أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
6985
التاريخ: 27-9-2018
1777
التاريخ: 23-10-2015
2920
التاريخ: 29-3-2017
2554
|
لقد كانت اليمين الدستورية تؤدى من قبل المكلف بأدائها بالصيغة الدينية ، وذلك بان يقسم الشخص بالله أو بإحدى الكتب السماوية المقدسة ، مثل اداء اليمين العادية ، إلا أنه بتأثير العلمانيين ، و بعد فصل الدين عن الدولة في الكثير من دول العالم ، الغت بعض الدساتير القسم بالصيغة الدينية في اليمين الدستورية و أكتفى بان يحلف مجردا من الصيغة الدينية . ، و بعضها أجاز أن يؤدي اليمين بإحدى الصيغتين وفقا لمعتقد الحالف ، ، فالدستور الأمريكي و الذي صدر في عام 1787 و يعد أقدم الدساتير فينص على أن رئيس الولايات المتحدة يؤدي اليمين الدستورية بالصيغة الدينية رافعا يده اليمنى ، وفي الوقت نفسه يضع يده اليسرى على الانجيل ، و يردد اليمين التالي " اقسم باني سأشغل بأمانة منصب رئاسة الولايات المتحدة و ادافع عنه بكل قدرتي " و يختتم الترئيس قسمه طالبًا من الله أن يُعينه و يُساعده في مهمته " .
وهناك دساتير أخرى اكتفى بان يقسم رئيس الدولة بشرفه ، ومنها : الدستور التركي الذي صدر في عام 1924م .
أما الدستور الألماني الذي صدر في 1949/5/3م ، مثلا نص على القسم بالصيغة الدينية ، بحيت يختتم القسم بالعبارة التالية " Que Dieu me soit en aide " ، أي بما معناه أن الحالف يطلب المعونة من الله ، ولكن الدستور عاد بعد ذلك فأجاز أداء اليمين بدون هذه الصيغة الدينية .
ويتم أداء اليمين الدستورية بما يخص رئيس الدولة في احتفال يحضره كبار الشخصيات في الدولة وغيرهم من المدعوين ، و يقام الاحتفال في بعض الدول في المعابد أو الكنائس ، وفي البعض الآخر في المجالس النيابية
وقد أقتدى واضعوا الدساتير الأولى بالأعراف والعادات السائدة، والتي كانت توجب على الملك أن يؤدي اليمين لضمان الايفاء بتعهداته ، وتوجب في الوقت نفسه على الشعب و رجالات الدولة أن يؤدوا يمين الولاء للملك ، لان الملك في ذلك الوقت كان يجمع بين يديه جميع السلطات ، و اليه يرجع القول الفصل في جميع الأمور التي تخص الدولة و مصالحها (1).
من خلال كل ما سبق تبرز أهمية اليمين الدستورية في صيغتها التي يصطبغ بصبغة دينية و دنيوية ، فالقائم بالحلف المسؤول) الذي تولى المنصب ( يشهد الله عز وجل على صدق القول و العمل ضمن مراسيم معينة وعلنية وأمام جهة ومؤسسة تمثل أحدى أعمدة السلطة المهمة في الدولة كالسلطة التشريعية أو القضائية ، وأحيانا بحضور جمع غفير من الناس و الشخصيات المهمة ، وهذا ما قد يولد لديه الرهبة و شعور وجداني عند الرئيس الحالف باليمين الدستورية ، متمثلا بالرهبة من التخاذل و عواقب عدم استخدام السلطة الدستورية الممنوحة له بصورة صحيحة ، وإساءة استخدامها ، ولهذا ورد نص اليمين أو القسم الدستوري على النطق به وجوباً و علناً ، الى جانب التعهد و الإلتزام بحماية الدستور و أحكامه و الحفاظ على وحدة البلد واستقلاله والحفاظ على النظام السياسي القائم ، و غيرها من التعهدات حسب الدستور وقانون الدولة (2).
إن الشعب بالتزامه وإعطائه صُوته للرئيس ، وفي الوقت نفسه لم يعرفوا نيات الرئيس ، فلكي يكشفوا عن مكنون سر الرئيس و نياته ، فعلى الرئيس الالتزام و كشف تلك الثقة التي أولاها إياه الشعب بترشيحه لمنصب رئيس الدولة . ذلك من خلال اليمين الذي يؤديه ، فيصبح القسم أو اليمين احدى الامارات وليس كالبينة القضائية ، فتكون تلك الامارات كاشفة . عن ذلك الالتزام .
إن إشهاد الله تعالى في القسم أو اليمين عن صدق نوايا القائم بالحلف بانه يقوم بكل ما أوكل اليه بأمانة وصدق وإخلاص ، مع علمه المطلق بان الله عز و جل مطلع على جميع السرائر و الظواهر و يراقبه في كل ما يصدر منه من قول و فعل لذا فانه يشهد الله على قول الصدق و الفعل ، فاذا صدق في قوله وعمله ، فان ذلك يعني بانه حقق الأهداف التي عمل من اجلها ، وبتحقيق الاهداف فانه بذلك قد خدم الأمة التي أولى إليه أمر خدمتها ، فاليمين صلة بين العبد و ربه و يُمكن للحالف ترجمتها في الحياة الدنيا الى أفعال (3).
وأعتبر أغلب الفقهاء أن اليمين الدستورية نقطة انطلاق القائم بالحلف في ممارسة السلطات الصلاحيات الدستورية ، فلا يجوز لمن وجب عليه أداء القسم الدستورية من مباشرة أعماله و سلطاته المقررة له بموجب الدستور قبل ادائه اليمين الدستورية ، أي بمعنى أن من وَجَبَ عليه أداء اليمين و لم يؤدي واجبه بقيامه بأداء اليمين الدستورية ، قصدا أو عذراً لا يُعدُ انتخابه لاغياً ؛ لان أداء اليمين أو القسم الدستوري يعد كاشفة للمنصب الدستوري ، و ليس منشئة لها ، ويقتصر الأمر على حرمان المكلف بأداء القسم من حقه في مباشرة سلطاته و صلاحياته المقررة بموجب الدستور ، و مثله حرمان النائب في البرلمان من حضور جلسات البرلمان أو حرمان الوزير من حضور جلسات مجلس الوزراء (4) ، ومن ثم فان اليمين الدستورية سابق عن ممارسة السلطات الدستورية وملازمة لها ، و من الامثلة على ذلك الدستور الامريكي لسنة 1787 ، إذ أكد على أن الرئيس قبل أن يشرع بممارسة مهام منصبه عليه أن يقسم اليمين المقررة في الدستور و يؤكده ، كما أن الدستور الايطالي لعام 1947 نص في المادة (91) ، على قسم الرئيس قبل توليه وظيفته اليمين أمام البرلمان ، وكذلك الدستور الروسي الاتحادي الصادر في 1993م نص في المادة ) (82) الفقرة اولا منه على وجوب حلف الرئيس اليمين عند مباشرة مهامه الرئاسية ، أما الفقرة الثانية من المادة ذاتها فقد أوجب أن يتم الحلف في احتفال رسمي يحضره أعضاء مجلس الاتحاد ، وممثلي مجلس الدوما الروسي قضاة المحكمة الدستورية .
أن النصوص في الدساتير المذكورة تشير بوضوح إلى أن تولية منصب الرئاسة اليمين الدستورية أمران متلازمان ، فتسلم الولاية الرئاسية مقترن بأداء اليمين الدستورية ، وبعدها يستتبع بممارسة السلطات الدستورية .
ولذلك تؤكد بعض دساتير الدول على أنه في حال رفض رئيس الدولة أداء اليمين الدستورية ، فان انتخابه يُعَدُ ملغيا و من ثم لا يمكن أن يتسلم المنصب ، وقد أقر العرف الدستوري جواز أداء اليمين الدستورية للرئيس الذي جددت ولايته قبل أن يبدأ بممارسة ولايته الجديدة و ليس من يوم بدء هذه الولاية (5).
وفي لبنان فقد انقسم الفقه اللبناني بشأن النتائج القانونية المترتبة على أداء القسم أو اليمين الدستورية ، فقد عد جانب من الفقه أن أداء رئيس الجمهورية لليمين الدستورية يعد كاشفا للوظيفة ، لكون اليمين إجراء احتفالي يتضمن على تعهد الرئيس العلني أمام جماهير الشعب باحترام الدستور و خضوعه في أثناء ممارسته لمهامه للدستور والقانون ، ومن تم فلا تأثير لليمين الذي يؤديه الترئيس على تسلمه لمهامه ، كون أن ولاية الرئيس تبدأ بمجرد خُلو منصب الرئيس ، ومن ثم فان أداء الرئيس لليمين الدستورية يأتي بتسلسل لاحق لتسلمه لمهامه الدستورية ، فلا يشكل اليمين شرطا أو عائقا يحول دون بدء الرئيس بممارسة مهامه وقد أستند هذا الراي الى أسس عدة منها أن تعليق ممارسة الرئيس لمهامه على القسم يخالف مبدأ استقلالية السلطات ، ومبدأ استمرارية المرافق العامة ، حيث أن البدء بولاية الرئيس دون قدرته على ممارسة مهامه ، بانتظار الحلف ، يؤدي الى تعطل سير العمل في المرافق العامة ، فضلا عن أن تولية الرئيس ينشا من النقاء واقعتين ، وهما واقعة انتخابه رئيسا للدولة ، و الاخرى واقعة حلول أجل ولاية الرئيس الذي انتهى مدة رئاسته ، ومن ثم فان الرئيس يعتبر مستلما لمقاليد الحكم قبل أدائه لليمين الدستورية .
وفي المقابل يرى جانب آخر من الفقه الى أن أداء اليمين الدستورية ، يعد شرطاً رئيسياً لتولي الشخص المنتخب لمهام منصب رئيس الدولة ، وبخلاف ذلك يعتبر غاصباً للسلطة على إعتبار أن اليمين الدستورية منشئا للمنصب (6).
أما فيما يتعلق بالأثر المترتب على اليمين الدستورية في جمهورية العراق ، فان الدساتير العراقية التي سبقت صدور دستور جمهورية العراق لعام 2005م ، قد تواترت على وجوب أداء اليمين من قبل المكلف بأدائها ، قبل البدء بمباشرة مهام منصبه، ومن تم فان الصفة القانونية لشاغل المنصب لا تبدأ إلا من تاريخ اداء الشخص القسم الدستوري ، و بالصيغة التي نص عليها في صلب الدستور لذلك فإن مباشرة الرئيس السلطاته يدور وجودا و عدما مع أداء الرئيس لليمين الدستورية .
و ينطبق هذا الحكم أثناء سريان قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004م ، إذ إن المادة (22) من النظام الداخلي للمجلس الوطني المؤقت قد نصت على : " ( يعد المرشح المنتخب عضوا في المجلس الوطني من تاريخ فوزه بالانتخاب و يباشر بالعمل بعد اداء اليمين القانونية و يتمتع بجميع حقوق العضوية )"
وقد ذهب راي في معرض تفسيره للمادة أعلاه ، الى عد المرشح المنتخب عضوا في المجلس اعتبارا من تاريخ فوزه في السباق الانتخابي ، ويباشر عمله عضواً في المجلس الوطني العراقي المؤقت بذلك يستحق جميع حقوقه النيابية ومنها راتبه التقاعدي ، اما أداؤه لليمين الدستورية فانه من الشروط الشكلية المكملة لممارسة أعماله في المجلس ، أي أن فوز المرشح في الانتخابات يعتبر منشئا لحقوقه، أما اليمين فإنها تعتبر كاشفا عن تلك الحقوق و ليس منشئا لها (7).
ومن جانبه فقد فسر مجلس شورى الدولة في قرارها المرقم 378/ 2008 بتاريخ 4/6 / 2008 المادة اعلاه ان المرشح الفائز في الانتخابات للمجلس الوطني المؤقت يعد عضواً في المجلس ولا يتمتع بحقوق العضوية ما لم يؤد اليمين ويباشر العمل ) (8) ، أي أن تمتع المرشح الفائز بحقوق عضوية المجلس تتحقق بعد اداء العضو لليمين الدستورية .
ومن جانبنا نؤيد ما ذهب اليه راي مجلس شورى الدولة في هذا القرار، ونرى ان حقوق العضوية لا تكتسب الا بعد اداء اليمين ، ولا يتمتع العضو باي حقوق اذا لم يؤدي اليمين ، ويباشر بعدها باداء مهامه و اعماله
كما نرى ان اداء اليمين الدستورية يعتبر شرطا رئيسيا لتولي رئيس الدولة المكلف بادائه ، ممارسة مهامه و واجباته الممنوحة دستوريا لمنصبه ، وبعكسه فان ممارسة الرئيس السلطاته و مهامه دون اداء اليمين الدستورية يعتبر انتهاكا للدستور
__________
1- هشام جليل ابراهيم الزبيدي ، مبدا الفصل بين ا السلطات و علاقته باستقلال القضاء في العراق ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق، جامعة النهرين ، 2012 ، ص 87-88
2- د زهراء عبد الحافظ محسن ، اليمين الدستورية ما لها وما عليها ، بحث منشور في مجلة جامعة الكوفة للعلوم القانونية و السياسية ، جامعة الكوفة ، العدد 40 المجلد 1 لسنة 2019 ، ص 328 .
3- د. علي مجيد العكيلي ، الحدود الدستورية للسلطة التنفيذية في الدساتير المعاصرة ، ط 1 ، المركز العربي للنشر و التوزيع ، القاهرة ، 2016 ، ص 69 .
4- م د زهراء عبد الحافظ محسن ، مصدر سابق ، ص 329
5- د . ساجد محمد الزاملي ، كتابات دستورية، دار نيبور للطباعة والنشر و التوزيع ، بغداد ، 2015 ، ص 143-144
6- م . مصدق عادل طالب ، م . م صفا عباس كبة ، اليمين الدستورية في الدساتير العراقية ، مجلة العلوم القانونية ، جامعة بغداد ، العدد 2 ، المجلد 29 ، لسنة 2012 ، ص 11
7- مصدق عادل طالب ، م . م صفا عباس كبة ، اليمين الدستورية في الدساتير العراقية ، مجلة العلوم القانونية ، جامعة بغداد ، العدد 2 ، المجلد 29 ، لسنة 2012 ، ص12
8-http://gjpi.org ) 2008-shura-council-decisions Doc
ص 111 تاريخ الزيارة 2021/5/9 الساعة 9:30 pm
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|