أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-1-2023
1169
التاريخ: 2023-03-16
1530
التاريخ: 2024-08-31
428
التاريخ: 10/11/2022
1600
|
حريز بن عكاشة
ومن غريب ما يحكى من قوة أهل الأندلس وشجاعتهم : أن الأمير حريز بن عكاشة(1) من ذرية عكاشة بن محصن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بساحة أذفونش ملك ملوك الروم ، فبدأهم بخراب ضياعها وقطع الشجر ، فكتب إليه حريز : ليس من أخلاق القدير ، الفساد والتدمير ، فإن قدرت على البلاد أفسدت ملكك ، ولو كان الملك في عشرة أمثال عددي لم ينزل لي بساحة ، ولا تمكن منها براحة ، فلما وصلته الرسالة عف ، وأمر بالكف ، وبعث الملك يرغبه في الاجتماع به ، فاستر هنه في نفسه عدة من ملوك
558
الروم ، فأجاب إلى ما ارتهن ، ولما صاروا بالمدينة البيضاء – وهي قلعة رباح غربي طليطلة ـ خرج حريز لابسا لأمة حربه يرمق الروم منه شخصا أوتي بسطة في الجسم والبسالة يتعجبون من آلات حربه ، ويتحدثون بشجاعة قلبه ولما وصل فسطاط الملك تلقته الملوك بالرحب والسعة ، ولما أراد التزول عن فرسه ركز رمحه، فأبصر الملك منه هيئة تشهد له بما عنه حدث ، وهيبة يجزع للقائها الشجاع ويكترث ، فدعاه إلى البراز عظيم أبطالهم ، فقال له الملك : يا حريز أريد أن أنظر إلى مبارزتك هذا البطل ، فقال له حريز : المبارز لا يبارز إلا أكفاءه ، وإن لي بينة على صدق قولي أن ليس لي فيهم كفء ، هذا رمحي قد ركزته ، فمن ركب واقتلعه بارزته ، كان واحداً أو عشرة ، فركب عظيمهم فلم يهز الرمح من مكانه حين رامه ، ثم فعل ذلك مراراً ، فقال له الملك : أرني يا حريز كيف تقلعه ، فركب وأشار بيده واقتلعه ، فعجب القوم ، ووصله الملك وأكرمه ، انتهى .
وكان حريز هذا شاعراً ، ولما اجتاز به كاتب ابن ذي النون الوزير أبو المطرف ابن المثنى كتب إليه (2):
يا فريدا دون ثان وهلالاً في العيان
عدم الراح فصارت مثل دهن البلسان
فجاوبه حريز ، وهو يومئذ أمير قلعته:
يا فريداً لا يجارى بين أبناء الزمان
جاء من شعرك روض جاده صوب البيان
فبعثناها سلافا كسجاياك الحسان
559
وكان لحريز كاتب يقال له عبد الحميد بن لاطون فيه تغفل شديد ، فأمره أن يكتب إلى المأمون بن ذي النون في شأن حصن دخله النصارى ، فكتب وقد بلغني أن الحصن الفلاني دخله النصارى إن شاء الله تعالى فهذه الواقعة التي ذكرها الله تعالى في القرآن ، بل هي الحادثة الشاهدة بأشراط الزمان ، فإنا لله على هذه المصيبة التي هدت قواعد المسلمين ، وأبقت في قلوبهم حسرة إلى يوم الدين ، فلما وصل الكتاب للمأمون ضحك حتى وقع للأرض ، وكتب لابن عكاشة جوابه ، وفيه وقد عهدناك منتقياً لأمورك ، نقاداً لصغيرك وكبيرك ، فكيف جاز عليك أمر هذا الكاتب الأبله الجلف ، وأسندت إليه الكتب عنك دون أن تطلع عليه ، وقد علمت أن عنوان الرجل كتابه ، ورائد عقله خطابه وما أدري من أي شيء يتعجب منه هل من تعليقه إن شاء الله تعالى بالماضي ؟ أم من حسن تفسيره للقرآن ووضعه مواضعه ؟ أم من تورعه عن تأويله إلا بتوقيف من سماع عن إمام ؟ أم من تهويله لما طرأ على متن يخاطبه ؟ أم من علمه بشأن هذا الحصن الذي لو أنه القسطنطينية العظمى ما زاد عن عظمه وهوله شيئاً ؟ ولو أن حقيراً يخفى عن علم الله تعالى لخفي . عنه هذا الحصن ، ناهيك من صخرة حيث لا ماء ولا مرعى ، منقطع عن بلاد الإسلام خارج عن سلك النظام ، لا يعبره إلا لص فاجر ، أو قاطع طريق غير متظاهر ، حراسه لا يتجاوزون الخمسين ، ولا يرون خبز البر عندهم إلا في بعض السنين ، باعه أحدهم بعشرين ديناراً ، ولعمري إنه لم يغبن في بيعه ولا ربح أرباب ابتياعه وأراح من الشين بنسبته والنظر في خداعه ، فليت شعري ما الذي عظمه في عين هذا الجاهل ، حتى خطب في أمره بما لم يخطب به في حرب وائل .
فلما وقف حريز على الكتاب كتب لا بن ذي النون جواباً منه : وإن المذكور ممن له حرمة قديمة ، تغنيه عن أن يمت بسواها، وخدمة محمود أولاها وأخراها ، ولسنا ممن اتسعت مملكته ، وعظمت حضرته ، فنحتاج إلى انتقاء الكتاب ، والتحفظ في الخطاب ، وإنما نحن أحلاس' ثغور ، وكتاب كتائب
560
لا سطور ، وإن كان الكاتب المذكور لا يحسن فيما يلقيه على القلم ، فإنه يحسن كيف يصنع في مواطن الكرم ، وله الوفاء الذي تحدث به فلان وفلان ، بل سارت بشأنه في أقصى البلاد الركبان ، وليس ذلك يقدح عندنا فيه ، بل زاده لكونه دالا على صحة الباطن والسذاجة في الإكرام والتنويه ، انتهى.
ولهذا الكاتب شعر يسقط فيه سقوط الأغبياء ، وقد يتنبه فيه تنبه الأذكياء ، فمنه قوله من قصيدة يمدح حريزاً المذكور مطلعها:
يذكرني بهم العنبر وظلم ثنايـاهم سكر
إلى أن قال:
ولولا معاليك يا ذا الندى لما كان في الأرض من يشعر
فلا تنكرن زحامـا على ذراك وفي كفك الكوثر
ومشى في موكبه وهم في سفر ، وكان في فصل المطر والطين ، فجعل فرسه في ذنب فرس ابن عكاشة ، فلما أثارت يدا فرسه طيناً جاء في عنق أميره ففطن لذلك الأمير ، فقال له: يا أبا محمد ، تقدم ، فقال : معاذ الله أن أسيء الأدب بالتقدم على أميري ، فقال فإن كان كذلك فتأخر مع الخيل فقال مثلي لا يزال عن ركابك في مثل هذه المواضع ، فقال له : فقد والله أهلكتني بما ترمي يدا فرسك علي من الطين ، فقال أعز الله الأمير ، يعذرني ، فو الله ما علمت أن يد فرسي تصل إلى عنقك ، فضحك ابن عكاشة حتى كاد يسقط عن مركوبه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- قد مر شيء عنه ص: 358 وانظر الحلة ٢ : ١٧٦ – ۱۷۹.
2- مرت هذه الحكاية ص : ٣٠٨ وانظر الحلة ٢ : ١٧٩ والمطمح: 30.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|