أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
2597
التاريخ: 5-6-2016
6918
التاريخ: 12-6-2016
6415
التاريخ: 8-6-2016
4350
|
تعد مرحلة النظر في الدعوى أمام القضاء الإداري من أكثر المراحل التي تبرز فيها خصوصية إجراءات الدعوى الإدارية، وذلك لما يملكه القاضي الإداري من السلطات الواسعة والدور الإيجابي الذي يقوم به مقارنة بما للقاضي المدني من السلطات. وعلى الرغم من اقتصار مهمة القاضي الإداري في الدعوى الإدارية على التثبت من مشروعية القرار الإداري المطعون فيه من حيث مطابقته وعدم مطابقته للتشريعات نصاً وروحا (1)، فإن دوره في هذه المرحلة يعد دوراً إيجابياً إستيفائياً، وإن كان هذا الدور بقي مقيداً ولم يبلغ الحد المعروف في فرنسا بسبب إنعكاسات النظام الإجرائي الذي يتسم في عمومه بطابع موحد (2)، وهذا ما نراه بوضوح عند الإستناد الى القواعد الإجرائية المتبعة أمام القضاء المدني في كل من مصر والعراق وإقليم كوردستان، وذلك بسبب عدم تقنين القواعد الإجرائية الخاصة بالقضاء الإداري لتنعكس خصوصيات الإجراءات المتبعة أمامه وتتلاءم معه.
فمعنى الدور الإيجابي، أن المحكمة في هذه المرحلة تملك الدعوى الإدارية فهي التي تأمر بالسير في إجراءاتها وتسيطر على هذه الإجراءات، حيث تتم دائماً عن طريقها وتحت إشرافها وسلطتها، وأساس هذه الخاصية الإيجابية للقاضي الإداري، أن الدعوى الإدارية ترتبط بروابط القانون العام، ومن نتائج هذه الخاصية الإيجابية للقاضي الإداري، أن الخصوم يحرصون على تقديم طلباتهم ودفوعهم ومذكراتهم كتابة ماداموا يعلمون أن المحكمة تقوم من خلال الأوراق والمستندات الأصلية والمقابلة بتحديد الإجراء التالي في كل مرحلة، إضافة الى جعل هذا القضاء غير عارف بنظام إبطال الدعوى، لأن القاضي هو الذي يملك الدعوى وليس الخصوم. (3) وبعد تأكد المحكمة من صحة عريضة الدعوى والتبليغات والتوكيلات وكل ما هو ضروري لقيام الخصومة، تذهب المحكمة الى التأكد من شروط إقامة الدعوى الإدارية، من وجود قرار إداري والتظلم منه إضافة الى المدد القانونية لهذه الإجراءات، ومن ثم التأكد من توفر المصلحة لدى الطاعن في الدعوى.
إن التكييف الحقيقي لطلبات الخصوم هو من الأمور الداخلة في اختصاص المحكمة بما لها من هيمنة على طلباتهم في الدعوى (4)، إذ على المحكمة بما لها من الهيمنة على الخصـــــــوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب (5) ، فلا تقف عند ظاهر اللفظ ووجه العبارة ، بل تستكشف حقيقة نية الخصوم وإرادتهم من وراء الدعوى والطلبات فيها. (6) وللقاضي الإداري أن يوازن في الأجال التي يمنحها لطرفي الدعوى لإبداء أوجه دفاعهما، وأن يراعي ظروف الطرفين، فالعدالة الإدارية لا تفصل بين خصمين متماثلين، وإنما خصم يتمتع بسطوة السلطة العامة وأخر أعزل لجأ الى القاضي الإداري طالباً النصفة (7).
لذا فإن أهم ما يشغل القاضي هو تحقيق هذا التوازن بين طرفي الدعوى، ولهذا لا يمكن القول بإنحيازه ضد الجهة الإدارية فالإيجابية التي تميز دور القاضي الإداري إنما هي تمكنه من تحقيق المساواة المفقودة بين طرفي الدعوى ولا يمكن أن تتعارض مع مبدأ حياد القاضـ ، وإنما الذي يتعارض مع ذلك المبدأ يتمثل في عدم المساواة بين طرفي الدعوى في الحقوق والواجبات، فالإيجابية تعاون قاضي الإداري على تحقيق المساواة بين الخصوم ومن ثم تحقق مبدأ حياد القاضي (8).
أما الدور الاستيفائي للقاضي في مجال القضاء الإداري، فيتمثل أولاً فيما للمحكمة من حق إستكمال الأوراق والملفات التي لم تستكمل، فضلاً عما للقاضي من حق طلب الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن (9)، وله أن يؤجل الدعوى إذا ما رأى نقصاً في أوراق الدعوى، وله أن يطلب تلك الأوراق
والمستندات من الدوائر الرسمية ذات العلاقة بالدعوى، وعلى هذه الجهات الرسمية الإستجابة لهذه الطلبات، وإن كانت القوانين والانظمة لا تسمح بالاطلاع عليها او تسليمها (10)، وله أن يطلب من الإدارة (المدعى عليه) أن تقوم بإيداع ما بحوزتها من مستندات يرى أنها لازمة للفصل في الدعوى، فإن نكلت عن ذلك سلم بما يدعيه المدعي، مما يعرف في الواقع العملي بقرينة النكول.
قد أناط قانون القضاء الإداري الفرنسي بعض السلطات التي لا مثيل لها في القوانين المقارنة ومنها ما لرئيس المحكمة أو الدائرة أن يقرر أن لا محل لتبادل المرافعات بين الخصـــــوم عندما يبدو له من الإطلاع الأول على صحيفة إفتتاح الدعوى أن حل الخصومة مؤكد (11).
أما قانون مجلس الدولة المصري فقد نص على سلطات للقاضي الإداري ، لا نرى مثيلاً لهذه النصوص في قانون مجلس الدولة العراقي وكذلك في قانون مجلس شورى إقليم كوردستان، إذ لرئيس المحكمة أن يطلب من المفوض أو الخصوم ما يراه لازماً من الأيضاحات التي يساعدها لحسم الدعوى، وله أن يباشر بنفسه التحقيقات اللازمة أو من خلال من يندبه، وله أن يقبل بطلبات و أوراق جديدة تحقيقاً للعدالة (12)، وهذا يمثل أحد أهم الثوابت التي تؤكد إستقلالية إجراءات الدعوى الإدارية، وتمييزها عن إجراءات الدعوى المدنية (13).
وذلك في حين تبقى مواد قانون المرافعات المدنية العراقي منظماً لسلطات القاضي الإداري في العراق وأقليم كوردستان، حيث ليس للقاضي الإداري سوى ما للقاضي المدني، ومنها إضافة لما ذكرناه إخراج كل من يخل بالنظام العام داخل الجلسة حتى إن كان العمل المخل صادراً من أحد الخصوم مادام أنه يعرقل سير الجلسة فللقاضي حق إخراجه من الجلسة وإستكمال سيرها، والقيام بإجراءات عقابية بحقه (14).
ومن خلال ما سبق وبحثناه عن سلطات القاضي الإداري نرى أنه إضافة لما لهم. سلطات القاضي المدني، المقررة في قانون المرافعات المدنية، فهو في كل من فرنسا ومصر يتمتع بسلطات وإمكانيات واسعة تجعل هيمنته وقدراته في إدارة الدعوى الإدارية أكثر مما للقاضي المدني، من مبررات لطبيعة الدعوى الإدارية وما يقع على عاتقه من إستكمال القواعد القانونية من جانب، ومن جانب أخر الوصول بالدعوى الى نهاية حاسمة رغماً عن عدم التوازن ما بين أطرافها.
_________________
1- د. إسماعيل ابراهيم البدوي، القضاء الإداري، ط 1 ، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2015، ص 721.
2- مسعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، ج 1، 3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005 ، ص 3/243.
3- حسن عبد الحليم عناية و عامر الديري الموسوعة العلمية في إجراءات رفع الدعوى ، ج 3، الدعوى الإدارية ، المكتب الفني للإصدرات القانونية ، القاهرة ، بدون سنة النشر ، ص428.
4- د. جورجي شفيق ساري، قواعد وأحكام القضاء الإداري ،طه، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 ، ص 623.
5- د. أحمد سلامة بدر، إجراءات التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2003، ص 154.
6- المحكمة الإدارية العليا المصرية ، الطعن رقم 243 لسنة 32 ق - جلسة 1987/12/6 والطعن رقم 1569 لسنة 35ق - جلسة 1990/6/16، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات، ج3، سير الخصوم الإدارية أمام محاكم مجلس الدولة، ، ص225.
7- عليوة فتح الباب و أحمد عليوة فتح الباب، دليل المحامي في دعوى الإلغاء والتعويض عن القرار الإداري، ج 2، إجراءات التقاضي النقابة العامة للمحاميين لجنة الفكر القانوني، 2011 ، ص572
8- مصطفى محمود الشربيني، بطلان إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006 ، ص826.
9- علي الدين زيدان ومحمد السيد ، الموسوعة الشاملة في شرح القضاء الإداري ، ج 2، إجراءات رفع الدعوى الإدارية المكتب الفني للإصدارات القانونية، القاهرة ، بدون سنة النشر ، ص 384
10- الفقرة / 1 من المادة / 62 من قانون المرافعات المدنية العراقي.
11- المادة 8-611 من قانون القضاء الإداري الفرنسي ، د محمد عبدالحميد مسعود، إشكاليات إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري منشأة المعارف الإسكندرية، 2009 ، ص 499.
12- المادة / 31 و 32 من قانون مجلس الدولة المصري.
13- د.مصطفى بن جلول ملامح تمييز إجراءات التقاضي الإدارية، بحث منشور ، مجلية الحقوق والعلوم الإنسانية، المجلد الأول ، العدد 25 ، 2015، ص 232.
14- المادة /63 و 64 و 65 من قانون المرافعات المدنية العراقي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|