أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
5733
التاريخ: 13-6-2016
5535
التاريخ: 1-2-2023
1248
التاريخ: 15-6-2016
7507
|
للدعوى الإدارية جملة من الخصائص الذاتية المتميزة تكسبها طبيعة خاصة واستقلالا ذاتياً عن الدعوى المدنية وسائر الدعاوي القضائية العادية ( الدعاوى الجزائية والأحوال الشخصية ) وتزيد في تعميق تحديد طبيعتها القانونية ونظامها القانوني الواجب التطبيق إجرائياً وموضوعياً (1)، لذلك نحاول أن نبحث في أهم هذه الخصائص التي تميزها عن الدعاوي الأخرى وخاصة الدعوى المدنية، فيما يأتي:
أولاً / من حيث أطراف الدعوى : طرفا الدعوى الإدارية والمدنية مختلفان، إذ لابد أن يكون أحد طرفي الدعوى الإدارية شخصاً من أشخاص القانون العام، مدعياً كان أو مدعى عليه، كان موظف عام أو شخص تصرفه مبنياً على سلطة جهة إدارية (2) التي تبيح له استخدام بعض مظاهر السلطة العامة، والتي تمثلت في مقدرته على إلزام الغير بإرادته المنفردة عن طريق ما يصدره من قرارات إدارية يمكن أن ينفذها مباشرة دون حاجة إلى استصدار أحكام قضائية بذلك (3) أما إذا لم يتح للإدارة هذا الامتياز عندئذ تكون الإدارة هي المدعية بعجزها عن اتخاذ إجراءات التنفيذ المباشر (4)، أما إذا كانت الجهة الإدارية ممثلة بشخص خاص أي أنه مجرد من امتيازات السلطة العامة، فإن الخصومة لا تتصف بأنها دعوى إدارية وتخرج من اختصاص القضاء الإداري (5) أما الطرف الآخر فهو فرد مجرد من هذه الامتيازات وخاضع للطرف الآخر لذلك يتجه القضاء الإداري إلى معالجة هذا النقص وتعويضه وحماية الفرد من امتياز الإدارة عليه، بتكليف الإدارة تقديم ما يرشد به الفرد وتوقيع الغرامة عليها عند المنع، ولكن من ناحية أخرى فإن الإدارة على كبر حجمها ليست مزودة بالحماس والحرص الشديد في المتابعة، التي يتصف بها الفرد في متابعته لدعواه، وهنا نجد أن القاضي الإداري يتدارك ذلك ويفسح صدره للجهة الإدارية؛ لأن الحاضر عنها موظف لا مصلحة له شخصياً في الدعوى (6) وليس معنى ما ذكرناه أن ينحاز القاضي الإداري للأفراد ضد الإدارة لأنه في حقيقة الأمر قاضي مشروعية يزن القرار الإداري بميزان المشروعية لقول كلمة الحق بحكم القانون (7) فيتضح مما سبق أن أطراف الدعوى الإدارية على غير قدم المساواة وذلك على خلاف ما هو عليه في الدعوى المدنية(8)، فالخصوم أمام القضاء المدني متساوون في مراكزهم القانونية، فإذا وقفت الإدارة أمام القاضي المدني فممثلها يقف كممثل أي شخص اعتباري آخر لا يتمتع بأي ميزة من خصمه، لهذا كانت الإجراءات أمام القضاء المدني تتسم بطابع تساوي الخصوم في حقوقهم تجاهها، والقاضي المدني يبقى دوره مطبوعاً بطابع حماية التساوي بين أطراف النزاع (9).
ثانياً / الجهة المختصة بالنظر والفصل في الدعوى: الدعوى الإدارية تكون بالالتجاء إلى قضاء مخصص لها ويعهد مهمة الفصل فيها عادة إلى قاضي متخصص، فلا يكفي توفر الثقافة القانونية وحدها لدى القاضي، وإنما يجب أن يكون ملماً بطبيعة عمل الإدارة عالماً بمقتضياتها، لذلك تقوم الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج بإفراد قضاء خاص للدعاوي الإدارية (10) المتمثلة بمحاكم مجلس الدولة، وتشكيل هذا المجلس يختلف تماماً عن تشكيل القضاء العادي من حيث درجات التقاضي وجهات الطعن وقواعد الاختصاص أمام هذه الجهات، فمثلاً هيئة مفوضي الدولة الموجودة في بعض الدول ذات النظام القضائي المزدوج، التي تتولى عملية تحضير الدعوى لا نظير لها في القضاء العادي (11)، فإذا كان القضاء العادي هو الجهة القضائية صاحبة الولاية والاختصاص العام بالنظر في الدعاوي القضائية باختلاف أنواعها ( المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ) وأن طبيعة القضاء العادي هو قضاء تطبيقي وتفسيري للقانون وإرادة المشرع أصلاً، فإن الولاية والاختصاص القضائي بالدعاوي الإدارية هي معقودة أصلاً وأساساً لجهات القضاء الإداري (12) ويعد صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي المختص بنظر الطعون في القرارات الإدارية وسائر المنازعات الإدارية إلا أنه متى تضمن الدستور أو القانون النص الصريح على أن يكون الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لمحاكم أو جهة أخرى فإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التجاوز على هذا الاختصاص (13)، والبحث في هذه المسألة هو من المسائل الأولية التي يتعين التصدي لها قبل البحث والخوض فيها موضوعياً، لأن يدور مع ولاية المحكمة بنظرها وجوداً وعدماً (14).
ثالثاً / تحديد الدعاوى الإدارية : إن الدعوى الإدارية مسماة وأكثر تحديداً و على سبيل الحصر وهذا بخلاف الدعاوى المدنية التي هي غير محصورة على الرغم من وجود تقسيمات لها فهي لا تتناهى ولا يحدها الحصر رغم نص القانون لها على بعض المسميات، إلا أن تقسيمات الدعاوى الإدارية تحدد أنواعها على سبيل الحصر (15) .
رابعاً / طبيعة الدعوى الإدارية : إن الدعوى الإدارية تختلف في طبيعتها وفي الهدف منها عن الدعوى المدنية، فإذا كانت الدعوى المدنية الوسيلة الاختيارية التي خولها القانون لصاحب الحق في اللجوء عن طريقها الى القضاء لتقرير حقه أو حمايته ضد أي اعتداء وقع بالفعل عليه أو يحتمل في بعض الحالات وقوعه عليه(16)، فإن الدعوى الإدارية باعتبارها حقاً شخصياً و وسيلة قانونية لاستعجال سلطات القضاء المختص لحماية الحقوق والحريات الفردية والمصالح القانونية من اعتداءات أعمال السلطات العامة الإدارية، فهي تستهدف المصلحة العامة وتحققها عن طريق حماية النظام القانوني، وتستهدف حماية المصلحة العامة للمجتمع والدولة والإدارة العامة لأنها تستهدف حماية النظام القانوني للدولة وتطبيقها بصفة عامة وشرعية النشاط الإداري وعدالته بصفة خاصة (17) ، ومن ثم ـ كانت الدعوى القضائية الإدارية في أغلبية أنواعها دعوى قضائية موضوعية وعينية لأنها تخاصم قراراً إدارياً استنادا الى مبدأ المشروعية، على الرغم من وجود عناصر شخصية فيها تتمثل في شرط المصلحة، لا دعوى شخصية وذاتية كما هو الحال في الدعوى المدنية (18) لذلك توصف الدعوى الإدارية بأنها دعوى القانون العام، ولا يجوز استبعادها إلا بنص صريح وفي أضيق الحدود، كما لا يجوز للأفراد التنازل مسبقاً عن إقامتها وإن حصل ذلك فهو تصرف باطل لا يمكن الاحتجاج به (19).
خامساً / موضوع الدعوى الإدارية والقانون المطبق عليها : يتعلق موضوع الدعوى الإدارية بحق من الحقوق بهدف حماية هذا الحق مما قامت به الإدارة من أعمال تمس أو تعتدي عليه، وقد يكون منشأ هذا الحق القانون أو أعمال الإدارة القانونية مثل ؛ القرارات أو العقود الإدارية أو أعمالها المادية، والمقصود من الحقوق الإدارية ما ينشأ بين طرفين أحدهما جهة إدارية تتمتع بامتيازات السلطة العامة أما الطرف الآخر فهو أحد الأفراد العاديين المجرد من أية امتيازات قبل الطرف الآخر (20)، وبهذا يكون القانون الواجب التطبيق على الدعوى الإدارية هو القانون العام لأن الدعوى الإدارية تنشأ في ظل القانون العام وتحكمها روابط القانون العام (21) في حين يقوم القاضي المدني بتطبيق قواعد تنظم روابط نشأت في ظل القانون الخاص، حيث مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ذو سيادة مطلقة، وحيث الحرية الفردية ذات مدى واسع (22).
سادساً / الدعوى الإدارية دعوى استفهامية : الفرد دائماً في غموض مما تفعله معه الإدارة، فليست العلاقة بينهما –.... المساواة ليست للفرد فرصة إعداد الدليل المسبق بأخذ الإيصالات والمخالصات والصور ونحوها إلا بالقدر الضئيل الذي يسمح به العمل الإداري، ولا يشترك فيما يدور حوله من مداولات ومكاتبات، لذلك هو يرفع الدعوى وهو جاهل تماماً بأسباب التصرف الذي أتخذ حياله ومجرد من الأدلة لضيق فرصة الدليل المعد في العلاقات الإدارية، فهو يرفع دعواه أحياناً بشكل استفهامي محض، ولا يعيبها ذلك بخلاف الحال في الدعوى المدنية حيث يتولى كل من الخصمين تقديم أدلة الإثبات والقرائن التي يدلل بها على ثبوت حقه، فتستكمل الدعوى صورتها ويتدارك دفاعه فيها أثناء تحضيرها بعد أن تضم الإدارة الأوراق وتكشف عن حقيقة ما جرى في داخل الدولاب الإداري متعلقاً بشأنه (23).
نستخلص مما ذكرناها من الخصائص للدعوى الإدارية، أن هذه الخصائص المميزة للدعوى الإدارية ترتب اختلافا جوهرياً بين القواعد الإجرائية المطبقة أمام هذه الأخيرة والقواعد الإجرائية المطبقة أمام القضاء المدني. وبالإضافة إلى ما ذكرناه من الخصائص التي تميز الدعوى الإدارية عن الدعوى المدنية، هناك اختلافات كثيرة تتعلق بميعاد وإجراءات تحضير وإقامة هذه الدعوى إضافة إلى سلطة القاضي والدور الذي يلعبه في الدعوى الإدارية حتى يصل هذا الاختلاف إلى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية من حيث حجيتها إلى طرق الطعن فيها .
__________
1- د. عوابدي عمار ، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، ج 2، نظرية الدعوى الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية بدون مكان النشر، 1998 ، ص 240.
2- د.محمد حميد رصيفان العبادي، قضاء الإلغاء الإداري، ط1، جليس الزمان للنشر والتوزيع، عمان، 2013، ص80 و د. عبد الرؤوف هاشم بسيوني، مصدر سابق، ص 46.
3- د. حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الإدارية عالم الكتب، القاهرة، بدون سنة النشر، ص117.
4- د. عبد الرؤوف هاشم بسيوني المرافعات الإدارية، ط1، دار الفكر الجامعي، 2007ر ، ص 46.
5- د. عبدالناصر عبدالله أبوسمهدانة، مبادئ الخصومة الإدارية، ط1، المكتب القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2012، ص 60.
6- د. مصطفى كمال وصفي، مصدر سابق، ص 25،24.
7- د. خميس السيد إسماعيل، قضاء مجلس الدولة وإجراءات وصيغ الدعاوى الإدارية، ط2، بدون دار ومكان النشر ، 1988، ص12.
8- محمد حميد رصيفان العبادي، مصدر سابق، ص 80
9- برهان زريق مبادئ وقواعد إجراءات القضاء الإداري، ط ا ، المكتبة القانونية دمشق، 2011، ص 16.
10- د. عبد الناصر عبدالله أبوسمهدانة، مصدر سابق، ص107.
11- د. محمود حمدي أحمد مرعي، ظاهرة بطء الفصل في الدعاوي الإدارية دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2016 ، ص37.
12- د. عوابدي عمار، مصدر سابق، ص 240.
13- المحكمة الإدارية العليا المصرية، الطعن رقم 208 لسنة 377ق - جلسة 1991/2/16 والطعون أرقام 209,207,206,205 لسنة 37ق - جلسة 1991/12/5 ، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج 1، الاختصاص القضائي لمحاكم مجلس الدولة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2010، ص 27-28.
14- المحكمة الإدارية العليا المصرية، الطعن رقم 185 لسنة 33ق - جلسة 1/14/ 1990، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج 1، الاختصاص القضائي لمحاكم مجلس الدولة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2010 ، ص 28 .
15- د. حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الإدارية عالم الكتب، القاهرة، بدون سنة النشر ، ص118 و عثمان ياسين علي إجراءات إقامة الدعوى الإدارية في دعويي الإلغاء والتعويض ، ط1، منشورات حلبي الحقوقية، بيروت، 2011 ، ص 49. و د. عبد الرحمن علام، شرح قانون المرافعات المدنية، ج 1، مطبعة العاني، بغداد، 1970 ، ص37.
16- د. أسامة روبي عبد العزيز الروبي، الوجيز في قانون المرافعات المدنية والتجارية ج 1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة النشر، ص19.
17- د. محمود محمد حافظ القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص 71-75
18- د. عوابدي عمار، مصدر سابق، ص 251 عبد الرؤوف هاشم بسيوني المرافعات الإدارية، ط1، دار الفكر الجامعي ، ص 47.
19- د. محمد علي الخلايلة، مظاهر إستقلال إجراءات التقاضي الإداري عن إجراءات الدعوى المدنية في القانون الأردني، بحث منشور في مجلة علوم الشريعة والقانون مج ،40، ع1، سنة 2013، ص30.
20- د. مصطفى محمود الشربيني، بطلان إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006، ص 36.
21- د. شريف أحمد بعلوشة، إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، ط1، مركز الدراسات العربية، الجيزة، 2016، ص58.
22- برهان زريق مبادئ وقواعد إجراءات القضاء الإداري، ط ا ، المكتبة القانونية دمشق، 2011 ، ص18.
23- د . مصطفى كمال وصفي أصول إجراءات القضاء الإداري، القسم الأول ، ط 2 مطبعة الأمانة، القاهرة، 1972، ص 25 و خميس السيد إسماعيل، قضاء مجلس الدولة وإجراءات وصيغ الدعاوى الإدارية، ط2، بدون دار ومكان النشر ، 1988 ، ص12.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|