أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-25
82
التاريخ: 2024-07-09
546
التاريخ: 2024-04-18
525
التاريخ: 8-1-2023
1500
|
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]
إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليسا مثل مرجعية الفتوى، أو مصدرية القضاء، أو إمامة الجمعة والجماعة كي تكون مشروطة بالعدل وممنوعة بالفسق. من هنا فإنّ هذه الفريضة واجبة على الكل بما فيهم العادل والفاسق، إلا أنّ الإنسان اللبيب العاقل يتحاشى الإقدام على الأمر بالمعروف في حال ابتلائه هو بالمنكر ويرى ذلك مخالفاً للعقل والنقل ويسعى إلى إصلاح نفسه كي يُقدِم على إصلاح الآخرين. من هذا المنطلق فإنّه عندما أتى ابنَ عباس رجلٌ وقال: يا ابن عباس! إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. قال: وبلغت ذلك؟ قال: أرجو. قال: إن لم تخش أن تُفتضَح بثلاث آيات في كتاب الله فافعل. قال: وما هن؟ قال: قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ...} [البقرة: 44] وقوله {... لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2،3] [و] قول العبد الصالح شعيب (عليه السلام): {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]. وفي السياق نفسه فقد كان إبراهيم النخعي يكره القصص لتلك الآيات الثلاث المذكورة (للأمر بالمعروف وليس لكل قصة) (1). ومن هنا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "أيها الناس! إني والله ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها"(2).
إن مشاهدة سنة أولياء الله واستقرار سيرتهم على التقيد بآداب الدين وسننه هو الذي دفع يحيى بن معاذ الرازي إلى أن يقول للعلماء المبهورين بالدنيا:
يا أصحاب العلم قصوركم قيصرية، وبيوتكم كسروية، وأبوابكم طالوتيّة، وأخفافكم جالوتية، ومراكبكم قارونية، وأوانيكم فرعونية، ومذاهبكم شيطانية، ومآثمكم جاهلية. فأين المحمدية؟ (3)
فالأمر بالمعروف إذا لم يعمد إلى البِدار فيما يأمر به، ابتُلي بالبَوار.
يا مُنجي الأحياء هاديهمُ ومُحييَ الأموات من غابرِ
لا تصنع الأصنام في باطنٍ وتحطم الأصنام في ظاهرِ (4)
يُعلم مما قد قيل في إطلاق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه لا فرق فيه بين أهل البيت والمدينة والبلد؛ أي إن الأمر بالمعروف واحد سواء بالنسبة للعائلة أو بالنسبة لعامة المجتمع؛ فلا العدالة شرط في أي واحدة منها ولا الفسق مانع لوجوبه أو صحته ما لم يصل الأمر إلى منصب الإمامة أو المرجعية أو أمثالهما. هذا وإن كان بعض المفسرين يرى الفرق في ذلك (5).
ولا يُستفاد من الآية: {وَمَنْ قَوْمٍ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (6) أن الأمر بالمعروف كان واجباً على جميع قوم موسى الكليم، إذ أنه لم يقل: وعلى قوم "موسى" أو "كتبنا على بني إسرائيل" .. كي يثبت وجوبه على الجميع، ولكنه - في المقابل - لم يُقم الدليل على نفي عموميته أيضاً.
وبعض كبار علماء التفسير، وبعد إيراد أدلة القائلين بشرطية العدالة ومانعية المعصية، فإنهم يختمون بالقول:
لو تمت دلائلكم لاقتضت عدم وجوب الأمر والنهي إلا على المعصوم فينسد باب الحسبة (7).
وعلى الرغم من أن القول بشرطيّة العدالة ليس بالسديد إلا أن النقد المذكور غير وارد أيضاً؛ وذلك لأن اشتراط العدالة هو غير اشتراط العصمة. وبناءً عليه فإنّ المحتسبين العدول هم قادرون، من ناحية، ومكلفون، من ناحية أخرى، بأن يكسروا قارورة الحرام عند مشاهدتها من دون الشعور بالخجل والعار (8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 2، ص11.
(2) الجامع لأحكام القرآن، مج 1، ج 1، ص 345.
(3) نهج البلاغة، الخطبة 175، المقطع 6.
(4) تفسير صدر المتألهين، ج 3، ص 267.
(5) في إشارة إلى بيت شعر بالفارسية من ديوان شمس التبريزي، ص728 قال فيه:
اي نجات زندگان واي حيات مردگان * از درونم بت تراشى وز برونم بت شكن
(6) بيان السعادة في مقامات العبادة، ج 1، ص 90-91.
(7) تفسير صدر المتألهين، ج 3، ص 262.
(8) في تلميح لبيت من الشعر الفارسيّ لحافظ الشيرازي يقول فيه:
محتسب خم شكست و من سر او * سن بالسن و الجروح قصاص
أي: كسر المحتسب جرة الشراب وطأطأت أنا رأسه (كسرته) من الخجل فالسن بالسن والجروح قصاص.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|