أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2022
1889
التاريخ: 2024-08-14
309
التاريخ: 11-1-2016
3245
التاريخ: 11-1-2016
2029
|
يختلف المفسرون هل ان هنالك نحس وسعد في الكون؟. هل يوجد لدينا يوم مشؤوم او شهر مشؤوم او يوم سعد وشهر بركة؟! البعض منهم قال بذلك كشهر صفر الذي يعد شهر شؤم. او شهر رمضان المبارك الذي هو شهر مبارك. ولقد تمسكوا بالقرآن والروايات الموجودة. يقول القرآن: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 16]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، والذين لا يقولون بالنحس وبالبركة ويعتقدون ان جميع الأيام والشهور متماثلة يفسرون هذه الآيات باعتبار الظرف. ويقولون إنها كانت ليلة القدر ليلة مباركة لأن القرآن قد انزل فيها اي باعتبار الظرف وليس باعتبار المظروف وبتعبيرنا نحن الطلبة صفة الحال تتعلق بالموصوف وليس صفة حال الموصوف نفسه كالقرآن المبارك فلأن القرآن يوجب الفلاح وانزل في ليلة القدر بذلك فإن هذه الليلة تعد ليلة مباركة أو قالوا في الأيام النحسات وانه لا يوجد يوم نحس انما لان الريح العاتية ارسلت في تلك الأيام السبعة على قوم عاد. فقد أصبح ذلك يوم نحس.
اي باعتبار البلاء الذي وقع في ذلك اليوم وليس باعتبار اليوم نفسه.
ان بحثنا هذا لطيف وتفصيلي. لو فرضنا اننا نستطيع ان نفسر الآيات هكذا لكننا نستنبط من الروايات ان لجو هذا العالم وجو الكرة الأرضية تأثيرات. نفهم من الروايات ان هناك ايام وشهور نحس وايام وشهور مباركة لكن هذا ليس موضوع بحثنا ولن اتحدث لكم عنه. وما أستطيع قوله لكم انه لو كان هناك ايام نحس فأننا نستطيع حتماً ان نزيل شؤمها بالتوكل على الله والدعاء وتلاوة القرآن والصدقة. فمثلا السفر في يوم الاثنين سيء مشؤوم لكن شؤمه يزول حتماً بالصدقة. او كما يقال ان الزفاف وانعقاد النطفة عندما يكون القمر في العقرب نحساً شؤماً. نستطيع ان نزيل ذلك بالدعاء وذكر الله عز وجل والقرآن والوليمة التي يأمر بها الاسلام لا كولائمنا نحن بل الوليمة الصحيحة. وكذلك شؤم اي يوم من الممكن ازالتها بقراءة القرآن كآية الكرسي او سور قل الأربعة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1].
خلاصة الكلام اننا نستطيع التخلص من ايام الشؤم او الاشياء المشؤومة ان كانت موجودة بالاستعاذة بالله والدعاء والقرآن والصدقة. لكن هناك نحس يسلم الجميع به حتى الذي لا يؤمن بالنحس وهناك يوم مبارك أيضاً يؤمن الجميع به حتى الذين لا يؤمنون بالأيام المباركة. وهذا الشؤم والسعد هو اعمالنا. التي قد تكون احياناً مباركة واحياناً أخرى منحوسة.
وبتعبير آخر تكون العلاقة بالله عزوجل مباركة وليست مباركة لي ولحياتي فقط بل للمحيطين بي ولأبنائي ولذريتي: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
فصاحب العلاقة القوية بالله عزوجل والذي يؤدي الصلاة في اول وقتها ويعطي الصدقة والخمس والزكاة ويصلي صلاة الليل. وكلما كانت علاقته بالله اقوى تكون حياته طيبة ومباركة أكثر. {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، ان افعالنا الحسنة تؤثر علينا وعلى المحيطين بنا وعلى حياة ابنائنا ايضاً.
ان أحد القضايا التي كانت بين الخضر (عليه السلام) والنبي موسى (عليه السلام) ان الخضر (عليه السلام) أمر بهدم الجدار الذي كان سينقض وبنائه ثانية مع ان اهل القرية لم يطعموهم. كانوا جائعين لكنهما بنوا الحائط وعندما اراد ان يجيب النبي موسى على ذلك قال له: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82]، وهذا لأن (كان أبوهما صالحاً) كانوا يحسنون إلى الآخرين وعلاقتهم قوية بالله عزوجل وقد اثرت هذه على سعادة ابنائهم. وأمر اولياء الله (عليهما السلام) أن يحفظا كنز هذين اليتيمين. ولقد اثبتت التجربة ان عاقبة ابناء الذين يرجون الخير للآخرين حسنة عادة. فالذي يكون همه وغمه خير المسلمين والذي يحاول ان يرضي قلوبهم فلقد اثبتت التجربة ان ابنائهم يكونوا صالحين ايضاً. وتكون حياتهم مباركة سعيدة لا نحس فيها. لكن بالعكس ما يستفاد من القرآن الشريف ان الذنب نحس بل نحس عظيم يقول: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، الشرك هنا شرك عملي، الذنب يدق ناقوس الخطر للمذنب حيث يعتبره القرآن ينحس حياة المذنب ويجعلها تعيسة مضطربة لا يدري ماذا يفعل بآلامه كأنه قد خر من السماء. او تخطفته الطير او خر في مكان سحيق. فتصبح حياته موحشة مضطربة. يقول القرآن: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31]، هذه القارعة لا تحل به فقط او بزوجته وأبنائه بل به بمن يحيط به (بأطرافه) اي ان القرآن يقول ان الذنب نحس لا تحل نحو سنة بك فقط بل بمن معك وبالمجتمع ايضاً.
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]، { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25]، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112]، اي ان ذنوبهم جلبت لهم الخوف والفقر الاقتصادي اي ان ذنوبهم اصبحت جوعا وبلاء وفقرا ومصائب وهناك الكثير من هذه الآيات وهذه الآية الشريفة تتحدث عن الخوف والقحط والبلاء.
اذكركم انه قد يعم فجأة هذا البلاء والقحط والعياذ بالله من ذلك. فمنذ اربعين او خمسين عاما كان الجفاف والجوع يعم إيران حتى أصبح الناس يأكلون الموتى. والحمير وكان الناس يموتون جماعات. وفي روسية بعد ثلاثة اعوام من الثورة عمت المجاعة ايضاً وهذا البلاء والخوف والمجاعة بلاء ظاهري. ان يعيش الانسان خائفاً مترقباً لكيلا يدخل عليه اللص في الليل ويقتله مع عائلته! ولا ينتقل من مكان الى آخر خوفاً من قطاع الطرق. وله الحمد ان هذا الخوف والمجاعة ليست سائدة في العالم اليوم، موجودة اما قليلة حتى في الممالك المستضعفة التي تسحق تحت ظلم المستثمرين. لكنه يحكم خوف وبلاء عجيب على العالم. وفي كل مكان متمدن أكثر يعم هذا الخوف أكثر فأكثر، وهو الحرص على الشهوة وعدم الأمان في الناموس. ان العالم اليوم يحترق في هذا الخوف. اليوم يقلق البعض في امريكا: من إذا خرج طفلهم من البيت هل سيعود ام لا وإذا خرجت ابنتهم إلى المدرسة هل ستعود سالمة؟! ان القحط والبلاء في الحرص الذي يحكم العالم اليوم.
قال اينشتين فيما مضى ان الحرص والخوف والاضطراب يسيطرون على العالم فليخرج من قبره ولينظر إلى امريكا التي فجر لها الذرة اليوم.
فأنها عالم المجانين. وحسب قول تشهرازي ان 95% من الناس مخبلين. حقيقة انه كذلك. فكلما ازداد التمدن، ازداد ضعف الأعصاب اي الجنون والخبل. من يستطيع ان ينهض في جلستنا هذه ويقول لست مبتلاً بضعف الاعصاب.
ان توتر الأعصاب يسيطر على العالم وفي كل مكان يتواجد فيه الدين تكون خرافاته اقل. في إيران حيث يتواجد الدين ويعاشر الناس العلماء فان وجوب الخرافات اقل. لكن اذهب إلى بريطانيا الى امريكا وانظر اي حماقة وتعاسة تسيطر عليهم. يقولون الآن: ان عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى المكتبات في بريطانيا اقل بكثير من الذين يجلسون في الأزقة (ويضربون بالفال) ومثلاً في امريكا لا يلفظ عدد الثالث عشر يبنون بناية من خمسين طابقاً الا ان الطابق الثالث عشر غير موجود وإذا ارادوا ان يتلفظوا هذا العدد يقولون اثني عشر زائد واحد او احدى عشر زائد اثنين. ان هذه الحماقة التي تحكم العالم اليوم لم تكن موجودة ابداً وكذلك الخوف والحرص الذي يحكم الممالك المتمدنة. انظر ماذا تفعل امريكا بالبلدان الضعيفة من اجل ماذا؟!
سبب الحرص، فروسية اسوأ منها وهي اسوأ من روسية ان هذا الجشع من اجل الجوع والقحط والبلاء. وليس الجوع ان يحتاج الانسان إلى طعام فاذا جئت بشهوة الانسان فأنها اشد وطأة من اي جوع وقحط وبلاء.
كان لبعض خلفاء بني العباس. الذي يكثر نظيرهم اليوم في البلدان المتمدنة. كان لديهم حرم مليء بالنساء يتعدى عددهم المئة امرأة وقد لا يمس هذه المرأة الا مرة في السنة الا انه كان يفكر بإضافة عددهم وبناموس الناس. نرى الآن ان النساء وقلة الحياء والتعري يزداد يوما بعد يوم الا انهم لا يشبعون من ذلك. فالآية الشريفة التي تقول: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112]. لا تظنوا ان مقصود الآية فقط بالغلاء والقحط والبلاء. فإذا جاءت شهوة الناس فإنها أشد من الجوع والقحط والبلايا. وكذلك الحرص على المال وجمعه. وان بلغ الناس مرحلة ولا امان لديهم من شبابهم واصدقائهم ومن الآخرين ويخشون من ارسال ابنائهم إلى الجامعات والمدارس. حيث قد يعودون بلا دين او غير سالمين فان هذا نفسه قحط وبلاء وخوف وهذا الموجود اليوم بكثرة. وكلما ازدادت الحضارة والتمدن عم هذا الخوف والبلاء أكثر فأكثر.
خلاصة الحديث ان الذنب نحس ويجلب القحط والخوف. ويراكم المشاكل فوق المشاكل. ويورث التوتر والاضطراب. واخيرا فان القرآن يقول:
{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].
اي انه يقول: ان الحياة من دون الله حياة متلازمة مع الذنب. موحشة ومظلمة ان أصل الذنب مسلم به عند الجميع فأي عالم ومفسر وأي عارف وفيلسوف يقر ان الذنب نحوسة وليس علينا فحسب بل على ابنائنا. اذ اردت ان تكون عاقبة الأبناء حسنة فانتبه إلى لسانك ونفسك واحذر الاشاعات وشهادة الزور والتهمة: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]، أي أنه إذا كنت تخشى عاقبة أبنائك وكنت ترجو سعادتهم كن تقياً مهما استطعت وانتبه للسانك وقل قولاً سديداً واحذر شهادة الزور والشائعات والغيبة والتهمة و.. هذا يعود إلى أصل القضية وبالعودة إلى بحثنا فان الذنب في ليلة الزفاف خاصة له تأثير عجيب على الطفل قد يشقي الذنب هذا الطفل كما ان الوليمة وكسب القلوب والارتباط بالله عزوجل يؤثر على هذا الطفل وعلى سعادته.
تنقل الروايات في زفاف الزهراء (عليها السلام) ان النبي كان قد هيء لها سبعة عشر متاعا مختصرا للبيت. وعندما عرضوا هذا الجهاز على رسول الله (صلى الله عليه وآله) رق قلب النبي (صلى الله عليه وآله) وبكى وجعل يقلبه بيده ويقول (بارك الله لأهل بيت جل آنيتهم الخزف) وكان المتاع جرة وقربة ماء ورحى لليد وأمثالها.
ومن ثم دعا الرسول (صلى الله عليه وآله) الفقراء والمستضعفين إلى وليمة في ليلة الزفاف وعندما ارادوا نقل الزهراء إلى بيت زوجها: حذر النبي (صلى الله عليه وآله) النساء من ارتكاب المآثم في هذه الليلة، اي اعلموا ان هناك اختلاطاً بين النساء والرجال فهذا اثماً وسيشمل نحوسة هذا الذنب الزوج والزوجة وستشمل الطفل ايضاً.
حذر الرسول (صلى الله عليه وآله) النساء من ان يسمع صوتهم اجنبياً وقال لهم زفوا فاطمة (عليها السلام)، وحدثت قضية مباركة في الطريق ان الزهراء (عليها السلام) وهبت ثوب زفافها في سبيل الله عز وجل. ثم جاء النبي (صلى الله عليه وآله) وامرهما بركعتين من الصلاة وأخذ ماء وضوئهم ونثره حولهما ومن ثم دعا لهما النبي (صلى الله عليه وآله) ان يبارك لهما ويخرج منهما النسل الكثير الطيب. ونعلم ان هذا الزواج كم كان مباركاً وكم كانت بركة هذا الطفل. ان سورة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، من المسلم به ان المقصود بها الزهراء (عليها السلام)؟ فما معناها. لقد فسروها معان عديدة وقد يكون المراد به جميع هذه المعاني أحد معانيها (كثير الأولاد) (كثير الخير) لقد كان زواج زهراء المرضية مباركاً جداً بحيث اننا لا نجد ذرية بهذه البركة إلى يوم القيامة. لن نجد ابنة مع واحدة وهذه الذرية العظيمة في جلستنا هذه تسم سيد من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) نجد هنا. وكم هي الاعمال الحسنة التي تصدر منهم. وأخيراً فإن هذا الزواج قد قدم من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) مقدم لنا (السر المستودع) وقدم لنا ابن الزهراء (عليها السلام) الذي سيعلي راية الاسلام على الكرة الأرضية ويبسط العدالة الاسلامية من اقصى الأرض إلى اقصاها. ان شاء الله تعالى. هذا عرس (زواج) وسنقارن عرساً آخر به لنرى ماذا كانت نتيجته، يروي أحدهم قصة يحي البرمكي فيقول:
كان وضعي تعيس جداً فلم أستطع البقاء في الكوفة فأتيت بزوجتي واولادي الى بغداد وانزلتهم في أحد الخرابات وذهبت لأبحث عن طعام فوجدت بغداد مزدحمة فسألت عن السبب؟ قالوا ان اليوم زفاف يحي البرمكي ورأيت الناس يذهبون افواجاً افواجاً. فقلت في نفسي لأذهب واشاهد معهم فذهبت ولم يكن هناك من يعترضنا وكان الرقص والطرب دائراً والاختلاط والذنوب. واموال بيت المال تهدر هناك وقد أقروا عطايا عند اجراء العقد. وهذا ما هو موسوم عند البعض ان يوزعوا العروسين المال على الناس بدل ان يهبوهم الناس ذلك وكانت عطاياهم ثمينة. كمزرعة او بستان وكانت هديتي مزرعة في الشام فقلت في سري قد يأخذوها مني الا ان احداً لم يعترضني فأخذت عيالي وذهبت الى الشام وتبدلت احوالي، لقد احاطت الذنوب بيحيى وطائفته.
لكن ليس من ضمن بحثنا ان نتحدث عن الشقاء والتعاسة الذي وقعوا فيه يضيف هذا الراوي ذهبت يوماً إلى الحمام وطلبت احضار مدلك جيد. فجاء شخص تبدو عليه النجاب. وأخذ يدلكني فأخذت اتذكر فقري وتبدل احوالي وعرس ابن البرمكي والاشعار الذي رددتهم في ذلك العرس وأخذت أرددهم فوقع المدلك مغشياً عليه. وعندما فاق، تبين لي انه قد أغمي عليه بسبب الشعر الذي رددته. فسألته عن السبب فلم يخبرني فأصريت فأجاب: اين رددت هذه الأبيات فقلت: في عرس ابن البرمكي. فقال: أنا هو. لقد بلغ بي الحال ان أدلك ظهور الناس. واعلموا ولا تتعجبوا انه عندما قتلوا جعفرا. صادروا اموال يحيى وجميع عشيرته. وقتلوا رجالهم وتركوا نساءهم. ولم تمض الا ايام معدودة حتى أخذ يشحذ اكثرهم من الناس ولقد بلغ بهم الأمر ان امر رئيس الوزراء في ذلك اليوم، اي رئيس وراء نصف العالم او أكثر يقول عبد الرحمن الهاشمي (ذهبت في العيد الى المنزل فوجدت امرأة عند أمي طلبت مني ان احترمها فرأيتها متشخصة الا انها ترتدي ثياباً بالية. فعلمت انها ام جعفر اي زوجة يحيى البرمكي فسألتها عن حالها فأجابت ماذا اقول لقد كنت املك في العام الماضي اربعمئة جارية لكن الآن قد جئت لأقول لأمك انه ليس عندي شيئاً انام عليه لعلها تعطيني جلد الخروف الذي تصدقت به لأنام وأجلس عليه)(1).
فعندما تدققون وتبحثون عن جذور ذلك في الروايات والقرآن نجد ان ذلك يمكن بسبب واحد فقط فزفاف الزهراء (عليها السلام) كان متعلقا بالله عزوجل ومرتبطا بالناس وهدفها. فعندما تقدم الزهراء المرضية (عليها السلام) ثوب زفافها الى الفقير وتذهب الى بيت زوجها بالثوب البال وتتوضأ وتصلي وتتطهر فان ذريتها ستكون مباركة.
لكن عندما يطغى الاختلاط على العرس ولا يحتجب النساء من الرجال وتظهر زينتهن امام الذين يضيفون الشاي والطعام وأخذ العروسين يطوفون على الحضار ويتكلمون مع الاجانب. وعندما تصبح الوليمة وليمة مآثم ولا يحضرها الفقير والمسكين وخاصة إذا كانت اموالها من الربا والغش في المعاملة فان ذرية هذين الزوجين ستقطع وليتها تنقطع فان ذلك لا يؤثر سلباً. فقد يقوموا للمجتمع فتاة تكون عارا وغير مباركة. فاذا جلب الشاب العار فانه لا يذهب بماء وجه والديه وطائفته فقط ويذلهم بل يهرق ماء وجه التاريخ.
خلاصة الكلام: آمل الا يكون هناك مآثم في حياتكم وفي بيوتكم واحذروا ذلك خاصة عند انعقاد النطفة ان البيت الذي تكثر فيه الذنوب فان هذا البيت سيصبح ركاماً ومشؤوماً وهذا البيت ملوثاً بالميكروب المعنوي، ارجو ان تحذروا الذنوب في ليلة زفافكم واعلموا انه كلما زادت نظراتكم فان هذا الزفاف سيكون مشؤوماً أكثر. إلهي نقسم عليك بدم المظلوم، نقسم عليك بدم المظلوم نقسم عليك بدم الظلم. ان توقظنا جميعاً من الغفلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مروج الذهب للمسعودي: ج3، ص383.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|