أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2017
1782
التاريخ: 10-9-2016
1796
التاريخ: 4-2-2018
2342
التاريخ: 2024-02-22
1138
|
داود بن كثير الرقّي:
قيل نسبه إلى الرقّة، المدينة المشهورة على شاطئ الفرات، وقيل: بلدة تابعة لبغداد، وقيل: بلدة من بلاد العجم، والأوّل أشهر.
وقد اختلف القدماء في وثاقته وضعفه، فقد صرّح المفيد في الإرشاد بوثاقته، وهو ظاهر الصدوق في الفقيه، وصريح الشيخ في الرجال، وضعّفه النجاشي صريحا بقوله "ضعيف جداً" وقد روى عنه المحمّدون الثلاث في الكتب الأربعة وغيرهم في غيرها.
هذا وقد استدلّ الموثّقون بأدلّة:
أوّلها: رواية أصحاب الإجماع وأجلّاء الأصحاب ومنهم الحسن بن محبوب، وأبان بن عثمان، ويحيى بن عمرو الزيّات، وعبد الرحمن بن كثير، ومحمد بن أبي عمير، ويونس بن عبد الرحمن، ورواية جعفر بن بشير أيضاً عنه.
وقد ذهب بعض علمائنا إلى أنّ رواية جعفر بن بشير عن أي من الرواة دليل وثاقته، لما ادّعاه النجاشي من أنّه "روى عن الثقات ورووا عنه" وليكون لكلامه به فائدة تذكر يُحمل كلامه على الحصر، فيستفاد منه حينئذٍ وثاقة المرويّ عنه، ومنهم داود بن كثير الرقّي، لكن ما ادّعاه بعضهم لا يمكن الاستناد إليه، إذ أنّ ما قاله نتيجة فهمه لنصّ النجاشي، لكن ما استفاده لا يمكن المساعدة عليه...
أمّا رواية أصحاب الإجماع، أو رواية ابن أبي عمير عن مجهول للقول بوثاقته، فهو كلام معتمد على كلمات الشيخ في العدّة المستفاد من كلمات الكشيّ غير الدالّ على ما فهمه الشيخ وآخرون، لذا قلنا: إنّ ابن أبي عمير وصفوان والبزنطيّ كغيرهم من الرواة يروون عن الثقة والضعيف، ولهذا لا تكون رواية ابن أبي عمير كافية للقول بوثاقة المرويّ عنه.
أمّا رواية الأجلّاء.. فغير دالّة على وثاقة المروي عنه، وممّا تقدّم يُعلم عدم صحّة الدليل الأول.
ثانيها: الأخبار، وهي أربعة:
الأول: ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلاً، فقال: روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: أنزلوا داود الرقّي منّي بمنزلة المقداد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1)، وقد أجيب عن الاستدلال بضعف الخبر بالإرسال.
الثاني: ما رواه في الاختصاص في حديث المفضّل وخلق أرواح الشيعة المرويّ عن محمد بن علي - الصدوق - قال: حدّثني محمد بن موسى المتوكّل، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي أحمد الأزديّ - محمد بن أبي عمير - عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد إذ دخل المفضّل بن عمر.. قال: فما منزلة داود بن كثير اليّ منكم؟ قال: منزلة المقداد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
والخبر صحيح على قول مشهور، إلا مَن قال بعدم كفاية ترضّي الصدوق للقول بوثاقته.. نعم، يبقى الإشكال في نسبة كتاب الاختصاص للشيخ المفيد، وقلنا سابقاً: إنّه عبارة عن مجموعة من كتب القدماء، وبذلك يسقط الخبر لعدم العلم براويه.
الثالث: ما رواه الكشيّ فقال: حدّثني محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن بعض أصحابنا عن داود بن كثير الرقّي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا داود إذا حدّثت عنّا بالحديث فاشتهرت به فأنكره (3).
ودلالة الخبر ظاهرة في محافظة الإمام على داود، وما ذلك إلا لعلوّ شأنه، لكن السند مخدوش بالإرسال وببعض رجاله من جهة أخرى، ودلالة بأنّه هو راویه، فلا تستفاد وثاقته منه للدور.
الرابع: ما رواه الكشي أيضا عن علي بن محمد قال: حدّثني أحمد بن محمد عن أبي عبد الله البرقيّ رفعه، قال: نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى داود الرقّي وقد ولّى فقال: من سرّه أن ينظر إلى رجل من أصحاب القائم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فلينظر إلى هذا، وقال في موضع آخر: أنزلوه فيهم بمنزلة المقداد (4).
وذكر الكشّي أيضا خبر الصدوق مرسلاً.
فالأخبار على هذا أربعة وقد تقدّمت بأجمعها، وهي مادحة للرقّي، لكن المشكلة في أسانيدها، فإن قيل بكفاية الاستفاضة من الأخبار للدلالة على الوثاقة للاطمئنان بصدور ولو بعضها لا على نحو التعيين كانت مقدّمة على تضعيف النجاشي الآتي، وإلا فتسقط عن الحجيّة للضعف السنديّ.
ثالثها: ما ذكره المفيد في الإرشاد في النص على الإمام الرضا (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) حيث قال: فممّن روى النص على الرضا علي بن موسى (عليه السلام) بالإمامة عن أبيه والإشارة إليه منه بذلك من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته داود بن كثير الرقّي ومحمد بن إسحاق بن عمار... (5) انتهى.
وهو نصّ في القول بوثاقة وورع وعلم الرقّي، وأنّه من شيعة الكاظم (عليه السلام)، وهذا توثيق صريح له.
لكن من ضعّف الرقّي أسقط توثيق المفيد بمعارضته كلام النجاشي الآتي.
رابعها: توثيق الشيخ له صريحة في رجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، فقال: "داود بن كثير الرقّي مولى بني أسد ثقة"(6) وأسقطه البعض بالمعارضة لتضعيف النجاشي الآتي.
خامسها: ذِكرُهُ في أسانيد تفسير القمّي...
وقد تلخص حتّى هاهنا توثيق المفيد والشيخ صريحا له في الإرشاد والرجال واستفاضة الأخبار المادحة ورواية أصحاب الإجماع والأجلّاء وجعفر بن بشير عنه، إضافة إلى وقوعه في أسانيد تفسير القمّي، ولهذا ذهب جمع من الرجاليّين إلى القول بوثاقته وسقوط تضعيف النجاشي الآتي ذكره بالمعارضة، وذلك لترجيح ما تقدّم على تضعيفه الآتي.
أدلة تضعيفه:
الأول: ما ذكره العلّامة في الخلاصة من تضعيف ابن الغضائري له فقال:
إنّه كان فاسد المذهب، ضعيف الرواية لا يُلتفت إليه، وعندي في أمره توقّف، والأقوى قبول روايته (7).
لكنّه ثبت في محلّه عدم ثبوت كتاب ابن الغضائري، وأنّه مجرد وجادة وجده ابن طاووس وصرّح بأن لا طريق له إليها، وعليه فيسقط هذا الدليل عن الاعتبار.
الثاني: تصريح النجاشي بتضعيفه فقال: داود بن كثير الرقّي، وأبوه كثير، يكنّى أبا خالد، وهو يكنّى أبا سليمان، ضعيف جدا، والغلّاة تروي عنه.
قال أحمد بن عبد الواحد: قلّ ما رأيت له حديثاً سديداً، له كتاب المزار (8).
وقد حاول بعض المعاصرين نفي التعارض القائم ما بين كلامي المفيد والشيخ من جهة والنجاشيّ من جهة أخرى بحمل كلام النجاشيّ على كونه من مشايخ الغلاة لذا اقتضى تضعيفه.
لكن لا دليل على ما أفاده مع تصريح النجاشي قبل تهمته بالغلو بكونه ضعيفاً جداً، فيكون ما أفاده - بعض المعاصرين - خلاف الظاهر.
وعليه يبقى التعارض قائمة ومقتضاه التساقط، ولا ترجيح لكلام إحدى البيّنتين على الأخرى، وذلك لعدم تقديم الأكثر عددا فيما نحن فيه على أقلّه.
قال السيد الخوئي في معجمه: "وممّا ذكرناه يظهر بطلان ما اختاره العلّامة - الأقوى وثاقته - وجمعٌ ممّن تأخّر عنه من الحكم بوثاقته" (9).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص495.
(2) الاختصاص، ص216.
(3) رجال الكشي، حديث رقم 790، ص470.
(4) المصدر نفسه، حديث رقم 750، ص465 .
(5) الإرشاد، ج2، ص247.
(6) رجال الشيخ، أصحاب الكاظم (عليه السلام)، ص349.
(7) الخلاصة، ص140.
(8) راجع النجاشيّ، ج 1، ص361.
(9) معجم رجال الحديث، ج7، ص126.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|