أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1499
التاريخ: 10-10-2014
1437
التاريخ: 30-04-2015
2143
التاريخ: 10-10-2014
1289
|
القراءة التي نختارها ـ والتي تجمَّعت فيها شرائط القبول أجمع ـ فهي قراءة عاصم برواية حفْص بالخصوص ؛ وذلك لأنَّها القراءة الَّتي كانت عليها جماهير المسلمين وتلقَّوها يداً بيد منذ الصدر الأوّل حتّى توالي العصور ، وستأتي مزايا أُخرى حوَتها هذه القراءة بالذات دون غيرها من سائر القراءات ، ولم تزَل هذه القراءة موضع عناية العلماء والقرّاء في جميع أدوار التاريخ ، ومن ورائهم عامَّة المسلمين في كافَّة الأقطار الإسلامية المترامية .
هذا ، ولكنَّ الشائع بين الفقهاء هو جواز القراءة بالسبع في الصلاة وغيرها ، الأمر الَّذي يمكن توجيهه على مشارب فقهاء السنَّة ، إمّا لأجل تواترها عندهم ـ كما يراه البعض ـ ، أو لانطباق حديث السبعة أحرُف عليها ، حسبما زعمه آخرون ، لكنَّ الأمر يَشكُل على مباني فقهائنا الإمامية الذين يرون من القرآن واحداً نزل من عند الواحد ! .
إذاً فما وجه تجويزهم القراءة بالسبع وغيرها ؟ ولنذكر كلماتهم أوَّلاً ، ثمّ دلائلهم بهذا الشَّأن :
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي : إنَّ المعروف من مذهب أصحابنا والشائع من أخبارهم ورواياتهم : أنَّ القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد ، غير أنَّهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القرّاء ، وأنَّ الإنسان مخيَّر بأيّ قراءةٍ شاء قرأ (1) .
وقال الشهيد الأوَّل : وتجوز القراءة بالسبع والعَشْر لا الشواذّ ، ومنَع بعض الأصحاب من العَشْر (2) .
وقال العلاَّمة : يجب أن يُقرأ بالمتواتر من القراءات وهي السبعة ، ولا يجوز أن يُقرأ بالشواذِّ ولا بالعشرة (3) .
وهكذا غيرهم من علمائنا الأعلام ، ووافقهم على جواز القراءة بإحدى السبع صاحب ( الجواهر ) ، في كلامٍ طويل له بشأن إبطال دعوى تواتر القراءات السبع أو العَشْر ، قال : أقصى ما يمكن تسليمه جواز العمل بها ، أمّا تعيين ذلك وحُرمة التعدّي عنه فمحلّ منْع (4) .
ومن ثمَّ قال صاحب العروة : الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع ، وإن كان الأقوى عدم وجوبها ، بل يكفي القراءة على النهج العربي ، وإن كانت مخالِفة لهم في حركة بُنيةٍ أو إعراب (5) .
وعلَّق عليه سيّدنا الحكيم باشتراط التوافق مع إحدى القراءات المتداولة في عصر الأئمَّة ( عليهم السلام ) ، وهو تعليق متين.
وهكذا سيّدنا الأُستاذ الخوئي ( دام ظلّه ) قال : الظاهر جواز الاكتفاء بكلِّ قراءة متعارفة عند الناس ، ولو كانت من غير السبع .
ووافق السيّدُ الاصبهاني في ( الوسيلة ) صاحب ( العروة ) ، إلاّ أنَّ سيِّدنا الأستاذ الراحل الإمام الخميني ( قدّس سرّه ) في ( التحرير ) ، زاد عليه : بأنَّ الأحوط عدم التخلّف عمّا في المصاحف الكريمة الموجودة فيما بأيدي المسلمين (6) . وهذا التقييد أيضاً متين .
هذه خلاصة كلمات الأصحاب تُنبئُك عن دقَّة في الاختيار .
ولننظر في دلائل هذا الاختيار :
قد يقال : إنَّ الوجه في ذلك هو اعتقاد تواتر القراءات ولاسيَّما السبع ، كما تقدَّم عن الشهيد الثاني ، الأمر الَّذي لا يلتئم مع وهْن قضيَّة تواتر القراءات السبع عند علمائنا الإمامية ، بل وسائر المحقّقين من علماء الإسلام أجمع ، وقد رجع عنه الشهيد أيضاً ، وأوَّل كلامه إلى إرادة وجود المتواتر فيما بأيدينا من القراءات الآن .
لكنَّه أيضاً تأويل بعيد ، إذ لازِمه الاحتياط في القراءة بكلِّ الوجوه ؛ لإحراز الواقع المعلوم ، كما نبَّه عليه العلاّمة جار الله الزمخشري في كلامه الآنف (7) : و المصلّي لا تبرأ ذمَّته من الصلاة إلاّ إذا قرأ ـ فيما وقع فيه الاختلاف ـ على كلِّ الوجوه .
هذا فضلاً عمَّا يرِد على هذا الاحتمال من الإشكال : وهو عدم إمكان اشتباه المتواتر بغيره ، كما أورده عليه سِبطه ، وأورده أيضاً صاحب ( المفتاح ) (8) .
والمعروف في وجه هذا الاختيار ما أشار إليه الشيخ في كلامه المتقدِّم هو : انعقاد إجماع الأصحاب على القبول واتّفاقُ رواياتهم عليه .
قال السيد الجواد العاملي : الدليل على وجوب الاقتصار عليها : أنَّ يقين البراءة إنَّما يحصل بذلك ؛ لاتّفاق المسلمين على جواز الأخْذ بها ، إلاّ ما عُلم رفْضه وشذوذه ، وغيرها مختلَفٌ فيه ، ومن المعلوم أنَّها المتداولة بين الناس ، وقد نطقت أخبارنا بالأمر بذلك ، وانعقدت إجماعات أصحابنا على الأخذ به ، كما سمعته عن ( التبيان ) ، ومثله ( مجمع البيان ) وكذا ( المنتهى ) ، فجواز الأخذ بغيرها يحتاج إلى دليل ، قال : ولولا ذلك لقلنا ـ كما قال الزمخشري ـ : لا تبرأ ذمَّة المصلّي إلاّ إذا قرأ بما وقع الاختلاف فيه على كلِّ الوجوه (9) .
هذه هي عمدة الاستدلال على جواز الأخذ بالقراءات المعروفة ، وتتلخّص في :
1 ـ سيرة المسلمين على الأخْذ بها .
2 ـ إجماع الفقهاء على جواز ذلك .
3 ـ تضافر النصوص الواردة عن الأئمَّة ( عليهم السلام ) في الأمر بالعمل بما عند الناس والمعروف لدى المسلمين .
وناقش سيّدنا الحكيم ( رحمه الله ) ـ في هذه الوجوه ـ : بأنَّ المقطوع به من سيرة المسلمين منذُ الصدر الأوَّل هو : الأخذ بأيِّ قراءة صحَّت لديهم ، وليست من السبعة فحسب ، ولاسيَّما وتأخُّر السبعة المعروفة عن العهد الأوَّل .
وأمّا الإجماع فمستنده الرواية ، وهي لا تعني خصوص هذه السبع الَّتي تأخّرت معروفيَّتها عن زمن الصادق والكاظم (عليهما السلام) ، وهما مصدر تلك النصوص ، نعم ، مقتضاهنّ جواز العمل بكلِّ قراءة كانت معروفة على عهدهم ( عليهم السلام ) لا غير ، فيَشكُل شمولها لبعض القراءات السبع ممّا لم تكن متداولة ذلك العهد ، أو حدثت متأخّراً (10) .
والمناقشة متينة ، سوى أنَّ حمْل النصوص على إرادة القراءات المتداولة لدى القرّاء ـ والَّتي كانت مستنداتها في الأغلب تعاليل اجتهادية ، وترجيحاتٍ نظرية أو استحسانية ـ بعيدٌ للغاية .
ومن طريف الأمر : أنَّ جماعة من محدّثي الفقهاء حمَلوا تلك النصوص على الاستصلاح والمجاراة مع العامَّة .
قال المولى محسن الفيض : إذا كان اختلاف القراءة ممّا لا يسري إلى اختلاف المعنى ، فهذا موسَّع علينا بالقراءات المعروفة ، وإلاّ فيحمَل على أنَّهم ( عليهم السلام ) لمّا لم يتمكنَّوا من حمْل الناس على القراءة الصحيحة جوَّزوا القراءة بغيرها ، كما يشير إليه قولهم : ( اقرأوا كما تعلّمتم فسيجيئكم مَن يعلِّمكم ) .
قال : وعلى أيّ التقديرَين فنحن في سِعة منها جميعاً ، وقد اشتهر بين الفقهاء وجوب الالتزام بعدم الخروج عن القراءات السبع أو العَشْر المعروفة ؛ لتواترها وشذوذ غيرها ، والحقّ : أنَّ المتواتر من القرآن اليوم ليس إلاّ القدَر المشترك بين القراءات جميعاً دون خصوص آحادها ؛ إذ المقطوع به ليس إلاّ ذاك ، إذ المتواتر لا يشتبه بغيره (11) .
وكلامه هذا الأخير متناقض أو يزيد في إبهام الأمر ، إذ لو كان المتواتر من القراءات هي المواضع الَّتي توافَقت عليها القرّاء ، فالمواضع الَّتي اختلفوا فيها ماذا يكون التكليف فيها ، هل المكلَّف مخيَّر فيها أمْ يجب عليه الاحتياط ؟ .
ثمَّ إنَّ لازم كلامه أنَّ المواضع المختلف فيها ليست من القرآن المتواتر ! .
وإن كان مراده أنَّ المتواتر موجود في هذه السبع من غير تعيين ، فهذا يتناقض مع قوله : ( إنَّ المتواتر لا يشتبه بغيره ) ! ، ومن ثَمَّ فكلامه هنا مبهمٌ للغاية .
ووافَقه على هذا الحَمْل المحدِّث البحراني ، قال : الَّذي يظهر من الأخبار هو وجوب القراءة بهذه القراءات المشهورة ، لا من حيث ما ذكروه من ثبوتها وتواترها عنه ( صلّى الله عليه وآله ) ، بل من حيث الاستصلاح والتقية (12) .
قلت : الواجب حينئذٍ النظر في النصوص الَّتي هي عمدة الباب ـ وسنذكرها ضمن النصوص الضافية الآتية ـ وهي وردت بتعبيرَين :
1 ـ الأمر بالقراءة على ما يقرأه الناس .
2 ـ الأمر بها كما تعلَّموه .
وهذا لا يعني سوى الأمر بالقراءة على ما تداوله جمهور المسلمين ؛ لأنَّهم المعنيّون بالناس لا خصوص القُرّاء ، إذ لا وجه لهذا الاختصاص ، ولاسيَّما بعدما عرفتَ أنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، والأوَّل سبيله مجرى التواتر ، والثاني هي الاجتهادات النظرية ، فلابدّ أنَّ المراد من قراءة الناس هي القراءة المتواترة المحتفظة لدى عامَّة المسلمين ، والَّتي توارثوها يداً بيد وجيلاً بعد جيل .
وبذلك أيضاً تبيَّن أنّ المقصود من التعلّم هو : التلقّي الجماهيري سواء في البيوت على يد الآباء والأمّهات ، أمْ في الكتاتيب على يد المشايخ والمعلِّمين ، أمْ في سائر الأوساط العامّة التي يتداول فيها القرآن على المسرح العام .
أمّا ما هي هذه القراءة التي تداولتها العامَّة وتوارثها المسلمون أُمَّةً بعد أُمَّةٍ ؟ فذكرنا أنَّها هي القراءة المتوافقة مع ثبْت النصّ الحاضر حرفيّاً ، وهي الَّتي قرأ بها عاصم بن أبي النجود برواية حفْص بن سليمان ، وقد توافَقت عليها الأمّة ؛ لميّزاتٍ وجدوها في قراءته .
________________
(1) التبيان : ج1 ، ص7 .
(2) الدروس : ص35 .
(3) تذكرة الفقهاء : ج1 ، ص115 .
(4) جواهر الكلام : ج9 ، ص298 .
(5) العروة الوثقى : فصل 24 في القراءة ، المسألة 50 .
(6) تحرير الوسيلة : المسألة 14 من بحث القراءة والذِكر ج1 ، ص167 ـ 168 .
(7) راجع صفحة 256 .
(8) مفتاح الكرامة : ج2 ، ص392 ـ 393 .
(9) مفتاح الكرامة : ج2 ، ص394 .
(10) مستمسك العروة : ج6 ، ص 243 ـ 245 .
(11) مقدّمة تفسير الصافي : ج1 ، ص41 ، رقم 8 .
(12) الحدائق الناضرة : ج8 ، ص99 ـ 100 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|