أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2015
3881
التاريخ: 19-05-2015
6566
التاريخ: 1-8-2016
3277
التاريخ: 15-10-2015
3555
|
في المرحلة التاريخيّة التي عاشها الإمام الرضا مع أبيه ( عليهما السّلام ) برزت عدّة ظواهر كانت ذات تأثير على نشاط ومواقف الإمام الرضا ( عليه السّلام ) أثناء تصدّيه للإمامة . ونشير إلى أهمها كما يلي :
1 - الانحراف الفكري والديني : لقد تعدّدت التيارات المنحرفة في تلك الفترة مثل تيّار المشبّهة والمجسّمة والمجبّرة والمفوّضة ، وتيّار القياس والاستحسان والرأي ، وحابى بعض الفقهاء الحكام الطغاة فكانت هذه الفترة خطيرة جدّا إذ كانت الأجواء مليئة بالاختلافات الفقهيّة والتوتر السياسي الخانق .
2 - الفساد الأخلاقي والمالي : وعاصر الإمام الرضا ( عليه السّلام ) وهو في ظلّ أبيه حكّاما يتلاعبون بأموال المسلمين ويرونها ملكا لهم ، لا يردعهم أيّ تشريع أو نقد وإنما كان الإنفاق قائما على أساس هوى الحاكم العبّاسي ورغباته الشخصية أو رغبات زوجاته وإمائه[1].
وقد خلّف المنصور عند وفاته ستمائة ألف ألف درهم وأربعة عشر ألف ألف دينار[2].
ودخل مروان بن أبي حفصة على المهدي العبّاسي فأنشده شعرا مدح فيه بني العبّاس وذمّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) فأجازه سبعين ألف درهم[3] .
وأرسل عبد اللّه بن مالك إلى المهدي جارية مغنّية فأرسل إليه أربعين ألفا[4].
وكان الرشيد مولعا بالشراب مع جعفر البرمكي ومع أخته العبّاسة بنت المهدي ، وكان يحضرها إذا جلس للشرب ، ثمّ يقوم من مجلسه ويتركهما يثملان من الشراب[5].
3 - الفساد السياسي : وشاهد الإمام كيفية تعامل العباسيين مع الخلافة حيث كانوا يفهمونها على أنها موروثة لهم من قبل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) عن طريق عمّه العباس ، واتّبعوا أسلوب الاستخلاف دون النظر إلى آراء المسلمين ولم يرجعوها إلى أهلها الشرعيين الذين نصبهم الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بأمر من اللّه تعالى .
وأخضع العباسيّون القضاء لسياستهم فاستخدموا الدين ستارا يموّهون به على الناس إذ أشاعوا أنّهم الولاة من قبل اللّه تعالى فلا يجوز للناس نقدهم أو محاسبتهم .
4 - تعاطف المسلمين مع أهل البيت ( عليهم السّلام ) : وعاش الإمام الرضا ( عليه السّلام ) روح المودّة والتآلف والموالاة مع أهل البيت ( عليهم السّلام ) وهي ثمرة جهود آبائه السابقين ( عليهم السّلام )[6].
واعترف بهذا هارون الرشيد نفسه حيث قال للإمام الكاظم ( عليه السّلام ) : أنت الذي تبايعك الناس سرّا[7].
كما عاش الإمام الرضا ( عليه السّلام ) أساليب الرشيد الماكرة واستدعاءاته المتكررة لأبيه الكاظم ( عليه السّلام ) وسجنه الطويل الذي أدّى إلى اغتياله .
5 - الحركات المسلّحة : ومن الظواهر المهمّة البارزة في حياة الإمام الرضا مع أبيه كثرة الثورات المسلّحة التي استمرت طول الفترة التي نشأ فيها في كنف أبيه ( عليه السّلام ) ، فمن الثورات المهمة ثورة الحسين بن علي بن الحسن بن الإمام الحسن ( عليه السّلام ) المعروف بصاحب فخ الذي قاد ثورة مسلّحة ضد الوالي العبّاسي في المدينة والتي انتهت بمقتل الحسين وأهل بيته رضوان اللّه تعالى عليهم .
واستمرت المعارضة المسلّحة ضد الحكم العبّاسي ففي سنة ( 176 ه ) خرج يحيى بن عبد اللّه بن الحسن ، فبعث هارون آلاف الجنود لقتاله ثم أعطاه الأمان وحبسه فمات في الحبس[8].
لقد كانت هذه الثورات انعكاسا طبيعيا للسياسة العباسية الظالمة .
هذا ملخّص لأهمّ الأحداث التي برزت في حياة الإمام الرضا ( عليه السّلام ) وهو في ظلّ أبيه الكاظم ( عليه السّلام ) لنرى كيف واجهها الإمام ( عليه السّلام ) فيما بعد وكيف مارس مسؤولياته وقت تصدّيه للإمامة في بحوث قادمة إن شاء اللّه تعالى .
الإمام الكاظم والتمهيد لإمامة الرضا ( عليه السّلام )
حدّد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إحدى مسؤوليات الإمام بقوله : « في كل خلف من امّتي عدول من أهل بيني ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين . . . »[9].
والإمام الرضا ( عليه السّلام ) باعتباره أحد أئمة أهل البيت المعصومين ( عليه السّلام ) مكلّف بهذه المسؤولية ، وتتأكد هذه المسؤولية حينما يتصدّى بالفعل لإمامة المسلمين ، أمّا في ظل إمامة والده الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) فان مسؤوليته تكون تبعا لمسؤولية الإمام المتصدّي ، والمتصدّي هو الأولى بتحمّل الأعباء والتكاليف ، ويبقى غيره صامتا الّا في حدود خاصة ، وفي هذا الصدد أجاب الإمام جعفر الصادق ( عليه السّلام ) عن سؤال حول تعدد الأئمة في وقت واحد ، فقال : « لا ، الّا وأحدهما صامت »[10].
ففي عهد الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) كان الإمام الرضا ( عليه السّلام ) صامتا بمعنى عدم تصدّيه للإمامة ، وعدم اتخاذ المواقف بشكل مستقل واتباع مواقف الإمام المتصدّي بالفعل لمنصب الإمامة ، والصمت لا يعني التوقف عن العمل الاصلاحي والتغييري داخل الأمة ، فقد كان ( عليه السّلام ) يعمل ويتحرك داخل الأمة تبعا لمسؤوليته المحددّة له ، فكان ( عليه السّلام ) ينشر المفاهيم والقيم الاسلامية ، ويردّ على الأسئلة العقائدية والفقهية وكان يفتي في مسجد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وهو ابن نيف وعشرين سنة[11].
وقال الذهبي : أفتى وهو شاب في أيّام مالك [12].
وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في عهد إمامة والده ( عليه السّلام ) ، كما كان يروي عن والده وعن أجداده ، وينشر أحاديث أهل البيت ( عليه السّلام ) وسنّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) .
وروى عنه جماعة من الرواة منهم : أبو بكر أحمد بن الحباب الحميري ، وداود بن سليمان بن يوسف الغازي ، وسليمان بن جعفر وآخرون[13].
وكان الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) يوجّه الأنظار اليه ويرجع أصحابه إليه ، ومما قاله بحقّه :
« هذا ابني كتابه كتابي ، وكلامه كلامي ، وقوله قولي ، ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله »[14].
وكان يقول لبنيه : « هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فسلوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم »[15].
وكان ( عليه السّلام ) يهيّء الأجواء للإمام الرضا ( عليه السّلام ) ليقوم بالأمر من بعده ، وممّا قاله لعلي بن يقطين : « يا علي بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي أما إنّه قد نحلته كنيتي »[16].
الوصيّة بالإمامة
الإمامة مسؤولية إلهية كبيرة ولذا فهي لا تكون إلّا بتعيين ونصب من اللّه ونص من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ولا اختيار للمسلمين فيها لعدم قدرتهم على تشخيص الإمام المعصوم الذي أكّد اللّه عصمته بقوله تعالى : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[17] ، وقد أكّدت الروايات النبويّة على هذه الحقيقة ، ومنها ما صرّح به رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في بداية الدعوة بقوله : « انّ الأمر للّه يضعه حيث يشاء »[18].
وصرّح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في غير مرّة بأنّ الأئمة اثنى عشر وأنّ جميعهم من قريش ، وقد ورد النص على ذلك بألفاظ عديدة[19].
ووردت روايات تؤكد أن الأئمة من بني هاشم ومن تلك النصوص قول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « بعدي اثنى عشر خليفة . . . كلهم من بني هاشم »[20].
ووردت روايات عديدة لتفسّر بني هاشم بعلي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) وأولاده ، ثم تحصرها بالحسين ( عليه السّلام ) وذريته[21].
ووردت روايات عديدة عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ذكر فيها أسماء الأئمة الاثني عشر ، بعضه عام وبعضها خاص ، ومن هذه الروايات قول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) :
« الأئمة من بعدي اثنا عشر ، أولهم علي ورابعهم عليّ وثامنهم علي . . . »[22].
وعلى ضوء ذلك فإن الإمامة تعيّن بالوصية ، فكل امام يوصي إلى الإمام من بعده بعهد معهود من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يتناقله كل امام عن الإمام قبله .
قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السّلام ) : « أترون الأمر الينا نضعه حيث نشاء ؟ ! كلّا واللّه إنّه لعهد معهود من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى رجل فرجل ، حتى ينتهي إلى صاحبه »[23].
وفي خصوص تعيين الإمام الرضا ( عليه السّلام ) إماما للمسلمين ، فإنّ الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) قد نصّ عليه تلميحا وتصريحا لخاصة أصحابه ليقوموا بدورهم في إثبات إمامته في الأمة ، ولم يعلن عن إمامته أمام الملأ لأن ظروف الملاحقة والمطاردة من قبل السلطة العباسية كانت تحول دون ذلك .
وقد تظافرت النصوص على تعيين الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) لابنه الإمام الرضا ( عليه السّلام ) اماما وقائما بالأمر من بعده .
فعن نعيم بن قابوس قال : قال لي أبو الحسن ( عليه السّلام ) : « علي ابني أكبر ولدي وأسمعهم لقولي وأطوعهم لأمري ، ينظر معي في كتاب الجفر والجامعة ، وليس ينظر فيه الّا نبي أو وصيّ نبي »[24].
وقد صرّح ( عليه السّلام ) بإمامته منذ نشأته الأولى ، ففي رواية قال المفضل بن عمر للامام الكاظم ( عليه السّلام ) : « جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلّا لك ، فقال : يا مفضل هو منّي بمنزلتي من أبي ( عليه السّلام ) ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم ، قلت : هو صاحب هذا الأمر من بعدك ؟ قال : نعم »[25].
الوصية في المراحل الأولى ( 150 - 178 ه )
في المراحل الأولى من تصدّي الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) للإمامة نجده يوصي بإمامة ولده علي الرضا ( عليه السّلام ) لخاصة أصحابه وللثقات الذين يحفظون الاسرار ولا يبوحون بها في المحافل العامة ، وكان يصرّح أحيانا ويلمح أخرى .
فعن داود بن رزين قال : « حملت إلى أبي إبراهيم مالا فأخذ منّي بعضه ، وردّ عليّ الباقي ، فقلت له : جعلت فداك لم رددت عليّ هذا ، فقال : امسكه حتى يطلبه منك صاحبه بعدي ، فلما مضى موسى ( عليه السّلام ) بعث اليّ الرضا ( عليه السّلام ) أن :هات المال الذي قبلك فوجّهت به إليه »[26].
فالإمام في هذه الرواية لم يصرّح لداود باسم الإمام الموصى اليه وإنّما جعل الأمر لولده الرضا ( عليه السّلام ) ليؤكد له إمامته فيما بعد .
وكان الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) يجمع بين التلميح والتصريح على امامة الرضا ( عليه السّلام ) في قول واحد لاختلاف المستويات الفكرية والعقلية في درجة التلقي والادراك .
فعن علي بن عبد اللّه الهاشمي قال : « كنّا عند القبر - أي قبر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) - نحو ستين رجلا منّا ومن موالينا ، إذ أقبل أبو إبراهيم موسى ابن جعفر ( عليه السّلام ) ويد عليّ ابنه في يده ، فقال : أتدرون من أنا ؟ قلنا : أنت سيدنا وكبيرنا ، فقال : سمّوني وانسبوني ، فقلنا : أنت موسى بن جعفر بن محمد ، فقال :
من هذا معي ؟ قلنا : هو علي بن موسى بن جعفر ، قال : فاشهدوا أنّه وكيلي في حياتي ووصيّي بعد موتي »[27].
وهذا النص هو نص بالإمامة وهو في نفس الوقت قابل للتفسير الظاهري وهو الوصية العادية للأب إلى الابن ، جعله الإمام ( عليه السّلام ) من الالفاظ المتشابهة بسبب سوء الأوضاع السياسية من إرهاب وملاحقة وكبت للحريّات .
وكان الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) يعلن إمامة الرضا ( عليه السّلام ) أمام بعض الافراد أحيانا ، وأمام تجمع من أصحابه وأهل بيته أحيانا أخرى تبعا لمتطلّبات الظروف .
فعن داود بن كثير الرقي ، قال : « قلت لموسى الكاظم ( عليه السّلام ) جعلت فداك اني قد كبرت سنّي فخذ بيدي وأنقذني من النار ، من صاحبنا بعدك ؟ فأشار إلى ابنه أبي الحسن الرضا ، فقال : هذا صاحبكم بعدي »[28].
وعن حيدر بن أيوب قال : كنّا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا فيه محمد بن زيد بن علي ، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه ، فقلنا له : جعلنا اللّه فداك ما حبسك ؟ قال : دعانا أبو إبراهيم ( عليه السّلام ) اليوم سبعة عشر رجلا من ولد علي وفاطمة ( عليهما السّلام ) ، فأشهدنا لعليّ ابنه بالوصية والوكالة في حياته وبعد موته ، وأنّ أمره جايز عليه وله .
ثم وضّح محمد بن زيد مقصود الإمام ( عليه السّلام ) فقال : واللّه يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم . . . »[29].
وكان يستعمل لتثبيت إمامته ألفاظا واضحة لا تحتاج إلى تأويل ، فعن عبد اللّه بن الحارث وامّه من ولد جعفر بن أبي طالب أنه قال : « بعث إلينا أبو إبراهيم ( عليه السّلام ) فجمعنا ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ قلنا : لا ، قال : اشهدوا أنّ عليّا ابني هذا وصيي والقيّم بأمري وخليفتي من بعدي . . . ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني الّا بكتابه »[30].
هذا في اجتماعاته الخاصّة بينما كان لا يصرّح بذلك في التجمّعات العامة وانّما يأتي بألفاظ متشابهة ويترك للمجتمعين حرية التأويل والتفسير لكلامه .
قال حسين بن بشير : « أقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السّلام ) ابنه عليا ( عليه السّلام ) كما أقام رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) عليا ( عليه السّلام ) يوم غدير خم ، فقال : يا أهل المدينة أو يا أهل المسجد هذا وصيي من بعدي »[31].
وفي رواية أخرى قال عبد الرحمن بن الحجّاج : أوصى أبو الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السّلام ) إلى ابنه عليّ ( عليه السّلام ) ، وكتب له كتابا أشهد فيه ستين رجلا من وجوه أهل المدينة[32].
وفي سنة ( 178 ه ) أخبر محمد بن سنان بوصيته بامامة ابنه علي الرضا ( عليه السّلام )[33].
الوصية في مرحلة الاعتقال
لقد اعتقل الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) في سنة ( 179 ه ) قبل التروية بيوم ، أي في اليوم السابع من ذي الحجة سنة ( 179 ه ) على رواية ، وفي يوم ( 27 ) رجب سنة ( 179 ه ) كما في رواية أخرى[34].
وبعد خمسين يوما من اعتقاله دخل إسحاق وعلي ابنا عبد اللّه بن الإمام جعفر الصادق ( عليه السّلام ) على عبد الرحمن بن أسلم وهو في مكة ومعهما كتاب الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) بخطه فيه حوائج قد أمر بها ، فقالا : إنه أمر بهذه الحوائج من هذا الوجه ، فإذا كان من أمره شيء فادفعه إلى ابنه عليّ فإنه خليفته والقيّم بأمره[35].
وفي طريقه ( عليه السّلام ) إلى سجن البصرة أرسل على عبد اللّه بن مرحوم فدفع اليه كتبا وأمره ان يوصلها إلى ابنه عليّ وقال له : فإنّه وصيي والقيّم بأمري وخير بنيّ[36].
ومن داخل سجن البصرة أرسل كتبا إلى أصحابه يوصي بها إلى ابنه الإمام الرضا ( عليه السّلام ) :
فعن الحسين بن مختار قال : خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن ( عليه السّلام ) - وهو في الحبس - عهدي إلى أكبر ولدي[37].
في سنة ( 180 ه ) - بناء على رواية بقاء الإمام سنة في البصرة - وصل الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) إلى بغداد ، فدخل عليه علي بن يقطين فوجد عنده عليّ الرضا ( عليه السّلام ) فقال له : « يا علي بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي ، أما إني قد نحلته كنيتي » .
وحينما حدّث هشام بن الحكم بذلك قال له هشام : أخبرك أنّ الأمر فيه من بعده[38].
وفي الفترة بين سنة ( 181 ه ) وسنة ( 183 ه ) كتب من الحبس إلى عليّ ابن يقطين : « ان ابني سيد ولدي وقد نحلته كنيتي »[39].
إمامة الرضا ( عليه السّلام ) وزمن الاعلان عنها
إنّ الظروف التي عاشها الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) كانت تستدعي الكتمان والسرية في القرار والموقف السياسي وخصوصا فيما يتعلق بالامام من بعده لذا نرى أنه كان يتكتم في إعلان ذلك ، ولكنه كان قد عيّن زمنا خاصا للإمام الرضا ( عليه السّلام ) لإعلان إمامته ( عليه السّلام ) .
فعن يزيد بن سليط الزيدي قال : « لقينا أبا عبد اللّه ( عليه السّلام ) في طريق مكة ونحن جماعة ، فقلت له : بأبي أنت وامّي أنتم الأئمة المطهرون والموت لا يعرى أحد منه ، فأحدث اليّ شيئا ألقيه إلى من يخلفني ، فقال لي : نعم هؤلاء ولدي وهذا سيّدهم - وأشار إلى ابنه موسى ( عليه السّلام ) - ثم لقيت أبا الحسن بعد ، فقلت له : بأبي أنت وامّي أريد أن تخبرني بمثل ما أخبرني به أبوك ، قال :
كان أبي في زمن ليس هذا مثله ، . . . اني خرجت من منزلي فأوصيت في الظاهر إلى بنيّ فاشركتهم مع ابني علي وأفردته بوصيتي في الباطن . . . يا يزيد انّها وديعة عندك ، فلا تخبر بها إلّا عاقلا أو عبدا امتحن اللّه قلبه للإيمان أو صادقا . . . وليس له ان يتكلم الّا بعد هارون بأربع سنين ، فإذا مضت أربع سنين فاسأله عمّا شئت يجيبك إن شاء اللّه تعالى »[40].
[1] مروج الذهب : 3 / 308 .
[2] مروج الذهب : 3 / 308 .
[3] تاريخ الطبري : 8 / 182 .
[4] تاريخ الطبري : 8 / 185 .
[5] تاريخ الطبري : 8 / 294 .
[6] تاريخ العلويين ، محمد أمين غالب الطويل : 200 .
[7] الصواعق المحرقة : 309 .
[8] الصواعق المحرقة : 309 .
[9] الصواعق المحرقة : 231 .
[10] الكافي : 1 / 178 .
[11] تهذيب التهذيب : 7 / 339 .
[12] سير أعلام النبلاء : 9 / 388 .
[13] تهذيب الكمال : 21 / 148 .
[14] أصول الكافي : 1 / 312 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 31 ، والارشاد : 2 / 250 والغيبة للطوسي : 37 . وروضة الواعظين : 1 / 222 ، الفصول المهمة : 244
[15] إعلام الورى : 2 / 64 وعنه في كشف الغمة : 3 / 107 وعنهما في بحار الأنوار : 49 / 100 .
[16] الارشاد : 2 / 249 وعنه في إعلام الورى : 2 / 43 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 60 وعن العيون في بحار الأنوار : 49 / 13 .
[17] البقرة ( 2 ) : 124 .
[18] تاريخ الطبري : 2 / 350 ، السيرة الحلبية : 2 / 3 ، السيرة النبوية لابن كثير : 2 / 159 .
[19] مسند أحمد : 1 / 657 ، سنن أبي داود : 4 / 106 ، سنن الترمذي : 4 / 501 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 11 ، كنز العمّال : 12 / 32 .
[20] ينابيع المودة : 1 / 308 ، مودة القربى : 445 ، إحقاق الحق : 13 / 30 .
[21] كفاية الأثر : 23 ، 29 ، 35 .
[22] جامع الأخبار : 62 .
[23] بحار الأنوار : 23 / 70 عن الصدوق في كمال الدين .
[24] أصول الكافي : 1 / 311 ح 2 وعيون أخبار الرضا : 1 / 31 والارشاد : 2 / 249 عن الكليني ، وعنه الطوسي في الغيبة : 36 .
[25] عيون أخبار الرضا : 1 / 32 .
[26] أصول الكافي : 1 / 313 ، واختبار معرفة الرجال : 313 ، والارشاد : 1 / 251 ، 252 ، وعنه في إعلام الورى : 2 / 47 وكشف الغمة : 3 / 61 ، 62 والغيبة للطوسي : 93 ح 18 ، وبحار الأنوار : 49 / 25 .
[27] عيون أخبار الرضا : 1 / 27 .
[28] الفصول المهمة : 243 - 244 .
[29] عيون أخبار الرضا : 1 / 28 .
[30] أصول الكافي : 1 / 312 ، وفي عيون أخبار الرضا : 1 / 27 والارشاد : 2 / 250 ، 251 عن الكليني وعنه في إعلام الورى : 2 / 45 والطوسي في الغيبة : 37 وعنها جميعا في بحار الأنوار : 49 / 16 .
[31] عيون أخبار الرضا : 1 / 29 .
[32] عيون أخبار الرضا : 1 / 28 .
[33] عيون أخبار الرضا : 1 / 32 .
[34] بحار الأنوار : 48 / 206 - 207 .
[35] عيون أخبار الرضا 1 / 39 .
[36] عيون أخبار الرضا : 1 / 27 .
[37] الكافي : 1 / 312 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 300 ، والارشاد : 2 / 250 عن الكليني وعنه في الغيبة للطوسي : 36 / 12 وإعلام الورى : 2 / 46 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 61 وعن الارشاد والاعلام والغيبة في بحار الأنوار : 49 / 24 .
[38] الكافي : 1 / 311 وعنه في الارشاد : 2 / 249 وعيون أخبار الرضا : 1 / 21 ، والغيبة للطوسي : 35 .
[39] الكافي : 1 / 313 ، يبدو أن الإبهام من الراوي في ظرف نقل الخبر باعتبار حراجة الظرف والمقصود به الإمام الرضا ( عليه السّلام ) فالنص هكذا : إنّ عليا ابني سيّد ولدي .
[40] عيون أخبار الرضا : 1 / 24 - 26 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|