أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-5-2018
2521
التاريخ: 11-4-2017
2753
التاريخ: 28-7-2017
2714
التاريخ: 28-4-2017
2297
|
الحياة في الدنيا تتطلب العيش المشترك بين بني البشر، كما تتطلب حسن التعامل مع الطبيعة من حولنا أيضاً.
فالناس، مع قطع النظر عن معتقداتهم، بحاجة إلى بعضهم البعض، ولذلك فإن هناك مسألتين يجب الفصل بينهما:
الأولى: إن المعتقدات البشرية ليست كلها صحيحة حتماً، فهناك فيها حق وباطل وصحيح وخطأ.
الثانية: إن المعتقدات لا إرتباط لها بضرورة حسن التعامل مع الناس إذا أحسنوا التعامل معنا، فأن تسأل هل هذه الديانة، وذلك المعتقد حق أو باطل شيء، وأن تسأل هل يجوز التعامل مع هذه الفئة أو تلك مسألة أخرى لا إرتباط لها بالأولى.
فهناك أمران منفصلان:
الأول: إن بطلان الأديان والمذاهب والمعتقدات التي ما أنزل الله بها من سلطان أمر لا شك فيه، وذلك لأنه لا أساس في صحتها، فمن يعتقد بألوهية القمر والشمس، أو يؤمن بأن الشيطان هو الخالق، وأن هذه الشجرة أو تلك مقدسة إنما هو في ضلال مبين، ولكن هل هذا يكون سبباً لأن نقطع علاقاتنا الإنسانية معه؟
نحن نأسف لضلالة مثل هذا الإنسان وندعو له بالهداية، إلا إن ضلاله ليس حاجزاً أمامنا لتكوين أفضل العلاقات الإنسانية معه، فارتباطنا به ينبغي أن يكون أساس حسن تعامله معنا، لا على أساس ما هو في قلبه.
الثاني: إن أخلاق الفرد هو المقياس الذي من خلاله نحكم بأنه يصلح للتعامل معه أم لا، فمن يظلم الناس، ويصادر حقوقهم فحتى لو كان يعتقد اعتقاداً كاملاً بالله العزيز الحكيم، ويؤدي العبادات المفروضة عليه بشكل كامل، فليس صحيحاً أن نغض الطرف عن ظلمه وعدوانه، ونقبل بالتعاون معه لأنه يدعي الإيمان بالله تعالى ويقوم ببعض العبادات.
إن من المفروض أن يكون موقفنا سلبياً تجاه كل من يسيء التعامل مع الناس - مع قطع النظر عن معتقده ــ كما يجب أن يكون موقفاً إيجابياً مع كل من يحسن التعامل مع الناس ــ مع قطع النظر عن معتقده أيضاً ــ إننا نعيش في عالم الدنيا، وليس في عالم الآخرة، فهنا التعامل هو على أساس الأخلاقيات، فلو افترضنا أن شخصاً كان يؤمن بأشياء خرافية، لكنه كان بين الناس عادلاً في إتيان حقوقهم بعيداً عن التزوير والاحتيال، وسرقة المال الحرام، فهو يستحق منا المعاملة الطيبة.
فمن كان مشركاً لكنه لم يكن ظالماً أو سارقاً أو قاتلا ، وكان سلوكه حسنا بين الناس فهو مشمول بهذه الآية الكريمة: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
أما من كان مؤمناً بمعتقداتنا (أو متظاهراً بذلك) ولكنه يفعل الخبائث، ويرتكب الظلم، ويعمل الجريمة فلا يستحق على ظلمه وجريرته غير التوبيخ والتأنيب والقصاص العادل، وعقابنا هذا إنما هو جزاء لما اقترفه تجاه البشرية.. وتصرفنا معه نتيجة طريقته النابية وليس على أساس معتقداته.
من هنا فإن تصنيف الناس بين أخيار وأشرار يجب أن يكون بحسب أعمالهم ومواقفهم، حتى لا ندافع عن باطل قومنا، لأنهم قومنا. ونظلم الآخرين لأنهم من غير قومنا.
إن من واجبات المؤمن العمل من أجل إصلاح الناس وهدايتهم، وهذا لا يتحقق أبداً إلا ببناء العلاقات الاجتماعية السليمة معهم. وإذا فرضنا جدلاً بأن علاقات المجتمع كلها غير سليمة، لأن الناس أكثرهم غير مؤمنين، فمن يصلح المجتمع؟ هل يجب أن نتوقع أن يأتي ملك من الملائكة لهذه المهمة؟
أم أن الناس يأتون من تلقاء أنفسهم إلى أهل الفقه والاجتهاد، ويطلبون منهم المساعدة في هدايتهم إلى الصراط المستقيم؟
إن المؤمن لا يجوز أن يكون مسكوناً بسوء الظن بالآخرين لأنه نوع من الإثم، فكما أن لتصرفات الناس صفحة سوداء مظلمة، فإن هناك كذلك صفحة بيضاء ناصعة، وكما أن هناك أناس أشرار فإن هناك أيضاً أناس أخيار. لقد ابتلى الله نبيه يونس عليه السلام بالسجن في بطن الحوت بعد أن دعى على قومه بالعذاب، لأنه لم يصبر عليهم، مع أنهم كانوا مشركين.
إن حمل نظرة سلبية تجاه المجتمعات البشرية، يمنع المرء من إقامة علاقات إنسانية معهم، ويحول دون هدايتهم إلى الحق، بالإضافة إلى أن الله تعالى ابتلى البشر بعضهم ببعض، ليمتحن أخلاقهم ومواقفهم. وبمقدار ما أراد من الناس أن يعرفوا ربهم، ويعبدوه، أراد منهم أن يحسنوا التعامل مع الآخرين.
فالناس «إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق» - كما يقول الإمام علي عليه السلام(1) - وهذا يتطلب منا حسن التعامل مع نظرائنا في الخلق، كما يتطلب منا حسن التعامل مع إخوتنا في الدين.
____________________________
(١) نهج البلاغة، الكتاب ٥٣.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|