّم .

[20] الثابت أن غيبة الإمام المهدي بعد وفاة أبيه - ( عليهما السّلام ) - استمرت 69 سنة . فلعل الساباطي ترك بياضا ليتأكد من المدّة ثم نسي ملء الفراغ فانتشر الكتاب كذلك .

[21] المصدر السابق : 85 ، وذكر أن كتاب البراهين الساباطية قد طبع قبل أكثر من ثلاثين من تأريخ تأليف كتابه كشف الأستار .

[22] بشارات عهدين : 232 ، وذكر أن العالم المذكور كان من متتبعي علماء النصارى ومحققيهم واعتنق الاسلام بعد دراسة معمقة استغرقت أمدا وألّف عدة كتب منها الكتاب المذكور الذي يوصف بأنه أفضل ما الّف في الرد على اليهود والنصارى .

[23] بشارات عهدين : 264 .

[24] سفر الرؤيا 12 : 3 .

[25] سفر الرؤيا 12 : 5 .

[26] المدة رمزية وقد وردت في الأصل العبري بتعبير : « وسيغيب عن التنين زمانا وزمانين ونصف زمان » ، راجع بشارات العهدين : 263 .

[27] سفر الرؤيا 12 : 13 .

[28] المسيح الدجال ، سعيد أيوب : 379 - 380 / نقلا عن المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي ، اصدار مركز الرسالة : 13 - 14 .

[29] سفر التكوين : 17 : 20 ، و 22 - 23 .

[30] أهل البيت في الكتاب المقدس ، احمد الواسطي : 105 - 107 .

[31] راجع الفصل الأول من كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر لآية اللّه الشيخ لطف اللّه الصافي ، فقد نقل فيه ( 271 ) حديثا من المصادر الحديثية المعتبرة عند مختلف طوائف المسلمين تشتمل على إخبار النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) باتصال الإمامة في هؤلاء الأئمة الاثني عشر من أهل بيته ( عليهم السّلام ) إلى يوم القيامة وفيها أحاديث تنص صراحة على أسمائهم أو تحدد أن أوّلهم الإمام علي ( عليه السّلام ) وآخرهم الإمام المهدي ( عليه السّلام ) ، وللشيخ الصافي في هذا الفصل تعليقة استقرائية تأريخية تثبت عدم صدق هذه الأحاديث على غير الأئمة الاثني عشر من عترة آل الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) .

[32] اختص هذا اللقب بأئمة العترة الطاهرة ، وإذا اطلق كان المراد منه الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر ( عليه السّلام ) ، راجع كتاب النجم الثاقب لآية اللّه الميرزا حسين النوري 1 : 211 ، من الطبعة المترجمة إلى العربية ، وقد ذكر الميرزا النوري أن هذا اللقب مذكور في الزبور الثالث عشر وغيره ، نقل ذلك عن كتاب ذخيرة الألباب للشيخ محمد الاسترآبادي .

[33] أهل البيت في الكتاب المقدس : 123 - 127 .

[34] النجم الثاقب : 2 / 198 .

[35] بشارات العهدين : 277 .

[36] الكتاب المقدس تحت المجهر : 155 ، نقلا عن كتاب دفاع عن الكافي للسيد ثامر العميدي : 1 ، وراجع بشأن هذه البشارة ، أهل البيت في الكتاب المقدس : 1 / 185 - 186 .

[37] راجع مثلا ما نقله الشيخ الصادقي - في كتابه بشارات العهدين - من كتب الأديان الأخرى .

[38] بل أثبتت دراسات عدد من علماء أهل السنّة تواتر هذه الأحاديث الشريفة ، مثل كتاب « التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح » للإمام الشوكاني ، وكتاب « الإشاعة في أشراط الساعة » للبرزنجي ، وكتاب « التصريح » للكشميري وغيرها .

[39] هذا الحكم يصدق أيضا على الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأكرم وأئمة العترة - صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين - والتي تنبأت بولادة المهدي من الحسن العسكري وغيبته ، فثبوت صدورها وتدوينها قبل وقوع الولادة والغيبة بما يزيد على القرن وأكثر ثم تحقق ما أخبرت عنه عمليا يثبت صحتها حتى لو كان ثمة نقاش في بعض أسانيدها ؛ لأن تصديق الواقع لها دليل على صحة صدورها من ينابيع الوحي المتصلة باللّه تبارك وتعالى الذي لا يعلم الغيب سواه ولا يطلع على غيبه إلا من ارتضى ، وقد استدل العلماء بهذا الدليل الوجداني على صحة الغيبة وصحة إمامة المهدي ابن العسكري ( عليهما السّلام ) مثل الشيخ الصدوق في إكمال الدين : 1 / 19 ، والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : 101 - 107 ، والطبرسي في إعلام الورى ، وابن طاووس في كشف المحجة وغيرهم .

[40] ذكر الشيخ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة الكثير من علماء أهل السنّة القائلين بأن المهدي الموعود هو ابن الحسن العسكري وأنه حي وغائب ، كما ذكر الميرزا النوري في كتاب كشف الأستار أربعين عالما منهم ونقل تصريحاتهم في ذلك ، وكذلك فعل العلامة نجم الدين العسكري في كتابه المهدي الموعود المنتظر ( عليه السّلام ) عند علماء أهل السنّة والإمامية ، وجمع أقوالهم وتصريحاتهم السيد ثامر العميدي في الجزء الأول من كتابه ( دفاع عن الكافي ) . وكذلك السيد الأمين العاملي في ج 5 من المجالس السنية والأستاذ الدخيّل في : الإمام المهدي ( عليه السّلام ) .

[41] بحث حول المهدي : 12 - 14 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.