أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-3-2016
1779
التاريخ: 2023-06-15
799
التاريخ: 22-3-2021
1384
التاريخ: 17-5-2016
1913
|
وفقا لتفسيري لنظرية العوالم المتعددة، فإن المستقبل لا يتقرّر من حيث إدراكنا الحسي الواعي للعالم المعني، لكن الماضي محدد. وبفعل الملاحظة فقد اخترنا تاريخا «واقعيًّا» من بين الواقعيات العديدة فبمجرد أن رأى شخص ما شجرةً في عالمنا، فإنها تظل هناك حتى عندما لا ينظر إليها أحد. وينطبق هذا على كل شيء إلى الوراء حتى الانفجار الكبير. وعند كل وصلة على الطريق السريع للكم، ربما يكون قد تكونت العديد من الواقعيات الجديدة ولكن ما وصل إلينا واضح وغير مبهم. وهناك العديد من الطرق التي تصل إلى المستقبل إلا أن بعض نسخ «منا» ستتبع كلَّ واحد منها. وستعتقد كل نسخة منا أنها تسلك مسلكا فريدا، وسننظر إلى الوراء إلى ماض فريد، لكن من المستحيل أن نعرف المستقبل؛ حيث إن به مسارات عديدة. وربما نستقبل رسائل من المستقبل، إما بواسطة وسائل ميكانيكية مثل «الهروب عبر الزمن»، أو إذا أردت أن تتصور احتمال حدوث ذلك من خلال الأحلام، أو بالإدراك الخارج عن النطاق الحسي. لكن من غير المحتمل جدا أن تكون تلك الرسائل ذات فائدة كبيرة لنا. وحيث إنه قد توجد أعداد وافرة من عوالم المستقبل، فإن أي رسائل مثل هذه يجب أن تتوقع أنها مشوشة ومتضاربة. وإذا تصرفنا بناءً على هذه الرسائل فإن الاحتمال الأكثر أن نحيد بأنفسنا إلى فرع من الواقعية مختلف عن الذي جاءت منه الرسائل»، وعليه فإنه من غير الممكن جدًّا أن تستطيع هذه الرسائل «أن تصبح صحيحة». والناس الذين يعتقدون أن نظرية الكم تقدم مفتاحًا لتفسير الإدراك الخارج عن النطاق الحسي عمليا، والتخاطر وخلافه، إنما يضللون أنفسهم.
وصورة الكون كما يصورها شكل فاينمان المبسوط التي تتحرك فيها اللحظة الحاضرة بمعدل ثابت تعدُّ تبسيطًا أكثر من اللازم والصورة الواقعية هي شكل فاينمان المتعدد الأبعاد به كل العوالم المحتملة وبه اللحظة الحاضرة تنتشر عبرهم جميعًا مرتقبةً كلَّ فرع وكلَّ بديل. والسؤال الأعظم الذي تُرِكَ للإجابة عنه في هذا الإطار هو: لماذا يجب أن يكون إدراكنا الحسي عن الواقع بالشكل الذي هو عليه؛ ولماذا يجب أن تكون الممرات عبر متاهة الكم التي بدأت منذ الانفجار الكبير وأدت إلى كوننا، أن تكون هي المسار الصحيح دون سواها لظهور المخلوقات الذكية في الكون؟
يكمن الجواب في فكرة غالباً يُرجع إليها هي (المبدأ الإنساني). ويفيد هذا المبدأ الإنساني بأن الظروف التي وُجدت في الكون هي الظروف الوحيدة فقط، بعيدًا عن أي تغيرات صغيرة، والتي قد تسمح لحياة مثلنا أن تنشأ، وعليه فإنه من الحتمي أن أي أنواع ذكية مثلنا لا بد أن تتطلع إلى كون مثل ذلك الذي نراه حولنا. ((10 وإذا لم يكن الكون على الشكل الذي هو عليه، فلن نكون هنا لنلاحظه. ونستطيع أن نتخيل الكون يتخذ ممرات كمية عديدة ومختلفة للأمام بدءًا من الانفجار الكبير. وفي بعض تلك العوالم - وبسبب الاختلافات في الاختبارات الكمية التي حدثت بالقرب من بداية تمدد الكون – فإن النجوم والكواكب لن تتشكل أبدًا، ولن توجد الحياة التي نعرفها. وإذا أخذنا مثالا معينا، ففي كوننا يبدو وكأنه يوجد فيض كبير من الجسيمات المادية، وقليل – أو لا يوجد شيء – من المادة المضادة. وربما لا يوجد سبب جوهري لذلك، وربما يكون هذا مجرد صدفة لطريقة التفاعلات التي حدثت أثناء طور الكرة النارية في الانفجار الكبير. والأمر المحتمل هو أن يكون الكون فارغا، أو أنه يجب أن يتكون أساسًا مما نسميه المادة المضادة، مع وجود قليل من المادة أو عدم وجودها بالمرة. ولا توجد حياةً في الكون الفارغ، وفي عالم المادة المضادة قد تكون هناك حياة كحياتنا تمامًا، نوع من نظرة لعالم زجاجي أصبح واقعيًّا. واللغز هنا لماذا يجب أن يظهر عالم مثالي للحياة من الانفجار الكبير.
وينص المبدأ الإنساني على أنه ربما توجد عوالم محتملة عديدة، وأننا بلا جدال نتاج نوعنا من الكون. ولكن أين العوالم الأخرى؟ وهل هي أشباح مثل العوالم المتفاعلة في تفسير كوبنهاجن؟ وهل تعبر عن حلقات حياة مختلفة للعالم ككل قبل الانفجار الكبير الذي بدأ به الزمان والمكان كما نعرفهما نحن؟ أم هل هي عوالم إيفرت المتعددة، التي توجد كلها بزوايا قائمة مع عالمنا؟ يبدو لي أن هذا أفضل تفسير حتى اليوم، وأنه حل اللغز الأساسي حول لماذا نرى الكون على الشكل الذي يعوض بوفرة الحمل الثقيل الذي يحمله تفسير إيفرت ومعظم الواقعيات الكمية البديلة غير مناسبة للحياة أو هي فارغة. والظروف الصحيحة المناسبة للحياة هي ظروف خاصة، وعليه فإن الكائنات الحية عندما تنظر إلى الوراء في ممر الكم الذي أنتجها هي نفسها، فإنها ترى أحداثاً خاصة، وفروعًا في طريق الكم ربما لا تكون الأكثر احتمالا على أساس إحصائي، ولكنها تفضي إلى حياة ذكية. إن تعدد عوالم مثل عالمنا ولكن بتواريخ مختلفة – التي فيها ما زالت بريطانيا تحكم مستعمرات شمال أمريكا، أو فيها السكان الأصليون لأمريكا يستعمرون أوروبا - وهؤلاء يكونون معا ركنا واحدًا صغيرًا فقط لواقع أكثر اتساعا بكثير. وليس من قبيل الصدفة أنه قد جرى انتقاء الظروف الخاصة المناسبة للحياة من بين العديد من الاحتمالات الكمية، لكنه اختيار وكل العوالم واقعية بالدرجة نفسها، لكن العوالم المناسبة فقط هي التي تتضمن مشاهدين.
إن نجاح تجارب فريق أسبكت لاختبار عدم مساواة بل قد أزاح كل احتمالات تفسيرات ميكانيكا الكم الممكنة، التي وجدت ما عدا اثنين فإما أن نتقبل تفسير كوبنهاجن، مع واقعياته الشبحية والقطط نصف الميتة، أو نتقبل تفسير إيفرت وعوالمه المتعددة. ومن الطبيعي أن أيا من هذين الشيئين اللذين يمثلان أفضل المشتريات في متجر العلوم، يمكن أن يُتصوّر أنه غير صحيح، وأن كلا هذين البديلين على خطأ. وربما ما يزال هناك تفسير آخر لواقع ميكانيكا الكم يحل الألغاز التي يحلُّها تفسير كوبنهاجن وتفسير إيفرت، بما يشمل اختبار بل ويذهب أبعد من فهمنا الحالي، بنفس الطريقة التي ربما تتجاوز بها نظرية النسبية العامة النسبية الخاصة وتحتضنها. لكن إذا كنت تعتقد أن هو الخيار الأسهل طريقٌ يسير للخروج من المأزق، فلتتذكر أن أي تفسير «جديد» يجب، أن يوضّح كل شيء قد تعلمناه، مثل قفزة بلانك الكبيرة في الظلام، ويجب أن يشرح كل شيء بالمثل أو أفضل من التفسيرين الحاليين. وهذا من المؤكَّد أمر صعب للغاية وليس من المعتاد أن يجلس العلم خاملا على أمل أن يأتي شخص ما بإجابة «أفضل» لمشكلاتنا. وفي حالة عدم وجود إجابة أفضل علينا أن نقبل مضامين أفضل الأجوبة التي لدينا. وحتى في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وبعد مجهود مكثف لأكثر من 80 عاما كُرّس للغز الواقع الكَمِّي من جانب أفضل أدمغة هذا القرن، يتعين أن نتقبَّل أن العلم قادر في الوقت الحالي فقط أن يقدّم هذين التفسيرين البديلين للطريقة التي صُمِّمَ العالمُ بها ولا يبدو أن أيا منهما مستساغ جدا عند النظرة الأولى. وبتعبير بسيط، إما أنه لا يوجد شيء واقعي، أو أن كل شيء واقعي.
وربما لن يُحَل الموضوع أبدًا؛ لأنه قد يكون من المستحيل تعميم تجربة تفرّق بين التفسيرين، ومفيدة للسفر عبر الزمن. ولكن من الواضح تمامًا أن ماكس جامير، وهو أحد أقدر فلاسفة الكم، لم يكن مبالغًا عندما قال إن نظرية العوالم المتعددة هي بلا شك واحدة من أكثر النظريات التي صُمِّمت على الإطلاق في تاريخ العلوم جرأةً وطموحًا. (11)
وهي تشرح حرفيًّا كلَّ شيء بما في ذلك حياة وموت القطط وكمتفائل لا يكل، فإن ذلك هو تفسير ميكانيكا الكم الأحب إلى نفسي وكل الأشياء محتملة، وبأفعالنا نختار مساراتنا الخاصة خلال عوالم الكم المتعددة. وفي العالم الذي نعيش فيه، ما تراه هو ما يُعتد به، وليس هناك متغيرات مخبأة، إن الرب لا يلعب النرد، وكل شيء واقع وإحدى النوادر التي تقال ويُعاد ترديدها عن نيلز بور أنه عندما جاء إليه شخص ما يقترح حلَّ أحدٍ ألغاز نظرية الكم في عشرينيات القرن العشرين أجابه قائلا نظريتك مجنونة، لكنها ليست مجنونة بما فيه الكفاية لتكون حقيقية. (12) ومن وجهة نظري فإن نظرية إيفرت مجنونة بما فيه الكفاية لتكون حقيقية، ويبدو أن هذه إشارة مناسبة نختتم بها بحثنا عن قطة شرودنجر.
هوامش
(10) I have discussed the anthropic principle briefly in my book, In Search of the Multiverse (Penguin, London, 2010); more details can be found in The Accidental Universe, by Paul Davies.
(11) The Philosophy of Quantum Mechanics, page 517.
(12) Quoted by, for example, Robert Wilson, The Universe Next Door, page 156
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|