5-6- واقع الاستثمار الأجنبي بالدول النامية : 

عرفت الاستثمارات الأجنبية تطوراً مذهلاً في السنوات الأخيرة بسبب تنامي ظاهرة العولمة ، وبروز التكتلات الاقتصادية وانفتاح الأسواق العالمية، وانتشار عمليات الدمج والتحالفات، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي من 27.5 مليار دولار خلال سنوات السبعينات إلى 50 مليار دولار خلال النصف الأول من الثمانينات ووصل هذا الحجم إلى 155 مليار دولار خلال الفترة 85-1990 وبتنامي ظاهرة العولمة وانفتاح الأسواق العالمية وما تبعها من موجات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي قدر حجمه خلال عام 1997 بحوالي 364 مليار دولار بزيادة قدرها 45.54% عن سنة 1995 ⁽¹⁾. وقد سجل رقماً جديداً سنة 2000 بـ 1.3 تريليون دولار، ثم سجل انخفاضاً بعد ذلك نتيجة ضعف الاقتصاد العالمي وهبوط قيمة عمليات الدمج والتملك عبر الحدود، وتأثيرات 11 سبتمبر 2001. 

وقد كان نصيب الدول النامية من الاستثمارات العالمية سنوات الثمانينات 20 % ، وفي فترة91-1996 بلغ نصيب الدول النامية 33 % بزيادة قدرها 13 %، وبلغ نصيب الدول المتقدمة 64% في نفس الفترة، وقد حصلت 11 دولة نامية عام 1994 على أكثر من 76 % من إجمالي الاستثمار العالمي، وقد انخفضت هذه النسبة سنوات 2000 ⁽²⁾ . 

وبتتبع الوضع الراهن للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاديات النامية نلاحظ أن تقرير الأونكتاد حول الاستثمار العالمي لسنة 2011 يشير إلى أن التدفقات الداخلة من IDE عرفت انتعاشاً عام 2010 لتصل إلى 1,24 تريليون دولار، بعد الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية وهي رغم ذلك تظل أدنى بنحو 15 % من مستواها قبل الأزمة وأدنى بنسبة 37 % تقريباً من الذروة التي كانت قد بلغتها عام 2007 ⁽³⁾ . 

ولقد عرفت حصة الدول النامية ارتفاعًا بارزًا من هذه الاستثمارات، حيث تلقت ولأول مرة أكثر من نصف التدفقات العالمية الداخلة من IDE عام 2010، وكان نصف أعلى 20 اقتصادًا مضيفاً لـ IDE عام 2010 مكوناً من اقتصاديات نامية أو اقتصاديات انتقالية.

ويلاحظ من الجدول التالي أنه وبالرغم من ارتفاع حصة العالم النامي من مجموع تدفقات IDE الداخلة إلا أن هناك تبايناً كبيراً بين مجموعات الدول النامية في حصتها من هذه الاستثمارات، حيث أن أفقر المناطق ظلت تشهد انخفاضات في نسبة حصتها من IDE (بلدان إفريقيا وأقل البلدان نمواً والبلدان النامية غير الساحلية والدول النامية الجزرية الصغيرة ) وفي الوقت نفسه شهدت المناطق الناشئة الرئيسية في شرق وجنوب شرقي آسيا وأمريكا اللاتينية نمواً قوياً في تدفقات IDE الداخلة إليها: 

جدول رقم 12 : تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الداخلة بحسب المنطقة 2008 ــ 2010

                              الوحدة (بمليارات الدولارات وبالنسبة المئوية)    

 (*) يتبع هذا التقرير تصنيف الأمم المتحدة للدول، والدول المتقدمة حسبه هي البلدان الأعضاء في OCDE عدا تركيا وجمهورية كوريا وشيلي والمكسيك بالإضافة إلى البلدان الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوربي والتي ليست أعضاء في OCDE (بلغاريا ،رومانيا ،قبرص ،لاتفيا، ليتوانيا، مالطة)، علاوة على أندروا، برمودا، سان مارينو، لیختنشتاین و موناكو.

(**) الدول النامية هي جميع الدول ما عدا الدول المتقدمة والاقتصاديات الانتقالية في الجدول.

(***) دون إعادة احتسابها مرتين.

المصدر : تقرير الأونكتاد حول الاستثمار العالمي 2011 ، ص ص:4-5.

- ففي إفريقيا انخفضت تدفقات IDE الداخلة إلى القارة :: 5 مليار دولار ما بين 2009 و2010، وظل القطاع الأولي لاسيما قطاع النفط المستقبل الأول لهذه الاستثمارات، ويتوقع تقرير الأونكتاد أن تكون سنة 2011 سنة أخرى لتراجع IDE الداخل إلى أفريقيا بسبب عدم الاستقرار السياسي في شمال أفريقيا.

أما التدفقات الداخلة إلى شرق آسيا وجنوب شرقي آسيا وجنوب آسيا ككل فقد ارتفعت بنحو 24% عام 2010 لتصل إلى 300 مليار$ مع اختلاف كبير بين المناطق الفرعية الثلاث: فالتدفقات الداخلة إلى رابطة آسیان ازدادت بالضعف، بينما شهدت تلك المتجهة إلى شرق آسيا ارتفاعاً بنسبة 17%، أما الاستثمارات المتجهة إلى جنوب آسيا فقد انخفضت بنحو الربع.

- وظلت الصين أكبر بلد متلقٍ لـ: IDE في العالم النامي وقد ارتفعت حصتها بـ   : 11 % لتصل إلى 106 مليار $ مع تركز الاستثمارات في الصناعات عالية التقنية والخدمات.

- وتراجعت حصة كل من الهند وباكستان من تدفقات IDE بنسبة 31% و 14% على التوالي، وتزايد اهتمام المستثمرين الأجانب ببنغلاديش كموقع هام للإنتاج المنخفض التكلفة في جنوب آسيا مما جعل الاستثمارات الأجنبية المتوجهة إليه تقفز إلى نسبة 30 % لتصل إلى 913 مليون $ .

- وازدادت تدفقات IDE الداخلة إلى أمريكا اللاتينية والكاريبي بنسبة 13% عام 2010، وسجّلت أقوى زيادة في أمريكا الجنوبية بمعدل نمو بلغ 56%.

- وعلى عكس الرواج الذي حققته مجموعة الدول النامية ككل في جذب IDE فإن تدفقات هذا الاستثمار الداخلة إلى البلدان الأقل نمواً والبالغ عددها 48 بلداً قد انخفض بنسبة 0.6% إضافية عام 2010، كما أن توزيع هذه التدفقات بين بلدان هذه المجموعة مازال متبايناً بدرجة مرتفعة، إذ يتجه أكثر من 80% من تدفقات IDE التي تستفيد منها البلدان الأقل نمواً إلى الاقتصاديات الغنية بالموارد في أفريقيا.

5- 7- حوافز الاستثمار الأجنبي المباشر : 

بالنسبة لتحفيز الاستثمار الأجنبي فقد اعتمدت الكثير من الدول على سياسات لجذب هذا الاستثمار فخفضت القيود بشكل كبير وزادت المحفزات التي تضم :

- حوافز المالية العامة : ومضمونها التركيز على هدف تقليل الضرائب على المستثمر الأجنبي.

- حوافز مالية : وتتضمن توفير التخصيصات المالية مباشرة للشركات وذلك لتمويل الاستثمارات الأجنبية الجديدة أو بعض العمليات أو تحمل الكلف الرأسمالية والعملياتية.

- حوافز أخرى : والهدف منها دعم الربحية للمشاركة الأجنبية أي دعم الفروع الأجنبية كتخصص إعانات للبنية التحتية وتخصيص خدمات (مالية، معلوماتية...) وأفضلية للسوق، وتعاملات خاصة بالتمويل الخارجي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   

(1) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، مناخ الاستثمار في الدول العربية، الصفاة، الكويت، 2005 ، ص : 121 . 

(2) عبد القادر بابا ، مرجع سبق ذكره، ص ص: 56-61.

(3) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية ، تقرير الاستثمار العالمي 2011 ، ص:61 .