المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



عود للحديث عن ابن ظافر  
  
1250   02:54 صباحاً   التاريخ: 2023-04-02
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص:312-313
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-31 288
التاريخ: 4-7-2016 17743
التاريخ: 2024-08-03 481
التاريخ: 18-1-2023 1032

عود للحديث عن ابن ظافر

ويعجبني من الواقع لأهل المشرق من ذلك قضية علي بن ظافر ، إذ قال(1): بين ليلة والشهاب يعقوب ابن أخت نجم الدين في منزل اعترفت له مشيدات القصور، بالانخفاض والقصور ، وشهدت له ساميات البروج ، بالاعتلاء والعروج، قد ابيضت حيطانه وطاب استيطانه ، وابتهج به سكانه وقطانه ، والبدر قد محا خضاب الظلماء ، وجلا محياه ، في زرقة قناع السماء ، وكسا الجدران

312

ثياباً من فضة ، ونثر كافوره على مسك الثرى بعد أن سحقه ورضه ، والروض قد ابتسم محياه ، ووشت بأسرار محاسنه ريتاه والنسيم قد عانق قامات الأغصان فميلها وغصبها مباسم نورها فقبلها وعندنا مغن" قد وقع على تفضيله الإجماع . وتغايرت على محاسنه الأبصار والأسماع ، إن بدا فالشمس طالعة ، وإن شتدا فالورق ساجعة، تغازله مقتلة سراج قد قصر على وجهه تحديقه ، وقابله فقلنا البدر قابل عيثوقه ، وهو يغار عليه من النسيم كلما خفق وهب ، ويستجيش عليه بتلويح بارقه الموشى بالذهب ويديم حرقته وسهده ، ويبذل في الطافه طاقته وجهده ، فتارة يضمخه بخلوقه ، وتارة يحليه بعقيقه ، وأونة" يكسوه أثواب شقيقه ، فلم نزل كذلك حتى تعيس طرف المصباح ، واستيقظ نائم الصباح ، فصنعت بديها في المجلس ، وكتبت بها إلى الأعز بن المؤبد رحمه الله تعالى أصف تلك الليلة التي ارتفعت على أيام الأعياد ، كارتفاع الرؤوس على الأجياد ، بل فضلت ليلات الدهر ، كفضل البدر على النجوم الزهر :

 

غبت عني يا ابن المؤيد في وقت           شهي يلهي المحب المشوقا

ليلة ظل بدرها يلبس الجد                   ران ثوباً مفضضاً مرموقا

وغدا الطل فيه ينثر كافو                     را فيعلو مسك التراب السحيقا

وتبدى النسيم" يعتنق الأغ                 صان لما سرى عناقاً رفيقا

بت فيها منادمـا لصديق                      ظل بين الأنام خلا صدوقا

هو مثل الهلال وجها صبيحاً               ومثال النسيم ذهنا رقيقا

وغزال كالبدر وجها وغصن ال          بان قد أو الحمرة الصرف ريقا

مظهر للعيون ردفا مهيلا                     وحشاً ناحلا وقداً رشيقا

إن تغنى سمعت داود، أو لا               ح تأملت يوسف الصديقا

وإذا قابل السراج رأينـا                       منه بدراً يقابل العيوقا

وأظن الصباح هام بمرآ                      ه فأبدى قلباً حريقاً خفوقا

 

313

هو نجم ما لاح في الحدر كافو                  ر بياض إلا كساه خلوقا

ما بدا نرجس الكواكب إلا                           قام من نومه يرينا الشفيقا

وإذا ما بدت جواهرها في الج                       وأبدى في الأرض منهم عقيقا

وجعلنا ريحاننا طيب ذكرا                             ك فخلناه عنبراً مفتوقا

ذاك وقت لولا مغيبك عنه                           كان بالمدح والثناء خليقا

قال : فأجاب عنها من الوزن دون الروي :

قد أنني من الجمال قصيد                     يا لها من قصيدة غراء

جمعت رقة الهواء وطيب ال                 مسك في سبكها وصفو الماء

 فأرتنـا طباعـه وشـذاه                        والذي حاز ذهنه من ذكاء

سيدي هل جمعت فيها اللآلي                 يا أخا المجـد أم نجوم السماء

أفحمتني حسنـا وحـق أيادي                  لك التي لا تعد بالإحصاء

فتركت الجـواب والله عجزاً                     فابسط العذر فيه يا مولائي

هل يسامي الثرى الثريا وأنى                     يدعي النجم فرط نور ذكاء

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــ

1- البدائع 2: 206

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.